1/2005

مقدمة
لقد رصد مركز غزة للحقوق والقانون جملة من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين خلال شهر يناير 2005. إذ لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن ارتكاب جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، بل شنت حملة عنيفة جداً من الإعدامات خارج إطار القانون، واستهدفت هدم وتدمير منازل المدنيين الفلسطينيين، وكذلك تجريف أراضيهم الزراعية.

فقد شهد شهر كانون ثاني 2005، وهي الفترة التي يغطيها التقرير، تصعيداً من قبل قوات الاحتلال على كافة الصعد ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال. فقد وصل عدد الشهداء خلال شهر كانون ثاني نحو (66) شهيداً، من بينهم (5) مسنين، (26) طفلاً.

وقد اعتبرت القوانين والأعراف الدولية الاعتداءات الإسرائيلية خرقاً فاضحاً لأحكام العديد من مواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها التزامات الدولة المحتلة التي نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949، والتي حرمت الاعتداء على حياة المدنيين وسلامتهم البدنية، وكذلك القتل والتعذيب بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية والمهينة. كما تعتبر هذه المخالفات الجسيمة التي تقوم بها سلطات الاحتلال من جرائم الحرب حسب البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية، وكذلك وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

كذلك المادتين الثالثة والخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والمادتين السادسة والسابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمادة السادسة من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والمادة الأولى من الإعلان الدولي بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو أللإنسانية أو المهينة لعام 1984، والمادة الثالثة من المدونة الخاصة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين 1979. تقضي هذه المواد بمجملها، بعدم حرمان أحد من حياته بشكل تعسفي، أو تعريضه للتعذيب أو المعاملة القاسية أللإنسانية أو المحِطة بالكرامة.

كما أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي خلال اجتياحاتها على تدمير (62) منزل في قطاع غزة بشكل جزئي وكلي، وتجريف (171) دونم من الأراضي الزراعية. وبهذا الصدد فقد سجل المركز ( 37) توغلاً واقتحاماً لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي للأراضي الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. من بينها (14) توغلاً لمناطق في قطاع غزة خلال شهر كانون ثاني 2005، كان من أهمها:

    • – توغل قوات الاحتلال في شمال غزة بتاريخ 2/1، حيث تمركزت آليات عسكرية في منطقة قليبو ومنطقة شرق مدينة الشيخ زايد شمال محافظة غزة حيث أقدمت تلك القوات بإطلاق النار باتجاه الصحافة المتواجدة بالمكان حيث أصابت المصور الصحفي مجدي العرابيد الذي يعمل للقناة العاشرة الإسرائيلية. وهو أيضاً مدير لإذاعة صوت الحرية في مدينة غزة. وقد أصيب بإصابة بالغة في منطقة الحوض والخاصرة، نقل على أثرها لتلقي العلاج في مستشفى (سوروكا) بإسرائيل.

    – كما رصد المركز توغل آخر لقوات إسرائيلية معززة آليات عسكرية وطيران جوي في منطقة حي الزيتون يوم 15/1. أدى ذلك الاجتياح إلى استشهاد خمسة فلسطينيين، وإصابة خمسة آخرون من بينهم طفل.


إضافة إلى ذلك، لم تكتف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي باستهداف المدنيين، بل سعت إلى تدمير كافة مناحي الحياة من خلال قصف المؤسسات الإعلامية وورش الصناعة. فقد قصفت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي جمعية الإحسان الخيرية الكائنة في منطقة عمران بمدينة دير البلح، ملحقة أضرار جزئية بالمكان وتدمير معظم محتوياته. كما قصفت بتاريخ 16/1، ورشة لسكب المعادن تعود ملكيتها إلى صبحية أبو فول من مدينة بيت لاهيا في منطقة السلاطين، حيث أدى ذلك القصف إلى تدمير الورشة والمنزل، وإلحاق أضرار مادية في المنازل المجاورة.

هذا وقد استمرت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في سياسة الاعتقالات بحق المدنيين الفلسطينيين في ظل استمرار حديث الحكومة الإسرائيلية عن نيتها إطلاق سراح بعض من المعتقلين الفلسطينيين. فقد اعتقلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي خلال شهر كانون ثاني لعام 2005، (400) مواطن فلسطيني.

الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين


الاعتداء على الحق في الحياة والأمن الشخصي
إن مواصلة إسرائيل لاستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين الفلسطينيين العزل أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء خلال شهر كانون ثاني لما يزيد عن (66) شهيداً فلسطينياً من بينهم ما يقارب (26) شهيداً لم تتجاوز أعمارهم (18) عاماً، وكذلك (3) من ذوي الاحتياجات الخاصة. وهذا يمثل تصعيداً خطيراً في استخدام القوة المفرطة المميتة ضد المواطنين الفلسطينيين، خاصة الأطفال وذوي الاحتياجات منهم. هذا وقد أصيب خلال شهر كانون الثاني (192) مواطناً، من بينهم (77) طفلاً. ومن بين هؤلاء الشهداء مواطنان قامت قوات خاصة إسرائيلية بقتلهما خارج القانون (اغتيالهما) بدعوى قيامهما بنشاطات مقاومة للاحتلال.
القتل خارج نطاق القانون
لقد استمرت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في تنفيذ سياسة الاغتيال الإجرامية (القتل خارج القانون) بحق من تصفهم بنشطاء الانتفاضة. فقد رصد المركز (3) محاولات إسرائيلية للقتل خارج القانون، راح ضحيتها مواطنان فلسطينيان، وأصيب عدة مواطنين آخرين كانوا يتواجدون في مكان الاغتيال.

    • – فبتاريخ 1/1 أقدمت قوة عسكرية إسرائيلية بمحاولة اغتيال نجا منها محمد شحادة قائد كتائب شهداء الأقصى في طولكرم من محاولة اغتيال عندما فتحت قوة إسرائيلية خاصة النار التي كانت تكمن في أحد منازل المواطنين في المخيم عليه لدى مروره مع مساعده سمير معارك في أحد شوارع حي البلاونة في المخيم، وقد أدى إطلاق النار إلى إصابة معارك الذي يبلغ من العمر (20) عاماً بجراح في اليد والساق.

    • – بتاريخ 11/1 اغتالت قوة حربية إسرائيلية خاصة سند غنام (26) عاما، من مخيم نور شمس وهو أحد القادة الميدانيين لكتائب شهداء الأقصى في منطقة طولكرم، كما جرح محمد نصار من كوادر كتائب شهداء الأقصى، وإصابة مواطنة تدعى انتصار الطيراوي (55) عاماً تواجدت في ساحة الاغتيال. وجاءت عملية الاغتيال عندما نصبت قوة عسكرية إسرائيلية كميناً للشابين في الحي الجنوبي من مدينة طولكرم وأطلقت نيران أسلحتها على السيارة التي كانا يستقلانها لدى مرورها من المنطقة.

    – بتاريخ 26/1 اغتالت وحدات إسرائيلية خاصة أحد أعضاء كتائب شهداء الأقصى الشاب ماهر حرب سنينة (21) عاماً فيما أصابت كلاً من محمد خميس عامر(20) عاماً، ويحي طالب نزال (19) عاماً، واقتادتهما إلى جهة غيرة معلومة كما أصيب الطفل محمد عبد الحليم الباشا (16) عاماً بجروح خطيرة في رأسه أثناء مروره بالقرب من المنطقة التي اغتيل فيها الشاب ماهر في حي كفر سابا وسط مدينة قلقيلية، وعلم المركز أن قوات الاحتلال قامت بتسليم جثمان الشهيد، فيما أبقت المصابين عامر ونزال وما زال مصيرهما مجهولاً.


هذا وتعتبر سياسة الاغتيال التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي مخالفة لكافة الأعراف والمواثيق الدولية ومنها: المادة الثانية والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والتي تنص على ما يلي: “تحظر الأطراف السامية المتعاقدة صراحة جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها ولا يقتصر هذا الحظر على القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه والتجارب الطبية والعلمية التي لا تقتضيها المعالجة للشخص المحمي سواء قام بها وكلاء مدنيون أو وكلاء عسكريون ولكنه يشمل أيضاً أي أعمال وحشية أخرى”.

