6/2/2008
رام الله – 6-2-2008- أعلن الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين ، عبد الناصر عوني فروانة في تقرير شامل أصدره اليوم ، أن قرابة ( 18000 ) ثمانية عشر ألف قرار اداري صدر بحق المعتقلين الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى ، ما بين اعتقال جديد وتجديد الإعتقال ، وطالت تلك القرارات أطفال ونساء وشبان وشيوخ ، وفي العامين المنصرمين طالت نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني ، ووزراء في حكومات فلسطينية سابقة.
واعتبر فروانة أن العام المنصرم 2007 شهد ارتفاعاً كبيراً مقارنة بأعوام الإنتفاضة السابقة ، حيث صدر خلاله أكثر من ثلاثة آلاف قرار اداري ، فيما يعتبر الأعلى نسبة منذ العام 1990 .
وبالمقارنة ما بين سنوات الإنتفاضة الأولى ( ديسمبر 1987-1994 ) ، وانتفاضة الأقصى ( 2000-2007 ) نجد أن هناك تقارباً في العدد الإجمالي ، حيث سجل خلال الإنتفاضة الأولى ( 18973 قرار اداري ) ، فيما سجل خلال انتفاضة الأقصى قرابة ( 18000 قرار اداري ) ، مبيناً أن التفاوت يبرز جلياً في كل سنة على حدا ، حيث الى أن السنوات الأولى من الإنتفاضة الأولى شهدت تصاعداً ملحوظاً حيث سُجل خلال العام الأول منها عام 1988 ( 4316 ) قرار اداري ، فيما بدأ العدد ينخفض تدريجياً في الأعوام التالية ، فيُسجل خلال العام الثاني 1989 ( 3616 ) قرار ، واستمر العدد في الإنخفاض ليصل الى ( 2950 ) قرار خلال العام الثالث عام 1990 ، وهكذا حتى وصل عام 1994 الى ( 2300 ) قرار اداري .
وأضاف فروانة أنه خلال انتفاضة الأقصى فالأمر مختلف تماماً وعكسياً ، حيث بدأ منخفضاً في السنوات الأولى وأخذ بالتزايد والإرتفاع تدريجياً ، حتى وصل في العام 2006 الى ( 2850 ) قرار ، وارتفع اكثر خلال العام 2007 الى أكثر من ثلاثة آلاف ( 3101 ) ، معتبراً ذلك بالمؤشر الخطير ويفيد بأن العدد سيزداد خلال العام الحالي 2008 الى أكثر من ذلك ، اذا ما وضع حدٍ لهذه السياسة الخطيرة .
ودان فروانة بشدة في تقريره ، الذي سينشره كاملاً على موقعه فلسطين خلف القضبان ، استمرار الحكومة الإسرائيلية، بانتهاج سياسة الاعتقال الإداري بحق المواطنين الفلسطينيين ، والزج بهم في سجونها ومعتقلاتها لفترات طويلة تصل في بعض الأحيان الى أكثر من خمس سنوات.
وعرفَّ فروانة الاعتقال الإداري على أنه (عملية قيام السلطة التنفيذية باعتقال شخصٍ ما وحرمانه من حريته دون توجيه أي تهم محددة إليه ، ودون تقديمه إلى المحاكمة وذلك عن طريق استخدام إجراءات إدارية ) و هو يعني إبقاء الفلسطينيين رهن الاعتقال وفقا لأمر اداري ودون قرار قضائي أو تقديم لائحة اتهام ضدهم أوعرضهم على محاكمة وتمتد فترات اعتقالهم لمدد طويلة .
الإعتقال الإداري هو الأشد قسوة
واعتبر فروانة الإعتقال الإداري هواحتجاز الى ما لا نهاية دون تهمة ودون محاكمة عادلة ، وهو من التدابير الأشد قسوة ، فيما تعتبره سلطات الإحتلال إجراء وقائي احترازي ، مستغلة بذلك اجازته وفقاً للقانون الدولي ، وفي الوقت ذاته تتجاهل كافة المبادئ والإجراءات القضائية لتطبيقه .
