21/4/2009

غزة – 21-4-2009- قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، بأن الأسرى العرب هم جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الأسيرة ، وأن الشعب الفلسطيني يقدر عالياً تضحياتهم ويحترم نضالاتهم ويثمن مواقفهم ويفخر بهم .

وأضاف بأن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لم تميز يوماً في صفقات التبادل التي أنجزتها ما بين أسير فلسطيني وآخر عربي ، كما وأن السلطة الوطنية الفلسطينية هي الأخرى لم تميز ماضياً أوحاضراً في خدماتها المقدمة للأسرى بما فيها الرواتب الشهرية والكانتينا ، ما بين أسير وآخر بغض النظر عن جنسيته أو مكان إقامته ، فيما تمكنت من إطلاق سراح ( 42 أسير ) من الأسرى العرب والدوريات في إطار اتفاقية شرم الشيخ في سبتمبر 1999 .

وأعرب فروانة عن أمله بأن يتمسك آسري ” شاليط ” بمنح البُعد العربي لصفقة التبادل التي يدور الحديث حولها ، على أن تكفل اطلاق سراحهم لاسيما القدامى منهم ، كتلك التي جرت عام 1985 .

جاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير وزعه اليوم بمناسبة ” يوم الأسير العربي ” الذي يصادف غداً الأربعاء الثاني والعشرين من نيسان / ابريل ، وهو اليوم الذي أعتقل فيه عميد الأسرى العرب الأسير المحرر سمير القنطار عام 1979 ، ليُعتمد هذا التاريخ لاحقاً على أجندة المناسبات الوطنية التي يحييها الشعب الفلسطيني ، يوماً للوفاء لكافة الأشقاء الأسرى العرب من كافة الجنسيات العربية ، الذين ناضلوا وضحوا وتخطوا الحدود من أجل حرية فلسطين وتحريرها باعتبارها قضية عربية إسلامية مقدسة ، وتحرير أوطانهم من دنس الاحتلال الإسرائيلي ، وليعيدوا القدس إلى الحضن العربي والإسلامي ، فاعتقلوا وأفنوا زهرات شبابهم في سجون الاحتلال، ومنهم من تحرروا بعد مضى عقود وسنوات من أعمارهم ، فيما لا يزال العشرات منهم قابعين في غياهب سجون الاحتلال.

وبهذه المناسبة أبرق فروانة أصدق التحيات وأنبلها لكافة الأسرى العرب المحررين أينما تواجدوا الآن ، وفي مقدمتهم سمير القنطار وأنور ياسين من لبنان ، وسلطان العجلوني وأمين الصانع من الأردن ، وسيطان المقت من الجولان ، وياسر المؤذن ومحمد عفيف من سوريا ، وعلي البياتي من العراق وموسى نور من السودان وغيرهم الكثير الكثير .

ظاهرة ” الدوريات ” قد تراجعت بل اختفت
ورأى فروانة بأن ظاهرة المقاومة الفلسطينية والعربية عبر الحدود ، وبشكل خاص ما كان يُعرف بـ ” الدوريات ” قد تراجعت بشكل كبير خلال العقد الأخير ، فيما يبدو أنها اختفت بالكامل خلال السنوات القليلة الماضية ، ولهذا أسباب عديدة لا مكان لسردها هنا .

العشرات من الأسرى العرب في سجون الإحتلال بينهم من مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً
وأوضح فروانة أنه يوجد الآن في غياهب سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته المنتشرة على طول الوطن وعرضه العشرات من المعتقلين العرب من جنسيات مختلفة منهم ( 13 أسير ) من هضبة الجولان السورية المحتلة ، وقرابة ( 30 أسير ) من الأردن وأسير سعودي واحد هو ( عبد الرحمن العطوي ) وعشرات آخرين من السودان ومصر تجاوزوا الحدود لأسباب مختلفة ، فيما أغلق ملف الأسرى اللبنانيين بعد صفقة التبادل منتصف تموز من العام الماضي ، فيما تعتبر بعض المؤسسات والجهات الأردنية المعنية بشؤون الأسرى أن هناك العشرات من الأسرى الأردنيين الآخرين يجهلون مصيرهم وهم في عداد المفقودين. وأكد فروانة أن من بين هؤلاء الأسرى العرب يوجد ثلاثة أسرى من هضبة الجولان السورية المحتلة مضى على اعتقالهم قرابة أربعة وعشرين عاماً ولازالوا في الأسر وهم : بشر سليمان المقت ( 43 عاماً ) ، وعاصم محمود الولي ( 41 عاماً ) وصدقي سليمان المقت ( 41 عاماً ) وثلاثتهم معتقلين منذ أغسطس 1985 ، يحتلون على التوالي الأرقام ( 23-24-25 ) على قائمة قدامى الأسرى عموماً في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، فيما تسلم الأسير بشر المقت راية عميد الأسرى العرب من الأسير القنطار بعد تحرر الأخير ضمن صفقة التبادل منتصف تموز من العام الماضي .

