18/4/2005

إدراكا من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بخطورة وحساسية مشروع قانون مكافحة الإرهاب المحال إلى مجلس النواب للنظر فيه وإقراره, وما سيتركه من تداعيات خطيرة على الوطن وأبناءه ومؤسساته الأهلية,

فقد بادرت الجمعية باتخاذ خطوة ضرورية وهامة تجاه الجمعيات الأهلية على اعتبار إن مؤسسات المجتمع الأهلي سوف تكون, شأنها شأن جميع المواطنين, من أكثر المتضررين من هذه التداعيات, كما أنها قادرة على التحرك والتصدي لهذا القانون ولإسقاطاته وسلبياته.
ومما لا شك فيه إن العمل الأهلي بكافة أشكاله في المملكة يتعرض في الوقت الراهن لاختبار حرج للغاية من شأنه إن ينذر بعواقب وخيمة على مجمل نشاط مؤسسات المجتمع الأهلي مما يهدد بالتفريط بالمكتسبات التي أحرزها هذا المجتمع منذ بدء العملية الإصلاحية التي دشنها جلالة الملك المعظم حتى الآن, بل انه ينذر بعواقب خطيرة على مستوى الحقوق والحريات النسبية التي تمتع بها المواطنون منذ انطلاقة مسيرة الإصلاحات السياسية في البحرين.

ومن المعروف إن مسيرة الإصلاحات السياسية في البلاد قد شهدت تراجعات خطيرة منذ أكثر من عامين تركت آثاراً سلبية على ممارسة المواطنين للديمقراطية وعلى أحقيتهم في المشاركة في اتخاذ القرار وإبداء آراءهم في الشأن العام, وما القوانين المستحدثة كقانون الصحافة والطباعة والنشر ومشروع قانون التجمعات وقانون الجمعيات السياسية وقانون الجمعيات الأهلية إلا أمثلة صارخة لهذه التراجعات المؤسفة التي تشهدها العملية الإصلاحية يوما تلو الأخر وتهدد الحقوق والحريات العامة بالخطر, ناهيك عن الأفعال المنافية للقواعد والأعراف الديمقراطية ولمبادئ حقوق الإنسان كإغلاق بعض المؤسسات الأهلية, وحل الجمعيات, ورفض التصريح للمسيرات السلمية المطالبة بالإصلاحات, واعتقال بعض المجموعات من المواطنين, وعدم الاستماع لشكاوى بعض الوافدين, وتقديم بعض الشخصيات الصحفية إلى المحاكم بحجج وتهم غير مبررة ومنافية لأهداف العملية الإصلاحية ذاتها .

ولكن اخطر هذه التراجعات وأكثرها ضررا بالممارسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية العمل الأهلي, هو التراجع الخطير المتمثل بمشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أحالته حكومة المملكة إلى مجلس النواب في الآونة الأخيرة وبصفة الاستعجال للنظر فيه وإقراره.

ومكامن الخطورة فيه كثيرة منها تشريع وإباحة التعدي على الحريات والحقوق للمواطنين وتجريم ممارسة هذه الحقوق وإنزال العقوبات القصوى بمن يتجرأ بالمطالبة بها, ولعل أخطرها على الإطلاق انه يأتي تحت مسمى مكافحة الإرهاب ليكرس إرهابا في أوساط المواطنين ومؤسسات المجتمع الأهلي, بل هو نسخة أكثر خطورة من قانون امن الدولة السيئ الصيت الذي قبره شعب البحرين بوعيه الوطني وحسه الإنساني وعشقه الطبيعي والأبدي للحرية والعدل والانعتاق من كل قيد.

إن مشروع هذا القانون إذا ما تأت له إن يطبق , لا قدر الله, فسوف يؤسس لحقبة سوداء في تاريخ بلادنا أكثر ظلاما من حقبة قانون أمن الدولة المقبور التي امتدت زهاء ربع قرن.

إن مشروع القانون المسمي بمكافحة الإرهاب على وشك إن يعيد البلاد من جديد إلى النفق المظلم الذي خرجت منه للتو, وهو يضع المجتمع الأهلي ومؤسساته أمام اختبار عسير يهدد كيانها ومبررات وجودها.

لذا فقد بادرت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان من منطلق مسئولياتها في الدفاع عن حقوق الإنسان المواطن وحرياته, وعن أحقية الجمعيات الأهلية بكافة أشكالها في العمل الأهلي الحر والتعبير عن آراءها إزاء قضايا الناس أفرادا وجماعات, إلى الدعوة لهذا اللقاء التشاوري الموسع بين مؤسسات المجتمع الأهلي للتشاور وتبادل الرأي وبلورة موقف أهلي موحد للجمعيات الأهلية إزاء مشروع هذا القانون والبحث في السبل الكفيلة بالتصدي الناجح له وتطويقه والعمل على إحباطه من اجل حرية وامن المواطن والمجتمع ومؤسساته الفاعلة, واثقة من حرص القائمين على الجمعيات الأهلية على صون وحماية المكتسبات التي حققها الوطن والمواطنين ومؤسسات المجتمع الأهلي في مجال ممارسة الحقوق والحريات العامة.

وتأمل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التوصل إلى قرارات هامة في هذا اللقاء التشاوري وتبني موقف أهلي موحد إزاء المشروع, وكيفية تصدي المجتمع الأهلي لمشروع هذا القانون الذي أصاب , دون ريب, حقوق الإنسان والعمل الأهلي في البلاد في مقتل وذلك حرصا على مكتسبات الوطن الحضارية ومستقبله وتحرير أبناءه من كافة أشكال الخوف والترهيب.

الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان