28/10/2007

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تحذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار الحصار والإغلاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة ، والتي تزيد من معاناة أكثر من مليون ونصف نسمة ، وتجعلنا في حالة انتظار ليست ببعيدة عن وقوع كارثة إنسانية سيدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ في القطاع.

وحسب متابعة الضمير فان الوضع في قطاع غزة و فمنذ 14/حزيران وصل إلى مستوى متدهور جدا على كافة الصعد الاقتصادية والصحية والإنسانية، في ظل حالة الصمت الدولية تجاه الممارسات الإسرائيلية التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حيث أن:

  • على المستوى الاقتصادي فقد بلغت نسبة البطالة أكثر من 80% وازدادت نسبة الفقر بين السكان ، بعد أن اضطر أصحاب آلاف المصانع والمنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة من الإغلاق والتوقف عن العمل نتيجة لعدم توفر المواد الخام ، وبذلك فقد عشرات الآلاف من العمال مصادر رزقهم وأصبحوا يعتمدون على مساعدات إنسانية بسيطة لا تكفي لأكثر من يومين .
  • أن هناك مئات المرضى الذين يعانون أمراضا خطيرة مثل السرطانات وأمراض القلب هم بحاجة الى إجراء عمليات جراحية أو مراجعة المستشفيات خارج القطاع وغير قادرين على المغادرة نتيجة لمنع قوات الاحتلال لهم ، في نفس الوقت فان المستشفيات في القطاع لا تستطيع التعامل مع مثل هذه الحالات بسبب نقص الإمكانات البشرية واللوجستية ،وحسب معلومات وزارة الصحة فان هناك مئات الأصناف من الأدوية غير متوفرة وبخاصة تلك التي يتعاطاها أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة مما يهدد حياتهم بشكل كبير ويجعلهم كمن ينتظرون الموت في كل لحظة.
  • لا يستطيع أكثر من 7000 مواطن فلسطيني من العودة إلى أماكن إقاماتهم سواء في دول الخليج أو بلدان أخرى بسبب إغلاق معبر رفح الحدودي ، منهم من فقد فرصة عمله وانضم إلى جيش العاطلين عن العمل، ومن بين هؤلاء حوالي 800 طالب مهددون بفقدان فرصة إكمال دراستهم وبعضهم فقدها بالفعل.

و عليه يتضح إن ممارسة دولة الاحتلال لنهج وسياسة إغلاق المعابر أمام المواطنين أدي إلى تفاقم الوضع الإنساني لدى مواطني قطاع غزة على النحو سالف الذكر يعتبر في التحليل النهائي عقوبات جماعية ،تتنافى وقواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وقواعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تقضي بما يلي:

1. أن المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على “تحظر على قوات الاحتلال الحربي القيام بمعاقبة الأشخاص المحميين على جرائم لم يرتكبونها، كما تحظر على تلك القوات اتخاذ تدابير اقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم”، مما يجعنا أن نصف ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي هو عقاب جماعي، وكما أن العقوبات الجماعية محظورة بموجب المادة(75) من البرتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
2. كذلك فأن المادة (49) البند1- قد حظرت على دولة الاحتلال ممارسة عمليات النقل الإجباري الفردي أو الجماعي بصفة مطلقة إلى دولة الاحتلال أو أراضي أي دولة أخرى. هذه الصيغة المطلقة لا تسمح بأي استثناء رغم القيود الواردة في الفقرة الثانية من هذه المادة التي جاءت لتحقيق مصلحة السكان المدنيين ليس غير.
03 وفقد انتهك الاحتلال الحربي الإسرائيلي على أيضا نص المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تقضي بأنة ” لكل فرد حق في حرية التنقل ، ويحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه .

وعلية فقد شكلت سياسية دولة الاحتلال بفرض إغلاق المعابر الحدودية الدولية لأراضى السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى الاخص قطاع غزة الأشد الإجراءات والأطول من نوعها منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967، كانت لها آثارها إنسانية واقتصادية واجتماعية وثقافية عالية الخطورة، والتي وتمثلت فيما يلي:
1- تأثر كافة الأنشطة الاقتصادية سلباً جراء الأزمة والقيود المفروضة على حرية الحركة، وكانت الخسائر الكبيرة نسبياً في قطاع العمالة وأنشطة الفنادق والمطاعم والإنشاءات والصناعة والزراعة والمواصلات وأنشطة الخدمات الاجتماعية والشخصية.

2- تشير المعطيات أيضا إلى انخفاض الإنتاجية في كافة القطاعات، إذ قامت دولة الاحتلال إسرائيل بمنع استيراد المواد الخام اللازمة للصناعة أو البناء، مما أدي لتوقف مشاريع البناء والتطوير التي تنفذها الاونروا والتي تشكل مصدر دخل لما يزيد عن121 ألف شخص وتعتبر مصدرا حيويا للوظائف في سوق غزة, وتقدر تكلفة المشاريع التي تم إيقافها بسبب نقص المواد الخام ولوازم البناء ب93 مليون دولار.