استهداف ذوي الاحتياجات الخاصة
لم يسلم ذوي الاحتياجات الخاصة من أصحاب الإعاقات الجسدية أو العقلية من الاعتداءات الإسرائيلية، ولم تراعي إسرائيل أي حق من حقوق هؤلاء المعاقين والتي كفلتها الأعراف والمواثيق الدولية. فقد أقدمت إسرائيل على قتل ثلاثة شهداء من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم:

    • – بتاريخ 29/1 استشهد المعاق إبراهيم الشواف (24) عاماً من بلدة عبسان الكبيرة في خانيونس، والشهيد هو معاق عقلياً استشهد على اثر إطلاق قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي النار عليه أثناء سيره بالقرب من الجدار الإلكتروني شرق بلدة خزاعة في محافظة خانيونس، حيث أصيب بعيار ناري في الصدر الذي أدى إلى استشهاده على الفور.

    • – بتاريخ 27/1 استشهد المعاق عبد المعطي ذاكر (30) عاماً من مخيم البريج على أثر إطلاق القوات الحربية الإسرائيلية النار عليه أثناء مروره قرب مفترق الشهداء جنوب مدينة غزة، حيث أصيب بجروح إلا أن قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الوصول إليه مما أدى إلى استشهاده.

    – بتاريخ 23/1 استشهد المعاق عقلياً فتى الدين محمد الخوري (19) عاماً من بلدة عزون قضاء قلقيلية متأثر بجروح أصيب بها في 22/1، حيث أصيب بعيارين ناريين في الصدر أطلقتهما عليه القوات الحربية المتمركزة عند الجدار الفاصل الذي تقيمه إسرائيل على أراضي حبلة ووادي الرشا جنوب محافظة قلقيلية.


استهداف الأطفال الفلسطينيين
لم ينج الأطفال من الموت المحقق الذي أرادته قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلية لهم وفق سياسة عمدت استهداف الأطفال بصورة مباشرة منذ بداية انتفاضة الأقصى، خاصة عندما تقوم قوات الاحتلال باجتياح المدن والقرى الفلسطينية. رصد المركز من خلال متابعاته وباحثتيه الميدانيين قيام قوات الاحتلال الحربي بقتل ( 26 ) طفلاً بدم بارد:

    • – فبتاريخ 4/1 ارتكبت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي مجزرة بشعة بحق مجموعة من الأطفال وإصابة العديد منهم، حيت أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة في مواقعها العسكرية المقامة بين مستوطنتي (إيلي سيناي ونسانيت) شمال بلدة بيت لاهيا ، قذيفة دبابة باتجاه منطقة المزارع الواقعة إلى الجنوب من السياج الفاصل بين المستوطنتين والبلدة والمعروفة بشارع الحطبية، حيث أصابت القذيفة بشكل مباشر مجموعة من الأطفال كانوا يزرعون نبات التوت الأرضي داخل حقولهم مما أسفر عن استشهاد سبعة منهم على الفور بعدما تحولت أجسادهم إلى أشلاء ، ستة منهم ينتمون لعائلة غبن ومن بينهم شقيقان كما أصيب سبعة مدنيين آخرين بجراح من بينهم أربعة من الأطفال والشهداء الأطفال هم:

    • 1- محمد كامل غبن (17) عاماً شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم

    • 2- محمد حسن موسى غبن (17) عاماً شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • 3- راجح غسان كامل غبن ( 10) أعوام شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • 4- جبر عبد الله غبن (16) عاما شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • 5- بسام كامل محمد غبن (17) عاماً شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • 6- محمود كامل محمد غبن (12) عاماً شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • 7- جبريل عبد الفتاح الكسيح (16) عاماً شظايا في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • وتعكس هذه المجزرة مدى الاستهتار الإسرائيلي التام بأرواح المدنيين الفلسطينيين، من خلال الاستخدام المفرط والعشوائي للقوة المسلحة المميتة.

    • – في يوم 6/1 استشهد الطفل حمزة عبد المنعم جابر (9) أعوام من مدينة الخليل على أثر صدمه من قبل جيب عسكري إسرائيلي في حارة جابر، القريبة من الحرم الإبراهيمي، أمام منزله. حيث وصل إلى مستشفى الخليل الحكومي جثة هامدة نتيجة كسور في أنحاء مختلفة من الجسم.

