3/5/2008

كشفت المدة مابين 3 ايار 2007 و3 ايار 2008 مؤشرات جديدة عن واقع حرية الصحافة و التعبير في العراق يمكن وصفها بانها تشكل مخاطر على مستقبل الاداء الحر لوسائل الاعلام في العراق وتمهد الطريق لاتساع سياسة المنع والقمع من قبل اجهزة الامن الحكومية . وتؤشر حالات الانتهاك ضد الصحفيين ازدياد ملحوظ عن العام الماضي بلغت نسبته 60%.وبواقع انتهاكاً واحداً كل (43) ساعة .

وتشير عمليات الرصد المنظم للانتهاكات المسجلة ميدانيا او عبر بلاغات مباشرة من الضحايا الى تصاعد عمليات الاعتداء على الاعلاميين بالضرب وبمختلف اشكال الاهانة من الاجهزة الامنية وعناصر الحمايات الخاصة ومنع الاعلاميين من تغطية الاحداث الساخنة خاصةً ً التفجيرات . حيث سجل مرصد الحريات الصحفية خلال الفترة المذكوره (197) انتهاكا ضد الصحفيين ومؤسسات اعلامية ، وقد توزعت تلك الانتهاكات بالشكل التالي :

(88) الاعتداءات و المنع من ممارسة العمل الصحفي من قوات الامن العراقية بمختلف تشكيلاتها

(37) عمليات القتل من قبل مسلحين مجهولين

(30) الاعتقال و الاحتجازمن قبل قوات الامن العراقية

(15) اعتداءات وانتهاكات مختلفه توزعت بين القوات الامريكية وسلطات محليه ومليشيات

عمليات الاختطاف من قبل مجهولين طالت (13) صحفياً ،اطلق سراح (6) منهم بعد ان تعرضوا للضرب او التعذيب بسبب مهنتهم ، وقتل (6) منهم فيما لايزال (1) مجهول المصير

(9) الدعاوى القضائية التى اقامها مسؤولون حكوميون ضد صحفيين و مؤسسات اعلامية

(5) اقتحام المؤسسات الاعلامية من قبل القوات الامريكية و العراقية

ولعل اكثر مارصد من انتهاكات لهذا العام كان من قبل الاجهزة الامنية ومن اللافت للنظر ان البعض من عناصر تلك الاجهزة لم يمتثل لاوامر وتعليمات رئيس الوزراء نوري المالكي الصادرة في 4 فبراير / شباط من هذا العام بشان تسهيل مهمة الاعلاميين ، ولعل من المفارقة ان يقع تجاوز من حمايات رئيس الوزراء نفسه على الاعلاميين خلال تغطية حفل افتتاح جسر في مدينة الكوت جنوب العراق في ذات اليوم الذي اصدر فيه اوامره.

وظلت سلسلة من الاعتداءات تمارس ضد الصحفيين من قبل قوات الامن العراقية وكانت بمجموعها تمر بلا عقاب ومن دون إجراء تحقيقات تذكر فيها. وقد شهد مناخ الإفلات من العقاب أحد الاعتداءات ففي منطقة الغدير تعرض عدد ليس بالقليل من الصحفيين والمصورين للاعتداء بالضرب المبرح حتى ان احد المعتدى عليهم مكث في مستشفى العلوم العصبية لمدة اربعة ايام بسبب خطورة اصابته وكان ذلك في وضح النهار وامام العديد من شهود العيان ، مما يؤكد ان من قاموا بالاعتداء على الصحفيين في ذلك اليوم كانوا مؤمنين بانهم لن يلاحقوا قضائيا .

و مازالت السلطات العراقية ترسل رسائل مختطلة بشأن حرية الصحافة و التعبير، حيث تشجب و تستنكر الاعتداءات على الصحفيين من ناحية، بينما تعجز اجهزتها التنفيذية المكلفة بتطبيق القوانين و السلطات القضائية عن مقاضاة ائ من مرتكبي تلك الاعتداءات .