3- وفى ذات السياق أدت سياسية الإغلاق إلى ارتفاع نسبة الفقر لتصل في قطاع غزة 80% من نسبة السكان يعيشون تحت خط الفقر، وهذا راجع إلى فقد عشرات الآلاف لدخلهم المحلي بسبب سياسية الإغلاق الإسرائيلية على قطاع غزة والتي تسببت بإغلاق أكثر من3500 مؤسسة صناعية وتجاريه وحرفيه مما أدى إلي فقدان فلسطينيين لعملهم.

4- حالت سياسية الإغلاق دون دخول وخروج البضائع والأشخاص من وإلى قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض في الإنتاجية، وادي إلى حدوث أزمات إنسانية لدى العالقين على المعابر حيث تشير الدلائل إلى وجود حوالي 7000 مواطن من حملة الاقامات في الدول العربية أو الأوروبية لا يستطيعوا العودة إلى محل سكنهم وأعمالهم مما يشكل تهديد حقيقي لمستقبلهم، حيث أن اغلبهم قد أشرفت مدة إقاماتهم على الانتهاء أو انتهت فعلا.

5- وقد تسببت سياسية الاحتلال بإغلاق المعابر بتدهور كبير في قطاع الصحة حيث هناك نقص كبير في السلة الدوائية اللازمة لأصحاب الإمراض المزمنة، وذلك في ظل رفض سفر هؤلاء لتقلى العلاج في الخارج.

6- وأيضا تهدد سياسية دولة الاحتلال بإغلاق المعابر المستقبل التعليمي ل800 طالب فلسطيني يدرسون في جامعات خارجية وتمنعهم حقهم في التعليم المكفول قانونا.

7- أثرت أيضا سياسية إغلاق المعابر على فرص النمو الاقتصادي وتطور القطاع الخاص، خاصة أن عدم الاستقرار يشكل العقبة الرئيسية أمام الاستثمار، فالاستثمار الخاص في حالة ركود بسبب معاناة المستثمرين من الإغلاقات ونفقات التمويل الباهظة، وما زاد الطين بله القرار الإسرائيلي بإلغاء الكود الجمركي لقطاع غزة بتاريخ 21/6/2007 الذي يعني إنهاء الاستيراد المباشر لمستوردين قطاع غزة والعودة للمستورد الإسرائيلي مما يتسبب في ضياع إيرادات السلطة من الجمارك المحصلة من الاستيراد المباشر.

8- وقد أعاقت سياسية دولة الاحتلال بإغلاق المعابر وصول احتياجات قطاع غزة اليومية والتي تشمل المواد الأساسية الغذائية ومواد البناء والمحروقات والطاقة، وقد قدرت الأمم المتحدة احتياجات قطاع غزة إلى ضرورة دخول 900 شاحنة أسبوعيا أي بحد أدنى 150 شاحنة يوميا لتلبيّة الاحتياجات الدنيا الأساسيّة والضرورية فقط لمواطني القطاع .

9- واستمرار إغلاق المعابر أيضا يهدد مواسم الزراعات التصديرية وقد تسبب في خسائر فادحة للمزارعين في حال عدم التمكن من تصدير منتجاتهم في مواسم التصدير، فمن المتوقع بأن تكون خسائر مزارعي مثلا التوت الأرضي حوالي 10 مليون دولار .

وبناء على هذه التداعيات فان مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان :

أولا : نناشد سيادة الرئيس المصري محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة بالتدخل لدى الأطراف كافة بهدف رفع القيود المفروضة على كامل حرية الحركة والتنقل لما يزيد عن مليون ونصف مواطن من الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة ولمدة تجاوزت أكثر من أربع شهور خلافا لمبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويأتي طلب الضمير لسيادة الرئيس المصري مبارك إدراكا منها بالدور القيادي لشخصه وللمكانة التي تتمتع بها جمهورية مصر العربية من ثقل سياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي .

ثانيا: تأتي مناشدة الضمير لسيادة الرئيس مبارك إدراكا منها بأن الشعب الفلسطيني يجب أن لا يتعرض لعقوبات جماعية يرفضه القانون نتيجة صراعات داخلية لقوى سياسية في الساحة الفلسطينية .

ثالثا: نذكر بالمسؤوليات القانونية والإنسانية المترتبة تجاه دول الاتحاد الأوروبي كونها كانت أحد الأطراف الموقعة على اتفاقيات دولية تتعلق ببعض معابر قطاع غزة ، وأيضا مسؤولية المجتمع الدولي تجاه حماية حقوق المدنيين في قطاع غزة .

انتهي
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان