9 أغسطس 2004
تكشف شهادات لأسرى فلسطينين من بينهم نساء في السجون الإسرائيلية، عن تنكيل وحشي يتعرض له هؤلاء. ولا تكتفي قوات الاحتلال بإجبار بعضهم على لعق أحذيتهم، وسلخ ظورهم بالسياط، وإنما يعمد الإسرائيليون كذلك إلى تعرية الأسرى فضلا عن التحرشات الجنسية التي تواجه معتقلي السجون الإسرائيلية.
وبالاضافة لكل هذه الأساليب يعيش المعتقلون في ظل ظروف اعتقال قاسية في زنازين ضيقة ومتسخة، حيث لا أمل في الحصول على خدمة طبية حتى لأولئك الذين يعانون من الاصابات البالغة بطلقات نارية. وفي سياق تقرير خاص “بالعربية.نت” يحكي مواطن فلسطيني (42عاما) من القدس الشرقية -تحفظ على ايراد اسمه- خشية من انتقام الإسرائيليين، عن ظروف تعرضه لضرب مبرح من قبل قوات الاحتلال عند عبوره حاجز “سردة” متوجها لزيارة شقيقه.
وعلى الرغم من أن هذا المواطن بقى ساعات محدودة محتجزا لدى الإسرائيليين، لكنها كانت كفيلة لأن يعرف خلالها صنوفا من الأذى الجسدي والنفسي.يقول أحمد، وهو الاسم الذي أطلقه على نفسه تحاشيا لملاحقة الإسرائيليين له، إنه غادر حاجز قلنديا إلي حاجز سردة في صباح اعتقاله.
حاول أحمد عبور الحاجز لكن الجنود أوقفوا عشرات الفلسطينيين. وبسبب الضغط عمت الفوضى. كان أحد الجنود منحرف المزاج -يشير أحمد- فأخذ يصرخ ويتوعد الفلسطينيين. طلب الجندي من العشرات أن ينتظموا في طوابير، ولما لم ينتظموا ابتعد عدة أمتار وقال ” إذا لم تنتظموا في الطابور فسأطلق النار عليكم” ، لم يصدق أحد أن هذا سيحدث، لكن الجندي وجه بندقيته إلى الناس وقام بالعد.. واحد، اثنين، ثلاثة، وأطلق عدة طلقات.
سقط 4 فلسطينيين جرحى. وعندما رأى الضابط هذا المشهد، طلب من الجندي الذي أطلق النار أن يطلق النار على الأرجل وليس على الرؤوس. فأخذ الجندي يضحك كما لو انه لم يحدث أي شيء. تقدم أحمد من الجندي بحسب روايته صارخا “لماذا فعلت ذلك ,هل أنت راض الآن؟”، فرد الجندي بضربه على بطنه موجها بندقيته إليه لاطلاق رصاصة مطاطية. أمسك أحمد البندقية محاولا منع الجندي من إطلاق النار.
بوابات الجحيم
حينذاك انفتحت أبواب الجحيم على أحمد الذي وجد نفسه محاطا بـ 6 جنود لتبدأ عملية التعذيب. ضرب الجنود أحمد على رأسه وبطنه مستعملين أسلحتهم، ثم قيدوه وأنصرفوا. ولم يطلق سراح أحمد إلا في كرم زيتون بعد أن نقله الإسرائيليون على دبابة إلى هناك.
قصة أخرى يحكيها 3 من المعتقلين الفلسطينيين بعد أن أجبرهم الإسرائيليون على لعق أحذيتهم ومضغ رمل وحجارة أثناء اعتقالهم. تم التحقيق مع الجنود الإسرائيليين ايتي برايري واريك زلداتي وليؤور كالباريس حول هذه الجرائم فاعترفوا بارتكابها.
محاولة اغتصاب جرت من قبل السجانين لعدد من الأسرى في أحد الأقسام
ويفيد محامي “نادي الأسير” رائد محاميد الذي قام بزيارة عدد من الأسرى في سجن جلبوع أن محاولة اغتصاب جرت من قبل السجانين لعدد من الأسرى في أحد الأقسام. وبعد رفض المعتقلين ذلك ومقاومتهم للسجانين تم عزلهم في زنازين انفرادية. وأوضح الأسرى الذين التقاهم المحامي ان الأوضاع في السجن قابلة للانفجار، حيث يقوم السجانون باجراء التفتيش العاري المذل للمعتقلين بهدف اهانتهم.
ويقوم السجانون بحسب المحامي ذاته بادخال اسيرين أو ثلاثة أسرى الى غرفة وهم عراة لبعض الوقت. وأشار الأسرى الى سياسة فرض غرامات مالية عليهم لأتفه الأسباب وذكروا انه في حالة اجراء العدد ووجود أحد الأسرى داخل الحمام فإن السجانين يدخلون اليه ويخرجونه عارياً.
