18/6/2008
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تتابع تداعيات الحصار الإسرائيلي و أزمة الوقود الطاحنة التي تعصف بجميع مناحي الحياة في قطاع غزة ، و تحذر من كارثة بيئية وصحية جديدة في جراء ارتفاع معدل التلوث في مياه البحر و شاطئه في قطاع غزة ، وذلك نتيجة لمواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض الحصار الخانق واستمرارها منع إدخال كميات الوقود و المحروقات اللازمة لتشغيل عمل المرافق و القطاعات الحيوية و على رأسها قطاعي المياه و الصرف الصحي ، إضافة لتذبذب التيار الكهربائي وعدم توفره بشكل متواصل ، حيث أن عمل محطات معالجة و ضح المياه العادمة في قطاع غزة أصبح ذو كفاءة متدنية جداً ، ما اضطر جهات الاختصاص مواصلة ضخ المياه العادمة في مياه البحر مباشرة دون معالجة أو معالجتها بشكل ضعيف جداً ، الأمر الذي يشكل خطراً بيئياً ومكرهة صحية تهدد صحة المواطنين و مكونات البيئة الأساسية.
و حسب توثيق الضمير يبلغ عدد محطات معالجة الصرف الصحي ثلاث محطات في كل من مدينة غزة و مدينة رفح و منطقة الشمال، وتبلغ عدد مضخات الصرف الصحي في القطاع 37 محطة، و أن جميع تلك المرافق تعاني من تدهور خطير في الكفاءة التشغيلية وعمليات ضخ و معالجة المياه العادمة، بفعل عدم سماح سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال الأدوات و المستلزمات الفنية اللازمة لصيانتها و إعادة تأهيلها عبر معابر و حدود القطاع، حيث أن عدم إدخال مضخات الصرف الصحي وقطع الصيانة الكهروميكانيكية أدى إلى التسبب بطفح المجاري في الشوارع و الطرقات العامة (محطة 7 B في منطقة الزيتون خلال شهري كانون ثاني ونيسان) و يزيد من إمكانية انتشار الأوبئة والأمراض الناجمة عن التلوث بمياه الصرف الصحي ، إضافة للاستمرار في ضخ المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة جزئياً مباشرة للبحر (محطة2، 3 ) ،وتفاقم أزمة شمال القطاع في المناطق التي توجد فيها أحواض الصرف الصحي بالقرب من القرية البدوية بسبب التوقف الفجائي لنظام الضخ في أحواض بيت لاهيا بسبب انقطاع التيار الكهربائي و نفاذ الوقود ،الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع منسوب البركة العشوائية خلال شهر كانون ثاني الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية و صحية في الشمال على غرار ما حدث في قرية أم النصر.
ووفقاً لإفادة مسؤول إدارة الصحة والبيئة في بلدية غزة للضمير فإن الكميات الإجمالية من مياه الصرف الصحي التي يتم ضخها مباشرة لمياه البحر تصل إلى 60- 70 ألف متر مكعب يومياً،و هي عبارة عن مياه شبه معالجة أو غير معالجة نهائياً،حيث يتم ضخ مياه شبه معالجة من محطة غزة ( BOD حوالي 70) بمعدل يصل إلى 40 ألف متر مكعب، فضلا عن ضخ 20 ألف متر مكعب مياه غير معالجة نهائياً من محطات ضخ الساحل (محطة رقم 2 و 3) على شاطئ بحر غزة،إضافة لضخ ما يقدر ب 12000 متر مكعب مياه غير معالجة نهائياً من المنطقة الوسطى لواد غزة و من ثم إلى البحر.
كما أفاد مسؤول في مصلحة مياه بلديات الساحل للضمير فإن كميات المياه العادمة التي يتم ضخها في مياه البحر بشكل يومي كان من الممكن إعادة حقنها في الخزان الجوفي،منعاً لتداخل نفس الكمية من مياه البحر مع مياه الخزان الجوفي، و منعاً لزيادة نسبة الملوحة في مياه قطاع غزة حيث أن 90% من المياه المنتجة في القطاع تعاني من نسبة عالية من الملوحة، ما يعني زيادة التكاليف المادية المترتبة على تحلية مياه الخزان الجوفي الملوثة التي تكلف حوالي مليون دولار يومياً .
فضلاً على أنه وحسب آراء المختصين فإن التلويث ممكن أن يطال الأسماك المصطادة في مناطق التصريف ما يشكل خطراً على صحة المصطافين وعلى صحة من يأكلون الأسماك الملوثة، بسبب تركز المواد و المذيبات العضوية والمخلفات البشرية والمواد الكيماوية والميكروبات والفيروسات والكائنات الممرضة الأخرى في مياه الصرف الصحي ، و بوصول تلك المواد لمياه البحر يتم حدوث خلل في مكونات مياه البحر مثل استنزاف نسبة الأكسجين وزيادة ثاني أكسيد الكربون،ما يؤدي إلى موت وهجرة الأسماك و الكائنات البحرية الأمر الذي يترتب عليه أثر اقتصادي سلبي في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعاني منها القطاع ، و يجعل البيئة البحرية غير صالحة للحياة وقد تحول البحر المتوسط إلى بحر ميت خالٍ من الأحياء البحرية والتكوين البيولوجي لهذه المنطقة، إضافة لتغيير النظام البيئي نتيجة خلل في منظومة السلسلة الغذائية في هذه المنطقة، و انقراض بعض أنواع الكائنات البحرية وهجرة البعض الآخر بعيدا عن سواحل المنطقة الملوثة،و زيادة أعداد ما يعرف بقنديل البحر نتيجة موت السلاحف البحرية التي تتغذى عليه.