تصنيف المعتقلين الإداريين
وأكد فروانة في تقريره على أن معظم المعتقلين الإداريين هم معتقلو رأي وضمير تم اعتقالهم نظراً لاعتناقهم أفكار وأراء سياسية معارضة للنهج السياسي الراهن بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ، وجزء آخر تعرضوا لفترات طويلة من التحقيق ولم تثبت ضدهم أي تهم أمنية او مخالفات يعاقب عليها قانون الإحتلال ، والبعض منهم تم تحويلهم للإعتقال الإداري بعد الإفراج عنهم بأيام قليلة ، أو بعد انتهاء مدة محكوميتهم في السجون الاسرائيلية ومن أبرز هؤلاء المعتقلين الإداريين الأسير صالح العاروري، الذي اعتقل عام 1992 وأنهى محكوميته البالغة خمس سنوات وحول بعدها للإعتقال الإداري لمدة عام ، ثمّ وجّهت له النيابة العسكرية الإسرائيلية اتهاماتٍ جديدة وهو داخل السجن، فحُكِم عليه بالسجن خمس سنواتٍ أخرى تلاها تحويله إلى الاعتقال الإداريّ ، وكذلك الأسير الشيخ ابراهيم جبر من مخيم جنين بعد أن أنهى فترة محكوميته البالغة ثلاث سنوات ، والأسير نصر مسعود عياد من قطاع غزة الذي أنهى مدة محكوميته البالغة 7 سنوات وابلغته ادارة سجن نفحة الصحراوي بقرار الإفراج عنه منتصف اكتوبر الماضي ، وعند وصوله إلى معبر بيت حانون “ايرز” ، قامت قوات الاحتلال باعتقاله مجددا وأصدرت بحقه قرارا بالإعتقال الإداري بذريعة “أنه يشكل خطراً على أمن إسرائيل” وأعادته الى معتقل النقب دون أن يتمكن من رؤية ذويه .
وشملت الإعتقالات الإدارية نخبة من المثقفين والطلبة والقيادات السياسية والنقابية ، وطالت كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني وكافة الأعمار ، كما لم تستثني الفتيات والنساء والمرضى ، وأخيراً شملت نواب ووزراء سابقين .
الإعتقال الإداري سياسة قديمة جديدة
وأوضح فروانة في تقريره الذي سينشره كاملاً على موقعه فلسطين خلف القضبان إلى أن سياسة الإعتقال الإداري ليست جديدة ، فهي سياسة قديمة بدأت مع بدايات احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، واستخدمتها سلطات الإحتلال ، كإجراءٍ عقابيٍ ، مستندة بذلك إلى المادة (111) من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي فرضتها السلطات البريطانية في سبتمبر /أيلول 1945 .
وأضاف أنه في العام 1970 ، قامت حكومة الإحتلال الإسرائيلي بسن تشريعها الخاص بالاعتقال الإداري ضمن تشريعات الأمن ، من خلال الأمر العسكري الإسرائيلي رقم ( 378 ) الذي تضمن نفس البنود التي جاءت في أنظمة الطوارئ البريطانية ، ومن ثم أجرت العديد من التعديلات عليه ، ولكن هذه التعديلات كانت في مجملها شكلية تطال صلاحيات قائد المنطقة والنواحي الإدارية لا الموضوعية الجوهرية ، بل و أصدرت السلطات العسكرية الاسرائيلية فيما بعد قرابة (13) أمرأ عسكرياً تتعلق بالاعتقال الإداري ، ولتسهيل تطبيقه واستمرار احتجاز المعنيين لفترات أطول بغطاء قانوني وقضائي .
وبهذا الصدد أوضح فروانة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ، ومن أجل تسهيل عملية الاعتقال الإداري ، أصدرت العديد من الأوامر العسكرية، كان أبرزها الامر (1228) والصادر في السابع عشر من آذار- مارس 1988، والذي أعطى صلاحية إصدار قرار التحويل للاعتقال الإداري لضباط أقل رتبة من قائد المنطقة، مما أدى الى ارتفاع كبير لعدد المعتقلين الإداريين الفلسطينيين حتى وصل عددهم خلال الإنتفاضة ( 1987-1994 ) الى حوالي عشرين ألف معتقل إداري ، وزج بهم آنذاك في معتقل أنصار 3 في صحراء النقب، والذي افتتح خصيصاً بذات اليوم الذي صدر فيه القرار السابق ، وذلك بهدف استيعاب الأعداد الكبيرة من المعتقلين الإداريين وغير الإداريين.