    • – في يوم 8/1 استشهدت الفتاة سماح زعرب (16) عاماً من مخيم خانيونس الغربي أصيب بجراح خلال اجتياح قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لحي الأمل ومخيم خانيونس الغربي قبل أسبوع حيث أصيبت بعيار ناري في الرأس. – 14/1 استشهد الطفل عمر محمد القريناوي (11) عاماً من منطقة البريج متأثر بجراحه التي أصيب بها 12/1 عندما قصفت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي منازل المواطنين في المنطقة.

    • – في يوم 16/1 استشهد الطفل عبد الله عرام ( ) عاما من مخيم خانيونس منطقة السد العالي على أثر شظايا قذائف الدبابات الإسرائيلية، حيث استشهد الطفل وأمه وإصابة كلاً من والده وأخاه.

    • – في يوم 19/1 استشهد الطفل صلاح الدين عقاب درا غمة (12) عاماً من مدينة طوباس جراء إصابته بعيار ناري في الجزء العلوي من جسده.

    • – في يوم 19/1 استشهد الطفل صلاح أبو العيش (13) عاماً من مدينة رفح على أثر إصابته بعيار ناري في الرقبة لدى قصف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي المتمركزة على بوابة صلاح الدين في رفح منازل المواطنين بنيران الأسلحة الرشاشة بينما كان يسير الطفل مع عائلته في أحد شوارع مدينة رفح.

    • – في يوم 20 /1 استشهد الطفل محمد حسن أبو الرب (15) عاماً من قرية صير قضاء جنين متأثر بجراحه التي أصيب بها في شهر كانون أول 2004 اثر انفجار جسم مشبوه من مخلفات الجيش الإسرائيلي بالقرب منه في قرية صير قضاء جنين.

    • – في يوم 25/1 استشهد الطفل إسماعيل العيسوي (16) عاماً نتيجة إصابته بشظايا قذيفة دبابة صهيونية في منطقة جحر الديك شمال شرق مخيم البريج، حيث استشهد الطفل من دبابة عسكرية متمركزة بالقرب من الحدود الشرقية الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام (48). – في يوم 26/1 استشهدت الطفلة رحمة إبراهيم أبو شماس تبلغ من العمر ثلاث أعوام من منطقة البركة في دير البلح وسط قطاع غزة على أثر إصابتها وهي داخل منزلها بعيار ناري ثقيل في الرأس لدى إطلاق القوات الإسرائيلية المتمركزة في مستوطنة (كفاردروم) نيران أسلحتها الثقيلة تجاه منازل المواطنين في منطقة البركة بدير البلح.

    • – في يوم 27/1 استشهد الطفل مروان غالب أبو علوي (13) عاماً من قرية دير جرير متأثر بجراح سابقة بتاريخ 24/1 على أثر انفجار جسم مشبوه من مخلفات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في المنطقة.

    – في يوم 31/1 استشهدت الطفلة نوران إياد ذيب (10) سنوات، وهي تلميذة في المدرسة الابتدائية “ب” برفح جراء إصابتها بعيار ناري في الرأس أطلقها جنود الاحتلال عليها عندما كانت عند بوابة مدرستها في طريق عودتها إلى المنزل، وأصيبت زميلتها الطفلة عائشة عصام الخطيب (7) سنوات برصاصة في الذراع. ووفق تحقيقات المركز فإن إطلاق النار جاء من منطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية على الحدود مع مصر بينما كانت الهيئة التدريسية تحاول إخراج التلميذات من ساحة مدرستهن حيث أصيبت نوران ذيب بعيار ناري في الوجه، وهو الحادث الخامس من نوعه خلال عامين والذي يقتل ويصاب فيه أطفال بجروح خطيرة أثناء تواجدهم في مدارس تابعة لوكالة الغوث في قطاع غزة.


وتعتبر سياسة استهداف الأطفال بالقتل جريمة حرب مخالفة لكافة الأعراف والمواثيق الدولية التي دعت باستمرار لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتلاشي أي إصابة لهم. وتعتبر سياسة استهداف الأطفال من قوات الاحتلال وعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي إصابتهم انتهاكاً صارخاً لإعلان الجمعية العامة بشأن حماية حقوق الطفل لسنة 1959 واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتي وقعت عليها إسرائيل والتي جاء في بنودها أن:

  • تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقاً أصيلاً في الحياة.
  • تكفل الدولة الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه.
    كذلك المادتين الثالثة والخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والمادتين السادسة والسابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمادة السادسة من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والمادة الأولى من الإعلان الدولي بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.

