27/1/2010

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريراً بعنوان “نجع حمادي: شهود على الفتنة”، يتضمن نتائج التحقيق الميداني في حادث إطلاق النار على تجمعات الأقباط في مدينة نجع حمادي في مساء يوم 6 يناير الجاري، والذي أسفر عن مقتل سبعة أشخاص من بينهم مسلم واحد وإصابة تسعة أقباط آخرين. كما يتناول التقرير الاعتداءات الطائفية الجماعية التي طالت منازل وممتلكات الأقباط على مدى الأيام الثلاثة التالية في كل من نجع حمادي وقرية بهجورة وعزبة تركس.

ويقدم التقرير حصيلة التحقيقات الميدانية التي أجراها باحثو المبادرة المصرية في مدينة نجع حمادي والقرى المجاورة لها بعد بضعة أيام من وقوع الاعتداءات، وذلك بهدف تسليط الضوء على أداء أجهزة الدولة قبل وبعد وقوع تلك الاعتداءات.

ويسعى التقرير إلى الاشتباك مع عدد من الأسئلة الضرورية لتقييم موقف الدولة من أحداث نجع حمادي. وأول هذه الأسئلة، هو عما إذا كان يمكن لأجهزة الدولة توقع اعتداءات نجع حمادي، حيث يعرض التقرير عدداً من المعلومات والشهادات والقرائن التي تشير إلى أن أجهزة الأمن كانت أمامها دلائل متواترة ومتطابقة تشير إلى أن المنطقة تغلي على نيران من التوتر الطائفي، بل وتلقى أسقف المنطقة وأقباطها ـ وفقاً لتقارير إعلامية منشورة قبل اعتداءات 6 يناير ـ رسائل تهديد ومؤشرات بأن المنطقة قد تشهد أحداث عنف في ليلة عيد الميلاد. وبالتالي فإن التقرير يطرح تساؤلات جادة حول سبب إخفاق أجهزة الأمن في التنبؤ بوقوع جرائم كان ينبغي أن تعلم بأن وقوعها مرجح في ذات الوقت والمكان اللذين وقعت فيهما تلك الجرائم.

كما يلفت التقرير إلى أن جميع إفادات شهود العيان الذين تواجدوا في مناطق إطلاق النار ليلة عيد الميلاد أشاروا إلى الوجود الأمني الهزيل أمام الكنائس في ليلة العيد، في منطقة كانت قد شهدت اعتداءات طائفية جماعية استهدفت الأقباط في نوفمبر 2009، وتتواتر فيها التهديدات باعتداءات جديدة عليهم.

وينتقل التقرير بعد ذلك إلى معالجة إخفاق أجهزة الدولة في حماية منازل وممتلكات الأقباط التي تعرضت للاعتداءات الجماعية والنهب والحق من قبل جماعات من المسلمين على مدى الأيام الثالثة التالية لحادث إطلاق النار، حيث غاب التواجد الأمني عن الشوارع والمناطق الملتهبة، والتي كانت مرشحة للانفجار في أي وقت. غير أن التقرير لا يفوته أن يتوقف عند عدد من النمائج المضئة التي حاول فيها رجال ونساء من المسلمين الدفاع ببسالة عن جيرانهم الأقباط في وجه المعتدين.

ويتعرض الفصل الأخير من التقرير للانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية في الأيام التالية لحادث إطلاق النار. ففي الوقت الذي فشلت فيه أجهزة الأمن في التنبؤ باعتداءات نجع حمادي، وفي التصدي للمهاجمين أثناء تنفيذها، وفي حماية منازل وممتلكات الأقباط من النهب والإحراق والتدمير، فإنها عوضت هذا الفشل بانتهاج النمط المعهود من الانتهاكات التي دأبت على ارتكابها في أعقاب أحداث العنف الطائفي: الاعتقالات العشوائية الفردية والجماعية من الطرفين، واستعمال قانون الطوارئ، وتعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم، وتقييد حرية ممثلي الإعلام ونشطاء المجتمع المدني.

وينتهي التقرير بعدد من التوصيات للقيادات التنفيذية والقضائية والتشريعية، على رأسها ضرورة فتح تحقيق رسمي وشامل ومستقل، سواء من خلال مكتب النائب العام أو عبر تشكيل لجنة مستقلة خاصة وذات صلاحيات قانونية أو كليهما، من أجل إجلاء حقيقة المسئولية الفعلية أو التقصيرية عن وقوع اعتداءات يناير 2010، على أن يشمل التحقيق جميع الظروف المحيطة بهذه الاعتداءات، على الأقل منذ أحداث فرشوط في نوفمبر 2009 وحتى 10 يناير 2010. كما يوصي التقرير بمحاسبة المسئولين عن الاعتداءات الطائفية في الفترة من 6 إلى 9 يناير 2010، وكذلك المسئولين عن الاعتقالات العشوائية وحالات الاحتجاز غير القانونية، والتحقيق في التقارير التي تشير إلى تعرض محتجزين للتعذيب واستعمال القسوة داخل مقر مباحث أمن الدولة بنجع حمادي، وإحالة المسئولين من الضباط ومساعديهم إلى المحاكمة الجنائية بتهمة التعذيب.

ويمكن الاطلاع على التقرير على موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالضغط هنا