تحية واحتراما وبعد،
تعتزم وزارة الداخلية إنتاج بطاقة تعريف وطنية إلكترونية مجهزة برقاقة ” puce” تحمل عناصر بيوميترية. وقد بدأت في تنفيذ هذا المشروع عن طريق تفويت صفقة مباشرة من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني إلى شركة “طاليس” الفرنسية المعروفة بعمولاتها غير القانونية، دون احترام للمساطر المعمول بها في تمرير الصفقات العمومية، خصوصا فيما يتعلق بمشروع من هذا الحجم والمرتبط بأمن وحياة المواطنات والمواطنين في الوقت الذي ينتظر من المغرب المصادقة على الاتفاقية الدولية لمحاربة الرشوة. ومن جهة أخرى فإن هذه العملية تثير الملاحظات التالية:
1- إن إصدار بطاقة من هذا النوع سيؤدي إلى خرق حق الأفراد في عدم التدخل في حياتهم الخاصة، وهذا المجال يدخل ضمن الاختصاصات المخولة للبرلمان وفقا للفصل السادس والأربعين من الدستور،
2- إن الدولة المغربية صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16-12-66 والذي ينص في مادته 17 على “عدم جواز التدخل بشكل تعسفي أو غير قانوني في خصوصيات أحد أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته ولكل شخص الحق في حماية القانون ضد مثل هذا التدخل أو التعرض، من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس”.
3- إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في مادته 12 على أنه “لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، و لا لحملات تمس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات”.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان،
إذ تذكر بضرورة مراعاة مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا في صياغة وتنفيذ أي مشروع، وإذ تستحضر ايجابيات ومخاطر استعمال تكنولوجيا الإعلام والتواصل في غياب ضمانات لحماية البيانات الشخصية، وإيمانا بأن الحق في حماية الحريات والحياة الخاصة حق أساسي لكل الأشخاص، وإذ تذكر بالمبادئ التوجيهية العشر لتنظيم ملفات البيانات الشخصية المعدة بالحاسبة الإلكترونية التي اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 95/45 المؤرخ في 14 دجنبر 1990، والمتمثلة في مبدأ المشروعية والنزاهة، مبدأ الصحة، مبدأ تحديد الغاية، مبدأ وصول الأشخاص المعنيين إلي الملفات، مبدأ عدم التمييز، سلطة الاستثناء، مبدأ الأمن، الرقابة والعقوبات، تدفق البيانات عبر الحدود، نطاق التطبيق.
تسجل ما يلي:
1. إن هذا المشروع يفتقد إلى المشروعية وصيغ بطريقة غير ديموقراطية، دون استشارة الرأي العام الوطني وذوي الكفاءات في هذا المجال.
2. إن الغاية الحقيقية من وراء الدخول في هذا المشروع غير واضحة وتتساءل الجمعية حول ما إذا كانت الدولة محتاجة إلى الدخول في هذا النوع من المشاريع المكلف ماليا.
3. إن بطاقة التعريف الوطنية تصلح للتحقق من هوية الشخص حاملها ولا تتجاوز البيانات المتعلقة بالحالة المدنية والمهنة والعنوان الشخصي وتاريخ الإصدار، إلا أن المشروع الحالي يهدف إلى خلق قاعدة بيانات مركزية عبر قراءة البطاقة عن بعد دون علم حامليها وهو ما يشكل مساسا بحريات الأفراد وحياتهم الخاصة. كما أن هذا المشروع وفي غياب قوانين تؤطر اللجوء إلى هذا النوع من التكنولوجيا وتحمي الحياة الخاصة للأفراد وحياتهم يفتح المجال أمام انزلاقات خطيرة، حيث أن خلق قاعدة بيانات مركزية تحتوي على البيانات البيوميترية يسهل إمكانية الحراسة الشاملة للسكان أفرادا وجماعات وتتبع خطواتهم، خصوصا إذا ما وضع في أيدي غير نظيفة. ولنا في تاريخ المغرب أمثلة كثيرة على ذلك خصوصا في تعامل الأجهزة الأمنية.
4. تعبر الجمعية عن استغرابها من إدراج مشروع البطاقة الوطنية الإلكترونية الحديث العهد مع مشروع تبسيط المساطر الإدارية والحكومة الإلكترونية الذي انطلق منذ عدة سنوات، وفي هذا السياق فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعبر عن رفضها للربط بين ملفات البيانات الشخصية الموزعة بين مختلف الأجهزة الإدارية الحكومية أو غير حكومية، لأن من شأن هذا الإجراء أن يمركز المعطيات بأيدي الجهاز الأمني وبالتالي سيطرته على جهاز الدولة والمجتمع مما يضيق على الحرية الفردية ويمس بحق الأشخاص في صون خصوصيات حياتهم الفردية.
وبناء على كل ما سبق فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطلب منكم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل:
-
- 1. وقف المشروع الحالي، واستدراك التأخر في مجال صياغة الآليات القانونية لحماية البيانات والحياة الخاصة،
-
- 2. فتح تحقيق نزيه حول هذه الصفقة وترتيب ما يجب من نتائج،
- 3. التصديق الفوري للحكومة على الاتفاقية الدولية حول محاربة الرشوة،
وفي الأخير تقبلوا السيد الوزير عبارات مشاعرنا الصادقة عن المكتب المركزي الرئيس عبد الحميد أمين