7/5/2008

إنطلاقا من موقفنا الثابت المناهض لعقوبة الإعدام وإلتزاما بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان ، وإيمانا منا بأن الحق في الحياة هو أحد أهم الحقوق التي تعزز الكرامة الإنسانية ،فإن المنظمات الموقعة على هذا البيان تدين بشدة وبأقوى العبارات قيام حكومة المملكة العربية السعودية مؤخرا بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق ثلاثة مواطنين سوريين وبشكل لاإنساني لم يعد مقبولا من قبل أي معايير أخلاقية أو شرعية، فقد جاءت هذه الاعدامات ( التي يساورنا قلق شديد حيال دوافعها السياسية ) نتيجة لعمليات قضائية جنائية موجزة وسرية ولممارسات قائمة على التمييز ضد العمال الأجانب لم يحظى فيها المتهمون بالحد الأدنى من شروط المحاكمة العادلة.

ان السياسة الجزائية للمملكة العربية السعودية تعتمد بشكل كبير على العقوبات القاسية كحل لمعضلة الجريمة، وهذه السياسة تدعمها الصلاحيات الواسعة النطاق التي يتمتع بها القضاة ، وهذا يفسر إلى حد بعيد الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام على الجرائم المرتكبة.

ان تشريعات الحكومة تتضمن على الأقل قانونين مدونين غامضين ، احدهما يتعلق بجرائم المخدرات ويستند على الفتوى رقم 138 الصادرة عن مجلس كبار العلماء والتي صادقت عليه الحكومة في مارس / آذار 1987، والآخر يتعلق بـ (الإفساد في الأرض) الذي يستند على الفتوى رقم 148 الصادرة في أغسطس / آب 1988 .

فالقانون الذي سن على جرائم المخدرات فرض عقوبة الإعدام الإلزامية على مهربي ومستوردي المخدرات إضافة إلى موزعيها ذوي الميول الإجرامية. والقانون لا يتضمن تعريف “للمخدرات” او اي تحديد لعقوبة الإعدام على أي مادة خاصة ، ويأتي استخدام عبارة “الإفساد في الأرض”، من دون تعريف واضح ، ليترك الباب مفتوحا لتطبيق عقوبة الإعدام حتى وان لم تؤدي الجرائم إلى نتائج مميتة.

و يستمد القضاة دورهم في تنفيذ هذه السياسة من مركزهم الخاص في النظام القضائي الجنائي ، فمن ناحية يكون لديهم حرية كاملة في تصنيف الجرائم وتقرير العقوبات وخاصة تلك التي تقع تحت التعزير , ومن ناحية أخرى ، فهم تحت إشراف وتأثير مباشرين من السلطة التنفيذية . ورغم أن القانون في المملكة العربية السعودية يقر بمبدأ استقلال القضاء والقضاة ، فإن الوقائع تشير بقوة إلى أن القضاء يخضع للسلطة التنفيذية وخاصة إلى وزير العدل ووزير الداخلية وأمراء المناطق مقوضاً بالتالي مبدأ استقلال القضاء.

ومما يزيد من زعزة استقلال القضاء هو السلطات الممنوحة إلى وزارة الداخلية التي تتولى مسؤولية عملية القبض والإعتقال والإحتجاز بأكملها، وتقرر ما إذا كان سيتم الإفراج عن المعتقل او تقدميه للمحاكمة او احتجازه فترة غير محدودة من دون محاكمة، ويحرم القضاء من أي دور في الأشراف على هذه العمليات.

ويستخدم المحققون السعوديون مختلف الوسائل للحصول على اعترافات من المتهمين كالتعذيب أو الإكراه أو الخداع وذلك لإجبار الشخص على الإعتراف , وهذه الاعترافات التي يتم الحصول عليها بموجب النظام السري للاعتقال الذي يسبق المحاكمة، تشكل في الكثيرمن الأحيان الدليل الوحيد المقدم إلى المحكمة , وفي هذا انتهاك واضح للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة بما فيها الضمانات الضرورية لتقديم مرافعة الدفاع. ويتم احتجاز المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي خلال فترة التحقيق عقب توقيفهم , ولا يُعطى المعتقل أي معلومات تُذكر حول أسباب اعتقاله أو التهم الموجهة إليه ، أو الإجراءات التي ستُتبَّع ، أو حول حقوقه. ولا يُسمح للمعتقل أن يتصل بمحام أو بأي هيئة حقوقية أو سواها مما يمكن أن يشكل ضمانة ضد اللجوء إلى هذه الأساليب.

ورغم انضمام المملكة العربية السعودية إلى عدد من الاتفاقيات و المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان فإن السلطات السعودية لم تعمل حتى الآن على إدخال تغييرات واسعة النطاق على القانون والممارسة، بحيث تجعل الحقوق الواردة في هذه المعاهدات حقيقة واقعة، وتكفل معرفة جميع السلطات في البلاد لهذه القوانين والإجراءات، وتطبيقها لها، وتعريف كل من يعيش في البلاد بحقوقه، وتمكِّينه من طلب الإنصاف عن أي انتهاك لهذه الحقوق.

إن المنظمات الموقعة على هذا البيان تطالب حكومة المملكة العربية السعودية بما يلي :

1ـ إعلان تعليق العمل بعقوبة الإعدام دونما إبطاء .

2- ضمان تنفيذ ضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام وهذه الضمانات تكفل فرصة كافية للدفاع والاستئناف وتمنع فرض عقوبة الإعدام عندما يكون هناك مجال لتفسير بديل للأدلة. (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة رقم 50 / 1984 والصادر بتاريخ 25 مايو / أيار 1984) .

2ـ مراجعة القوانين الغامضة الخاصة بالجريمة والعقوبات والسعي إلى تقييد حرية التصرف لدى القضاة في استخدام عقوبة الإعدام، وضمان عدم فرض هذه العقوبة على الجرائم الغير عنيفة والأخذ بالحسبان القرار المرقم 68 / 2001 الذي اعتمدته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم في 25 ابريل / نيسان 2001 وضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام.

3ـ مراجعة قضايا السجناء الحاليين ( وبشكل خاص السجناء السوريين ) والذين هم الآن تحت طائلة حكم الإعدام والسعي إلى استبدال حكم الإعدام أو تقديمهم لمحاكمة ثانية تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة .

يــــــــــدا بيــــــــد لتعزيز الكــــــــــرامة الإنســـانية
يــــــــــدا بيــــــــد لإلغـــــــــاء عقوبة الإعـــــــــدام

المنظــمــات الموقــعــــــة :
• الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان .
• المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا .
• المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سوريا .
• منظمة حقوق الإنسان في سوريا ( ماف ) .
• جمعية حلقة وصل ( المغرب ) .
• المنظمة العربية للإصلاح الجنائي ( مصر ) .
• جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء ( مصر ) .