12/4/2007

روى الاسير المقدسي علاء الدين احمد رضا البازيان ابن حارة السعدية في القدس العتيقة وأحد اقدم اسرى محافظة القدس والمعتقل منذ تاريخ 20/4/1986، روى تفاصيل عملية اعتقاله على يد الاحتلال الاسرائيلي وانضمامه للمقاومة الفلسطينية والمعارك النضالية التي خاضها ضد الاحتلال الاسرائيلي في تلك الايام والسبب الذي فقد على اثره البصر قبل الاعتقال وتنقلاته بين السجون والمعاناة الطويلة التي يعيشها خلف قضبان الاسر. جاء ذلك خلال لقاء محامي نادي الاسير الفلسطيني رائد محاميد للاسير علاء في سجن جلبوع بتاريخ 11/4/2007.

وقال الاسير في روايته انه ولد عام 1958 في حارة السعدية، وترعرع في اسرة ميسورة الحال اهتمت بتربيته مع اشقائه وفقاً للقيم الاخلاقية والوطنية واحترام الانسان. وقال كنت منذ طفولتي مجتهداً في دراستي والتحقت بالمدرسة البكرية حتى الصف السادس الابتدائي ومن ثم الى دار الايتام الاسلامية حيث قضيت فيها سنة واحدة، وبعد ذلك الى الكلية الابراهيمية في شارع صلاح الدين حتى الصف الثالث الاعدادي، وبعدها تركت الدراسة وعملت ميكانيكياً مدة 6 اشهر ولاحقاً عملت مع والدي الذي كان متعهد دهان (طراشة).

يقول علاء في روايته: في العام 1975 بدأت تتكون لديّ مفاهيم جديدة وتتبلور عندي رؤية جديدة عن الفكر الوطني الثوري، ولهذا السبب انضممت في العام 1977 الى صفوف حركة فتح. وفي العام 1979 تحسن وضعي المادي واصبح جيد جداً نتيجة لاستلامي عمل لحسابي الخاص ولكن الظروف التي عانى منها شعبنا من اضطهاد وقمع بربري على يد الاحتلال جعلتني في العام 1979 اقوم مع زميلي كمال النابلسي بمحاولة تصفية لاحد العملاء في القدس، لكن خلل في العبوة ادى الى انفجارها فاستشهد زميلي كمال واصبت انا في العينين والبطن والرأس والقدم اليمنى، وهكذا فقدت بصري في العام 1979.

يضيف علاء في روايته: بعد حادثة الانفجار تم اعتقالي من مكان الحدث في جبل المكبر حيث كنت فاقداً للوعي ونقلت الى مستشفى هداسا عين كارم حيث تعرضت لمضايقات شديدة من قبل المخابرات الاسرائيلية، اذ عندما استعدت الوعي اخبرتهم انني لا اقوى على الحديث وانني قد استعيد قدرتي في اليوم التالي واخبرتهم انني كنت عابر سبيل اثناء انفجار القنبلة وان سرقة السيارة تمت بسبب حاجتنا لسيارة وعندها انفجرت السيارة. وقال، بدأ رجال المخابرات بتعذيبي وسكب الماء البارد على صدري والبصق على وجهي اضافة الى بعض اللكمات الخفيفة على جسدي، وهذا كله حصل اثناء مكوثي في المستشفى وعندما اشتكيتهم الى الطبيب منعهم من تعذيبي فما كان منهم بعدها بيوم واحد الا ان اقتادوني على عربة بملابس المستشفى الى زنزانة في المسكوبية وكان الدم يغطي جسمي، ومنذ لحظة وصولي الى المسكوبية بدأوا يحققون معي مستخدمين الضرب الشديد على الجرح في قدمي وقام محقق بضربي على الرقبة من الخلف، اضافة الى ذلك ارهاقي عن طريق حرماني من النوم، وكل ذلك لم يجدي نفعاً واصريت على اقوالي ومكثت في الزنزانة مدة 18 يوماً.

بعد خروجي من الزنزانة نقلت الى الغرفة العامة في المسكوبية مدة اسبوع مع الشباب وبعدها نقلت الى سجن الرملة، وبعد 6 شهور من مكوثي في الرملة تمت محاكمتي في محكمة اللد العسكرية وحكمت مدة 5 سنوات وتقدمت المحامية “فينيتسيا لانغر” باستئناف للبراءة وخفض الحكم سنتين، ولكنهم اصروا على ادانتي وفقاً لمعطيات وقناعات دون وجود ادلة مادية وملموسة. نقلت بعد ذلك الى سجن بئر السبع حيث امضيت سنتين ومن ثم اطلق سراحي، وحصلت على قرار من المحكمة العليا من اجل السماح بسفري الى الاردن لتلقي العلاج. ومن الاردن ذهبت الى لبنان وتمت معاينتي من قبل بروفسور هناك والذي اعطاني دواءاً من اجل استخدامه 6 اشهر لازالة اثار المتفجرات من العين اليسرى فقط ذلك لان عيني اليمنى كانت قد خرجت من مكانها.

في ذلك الحين كنت باتصال مع م.ت.ف وطلب مني ابو جهاد المكوث في لبنان الى حين اجراء العملية الجراحية وبعدها السفر الى المانيا، فقلت له انني سأعود الى فلسطين من اجل ترتيب الوضع مع الخلايا المناضلة، وفي القدس تابعت عملي الوطني والمهام الموكلة اليّ وبعد 6 اشهر حاولت الذهاب الى الاردن فتمت اعادتي عن الجسر بادعاء انهم سمحوا لي بالسفر مرة واحدة لتلقي العلاج.

بقيت في فلسطين ومنعت من اجراء العملية، وبتاريخ 4/12/1981 اعتقلت للمرة الثانية على اثر اكتشاف الخلية التي كنت على علاقة معها وتم الاعتراف على بعض الامور العسكرية وكشفت القصة الاولى وهكذا حكمت مدة 20 عاماً، واثناء التحقيق معي استشهد اسير يدعى خليل صندوقة حيث ادعت سلطات الاحتلال انه كان هارباً ولقي حتفه قرب البحر الميت وانكروا اعتقاله، ولكن من المؤكد انه كان معتقلاً.

ويضيف علاء في روايته: مكثت في السجن حتى تاريخ 20/5/1985 حيث اطلق سراحي في عملية تبادل الاسرى (احمد جبريل) وبتاريخ 40/4/1986 اعتقلت الاعتقال الحالي بتهمة ادارة خلايا مسلحة قامت ببعض العمليات الوطنية ضد الاحتلال وحكمت مؤبد.

وعن تنقلاته في السجون الاسرائيلي قال علاء تنقلت في العديد من السجون خلال 20 عاماً، حيث كنت سجين المحبسين، مقيد الحركة في سجني ومقيد الحركة في فقداني البصر، لا اتمتع بالفورة ولا ارى حتى السجانين او القضبان، احتاج الى اسير اخر لاتمكن من الحركة ومن اجل الذهاب الى المرحاض ومن اجل تناول الطعام وحتى الكتب يقرأها الاسرى لاجلي…ان شؤون حياتي جلها تعتمد على الاسرى الاخرين مما يبقي الجرح عميق في داخلي…لقد عانيت في الاسر كثيراً وتعجز الكلمات عن سرد المعاناة التي عشتها خلف القضبان وفي تلك الزنزانة المظلمة ليلاً نهاراً…انني اتطلع الى الحرية واستعادة بصري والتي تعني بالنسبة لي تحرير لكل الشعب ونيل الكرامة والعيش بسلام… وفي ختام روايته قال علاء….نتطلع الى فك اسر جميع اسرى الحرية والى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف…نتطلع الى العيش بكرامة مع اهلنا…اطالب السلطة الفلسطينية بالتمسك بالوحدة الوطنية التي هي السبيل الوحيد لنصرة شعبنا وفرض النظام والقانون والحفاظ على كرامة الانسان وحقوقه.

وقال: اطالب السلطة بالاهتمام بقضايا الاسرى دون تمييز والاهتمام بقضية الحالات الخاصة واثارتها في المحافل الدولية…كما اطالب الاهتمام بأسرى القدس واسرى فلسطينيي عام 1948 وضرورة شملهم في أي عملية تبادل وفقاً للاولويات وليس وفقاً للانتماء التنظيمي.
وختم علاء سرده لقصته بعبارة “لا بد لليل ان ينجلي…ولا بد للقيد ان ينكسر”.

من جهته طالب رئيس نادي الاسير الفلسطيني قدورة فارس اسرائيل باطلاق سراح الاسير علاء وجميع الاسرى المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة دون قيد او شرط والذين يبلغ عددهم اكثر من 1000 حالة يقبعون في السجون في ظل عدم توفر رعاية صحية وتفتقر سجونهم للحد الادنى من المقومات الانسانية. وقال فارس ان احتجاز اسرائيل للاسير علاء البازيان لاكثر من 28 عاماً يبين مدى الحقد والعنصرية والاستهتار بالكرامة الانسانية وخصوصاً ان علاء فاقد للبصر ولا يوجد تفسير لاحتجازه في السجن هذه الفترة الطويلة الا كون دولة الاحتلال مفلسة سياسياً واخلاقياً.

نادي الاسير الفلسطيني
الوحدة الاعلامية
الضفة الغربية