” المقت ” تؤكد أن أوضاع أسرى الجولان سيئة للغاية
وفي اتصال هاتفي مع نهال المقت شقيقة الأسيرين ( بشر وصدقي المقت ) أكدت ” أن كافة أسرى الجولان محتجزين اليوم في سجن جلبوع ، وأن أوضاعهم المعيشية والصحية والإعتقالية بشكل عام سيئة للغاية ، كحال باقي الأسرى الفلسطينيين ، ويتعرضون لنفس المعاملة القاسية واللاإنسانية والإجراءات التعسفية التي يتعرض لها الأسرى عموماً ، بما فيها التضييق عليهم وعزلهم انفرادياً لفترات طويلة ” وأضافت ” بأنه وفي أحياناً كثيرة فرضت عليهم إجراءات عقابية وتم عزل بعضهم انفرادياً بسبب نشاطهم داخل السجن أو لمجرد رأي أو كتابة مقال ، وذكرت أنه ذات مرة تم عزل شقيقها ” صدقي ” لفترة طويلة بسبب كتابته لمقال يمجد فيه المقاومة ” .

الأسرى العرب اعتقلوا من ساحة المعارك أوعلى خلفية نضالهم ضد الإحتلال
وأكد فروانة على أن هؤلاء الأشقاء الأسرى العرب كانوا ولا زالوا جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الأسيرة ، وغالبيتهم العظمى اعتقلوا أثناء تجاوزهم الحدود وفي طريقهم لتنفيذ عمليات مقاومة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي ، أو بعد إصابتهم خلال الاشتباكات في ساحات المعارك والمواجهة المباشرة ، أو من بيوتهم كما هو حال أسرى هضبة الجولان المحتلة على خلفية نشاطهم ضد الإحتلال ، وأن جزء كبير من هؤلاء الأسرى العرب كان ينضوون مباشرة في أطر فصائل المقاومة الفلسطينية ، فيما الجزء الآخر والأقل كان يعيش تحت لوائها أو جنباً إلى جنب في غرفها ، ولكن بكل الأحوال كانت العلاقة التي تربط الأسرى الفلسطينيين والعرب هي علاقة متينة وراسخة قائمة على المحبة والاحترام والتقدير ووحدة الهدف والمصير .

ادارة السجون لم تميز في تعاملها وقمعها بين معتقل وآخر
وأشار فروانة بأن إدارة السجون لم تميز يوماً في تعاملها وقمعها بين معتقل وآخر ، فالكل مستهدف ، وبالتالي كان الأشقاء العرب دائماً هم جزء من مسيرة النضال المتواصل خلف الأسر وشاركوا بفاعلية في معارك الأمعاء الخاوية ضد إدارة السجون لإنتزاع حقوقهم ، كانوا دوماً جزء من مسيرة الدفاع عن كرامة وشموخ وكبرياء الأسير الفلسطيني والعربي خلف القضبان.

وفي هذا السياق قدموا تضحيات جسام ، وعانوا السجن بمرارته وقساوته ، بل أكثر من غيرهم نظراً لحرمان الغالبية العظمى منهم من زيارات الأهل فيما أسرى الجولان زياراتهم مقبولة أما الأردنيين فهي نادرة .

