30/12/2005

تعيش بلادنا في الفترة الأخيرة حملة ممنهجة ضد الصحافة المستقلة المغربية، توجت بإعلان وزير العدل أمام البرلمان عن تأسيس “خلية مكلفة بتتبع كل ما ينشر” هدفها “تحريك متابعات في حق كل من تبين تورطه وانزلاقه نحو نشر رسائل إحباط وتيئيس وتشكيك في المؤسسات والثوابت الإسلامية والوطنية”. وفي هذه الحملة تم استعمال القضاء خاصة لمحاولة إسكات أصوات صحفية مقلقة بالنسبة للسلطات أو لاستصدار غرامات باهظة قد تؤدي إلى اغتيال بعض المنابر الصحافية.

ونسجل هنا بالخصوص:

ــ الحكم الفظيع الصادر ضد علي المرابط بمنعه من مزاولة مهنته كصحفي لمدة عشر سنوات نتيجة تعبيره عن آرائه في استجواب مع اسبوعية مغربية.

ــ محاكمة الصحفي عبد العزيز كوكاس مدير الأسبوعية الجديدة نتيجة نشره لاستجواب مع نادية ياسين تعبر فيه عن رأيها من شكل النظام السياسي في المغرب، مع العلم أن هذه المحاكمة تم تأجيلها إلى 14 مارس القادم.

ــ محاكمة أسبوعية طيل كيل الصادرة باللغة الفرنسية في قضيتين منفصلتين، والحكم عليها بتعويضات باهظة قد تؤدي إلى اغتيال هذا المنبر الصحفي. بل إن الحكم الاستئنافي الصادر في القضية الأولى يوم 29 دجنبر، قضى علاوة على ذلك، بشهرين سجنا موقوفة التنفيذ ضد مدير الأسبوعية أحمد بنشمسي والصحفي كريم البخاري. ويتذكر الجميع المحاكمة الابتدائية في القضية الأولى خلال شهر غشت الماضي والتي تميزت بانعدام تام لشروط المحاكمة العادلة أظهرت الوجه المتخلف لجزء من القضاء المغربي.

ــ متابعة أسبوعية الأيام في شخص مديرها نور الدين مفتاح والصحفية مارية مكريم ــ مع تحديد تاريخ المحاكمة في 23 يناير 2006 – بسبب نشرها لملف صحفي بعنوان “أسرار حريم القصر بين ثلاثة ملوك” واعتبار السلطات بأن هذا العمل الصحفي يتضمن أخبارا زائفة وادعاءات من شأنها الإخلال بالنظام العام ونشرا لصور بعض أعضاء العائلة الملكية دون ترخيص من الديوان الملكي. وقد سبق للمسؤول عن التشريعات الملكية في قضية مماثلة مع “الأسبوعية الأخرى” أن اكتفى بمجرد تنبيه في الموضوع.

ــ منع أسبوعية “البيضاوي” من حقها في اختيار غلاف بعنوان محدد لعددها ما قبل الأخير وإرغامها على تغييره واستنطاق مديرها من طرف الشرطة حول الموضوع. كما تم استنطاق مدير أسبوعية “المشعل” الذي نشر مضمون الصفحة الأولى من “البيضاوي” في جريدته.

ــ التحرشات البوليسية ضد جريدة “النهار المغربية” والتي تتنافى مع حرية الصحافة.

ــ المتابعة القضائية لأسبوعية “لوجورنال” بسبب إبداء رأي صحفي نقدي بشأن تقرير لإحدى المؤسسات حول نزاع الصحراء.

اعتبارا لما سبق إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان:

  • يستنكر بقوة الحملة الممنهجة ضد الصحافة المستقلة المغربية، بدعوى صيانة المقدسات، مما يعد انتهاكا سافرا لحرية الرأي والتعبير ببلادنا. وتؤكد الجمعية أن الخط الأحمر الوحيد المطروح امام حرية الراي والتعبير والصحافة هو احترام كرامة الآخر وصيانة الحقوق الإنسانية الفردية والجماعية للمواطنات والمواطنين.
  • يستنكر استعمال القضاء مرة أخرى لتصفية الحساب مع الصحافة المستقلة كما تم استعماله للتغطية على الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالقمع السياسي، و يعتبر أن تشكيل “الخلية المكلفة بتتبع كل ما ينشر” على مستوى وزارة العدل يعد مسا بحرية الصحافة، مؤكدا أن ما يجب أن تنكب عليه وزارة العدل هو تأسيس خلية لمتابعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية، في الماضي والحاضر، ولضمان عدم الإفلات من العقاب خاصة في الجرائم ضد الإنسانية مثل ما وقع في يونيه 1981 بالدار البيضاء وفي دجنبر 1990 بفاس، وفي الجرائم الاقتصادية المرتبطة بنهب المال العام والتي أدت إلى إهدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين.
  • يطالب بتسريع تعديل قانون الصحافة لضمان انسجامه مع قيم ومعايير حقوق الإنسان الكونية بدءا بإلغاء العقوبات السالبة للحرية.
  • يعبر عن تضامن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع الصحافة المستقلة في محنتها الجديدة مع تأكيد مؤازرتها لها ومع توجيه نداء حار لكل القوى الديموقراطية من أجل الوقوف إلى جانب الصحافة المستقلة ومناصرة حرية الرأي والتعبير والصحافة ببلادنا.

    الرباط في 30 دجنبر 2005
    المكتب المركزي