وعن مساره التاريخي يقول الباحث المختص بقضايا الأسرى عبد الناصر فروانة أن الخط البياني للاعتقال الإداري أخذ شكلاً متعرجاً ، فخلال سنوات الإحتلال الأولى سجل ارتفاعاً ملحوظاً ، وبعد عقد من الزمن بدأ ينخفض تدريجياً حتى وصل عام 1980م الى نقطة الصفر تقريباً ، ويمكن القول بأن السلطات الاسرائيلية توقفت فعلياً عن استخدام هذه السياسة أوائل الثمانينات دون قرار معلن ، وأطلقت في الثاني من آذار-مارس 1982 سراح أخر وأشهر معتقل فلسطيني اداري آنذاك وهو المعتقل علي عوض الجمال من سكان مدينة جنين في الضفة الغربية، بعد أن أمضى ست سنوات وتسعة أشهر، دون توجيه أية تهمة إليه أو مثوله أمام محكمة، والذي فرض عليه بعد اطلاق سراحه الإقامة الجبرية حتى شباط – فبراير 1984.
وأضاف فروانة أن سلطات الإحتلال سرعان ما تراجعت في الرابع من آب- أغسطس 1985 عن قرارها وأعلنت انها بصدد العودة لتطبيق الإعتقال الإداري ، ولجأت الى تفعيل مجمل القرارات التي تتيح لها ذلك ، ضمن ما عرف آنذاك بسياسة القبضة الحديدية في الأراضي المحتلة، بل اتخذت قرارات جديدة خلال الإنتفاضة الأولى للتسهيل اكثر فأكثر أبرزا القرار رقم (1228) الذي اتاح لضباط اقل رتبة من قائد المنطقة باتخاذ قرارات الإعتقال الإداري ، مما مكَّنها ووفقاً لقوانينها الخاصة من اعتقال قرابة عشرين ألف معتقل إداري في الفترة ما بين ( 1987-1994 ) شملت العديد من المواطنات منهن مريم اسماعيل وعطاف عليان ، نادية حداد ، وحنان البيطار من اضفة الغربية ، وتهاني أبو دقة ووداد المدهون ونائلة زقوت من قطاع غزة وغيرهن الكثيرات .
الاعتقال الإداري لمدة عام
وبيّن فروانة أن مدة الإعتقال الإداري لم تعد مقتصرة على الفترات ( من شهر ولغاية ستة شور ) في المرة الواحدة قابلة للتجديد ، بل تصاعدت ، و صدر بتاريخ 10-8-1989 م الأمر العسكري رقم ( 1281 ) الذي سمح باطالة فترة الإعتقال الإداري للمرة الواحدة لسنة كاملة ، قابلة للتجديد أيضاً ، وقد تم تحويل العشرات من المواطنين للاعتقال الإداري لمدة عام وكثيراً ما جدد أمر اعتقالهم عند انقضاء هذه المدة أو قبيل انتهائها .
الإعتقال الإداري بعد أوسلو
وأشار فروانة في تقريره ، إلى أنه بعد توقيع اعلان المبادىء في اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و” إسرائيل” وقيام السلطة الوطنية في أيار-مايو 1994، انخفضت معدلات الاعتقال بشكل عام ، وتقلصت قرارات الاعتقال الإداري بشكل خاص وأخذت بالإنخفاض الحاد ، الاَّ أنها لم تتوقف ، ووصلت عام 1996 الى ( 900 ) قرار ، فيما ارتفع العدد في العام 1997 وسجل رقماً كبيراً ( 991 ) قرار اداري ، ثم عادت وانخفضت بشكل ملحوظ ، ليصل عدد المعتقين الإداريين عام 1999 الى حوال ( 120 معتقلاً بينهم عدد من المعتقلين اللبنانيين ) حتى وصل عدد المعتقلين الإداريين حين اندلاع انتفاضة الأقصى الى ( ستة معتقلين إداريين فقط).
الإعتقالات الإدارية خلال انتفاضة الأقصى
وبين التقرير أنه مع اندلاع انتفاضة الأقصى الحالية في أيلول – سبتمبر عام 2000، عادت سياسة الاعتقال الإداري من جديد وبشكل غير مسبوق، وسجل خلالها قرابة ( 18000 ) ثمانية عشر ألف قرار اداري ، فيما كان العام المنصرم الأكثر والأعلى عدداً منذ العام 1990.