    الاعتداء على حرية التنقل والحركة
    تواصل قوات الاحتلال إتباع إجراءات الإغلاق والعقاب الجماعي ضد المدنيين في الأراضي الفلسطيني المحتلة، كما وتنتهج سياسة عزل المناطق واستمرار فرض منع التجول المتقطع على العديد من المناطق وخاصة وعزل عدد من المناطق مثل المواصي والسيفا. كما لا زالت قوات الاحتلال تستخدم الحواجز العسكرية كوسيلة لإذلال وامتهان كرامة المواطنين الفلسطينيين. ففي قطاع غزة ما زال حاجزي المطاحن وأبو هولي كابوس يطارد المواطنين خلال تنقلاتهم بين محافظات غزة ، حيث يستخدمهما الاحتلال في عمليات اعتقال المواطنين. فمنذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى الآن، وقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي تضع العراقيل أمام المسافرين والقادمين إلى قطاع غزة وخاصة المرضى، وكذلك تعيق التنقلات الداخلية من مكان إلى آخر أو داخل المكان الواحد.

    فقد تم اعتقال (6) مواطنين أثناء تنقلاتهم على الحواجز الإسرائيلي داخل قطاع غزة، وخاصة حاجز المطاحن الذي يفصل وسط قطاع غزة بجنوبه، وذلك خلال كانون ثاني من العام 2005. كما تقوم قوات الاحتلال بإطلاق نيران أسلحتها الرشاشة صوب المواطنين الذين يتواجدون على الحواجز الإسرائيلية وخاصة حاجز المطاحن الذي شهد العديد من الإصابات خلال فترة التقرير. فقد رصد المركز ( 3) حالات استشهاد، اثنين منهم كانوا مسافرين إلى خارج فلسطين عبر معبر رفح، بهدف تلقي العلاج في مستشفيات مصر، والأخر أثناء تواجده على حاجز المطاحن( أبو هولي) أثناء تنقله داخل القطاع. كما أدى إطلاق النار على الحواجز من قبل الجنود الإسرائيليين إلى إصابة (25) مواطناً فلسطينياً على حاجز المطاحن( أبو هولي).

    أما على صعيد الحركة الخارجية، وتحديداً المعابر الحدودية مع إسرائيل، فلا تزال قوات الاحتلال تغلق معبر بيت حانون، شمال قطاع غزة في وجه المواطنين الفلسطينيين. ويشهد معبر رفح البري أكبر اغلاقاته والذي استمر لمدة (38) يوما، احتجز خلالها قرابة (2000) فلسطيني تقطعت بهم السبل عند الجانب المصري. حيث أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المعبر بتاريخ 12/12 حتى تاريخ 20/1 حيث سمح فقط لبعض المواطنين العائدين إلى قطاع غزة بالعبور، وبقي مغلقاً أمام حركة المسافرين من الأراضي الفلسطيني إلى الأراضي المصرية. وأسفر ذلك القرار عن حرمان مئات الطلاب الدارسين في الجامعات خارج قطاع غزة من استكمال تعليمهم، وكذلك حرم الإغلاق عشرات المرضى الذين يضطرون إلى السفر خارج البلاد لتلقي العلاج من حقهم في الحصول على الخدمات الطبية المناسبة لحالاتهم. كما واستمرت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لليوم الثامن عشر على التوالي بإغلاق معبر المنطار (كارني) الذي اغلقته منذ تاريخ 13/1 أمام حركة التجار. وهو يعتبر المنفذ الوحيد لقطاع غزة الذي يتم من خلاله استيراد وتصدير البضائع والمواد الغذائية. والمعبر لا زال مغلقاً حتى لحظة إصدار هذا التقرير.

    وتعتبر هذه الإجراءات انتهاك صريح للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت حق الإنسان في التنقل وحرية الحركة قد نصت المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه ” لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يرتكبها هو شخصياً”. كما أن المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على ” حق كل فرد في التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود دولته وحقه في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده”. كما أن المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تؤكد على ضرورة ألا يشكل أي من الإجراءات التي تقيد حرية التنقل انتهاكاً لأي حق من الحقوق الأخرى التي يعترف بها العهد. هذا وقد أدان تقرير ممثل الأمم المتحدة الخاص بالأراضي الفلسطينية المحتلة بتاريخ 31/8/2001 في فقراته (22) و (24) إجراءات الحصار الإسرائيلية واعتبرها مخالفة للقانون الدولي الإنساني.