إجبار على “عدم أداء الصلاة”
وفي مواقيت الصلاة يجبر بعض المعتقلين على ترك الصلاة والحضور من أجل اتمام العدد. ونقل المحامي عن الأسرى قولهم ان الوضع الصحي متردٍ . وقال المحامي محاميد ان اجراءات السجن حول زيارة المحامين معقدة ومهينة ويضطر المحامي الى الانتظار فترة طويلة، وان الغرفة المخصصة للزيارة تكون هي نفسها غرفة زيارات الأهل ولا توجد غرفة مخصصة لزيارة المحامين.
يعاني أهالي الأسرى من نساء وأطفال وشيوخ خلال الزيارة من الانتظار تحت الحر الشديد، وقال محاميد إن أهالي الأسرى من نساء وأطفال وشيوخ يعانون خلال الزيارة من الانتظار تحت الحر الشديد، ولا تتوفر أبسط الشروط الأساسية لهم من مقاعد ومراحيض وماء للشرب ومظلات واقية من أشعة الشمس.
ويعتبر سجن جلبوع الذي افتتح مؤخراً جزءاً من سجن شطة ويتكون من خمسة أقسام يضم كل قسم 15 غرفة في كل منها 8 – 9 أسرى. ويبلغ عدد المعتقلين في السجن 608 أسير.
والتقى المحامي عدداً من الأسرى لينقل تفاصيل مروعة عن حالتهم، فجميل محمد التنح، مثلا، مصاب بالرصاص في كل أنحاء جسده وأوتار يده مقطوعة وبحاجة الى اجراء عمليات جراحية. أما علي مرشد سلهب، فهو الآخر مصاب بالرصاص في القدم والحوض ولا يتلقى سوى المسكنات رغم ان تقرير الطبيب يقرر اجراء عملية جراحية له.
60 أسيرا في معتقل “الجلمة”
ويقبع في معتقل تحقيق “الجلمة” 60 أسيراً فلسطينيا. ويتكون هذا المعتقل من طبقتين، الطبقة الأولى تستخدم للتحقيق والثانية للذين أنهوا التحقيق. وفي الطابق السفلي توجد 12 زنزانة للتحقيق، أما الطابق العلوي فيضم 16 زنزانة. وأشتكى الأسرى في هذا المعتقل من تعرضهم للتعذيب والاعتداءات بالضرب والتهديد. كما تحدث غالبيتهم عن قلة النظافة وسوء الطعام وعدم السماح للأسرى بالاستحمام. وهدد الإسرائيليون ماهر جميل خمايشة أنهم سيمارسون معه الجنس كوسيلة لاجباره على الاعتراف.
وأفاد بكر عيسى غانم وشادي مازن الخطوب محامي الأسرى أنهما تعرضا للضرب المبرح عند اعتقاله على أيدي جنود الاحتلال. أما عمار عبد الله صادق، فهو الآخر أشتكى بحسب المحامي ذاته من سوء الطعام واتساخ الزنازين وعدم السماح بالاستحمام.كما التقت محامية نادي الأسير فاتن العصيبي بموسى جميل شوكة ومحمد عبد الكريم أبو عطايا من غزة في سجن بئر السبع. ويعيش هذان الأسيران مع 10 أسرى في عزل تام، وما زالت تفرض عليهم عقوبات. وأعترف عدد من الجنود الإسرائيليين أخيرا بارتكابهم فظائع بحق الفلسطينيين. وجاءت اعترافات هؤلاء الجنود موثقة من خلال معرض للصور تحت اسم “نحطم الصمت”. وتحدثت شهادة عن التنكيل بجثث الشهداء “حين انهيت وجبة غذائي، وصلت سيارة اسعاف مع جثث فلسطينيين ، ورأيت امام ناظري جثتين يقف امامها ثلاثة اشخاص يمسكون بالجثث كواقفين ويصورونهما”.
ويقول يهودا شاؤول (21 عاما) “قلت لنفسي انه لا يمكن الصمت. يجب ان نقول للاباء والامهات ماذا يجري لابنائهم في الخليل وكيف تحولنا هناك في الخدمة النظامية الى أناس بدون ضمير”. وحسب شاؤول فقد تمكن من جمع عشرات الجنود الإسرائليين الذين تسرحوا من الخدمة النظامية في نصف السنة الاخيرة. معظمهم خدموا اكثر من سنة في الخليل. وحسب اقواله فان الجنود الذين صوروا وقدموا الشهادات يأتون من كل الوان الطيف السياسي، وهم غير متماثلين مع اليسار وحده.
وأوضحت شهادة جندي آخر كيف القيت قنبلة صوت على أطفال من أجل تبديد الملل: “القينا كأسا كي تنكسر وبلغنا في جهاز الاتصال عن زجاجة فارغة القيت علينا، وطلبنا القاء قنبلة صوتية. وصل القائد، رأى المكان وقال أن لا حاجة. قررنا أننا نريد القاء هذه القنبلة، فنحن مللنا حقا وطاب لنا عمل شيء. في المرة الثانية لم نسأل. اكس وهو أحد الجنود القى القنبلة على مجموعة اطفال. فذعروا وهربوا من هناك”.