الإعتقال الإداري سيفاً مسلطاً على رقاب المعتقلين
وكشف فروانة بأنه في حالات كثيرة، لم تكتفِ قوات الاحتلال باعتقال الأسير إداريا لمرة واحدة (تتراوح بين 3-6 شهور أو حتى سنة)، مبيناً أن سياسة التجديد استخدمت سيفاً بغيضاً سلطته على رقاب الأسرى، ففي الوقت الذي يعد فيه الأسير نفسه بعد انتهاء مدة اعتقاله للعودة إلى أهله وذويه ومزاولة أعماله ودراسته، تقوم إدارة المعتقل بتمديد فترة اعتقاله لفترة جديدة، وصلت ضد بعضهم لنحو (15 ) مرة متتالية، ومنهم من تم التمديد له ليلة الإفراج عنه أو قبيل المغادرة بدقائق، أو حتى أثناء وجوده في زنزانة المغادرة أو عندما يكون داخل الباص ، الأمر الذي يشكل ضغطاً نفسياً على المعتقل وذويه.
وذكر فروانة أنه في شهر يناير الماضي أصدرت سلطات الإحتلال قرابة ( 260 ) قرار اداري ، منهم أكثر ( 100 ) قرار بتجديد قرار الاعتقال الإداري ، وأن أكثر من نصف المعتقلين الإداريين تم تجديد فترة اعتقالهم لأكثر من مرة متتالية خلال انتفاضة الأقصى .
وأضاف أن التجديد شكل ظاهرة خلال إنتفاضة الأقصى ، حيث يتم التجديد شهرياً لعشرات المعتقلين ، وتستند السلطات الاسرائيلية في ذلك الى البند ” ب ” من المادة (87 ) من الأمر العسكري ( 378 ) لعام 1970 م ، والذي يجيز تجديد الأمر بالتتابع اذا اعتقد قائد المنطقة أن ” أمن المواطن وسلامة الجمهور” تستوجب استمرار حجز الشخص المعني في المعتقل ويجوز له تمديد مفعول أمر الاعتقال الأصلي ، الأمر الذي يعني من الناحية العملية استمرار عملية الإعتقال إلى ما لا نهاية وبمزاج ضابط المنطقة .
اجراء جديد
واضاف فروانة أنه ومع تصاعد الاحتجاجات من قبل الأسرى ، لجأت سلطات الإحتلال في الآونة الأخيرة الى اجراءات خداعية جديدة ، حيث تقوم المخابرات باستجواب شكلي للأسير لعدة دقائق ومن ثم تسليمه قرار التمديد وتقول له ” انه بناء على الاستجواب الذي تم ، تقرر تمديد الاعتقال الإداري لك ” .
محاكم الاستئناف ” لجان الاعتراض”
أما فيما يتعلق بلجان الإعتراض العسكرية أو ما تسمى ” محاكم الإستئناف ” ، أوضح فروانة أن سلطات الإحتلال الاسرائيلي تمنح المعتقل الإداري حق الطعن في أمر اعتقاله الإداري أمام قاض عسكري أولاً ، ثم أمام ما تسمى محكمة ” العدل العليا ” ، إلا إن سرية المواد التي تشكل أساس الاعتقال الإداري وعدم السماح للمعتقل أو لمحاميه بالإطلاع عليها ، بموجب ( تعديل رقم 2) للأمر ( رقم 1254 بالضفة ) ( والأمر رقم 966 بغزة )، بشأن الاعتقال الإداري ، الصادر عام 1988 ، والتي تدعي فيه السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها للمواد حفاظا على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد، الأمر الذي يجعل من هذه المحاكم محاكم صورية وشكلية تتناقض مع القانون الدولي ، الأمر الذي دفع بالمعتقلين الإداريين إلى مقاطعتها مراراً ولفترات طويلة.وبيّن فروانة أنه في حالات قليلة استجابت محاكم الإستئناف لإعتراض المعتقلين ، وخفضت مدة اعتقالهم الإداري بناء على قناعة القاضي العسكري ، وفي بعض هذه الحالات التي تم تخفيض مدة اعتقالها في تلك المحاكم ، وبعد انتهاء المدة وبدلاً من اطلاق سراحهم ، تم التجديد لهم رغم التخفيض الذي جرى في أمر الاعتقال الأول ، الأمر الذي افقد المعتقلين ثقتهم بتلك المحاكم وبجدواها.
