2 مايو 2004
عمالنا البواسل
تحية عمالية وبعد،،
بداية اسمحوا لى أن نتوجة إليكم ومن خلالكم لكل عمال فلسطين و لكل عمال امتنا والعالم بالتحية العمالية الصادقة وبالتهنئة الحارة بمناسبة هذا اليوم العظيم يوم الأول من أيار عيد العمال العالمي. نحتفل اليوم.. ويحتفل معنا كل عمال العالم بهذا اليوم المجيد.. هذا اليوم الذي سجل في التاريخ العالمي بدماء وتضحيات العمال كعيد عالمي لعمال العالم.. ونحن كعمال فلسطين نحتفل به مع كل عمال العالم لكن على طريقتنا الفلسطينية الخاصة.. وفي ظل ظروف استثنائية وغير عادية.. حيث الاحتلال وممارساته الفاشية فمن قمع وتدمير للشجر والحجر والإنسان.. إلى حصار وإغلاق وتقطيع للأوصال.. إلى مصادرة أراضي وتوسيع للاستيطان.. وكل أشكال الإرهاب الصهيوني المنظم الذي يتعرض له شعبنا وقضيتنا الوطنية بشكل عام وعمالنا بشكل خاص.. فما الحصار والإغلاق والذي أفضى إلى ارتفاع مخيف فى معدلات البطالة (50.5%) والفقر(72%) في صفوف عمالنا.. وما عمليات الإهانة والإذلال والمساومة والتضييق على معبر الموت.. معبر ايرز والتي أدت الى استشهاد العمل محمد الشيخ وإصابة واختناق العشرات من عمالنا.. ما كل ذلك إلا جزء من السياسة الصهيونية الهادفة ليس إلى تجويع عمالنا فقط ولا إلى كسر إرادتهم فحسب وإنما أيضا إلى تحييد الطبقة العاملة الفلسطينية عن النضال الوطني وتحويلهم إلى قطيع لا يبحث إلا عن قوت أطفاله وأداه ضغط بيد الاحتلال على قوى شعبنا المناضلة وضرب وحدته الوطنية.
وكما يبدو فان الاحتلال نسى أو تناسى من هم عمال فلسطين.. نسي أو تناسى تاريخ الحركة العمالية في النضال الوطني الفلسطيني.. ولم يعد ليقرأ التاريخ.. تاريخ حركات التحرر وفي المقدمة منها حركة التحرر الفلسطيني.. تلك التجارب التي تقول بالخط العريض وبأعلى صوت..صوت العمال المدوي : أن الطبقة العاملة لم تكن يوماً إلا في مقدمة صفوف النضال التحرري .. بل أنها أداتها الأمتن ووقودها المشتعل أبدا.. وأكثر من ذلك أكدت التجارب على أن ما من حركة تحرر في العالم لم تحرز الانتصار الحاسم والنهائي على محتليها إلا وكانت الطبقة العاملة وممثليها هم قادة حركات التحرر..
إننا نحتفل اليوم وعمالنا وعاملاتنا لا يعانون فقط من سوط الجلاد وفاشيته الهادفة إلى إفقارهم وتجويعهم وتحييدهم عن نضال شعبهم.. بل إنهم يعانون أيضا من جشع أصحاب العمل واستغلالهم البشع لسوء أوضاعهم، فيستغلون تفشي البطالة والفقر ليزيدوا من استغلال العمال،حيث استغلال العمال بساعات عمل مضاعفة تصل إلى 12 ساعة في اليوم بدل 7:30 واستغلالهم في الأجور والتي لا تتجاوز معدلها الوسطي شهريا أل 800 شيكل في الشهر هذا إذا ما حاسبوهم شهرياً, بدلاً من معدلها الوسطي الـ 1664 شيكل شهرياً.. يعانون من انعدام توفر شروط الوقاية والسلامة المهنية والتي أفضت إلى انتشار أمراض المهنة وإصابات العمل وحتى الموت في أماكن العمل..يعانون من سرقة وتحايل أصحاب العمل على حقوقهم فى الأجازات ومكافآت نهاية الخدمة….الخ, باختصار إنهم يعانون من عدم تطبيق قانون العمل تحت حجج وذرائع مختلفة وبفعل صمت الجهات المعنية. كما إننا نحتفل اليوم وعمالنا وعاملاتنا يعانون أيضا وللأسف من تجاهل وإهمال النظام السياسي الحاكم فى بلادنا… فعدا عن استمرار تفشى مظاهر الفساد وعدم المسائلة وغياب سلطة القانون..الخ فانة لا سياسات تستهدف الحد من انتشار البطالة والفقر والمرض والتجهيل فى صفوف عمالنا.. ولا قوانين تحمى حاضر ومستقبل العمال وعائلاتهم, وان اقر البعض منها فإما إنها بقيت مجرد حبر على ورق مثلما هو حال قانون العمل… وإما إنها جاءت ناقصة ولا تكفل الحماية من البطالة مثلما هو حال قانون التأمينات الاجتماعية,او إنها تحمل التمييز السلبي للمرآة العاملة فى بعض الحقوق مثلما هو حال قانون الخدمة المدنية هذا عدا عن غياب التشريعات التي توفر مجانية التعليم الجامعي والخدمات الصحية.
