22/10/2008

أدان الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين ، عبد الناصر عوني فروانة ، اليوم ، بشدة صمت المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية ، تجاه ما وصفه باستمرار الاستخدام المفرط للقوة بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الإحتلال الإسرائيلي ، مما منح سلطات الإحتلال الضوء الأخضر في التمادي في سياستها المؤلمة دون رادع وبعيداً عن الملاحقة والمحاسبة لمقترفيها ، مما أدى الى استشهاد ( 7 ) معتقلين واصابة المئات .

جاء ذلك في بيان صحفي أصدره اليوم الأربعاء ، بمناسبة الذكرى الأولى لأحداث معتقل النقب الصحراوي ، حينما احتج المعتقلين على سوء معاملتهم من قبل الإدارة في الثاني والعشرين من تشرين أول / أكتوبر من العام الماضي ، فتدخلت القوات الخاصة ولجأت لإستخدام القوة المفرطة مما أدى الى لإستشهاد المعتقل محمد صافي الأشقر بعد اصابته بعيار ناري في الرأس واصابة المئات من المعتقلين باصابات مختلفة منها الخطيرة .

وفي السياق ذاته انتقد فروانة كافة المؤسسات المحلية ، الحقوقية والإنسانية ، لا سيما تلك التي تنسج علاقات قوية مع مؤسسات دولية ذات الصلة ، على قصورها في توثيق تلك الأحداث ومتابعتها واثارتها دولياً ، ضمن استراتيجية واضحة تكفل أن تُبقي هذه القضية حية ، الأمر الذي من شأنه – فيما لو حصل – أن يؤثر ايجاباً على المؤسسات الدولية ويدفعها للتحرك الجدي لوضح حد للانتهاكات الخطيرة بحق المعتقلين بشكل عام ، والإستخدام المفرط للقوة بحقهم بشكل خاص وملاحقة مقترفيها واتخاذ إجراءات جادة لمنع تكرارها.

استخدام القوة بحق المعتقلين أصبح يشكل ظاهرة

وأكد فروانة على أن اللجوء للعنف الشديد و الإستخدام المفرط للقوة في التعامل مع المعتقلين ، قد تصاعد في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق ، ولم يَعد بالحدث الاستثنائي والنادر ، بل أصبح يشكل ظاهرة وسياسة ثابتة وممنهجة ، اعتمدتها كافة المؤسسات الأمنية ، وينتهجها كل من يعمل بها بمن فيهم الطبيب والممرض ، وأخذت شكلاً أكثر تنظيماً في السنوات الأخيرة تمثلت في تشكيل وحدات خاصة في كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية أطلق عليها اسم ” نخشون ” و” ميتسادا ” ، ومهمتها اذلال المعتقلين والتفنن في إلحاق الأذى والألم الجسدي بهم ، وزُودت بأسلحة مختلفة بما فيها الأسلحة النارية ذات الذخيرة الحية القاتلة المحرمة دولياً ، بهدف التدخل السريع لقمع المعتقلين العُزَّل تحت حجج واهية وعديدة ، وأحياناً تفتعل التصادم والإحتكاك بغرض ايجاد مبرر لإستخدام القوة ، كفرض ارتداء ” الزي البرتقالي ” أو اجبارهم على التفتيش العاري ، أو الطلب من المعتقلين تأدية حركات مشينة ..الخ .