والصورة ذاتها في محكمة ” العدل العليا ” حيث لا يتاح للمتهم ومحامي الدفاع الاطلاع على بنود الاتهام ” أو ما يعرف بالملف السري ، مما يؤكد على أن تلك المحاكم هي صورية وتتخذ قراراتها وفقاً لما يمليه عليها جهاز الأمن العام ” الشين بيت “.
من الإداري الى المحاكمة
وأوضح فروانة أن سلطات الإحتلال لم تكتفِ أحياناً بالإعتقال الإداري أو تجديد القرارات ، بل تقدم على تحويل المعتقل من الإعتقال الإداري ، الى المحاكمة ، وتصدر بحقه لائحة اتهام ، زاعمة الى وجود اعترفات عليه تستوجب محاكمته وفقا لإدعاءات النيابة ، ويمثل المعتقل باسم سليمان جرادات (45 عاما) من السيلة الحارثية بالضفة الغربية وغيره الكثيرين نماذج لهذا الشكل من المعاناة.
الإعتقال الإداري والقانون الدولي
أوضح الباحث فروانة أن القانون الدولي أجاز اللجوء للإعتقال الإداري لأسباب أمنية قهرية وبشكل استثنائي ، حيث أن حرية الأشخاص هي القاعدة ، ويُعد تدبير شديد القسوة ، مبيناً أن القانون الدولي حدد إجراءات قضائية نزيهة تتعلق بوسائل الإعتقال الإداري واستمرار الإحتجاز ، وحذر من استغلاله سلباً وبشكل جماعي لأن ذلك ربما يصل الى مستوى “العقاب الجماعي ” ، وبالتالي وضع قيوداً صارمة على تنفيذه واستمرار احتجاز المعتقلين .
وذكر فروانة في تقريره أن الضمانات الإجرائية عديدة وأبرزها هي معرفة المعتقل الإداري لأسباب احتجازه فور اعتقاله وبشكل تفصيلي وكامل وباللغة التي يفهمها ، وهذا يمثل أحد عناصر الإلتزام بالمعاملة الإنسانية ، حتى يتمكن من اتخاذ خطوات فورية من الطعن في قانونية احتجازه بشرط حصوله على آلية مستقلة للطعن في شرعية الإحتجاز ( البروتوكول الإضافي الأول المادة 75(3) ومجموعة المبادئ المبدأ ( 14 ) .
وأضاف أن ضمن الإجراءات الأخرى السماح للمعتقل الإداري بالحصول على المساعدة القانونية وتمكنهما من حضور اعادة النظر الأولى في شرعية الإحتجاز وكذلك جلسات اعادة النظر الدورية ، حيث يمنح للمعتقل الإداري الحق في النظر بشكل دوري في شرعية استمرار احتجازه .
وأوضح فروانة أن القانون الدولي كفل للمعتقل الإداري الحق في الإتصال بأفراد عائلته عبر المراسلة والإستقبال ، وحقه في الحصول على الرعاية الطبية ، وألزم سلطات الإحتلال باخطار السلطات الوطنية التابع لها الشخص المعتقل ادارياً بأمر احتجازه ، وأجبرها على السماح للسلطات الدبلوماسية أو القنصلية ذات الصلة بالإتصال برعاياها وزيارتهم ( بشرط وجود علاقات دبلوماسية ) .
وأكد فروانة أنه وبما لا يدع مجالاً للشك فان سلطات الإحتلال لا تلتزم بالمبادئ العامة ولا بالضمانات الإجراءات المتعلقة بالإعتقال الإداري وفقاً للقوانين الدولية واتفاقية جنيف ، وهي تطبق الإعتقال الإداري بشكل يتناقض كلياً مع ذلك وتستخدمه كعقاب جماعي وتحرم المعتقلين الإداريين من أبسط حقوقهم .