وفوق كل هذا ورغم غياب الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل.. تتم ملاحقة العمال العاطلين عن العمل والفقراء لتسديد فواتير الكهرباء والماء فى الوقت الذي لا تجد فية أسرهم لقمة العيش ولا معلقة الحليب أو حبة الدواء لأطفالهم…. إننا لا نطالب بإعفاء الجميع من فواتير الكهرباء والماء, وإنما نطالب بإعفاء العمال والفقراء الفاقدين لمصدر رزقهم. والانكى من ذلك.. بل والأغرب أن يجرى وفى ظل الفقر المدقع هذا الارتفاع المخيف فى أسعار المواد التموينية الأساسية ( فعل سبيل المثال شوال الطحين أصبح ثمنه أكثر من 120 شيكل..) بدلا من دعمها وخفض أسعارها.. فهل هذا هو السبيل لتعزيز صمود عمالنا وشعبنا..؟ ؟ إننا وبصراحة نقولها إن من يريد تعزيز النضال الوطني وتعزيز صمود شعبنا وعمالنا والذين يمثلون القطاع الأعظم من شعبنا, فى مواجهة الاحتلال وممارساته الفاشية…إن من يريد تحقيق أهداف شعبنا فى الخلاص من الاحتلال وإنجاز الانتصار… علية أن يترجم أقوالة بالأفعال.. علية أن يعزز صمود عمالنا..علية أن يوفر لهم مقومات الصمود.. سيما وان ثمة علاقة عضوية بين الأداء الداخلي وتحقيق الأهداف الوطنية… وبكلمات نحن لا نطالب بتوفير الرفاهية أو الحياة فوق القمر ولا نطالب بالمستحيل إننا نطالب بحق العمال في تعزيز صمودهم… بحق العمال كبشر فى توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة ومثلما يردد الجميع نتقاسم الدم والمعانة والألم فلماذا لا نتقاسم لقمة العيش… نعم لقمة العيش الكريمة وليس من خلال التسول والكوبونات… لا وألف لا فالعمال ليسوا قطيع من المتسولين وإنما هم أناس بشر لهم كرامتهم وإنسانيتهم, لهم حقوقهم وفى مقدمتها الحق فى العمل والحماية من البطالة أو مثلما عبر عنها العمال بشعارهم الشهير بدنا عمل واجر ما بدنا تسول.
وقبل الختام.. كلمة نتوجة بها لعمالنا البواسل..للجان العمالية التي انبثقت من رحم الجوع والفقر.. من رحم المعاناة والشعور بالإهمال.. من وسط جموع العمال الذين أدركوا أنهم إن لم يتحركوا إن لم يرفعوا راياتهم بأنفسهم فلن يتحرك غيرهم لأجلهم ولن يرفع رايتهم غيرهم..إليكم يا من انتفضتم وبشكل عفوي عبر خيام الاعتصام العمالي وتوحدتم على النضال من اجل حقوقكم وتعزيز صمودكم…أقول لكم انتم الطليعة والأمل لأنكم الذين بادرتم برفع الراية ولأنكم تمثلون قضيتكم العادلة.. انتم الاصالة والصلابة لانكم انبثقتم من رحم العمال والمعاناة ورفضتم كل أشكال المساومة والأغراء والتهديد… انتم الأداة الكفاحية ليس لأعضاء لجانكم فقط بل ولكل عمال وفقراء شعبنا لانكم أدركتم ومارستم بالأفعال قبل الأقوال ان حقوقكم لا تمنح وإنما تنتزع انتزاع بنضالكم… إنكم تشكلون الإرهاصات الأولية لبناء حركة عمالية ديمقراطية ومستقلة ومناضلة. … وعلية ننبة الى ضرورة ان لا تتفاجؤا من كل ما تتعرضون لة من محاربة وطعن وتشوية ومن ملاحقتكم حتى فى لقمة عيشكم وحتما ستتواصل الحملات المضادة لكم وبأساليب غير ديمقراطية ممن يرون فيكم خطرا على مصالحهم.. وبالمقابل ستجدون كل الشرفاء والمخلصين والأوفياء لمصالحكم وقضيتكموحقوقكم..ستجدونهم معكم و الى جانبكم.. وكلنا ثقة بانكم قادرين على مواصلة حمل الراية والاستمرار فى النضال من أجلكم..ومن اجل أطفالكم.. ومن اجل كل الفقراء والمسحوقين من أبناء شعبنا..
ولعمالنا نقول لهم هذه اللجان هي المعبر الحقيقي عن همومكم وقضاياكم.. هذه اللجان هي الأداة الأقوى والأمضى في أيديكم لتحقيق حقوقكم.. هذه اللجان هي لجانكم وهي أداة توحيدكم في تجمع حركة عمالية ديمقراطية مستقلة ومناضلة لا مساومة.
انتظموا في صفوفها.. حافظوا عليها.. اعملوا على بناءها بشكل ديمقراطي.. احرصوا على وحدتها واستقلاليتها وعززوها بنضالاتكم من اجل حقوقكم والنصر حليفكم وحليف الشعوب المقهورة.
المجد لشهدائنا.. الحرية لأسرانا..الشفاء العاجل لجرحانا..الحرية والاستقلال والدولة المستقلة لشعبنا