بعد مرور عام على إستشهاد الأشقر واصابة المئات ، لم ننجح في وضع حد لإستخدام القوة بحق المعتقلين

وقال فروانة أنه وبعد مرور عام على استشهاد ” الأشقر” واصابة المئات من المعتقلين ، وما أعقبه من فعاليات واحتجاجات وبيانات الإدانة والإستنكار ، بالإضافة للتحركات الجدية آنذاك من قبل المؤسسات ذات الصلة لاسيما وزارة الأسرى والمحررين ، لم ننجح في وضع حد وللأسف الشديد لإستخدام القوة المفرطة بحق المعتقلين ، مبيناً الى أن السبب في ذلك يعود الى أن جميع تلك التحركات لم تتوحد ، ولم تتواصل بنفس الزخم ، وبالتالي لم ترتقِ جميعها الى مستوى الفعل المؤثر ، الذي يمكنه أن يُغير من سياسة ادارة مصلحة السجون تجاه المعتقلين ، وبالتالي عادت نفس الوحدات وبعد فترة وجيزة للجوء لإستخدام العنف والقوة ضد المعتقلين ، ونفذت بعدها عشرات عمليات القمع العنيفة بحق المعتقلين بشكل فردي وجماعي وفي أكثر من سجن ومعتقل مما أدى الى اصابة العديد من المعتقلين .

وأوضح فروانة الى أن عدم استشهاد أي معتقل جراء استخدام القوة ضده منذ استشهاد ” الأشقر ” في 22 أكتوبر من العام الماضي ، لا يدلل بالمطلق على أن ادارة السجون قد تراجعت في استخدامها للقوة بحق المعتقلين ، ولا يعكس حقيقة ما يجري داخل السجون ، بل على العكس تماماً ، عمليات القمع واستخدام القوة المفرطة بحق المعتقلين قد تصاعدت بشكل ملحوظ وغير مسبوق خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2007 ولغاية أكتوبر 2008 ، وأدت الى الحاق الأذى المعنوي والجسدي بحق المئات من المعتقلين .

وتعقيباً على ذلك قال فروانة : يبدو أن تلك الوحدات قد تعلمت من تجربها واستخلصت العبر من ردات الفعل بعد استشهاد ” الأشقر ” ، وبالتالي فهي تتجنب قتل المعتقلين ، فيما تسعى لإذلالهم وإيلامهم والمساس بكرامتهم أكثر فأكثر ، مما فاقم من أعداد المصابين بشكل كبير ، على اعتبار أن ردود الفعل في مثل هكذا حالات أقل بكثير من تلك الردود عقب استشهاد ” معتقل ” ، وهذا وللأسف الشديد ما نلاحظه حقيقة من قبل المؤسسات المحلية ، الحقوقية والإعلامية .

وذكر فروانة أنه ومنذ آب / أغسطس عام 1988 استشهد جراء الاستخدام المفرط للقوة من قبل ادارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية ( 7 ) سبعة معتقلين هم : أسعد الشوا ، و بسام الصمودي واستشهدا بتاريخ 16-8-1988 في معتقل النقب ، نضال ديب واستشهد بتاريخ 8-2-1989 ، عبد الله أبو محروقة واستشهد بتاريخ 12-9-1989 في معتقل أنصار 2 بغزة ، صبري عبد ربه استشهد بتاريخ 7-7-1990 في معتقل عوفر ، موسى عبد الرحمن واستشهد بتاريخ 18-1-1992 ، بالإضافة الى محمد الأشقر والذي استشهد بتاريخ 22-10-2007 في معتقل النقب .

وبهذا الصدد طالب فروانة كافة القوى الفلسطينية والمؤسسات ذات الصلة بالأسرى وبحقوق الإنسان ، بتحمل مسؤولياتها الوطنية والإستفادة من التجارب السابقة ، وتوثيق تلك الأحداث ومتابعتها والحصول على شهادات حية من قبل المعتقلين ، واعادة النظر في كافة الفعاليات التضامنية مع الأسرى والتي هي بحاجة الى تطوير والإرتقاء بها ، وابتداع أساليب أكثر تأثيراً ، بما يوازي حجم الجرائم التي ترتكب بحق المعتقلين ، حيث لا يمر اسبوع واحد إلا و تُستخدم فيه القوة المفرطة أو العنف الشديد بحق المعتقلين في هذا السجن أو ذاك المعتقل ، بشكل فردي أو جماعي .