كما يذكر أن السموم المتراكمة في البحر تؤثر على الأسماك عند تناولها لها و تخزن تلك السموم في أجسامها،وقد يؤثر بعد ذلك على صحة الإنسان بعد تناوله إياها و بالتالي إصابته بالعديد من الأمراض، لأن أثر التلوث سيظهر على بعض أنواع الأسماك حسب قدرتها على تحمل العيش في وسط ملوث من عدمه، وتكمن الخطورة في أنواع الأسماك التي تمتاز لأن قشورها بالنوع التراكمي مثل الجمبري حيث تحمل كميات كبيرة من السموم تؤدي إلى إصابة الإنسان بالتسمم أو أعراضه عند تناولها، إضافة إلى أن السباحة في المناطق الملوثة يؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض مثل الأمراض الجلدية و أمراض العيون و أمراض الجهاز التنفسي خاصة عند الأطفال ، توخي الحذر عند تناول بعض أنواع الأسماك.
تحذر الضمير من أن تلويث مناطق الشاطئ التي هي المتنفس الوحيد لسكان القطاع يؤدي لاختفاء المظاهر الجمالية للشاطئ بسبب تشكل تجمعات سائدة من الطحالب البحرية في مناطق تصريف المياه العادمة التي تتسبب في جعله غير مناسب للاصطياف ، و تحول لون مياه البحر في تلك المناطق من اللون الأزرق الزاهي إلى الأسود الداكن، إلى جانب تصاعد روائح كريهة ما يؤدي إلى ارتفاع نسب تلوث الهواء.
إن مؤسسة الضمير إذ تحذر من أن معظم الآثار التي يمكن أن تترتب على هذا التلوث قد لا تظهر فورا و تعطي أرقاما محددة في الوقت الحالي, إلا أنها تؤكد أن آثار التلوث الناتجة عن ضخ المياه غير المعالجة للبحر و تلويث مياه الخزان الجوفي و تلويث الهواء سيتضح مداه في المستقبل القريب، و سيكون له عواقب صحية و بيئية خطيرة في قطاع غزة
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إذ تستنكر استمرار الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها المواطنين المدنين في قطاع غزة والناتجة عن إغلاق ومحاصرة دولة الاحتلال للقطاع، الأمر الذي ينتهك حقوق الإنسان المعترف بها في مبادئ حقوق الإنسان دولياً،و المعاهدات والاتفاقيات الدولية، فإنها تعتبر ذلك استمراراً في انتهاج سياسة العقاب الجماعي مفروضا قانونا،كونه يشكل انتهاكاً واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعلى وجه التحديد انتهاكا للمادة (55) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 و انتهاكا للمادة (54 ) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 .
تدعو مؤسسة الضمير :
- المواطنين إلى ضرورة اتخاذ أقصى درجات الحذر و الارتقاء لتحمل المسؤولية الجدية و عدم الاقتراب من المناطق الملوثة على شاطئ البحر، و توعية الأطفال بعدم السباحة في تلك المناطق ، و ضرورة إتباع الإرشادات و الإشارات المثبتة على الشاطئ التي تسمح بالسباحة أو عدمها على طول الشط.
- المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل و الخروج عن صمته لمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في إجراءات العقاب الجماعي التي طالت الإنسان و البيئة في قطاع غزة ،و فتح المعابر و الحدود وإنهاء الحصار الخانق عن القطاع ،و إجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإدخال الوقود و المحروقات بشكل فوري اللازمة لجميع مناحي الحياة بشكل عام و لعمل المرافق و القطاعات الحيوية بشكل خاص و عدم الخلط بين الأمور الإنسانية للمواطنين المدنيين بالأوضاع السياسية، ووقف دولة الاحتلال الإسرائيلي لانتهاكاتها للبيئة التي تدمر مكوناتها الأساسية و تنتهك حق المواطن الفلسطيني في العيش في بيئة صحية و نظيفة.
- الحكومة في غزة إلى الوقوف أمام مسؤولياتها و التحرك العاجل لدعم البلديات و المرافق الحيوية في قطاع غزة ، و الأخذ بالاعتبار بسرعة التحرك خاصة مع استمرار التدهور الحاصل في الأوضاع المعيشية و البيئية في القطاع ، جراء الحصار و الإغلاق الإسرائيلي للقطاع و أزمة الوقود الطاحنة التي يعاني منها قطاع غزة .
- جهات الاختصاص إلى ضرورة تنفيذ حملات توعية بيئية للمواطنين ،و القيام بالأبحاث و الدراسات الضرورية لمنع الأذى البيئي و الصحي عن المواطنين و تحديد المناطق الملوثة من عدمها على طول الشط .
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان- غزة