قائمة شهداء الحركة الأسيرة لم تخلُ من الأسرى العرب
وأشار فروانة بأن قائمة شهداء الحركة الأسيرة لم تخلُ من الشهداء الأسرى العرب أمثال حسن سواركة من العريش وعمر شلبي من سوريا وهايل أبو زيد من الجولان ، وصلاح عباس من العراق ، وغيرهم الكثيرين ، الذين امتزجت دمائهم بدماء أبو الفحم ومراغة والقاسم .

محررون يعالجون من أمراض خطيرة
فيما لازال بعض المحررين منهم يعالجون في المستشفيات متأثيرين من أمراض خطيرة ورثوها عن السجون وتوابعها والتعذيب والإهمال الطبي أمثال الأسير العراقي علي البياتي الذي يعالج في أحد مشافي الأردن والأسير سيطان الولي الذي أفرج عنه في الثامن من شهر تموز / يوليو الماضي نظراً لوضعه الصحي الخطير .

ظاهرة التبني
وأوضح فروانة بأنه ونظرا لعدم سماح سلطات الإحتلال لذوي الأسرى العرب والدوريات بزيارتهم والالتقاء بهم ، فلقد انتشرت ظاهرة التبني ، تبني أمهات الأسرى الفلسطينيين ، لأسرى الدوريات وأسرى عرب ، والتعامل معهم كما يتعاملن بالضبط مع أبنائهن الأسرى .

أبرز الإفراجات التي طالت الأسرى العرب خلال العقدين الأخيرين
وعن أبرز الإفراجات التي طالت الأسرى العرب وأسرى الدوريات خلال العقدين الأخيرين ، ذكر فروانة بأن السلطة الوطنية الفلسطينية أدرجت موضوع تحريرهم ضمن أولوياتها ، شأنهم شأن باقي الأسرى الفلسطينيين ، واستطاعت أن تطلق سراح ( 42 ) أسير منهم في اطار اتفاقية شرم الشيخ في سبتمبر 1999 ، ولكن إلى قطاع غزة لا إلى بلدانهم، فيما ( 24 ) أسير لبناني قد اطلق سراحهم ضمن عملية التبادل التي جرت ما بين حزب الله وحكومة ” اسرائيل ” في يناير 2004 ، وأن الأسير سمير القنطار وخمسة آخرين أطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل التي جرت منتصف تموز من العام الماضي.

فيما تم الإفراج عن 6 طلاب مصريين في أعقاب تفاهم جرى ما بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية في ديسمبر 2004 ، مقابل الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الذي كان محتجزاً لدى الحكومة المصرية .

و في تموز 2007 وضمن تفاهم خاص ما بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية تم نقل أربعة أسرى أردنيين قدامى من السجون الإسرائيلية ، إلى السجون الأردنية هم: سلطان العجلوني وخالد وسالم أبو غليون وأمين الصانع، وبعد فترة قصيرة أطلق سراحهم .

وأكد فروانة بأن بعض الأسرى العرب استخدموا كرهائن وأوراق مساومة ، وفي أحياناً كثيرة رفضت سلطات الاحتلال إطلاق سراح بعضهم بعد انقضاء مدة حكمهم واستمرت باحتجازهم كورقة ضغط على الفصائل التي ينتمون لها ، أو محاولة لفتح خط اتصال وإقامة علاقات مع حكوماتهم ، حتى وان لم تكن بشكل رسمي .

وذكر فروانة أنه وقياساً إلى أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، فان الأسرى العرب عموماً لا يشكلون نسبة تُذكر ، لكن قياساً إلى أوضاعهم الإنسانية السيئة ، وانقطاع الزيارات وكل وسائل التواصل فيما بينهم وبين ذويهم إلا ما ندر ، والتقاعس الرسمي والشعبي في مساندتهم أحياناً وضعف التحرك السياسي والدبلوماسي تجاههم أحياناً أخرى ، وتدني مستوى الإهتمام الإعلامي بهم إلى أدنى درجاته ، وحجم التعتيم الإسرائيلي الكبير عليهم ، فانهم بحاجة لمزيد من الإهتمام على كافة المستويات ، ومن واجب الأمة العربية عامة والجامعة العربية خاصة ، احتضانهم ورعايتهم وإبراز معاناتهم والعمل على إطلاق سراحهم وتأمين عودتهم لذويهم وأوطانهم .