والقضية التي مازالت حتى لحظة كتابة هذا التقرير تشكل الخطر الاكبر على حياة الصحفيين هي عمليات الاغتيال التي وصلت خلال فترة الاحصائية المعده الى 37 عملية ، كانت اثنتان منها على يد القوات الامريكية ، ويؤشر هنا مرصد الحريات الصحفية الاستمرار في عدم الاخذ بالحسبان خطورة عمليات الاغتيال تلك من قبل السلطات الامنيه .حيث لم يلمس مرصد الحريات الصحفية وجود اي تقدم في هذا الجانب على الرغم من ان تلك السلطات سبق واعلنت انها تمتلك ادلة ملموسه تدين جهات بعينها متورطه في استهداف الصحفيين ،وانها بناءا على ذلك ستفتح جميع ملفات اغتيال الصحفيين منذ الغزو الامريكي عام الفين وثلاثة وحتى الان ، والتي وصلت بمجملها الى (234) . كان ابرزها اغتيال نقيب الصحفيين نفسه دون ان تتخذ اجراءات حاسمة للقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة كما وعدت الجهات المختصة .

وغالباً ماكانت ترافق عمليات قتل الصحفيين حالات اختطاف تسبق ذلك ، وتعرض (13) صحفياً و معاوناً اعلامياً لعمليات اختطاف من قبل مجهولين ،اطلق سراح (6) منهم بعد ان تعرضوا للضرب او التعذيب بسبب مهنتهم ، وقتل (6) اخرون فيما لايزال (1) منهم مجهول المصير.

وفي مسعى من السلطات العراقية للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات. تعرض (88) صحفياً لاعتداءات و منع من ممارسة عملهم الصحفي من قوات الامن العراقية بمختلف تشكيلاتها ، فيما تعرض (30) صحفياً و معاوناً اعلاميا للاعتقال و الاحتجاز من قبل قوات الامن العراقية في مناطق اقليم كردستان و محافظات العراق الاخرى ، حيث ان الصحفيين الذين تعرضوا للاعتقال تفاوتت مدد اعتقالهم و احتجازهم في حين تمت مصادرة معداتهم الصحفية ، علما إن مسؤولين حكوميين آخرين أساءوا استخدام قوانين التشهير من أجل إسكات التقارير الانتقادية التي وجهها الصحفيون لهم . واقيمت (10) دعاوى قضائية ضد صحفيين و مؤسسات اعلامية ، لم تحسم اغلبها حتى الان ، ياتي ذلك على الرغم من وجود قوانين سارية المفعول لا تجيز عمليات اعتقال الصحفيين او مقاضاتهم الا بموافقة رئيس الوزراء ، و هذا ما لم يحدث في ائ من هذه القضايا ، و تبين هذه الحالات عدم التزام القضاء بهذه القوانين .

ولم تكن المؤسسات الاعلامية في مأمن من عمليات المداهمة و اقتحام القوات العسكرية العراقية و الامريكية ، وسجل مرصد الحريات الصحفية (5) حالات من هذا النوع تقاسمتها هذه القوات بالتساوي . دون اوامر قضائية تبرر تلك المداهمات والعبث بالمقتنيات وارهاب العاملين في تلك المؤسسات و مصادرة وثائقها و ارشيفها الصحفي كما حصل لمؤسسة المدى للاعلام و الثقافة و الفنون العام الماضي .

وحتى هذه الساعة لم يقر قانون حق وتسهيل الوصول للمعلومات ( قانون الشفافية ) ، و بغياب هذا القانون عمدت الاجهزة الحكومية لاعتبار المناطق التي تجري فيها عمليات عسكرية مناطق مغلقة على الاعلاميين رغم الحاجة وحق الراي العام في الاطلاع عما يجري في هذه المدن والاحياء على الصعيد الامني والانساني وهذه السياسة تشابه التطبيقات السيئة لانظمة الطواريء في بعض البلدان وتتقاطع مع مبدا الحريات التي اقرها الدستور العراقي .

و بعد ادراج كل هذه الانتهاكات المريعة يستغرب مرصد الحريات الصحفية تغاضي النظر الذي تبديه القوات العسكرية العراقية و الامريكية للقوانين الدولية التي تكفل حماية الصحفيين الذين يؤدون مهاماتهم في مناطق النزاعات المسلحة من كل اشكال العنف المتعمد طالما انهم لا يشاركون في الاعمال العدائية ، حسب القانون الدولي الانساني . و وفقاً لهذا القانون ان لا حماية و لا حصانة لمن ينتهك بنوده . و اثبتت الانتهاكات ان هذه القوات المذكورة تشكل خطراً رئيسياً على الصحفيين بالاضافة الى خطر المجاميع المسلحة و المليشيات التي تستهدفهم بشكل مباشر التي تعلم انها لا تتحمل مسؤولية جرائمها .