29/4/2005

نزل الحكم الصادر عن الدائرة الجناحية الرابعة بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 29/04/2005 في القضيتين عدد 18069 وعدد 19031 القاضي بإدانة الأستاذ محمد عبو المحامي والناشط الحقوقي والمناضل السياسي وسجنه مدة ثلاثة أعوام ونصف , نزل هذا الحكم بمثابة الصاعقة على كل زملائه المدافعين عنه وقد احتار الملاحظون الذين تابعوا سير القضية وعبروا عن انفعالهم وغضبهم لما يحدث هذه الأيام في تونس.

وفي واقع الأمر فإن ما حصل هو بمثابة زلزال عنيف هز أركان العدالة في تونس فلأول مرة في تاريخ العدالة التونسية يحرم متهم بطريقة فضة من حقه في الدفاع عن نفسه إذ وقع إعداد الملف القضائي في غيابه وبدون علمه و اضيفت اليه وثائق لم يتمكن من الاطلاع عليها ورفض حاكم التحقيق بالمكتب الثاني بالمحكمة الإبتدائية بتونس الذي عهد له بالتحقيق في القضية تمكينه من الجواب بحرية عن التهم الموجهة له بحضور جمع من المحامين تطوعوا لمساندته .

ورفض رئيس الدائرة الجناحية الرابعة بالمحكمة الإبتدائية بتونس تمكينه من بيان ملابسات القضية وظروفها كما رفض الاستجابة لطلب تاخير القضية عدد 19031 لتمكينه من تكليف محامين للدفاع عنه واعداد وسائل الدفاع بعد الاطلاع على قرار ختم البحث الذي وقع تحريره قبل يومين من تاريخ الجلسة التي تم تعيين الجلسة فيها بطريقة مفاجئة و غير عادية كما رفض رئيس الجلسة تمكين الاستاذ محمد عبو من الجواب بحرية عن التهم الموجهة اليه واشترط عليه الاكتفاء في جوابه عن الاسئلة التي يطرحها عليه الاكتفاء بالجواب بلا او نعم دون توضيح.

كما منع المحامين من الترافع في ظروف القضية وملابساتها وقاطعهم المرار العديدة بالتهديد والوعيد وسحب منهم الكلمة قبل انتهاء المرافعة ووضع حدا للمرافعات بصورة فجئية وانسحب من الجلسة بدون موجب دون تمكين عدد كبير من المحامين من الترافع في القضية واشترط للتصريح بالحكم إخلاء قاعة الجلسة من جميع المحامين .

وقد جرت المحاكمة في جو من الارهاب وسط حضور مكثف من رجال الامن الذين حاصروا قصر العدالة منذ الصباح الباكر واغلقوا جميع منافذه بما في ذلك الباب الرئيسي الذي لم يتركوا منه الا فتحة صغيرة لدخول الموظفين وبعض المحامين بعد التعرف على هويتهم من طرف اعوان الامن المشتغلين بالمحكمة .

ووقع منع الاستاذ مختار اليحياوي المحامي وعضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من حضور المحاكمة لو لا تدخل الهيئة الوطنية للمحامين .

كما وقع منع عدد من الملاحظين من الدخول لقصر العدالة من بينهم السيد حمة الهمامي رئيس حزب العمال التونسي والسيد الاسعد الجوهري عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين .

وكانت قاعة الجلسة صغيرة لا تتسع لجميع المحامين النائبين في القضية ولبعض الملاحظين الاجانب الذين سمح لهم بالحضور.

وكان الجو خانقا والاكتظاظ على اشده مما ادى الى اصابة البعض من الحاضرين باختناق واغماء من بينهم الاستاذة بريجيت ازيما بيري المحامية الفرنسية بمدينة بوردو التي جاءت خصيصا من بلدها لمتابعة سير هذه القضية .

و تتلخص وقائع القضيتين عدد 18069 وعدد 19031 في انه منذ ثلاث سنوات خلت وقع تحريض محامية تنتمي الى الحزب الحاكم في تونس على تقديم شكاية ضد الاستاذ محمد عبو التقفتها النيابة العمومية لإثارة دعوى جزائية ضده من أجل اّلإعتداء بالعنف في حين أنه هو المعتدى عليه من طرف تلك المحامية .

وأمام التحقيق العاشر وفي راحة انذاك وهدوء بال حاول الاستاذ محمد عبو كشف الحقيقة المتمثلة في كونه هو المعتدى عليه وطلب زملاؤه سماع شهادة الشهود الذين حضروا الواقعة .

وترقب لسان الدفاع عدة سنوات الإستجابة لطلبهم بدون جدوى وظنوا ان القضية سيكون مآلها الحفظ خاصة وقد وقع طي الملف وأصبح عرضة للنسيان لكن أتيحت الفرصة لنفض الغبار عنه بمناسبة تحرير الأستاذ محمد عبو لمقال صدر خلال شهر أوت 2004

عن رئيس الجمعية
الاستاذ محمد النوري