    هدم المنازل وسياسية العقاب الجماعي
    لم تتورع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الماضية عن هدم منازل المواطنين الفلسطينيين بحجج واهية كسياسة عقاب جماعية ضد أهالي من تتهمهم سلطات الاحتلال بممارسة أعمال مقاومة ضد قوات الاحتلال. حيث أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على تدمير (62) منزل بشكل كلي و جزئي.

    حيث تعتبر سياسة الاحتلال في هدم المنازل مخالفة واضحة وصريحة لكافة العراف والمواثيق الدولية وتعتبر من القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني أن الأعيان المدنية (المباني والممتلكات المدنية) يجب أن تكون بمنأى عن أي استهداف من جانب القوات المحتلة، ويحظر تماماً التعرض لها، ويجب أن تتوفر لها الحماية الكاملة.

    كما وأن هناك قيود صارمة وتحريم كامل لاستخدام وسائل قتالية وأسلحة معينة في العمليات الحربية وبالتأكيد في حالة احتلال الأراضي، وكما تعد هذه العقوبة انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، على اعتبار أنها تتم في بعض الأحيان قبل اعتقال الشخص المطلوب، وتقديمه لمحاكمة عادلة ونزيهة.

    فالمادة(14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنص على “أن الإجراءات العقابية يمكن فرضها فقط بعد السماع العلني والمنصف.” وفي بعض الأحيان يتم هدم المنزل بعد اغتيال المستهدف والمطلوب لقوات الاحتلال، في الميدان، ومن دون محاكمة.

    توصيات للمجتمع الدولي:

      • 1. يدعو مركز غزة للحقوق والقانون الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية، والوفاء بالتزاماتها بموجب المادة الأولى من الاتفاقية في العمل على ضمان احترام إسرائيل للاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى المركز أنه قد آن الأوان لأن تضع الديمقراطيات الغربية حداً لمؤامرة الصمت التي تمارسها والتي تساهم في تشجيع إسرائيل على ممارسة المزيد من الانتهاكات للاتفاقية.
      • 2. يعرب مركز غزة للحقوق والقانون عن تخوفه إزاء التصريحات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي القاضية بهدم (3000) منزل على الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي الفلسطيني والأراضي المصرية (محور فيلادلفيا) بغية بناء القناة المائية، ويحذر المركز من تفاقم الوضع الإنساني الذي سيؤدي إلى تشريد ألاف المواطنين الفلسطينيين. ويطالب المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والقانونية والإنسانية بالضغط على إسرائيل بالرجوع عن هذا المخطط وعدم تنفيذه.
      • 3. يدعو المركز الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى بذل المزيد من الجهد للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لإلزام إسرائيل باحترام الاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
      • ويرى المركز أن ذلك يتوقف على قدرة تلك الأطراف على مواجهة أية ضغوط أمريكية محتملة، والعمل بجدية على تطبيق القانون الدولي الإنساني، ومن ضمن ذلك إيقاع العقوبات الرادعة بإسرائيل لثنيها عن سياساتها الإرهابية بحق المواطنين المدنيين الفلسطينيين.
      • 4. يؤكد المركز على المسئولية الأخلاقية والقانونية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي من أجل التدخل الفوري والفعال لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، ومنع وقوع المزيد من الجرائم التي يصل بعضها إلى مكانة جرائم حرب، خصوصاً في ظل التصعيد غير المسبوق في أعمال القتل والتدمير التي يقترفها جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة في أواخر سبتمبر 2000.
      • 5. يؤكد المركز على أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني الدولي، بما فيه من منظمات حقوق الإنسان، نقابات محامين، اتحادات، لجان تضامن وغيرها، في الضغط على حكومات الدول المختلفة من اجل العمل على إجبار إسرائيل وضمان احترامها لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
      • 6. يدعو المركز المجتمع الدولي، بما في ذلك الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين قضائياً في بلدانهم.
      7. الدعوة لفرض عزلة دولية على إسرائيل من اجل إجبارها على الانصياع للقرارات الدولية وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
    انتهى