التعويض حق مكفول
ان كافة المواثيق الدولية كفلت لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني الحق في الحصول على تعويض ، إلا أن هذا لم يحصل أبداً مع المعتقلين الفلسطينيين ، الذين لا يفكرون بهذا ، بقدر ما يسعون للحد من هذه السياسة والقضاء عليها.
واقع المعتقلين الإداريين اليوم
ولفت فروانة في تقريره ، إلى أنه يوجد الآن في سجون الاحتلال قرابة من ( 900 معتقلا إداريا ) أي ما نسبته ( 8.2 % ) من إجمالي عدد الأسرى، تضم نخبة من المثقفين والأكاديميين من أطباء ومعلمين ومحاميين وصحفيين وطلبة جامعات ورجال دين وعدد كبير منهم من المرضى وكبار السن و الفتيان دون سن الثامنة عشر ، والفتيات والنساء منهن منى قعدان وأحلام قميز وسعاد الشيوخي وعطاف عليان ونورا الهشلمون وغيرهن ، بالإضافة لعدد من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني ومنهم النائبة د.مريم صالح ، ووزراء في حكومات فلسطينية سابقة منهم وزير الأسرى السابق وصفي كبها ، والأغلبية الساحقة من المعتقلين الإداريين يقبعون في معتقل النقب الصحراوي الذي أعيد افتتاحه خلال انتفاضة الأقصى ، ويشهد ظروف قاسية ولا انسانية لا تليق بالحياة الآدمية و تتنافى وأبسط حقوق الإنسان الأسير وفق ما تنص عليه المواثيق والأعراف الدولية وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة .
وكشف فروانة أنه تلقى الكثير من المناشدات والشكاوي من المعتقلين الإداريين والتي تعكس مدى حجم الخطورة والمعاناة التي يتعرضون لها ، وطالبوا مراراً باثارة قضيتهم على كافة المستويات والمساهمة في وضع حد لمعاناتهم واغلاق ملفاتهم والإفراج عنهم ، وأنهم يفكرون جدياً بالمسك بزمام المبادرة واتخاذ خطوات احتجاجية تصعيدية بهدف اثارة قضيتهم ووضع حد لمعاناتهم ، واستمرار اعتقال البعض منهم منذ سنوات طوال دون تهمة أو محاكمة .
شهادة أقدم الأسرى الإداريين
وفي شهادة للأسير المحرر محمد أبو عرة من جنين ، والذي يعتبر من أقدم الأسرى الإداريين ، وأفرج عنه مؤخراً بعد أن قضى ( 57 شهراً ) في الإعتقال الإداري ، وصف حالة المعتقلين الإداريين بالمعقدة وسيئة للغاية ، وأوضاع المعتقلين بشكل عام تزداد سوءا من ناحية الخدمات والرعاية الصحية .
أما فيما يتعلق بالإعتقال الإداري فلقد اعتبر أن هذا الشكل من الإعتقال هو بمثابة موت بطيء للأسير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فتهمة المعتقل جاهزة دوما وغير قابلة للنقاش ، فالملف السري، يمنح النيابة حصانة لتواصل اعتقال المعتقل بشكل مفتوح .
مناشدة
وفي ختام تقريره شدد الباحث المختص بقضايا الأسرى عبد الناصر فروانة، ، وهو أسير سابق واعتقل إدارياً أكثر من مرة، على ضرورة توحيد الجهود الوطنية واتخاذ خطوات جدية مؤثرة لإجبار المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية على التحرك الفوري وإرغام ” إسرائيل ” على إلغاء سياسة الاعتقال الإداري كما تطبقها سلطات الإحتلال ، والتي تتنافى والمواثيق الدولية.
ورأى فروانة بأن ضعف المساندة الوطنية والقومية والإسلامية ، حيال هذه السياسة بالذات أدت الى استمرار الصمت الدولي وعدم مبالاته ، وبالتالي تمادي حكومة الإحتلال في تطبيقها ، الأمر الذي يستوجب التحرك من أجل أن يعي المجتمع الدولي الفارق بين ما يجيزه القانون الدولي وبين ما تمارسه سلطات الإحتلال على أرض الواقع ، والعمل المكثف من أجل وضع حد لهذه السياسة التعسفية والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين الإداريين .
ملاحظة : سننشر التقرير كاملاً في وقت لاحق على موقعنا الشخصي فلسطين خلف القضبان