8/1/2008
غزة- 8-1-2008 – ينظر الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين ، عبد الناصر عوني فروانة ، اليوم ، بخطورة بالغة لجريمة مقتل الأسير الشاب فواز عوني فريحات مساء أمس الإثنين ، الموافق 7 يناير2007 ، جراء اطلاق النار علي من مسافة قريبة جداً ، من قبل الوحدات الإسرائيلية الخاصة ، بعد أن اصابته وكبلته ومن ثم قتلته بدم بارد ، وشدد فروانة على ضرورة أن يتدخل المجتمع الدولي و المنظمات و الهيئات الإنسانية الدولية ذات العلاقة، لوضع حد لهذه السياسة .
وأكد فروانة ان سياسة الإعدام والتصفية المباشرة للأسرى بعد الإعتقال قد تصاعدت بشكل مضطرد خلال انتفاضة الأقصى ، معتبراً أن اعدام المواطن فواز فريحات ، بعد اعتقاله وتكبيل يديه ومن ثم اطلاق النار عليه ، ما هو إلا جريمة جديدة ، تضاف لسلسلة الجرائم الإسرائيلية ، في اطار سياسة القتل العمد والتصفية الجسدية المباشرة للمعتقلين .
وأعلن فروانة أن باستشهاد فريحات ، ارتفع عدد من تم قتلهم وتصفيتهم من الأسرى بعد اعتقالهم منذ العام 67 لغاية اليوم ، الى ( 77 ) شهيداً ، من اجمالي عدد شهداء الحركة الأسيرة الذي وصل عددهم الى ( 194 ) شهيداً وفقاً لما هو موثق.
وأوضح الباحث فروانة أنه ووفقاً للمعلومات المتوفرة لديه ، فان الشهيد فواز عوني فريحات ( 19 عاماً ) ، هو من سكان بلدة اليامون قضاء جنين ، و يعتبر من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي ، وكانت قد اشتبكت مع قوات الإحتلال الخاصة ، وأصابت ومن ثم سيطرت عليه بشكل كامل ، واعتقلته ، وكبلت يديه ، ومن ثم أطلقت النار عليه مباشرة من مسافة الصفر ، وذلك في منطقة واد حسن الواقعة ما بين بلدتي برقين واليامون غرب مدينة جنين ، وقد وصل لمستشفى د.خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين، وهو مكبل اليدين من الامام بأقمشة عسكرية وعليه آثار إطلاق الرصاص في بطنه وقلبه وكتفه، وأنه أعدم بعد اصابته واعتقاله مباشرة ، وفق ما أكده الأطباء وشهود عيان ومصادر صحفية عديدة.
و كشف فروانة أن باستشهاد فرحات يرتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا جراء سياسة الإعدام والتصفية المباشرة بعد اعتقالهم ، خلال انتفاضة الأقصى فقط ، الى ( 52 ) أسيراً ، ويشكلون ما نسبته 73.2 % من مجموع الأسرى الشهداء خلال الانتفاضة ، والذين بلغ عددهم ( 71 أسيراً ) ، وذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الأسرى الشهداء علي الجولاني ، سفيان العارضة ، مدحت أبو دلال ، طارق الهنداوي ، محمود سعيد صلاح ، بهاء الشرقاوي ، حازم كبها ” أبو جندل ” ، عبد العفو القصاص ، محمود كميل ، وغيرهم ، فيما استشهد ( 3 أسرى ) نتيجة التعذيب ، و( 16 أسيراً ) نتيجة الإهمال الطبي المتعمد ، المتبع في كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية .
أشكال تنفيذها
وبيَّن فروانة أن سياسة قتل الأسرى وإعدامهم بعد الإعتقال مباشرة هي سياسة قديمة جديدة ، بدأت مع بدايات الإحتلال وأخذت أشكالاً عدة ، فإما تتم تصفية الأسير لحظة الإعتقال ، أو إطلاق النار عليه ومن مسافة قريبة جداً بعد توفر امكانية السيطرة عليه ، أونقله إلى مكان ما وإطلاق النار عليه والإدعاء أنه هرب من السجن ، أو إطلاق النار عليه عن بُعد والإدعاء أنه حاول الهرب من قوات الإحتلال ، أو التنكيل بالمعتقل المصاب والاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه ، وعدم السماح بتقديم الإسعافات الطبية للأسير الجريح وتركه ينزف بشكل متعمد حتى الموت ، انتقاماً لنشاطه أو لما قام به من عمل نوعي ضدهم ، أو تعذيبه بشكل قاسي جداً في أقبية التحقيق أو في زنازين العزل الإنفرادي بهدف القتل ، ومن ثم الإدعاء بأنه انتحر .
