26/6/2008

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تبرق بتحياتها للمعتقلين الفلسطينيين والعرب في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ” الذي يصادف السادس والعشرين من حزيران /يونيو”، حيث أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الثاني عشر من شهر ديسمبر من عام 1997م، يوم السادس والعشرين من شهر حزيران/ يونيو كيوم عالمي لمناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه وتأهيلهم ، لهذا يحيي المجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان في العالم، اليوم باعتباره يوماً لتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي دخلت حيز التنفيذ الفعلي بتاريخ 26 حزيران/ يونيو عام 1987م.

مؤسسة الضمير تذكر بأن الأسرة الدولية قد تمسكت برفض ومناهضة التعذيب والمعاملة السيئة، وذلك بعد أن تبنت المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 التي تنص ” لا يُعرَّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو المحطة بالكرامة”، مما يدلل على وجود إجماع دولي يضمن لكل شخص عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة، كما أن قواعد اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 قد اعتبرت جريمة التعذيب ضمن إطار الجرائم الدولية.

وقد تلي هذا النص تبنى المجتمع الدولي لمجموعة من الصكوك والاتفاقيات الدولية التي تمنع جريمة التعذيب، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في لعام1975م إعلان مناهضة التعذيب، الذي يحدد التدابير التفصيلية التي ينبغي على الحكومات اتخاذها لمنع وقوع التعذيب، وفي العام 1981 أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة الصندوق التطوعي للأمم المتحدة الخاص بضحايا التعذيب، وهو صندوق دولي لتقديم المساعدة الإنسانية إلى ضحايا التعذيب وعائلاتهم.

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 1984 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهي تلزم الدول الأطراف باتخاذ خطوات محددة لمنع التعذيب والتحقيق فيه ،و تنص الاتفاقية على إنشاء لجنة لمناهضة التعذيب للإشراف على تنفيذ أحكامها،وفي العام 1985 قررت الأمم المتحدة تعيين مقرر خاص معني بالتعذيب، يتضمن عمله إرسال مناشدات عاجلة إلى الحكومات في الدول التي يرد منها أخبار تشير إلى أن شخصاً يتعرض فيها لخطر التعذيب.

وفي العام 1993، اعتمد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقدته الأمم المتحدة إعلان وبرنامج عمل فيينا الذي ينص على أن “أحد الانتهاكات الأكثر وحشية لكرامة الإنسان هو ممارسة التعذيب، التي تؤدي إلى تحطيم كرامة الضحايا وتضعف قدرتهم على مواصلة حياتهم وأنشطتهم”. وحث المؤتمر “جميع الدول على وضع حد فوري لممارسة التعذيب واجتثاث هذا الشر إلى الأبد.” ومن بين التطورات المهمة الأخرى اعتماد قانون روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة في العام 1998 والذي ينص على إجراء محاكمات جنائية دولية للأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال تشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية بما فيها التعذيب.

وفقا لمعلومات مؤسسة الضمير فان التعذيب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بدأ مع بدايات الاحتلال الذي مارس التعذيب بأشكال عدة ، نفسية وجسدية ، وفي الغالب يتم المزج بينهما ، ووصلت إلى قرابة ثمانين شكلاً، التي أدت إلى استشهاد المئات من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ، سواء نتيجة للتعذيب المباشر في السجون أو بعد التحرر ،كما أدت بالتسبب بعاهات مستديمة وأمراض مزمنة لآلاف آخرين.

وتؤكد الإحصائيات بأن جميع من اعتقلوا تعرضوا للمعاملة المهينة السيئة واللإنسانية وإلى الشتائم وتكبيل الأيدي وعصب الأعين ، وأن 96 % ممن اعتقلوا تعرضوا للضرب، و94 % تعرضوا للحرمان من النوم ، و89 % تعرضوا للشبح والحرمان من النوم والطعام والشـراب، و70 % تعرضوا للبرودة أو الحرارة الشديدة ، و60 % تعرضوا للمكوث ساعات وأيام في ما تعرف بالثلاجة .

كما تؤكد الإحصائيات بأن هناك الآلاف من المعتقلين السابقين لا سيما الذين تعرضوا للتعذيب الشديد أو الذين أمضوا سنوات طويلة في الاعتقال، لا زالوا يعانون من أمراض مختلفة ومزمنة ورثوها عن سجون الاحتلال وما يجري بداخلها من تعذيب ، والمئات منهم استشهدوا جراء ذلك وبعد تحررهم بسنوات.

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إذ تستنكر أساليب التعذيب التي يتعرض لها المعتقلين المدنين، فإنها التعذيب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية انتهاك واضحاً لحقوق الإنسان ، و جرم فظيع وبشع يرتكب بحق الإنسانية ، وشّكل نهجاً أساسياً وثابتاً وممارسةً مؤسسيةً ، وجزءاً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين اليومية ، ويهدف إلى تدمير الإنسان جسدياً ومعنوياً.

وفي هذا اليوم فان الضمير تؤكد أنها وثقت عشرات الحالات التي تعرضت لتعذيب شديد في السجون الفلسطينية ومراكز التوقيف سواء تلك التي كانت تابعة لأجهزة الأمن الفلسطينية ما قبل أحداث 14 حزيران 2007 ،أو في السجون التابعة لحكومة غزة إضافة الى السجون في الضفة الغربية. كما وسجلت الضمير أساليب تعذيب مختلفة في تلك السجون ومعاملة حاطه بالكرامة الإنسانية .

أن الضمير وهي تسجل أن ممارسة التعذيب تشكل وصمة عار في جبين أي نظام أو حكومة تمارسه أجهزتها الأمنية فإنها تطالب بما يلي : –

  1. المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الأطراف السامية المتعاقدة علي اتفاقية جنيف الرابعة،و المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، بضرورة التدخل والضغط على دولة الاحتلال لوقف جريمة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطيني والعرب في سجون دولة الاحتلال.
  2. تطالب المجتمع الدولي بضرورة تشكيل لجان تحقيق من اجل الكشف عن أساليب التعذيب التي يتعرض لها المعتقلين، وحتى تكون هذه اللجان خطوة على طريق تقديم مرتكب جريمة التعذيب للعادلة الجنائية الدولية.
  3. تطالب السلطات الحاكمة في غزة والضفة الغربية بمنع ممارسة التعذيب وتحريمه ، ومحاسبة كل الذين مارسوه بحق معتقلين أو موقوفين من خلال تقديمهم للعدالة.

أخيرا فان الضمير تؤكد أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم ، وأنه سيأتي اليوم الذي تنتصر فيه العدالة لكل الذين تعرضوا للتعذيب انتصارا لقيمة الإنسان وكرامته.

انتهى،
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان- غزة