وأضاف فروانة أن من بين مجموع هؤلاء الشهداء ( 7 ) أسرى استشهدوا بعد أن أطلقت النار عليهم عمداً من قبل حراس السجن أو القوات الخاصة ، أثناء تواجدهم في السجن أو المعتقل ، خلال احتجاجات المعتقلين العُزَّل ، على أوضاعهم الصعبة ، ، أو الإدعاء أن المعتقل حاول الإقتراب من الجندي ، أو محاولته الهرب ، وأولهما الأسيرين أسعد الشوا وعلى السمودي اللذان استشهدا في معتقل النقب الصحراوي بتاريخ 16 آب 1988 ، وآخرهم كان الأسير محمد الأشقر الذي استشهد في أكتوبر الماضي ، خلال أحداث معتقل النقب أيضاً بعد اصابته برصاص الدمدم في راسه .
وكشف فروانة أن الرواية الاسرائيلية فيما يتعلق باعدام الأسير فريحات ، لم تخرج عن المألوف ، حيث ادعت ان وحدة خاصة اشتبكت مع مسلح فلسطيني وتمكنت من اصابته ، زاعمة انه تمكن من الهرب رغم الاصابة .
أسباب تصاعد سياسة القتل بعد الإعتقال
وأوضح فروانة في تقريره أن أسباب تصاعد سياسة القتل العمد والتصفية المباشرة للأسرى بعد اعتقالهم ، خلال انتفاضة الأقصى ، يندرج في اطار القرار السياسي العلني الذي اتخذته حكومة الإحتلال والمتمثل في تصعيد سياسة الإغتيالات والتصفية بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام .
وأضاف فروانة أنه في الماضي كانت تعتمد قوات الإحتلال على الإعتقالات الواسعة نتيجة تواجدها المكثف في كافة المناطق الفلسطينية واخضاع المعتقلين وأقربائهم وأصدقائهم لتعذيب قاسي مميت بهدف الحصول على معلومات تمكنها من اعتقال آخرين ، لافتاً الى انه منذ العام 1967 ولغاية 1994 بلغت الإعتقالات ما يقارب من 630 ألف حالة اعتقال ، بمعدل 23.3 ألف حالة اعتقال في العام الواحد ، و استشهاد ( 67 أسير ) نتيجة للتعذيب خلال نفس الفترة المستعرضة.
فيما ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى 28 سبتمبر 2000، ونتيجة لتقلص تواجدها المباشر في مناطق الضفة والقطاع ، تقلصت حالات الإعتقال مقارنة بالسنوات الماضية ، لتهبط الى قرابة ستون ألف حالة اعتقال ، بمعدل ثمانية آلاف وخمسمائة حالة في العام الواحد ، مشيراً أنه بالمقابل تصاعدت سياسة الإغتيالات بحق ابناء الشعب الفلسطيني ، معتمدة في معلوماتها على التكنولوجيا الحديثة في المراقبة والعملاء وتعذيب المواطنين في حال تمكنها من اعتقالهم ، لافتاً الى أن لغة القتل والإعدام هي التي أصبحت السائدة ، وحياة الأسير هبطت لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية لأدنى مستوياتها ، مما أدى لارتفاع عدد الذين أعدموا بعد اعتقالهم بشكل ملحوظ خلال انتفاضة الأقصى ، الى ( 52 أسير ) ، فيما تقلص عدد من استشهدوا من الأسرى نتيجة التعذيب ، ولكن هذا لا يعني بالمطلق تراجع مستوى التعذيب وقسوته .
واعتبر فروانة أن غياب الرادع الحقيقي والملاحقة القانونية والقضائية ، في ظل الصمت والتخاذل الدولي ، هو ما مكّن قوات الإحتلال من الإستمرار في تماديها بانتهاج هذه السياسة بحق المواطنين والأسرى العُزل ، مناشداً العالم أجمع للتدخل لتحقيق في جرائم قتل الأسرى ، واجبار حكومة الإحتلال وأجهزتها الأمنية المختلفة ، لوقف سياسة الإغتيالات العلنية ، التي تُعتبر إعدام خارج نطاق القانون وجريمة حرب وانتهاكاً صارخاً لمعايير حقوق الإنسان وبشكل خاص الحق في الحياة.