23/6/2009

غزة- 23-6-2009 – قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ بما تبتكره أجهزتها الأمنية المختلفة من تضييقات على ظروف احتجاز الأسرى ، وانتهاكات جسيمة لحقوقهم ، بل لجأت إلى الاستعانة بكل ما هو أكثر قسوة ، وأكثر انتهاكاً لحقوقهم الأساسية ، والإستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم المريرة في تشييد السجون وفي التعامل مع الأسرى ، حيث أبدع الاحتلال في الجمع ما المعاملة النازية والخبرة الإيرلندية والتجربة الأمريكية بجانب إبداعاته الإجرامية وتراكمها خلال العقود الماضية .

في الذكرى الرابعة لإستشهاد الأسير ” بني عودة “

جاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير له تناقلته وسائل الإعلام اليوم ، في الذكرى الرابعة لإستشهاد الأسير بشار عارف عبد الوالي بني عودة ( 26 عاماً ) من قرية طمون جنين في سجن ” جلبوع ” بتاريخ 23-6-2005 نتيجة الإهمال الطبي ، حيث يعتبر ” بني عودة ” هو أول أسير يستشهد في هذا السجن ، فيما إلتحق به الأسير فادي عبد اللطيف أبو الرُّب بتاريخ 28-12-2007 بسبب الإهمال الطبي أيضاً.

الاحتلال يجمع مابين ” النازية ” و” الإيرلندية ” والتجربة الأمريكية

وأضاف : بأن ” جلبوع ” هو سجن اسرائيلي شُيد خلال انتفاضة الأقصى بإشراف خبراء ايرلنديين ، وافتتح حديثاً في ابريل / نيسان 2004 ، ويعتبر السجن الأسوأ والأشد حراسة والأقسى ظروفاً ، فيما حاول الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى تشبيه معتقلاتها بتلك التي كانت قائمة إبان عهد النازية حينما افتتحت معتقل النقب في مارس / آذار عام 1988 في صحراء النقب وأجبر الأسرى على التعامل معهم بالأرقام وليس بأسمائهم ومن ثم افتتحت لاحقاً معتقلات أخرى بذات الشكل والمضمون ، وفي الفترة الأخيرة تعمل على نقل التجربة الأمريكية في ” غوانتانامو ” إلى سجونها من خلال تصعيد استخدام صفة ” مقاتل غير شرعي ” وفرض الزي البرتقالي .

الاحتلال يبحث عن تجارب أكثر قسوة

وعلى ضوء ذلك أكد فروانة بأن دولة الاحتلال قد نجحت في أن تجمع وببراعة ما بين ابتكاراتها العنجهية وانتهاكاتها الجسيمة التي لا تعد ولا تحصى ، وما بين خبرات وتجارب الآخرين ، في كل ما له صلة بانتهاكات حقوق الأسرى والتضييق عليهم وإساءة معاملتهم وظروف احتجازهم داخل سجونها ومعتقلاتها المتعددة ، لتتصدر بذلك دول العالم من حيث الأكثر انتهاكاً لحقوق الأسرى ، والأكثر إجراماً وتهرباً من مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاههم ، والأقل ديمقراطية وإنسانية ، والتزاما بالقانون الدولي الإنساني والإتفاقيات الدولية . وفي السياق ذاته أعرب عن أسفه الشديد لصمت وتخاذل المجتمع الدولي حيال ممارساتها تلك ، وعدم تحركه باتجاه لجمها والحد من إنتهاكاتها ، وإلزامها على تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرى وحقوقهم الإنسانية ، فغابت الملاحقة والمحاسبة وكأنها ” فوق القانون ” ، مما أدى إلى التمادي في الانتهاكات واتساع رقعتها وتصاعدها لتصل إلى مستوى الجرائم الإنسانية .

” سجن جلبوع “

وعن تشييد سجن جلبوع وظروفه أوضح فروانة : بأن سجن ” جلبوع ” تم تشييده خلال انتفاضة الأقصى في غور الأردن جنوب بحيرة طبريا بجانب سجن شطة ، وافتتح في ابريل 2004 ، ويقبع فيه لآن قرابة ( 760 أسيراً ) وحسب مصادر إسرائيلية عديدة فان خبراء ايرلنديون قد شاركوا في التخطيط لهذا السجن والإشراف على بنائه على طريقة السجون الايرلندية التي يعتقل فيها أفراد من الجيش السري الايرلندي ، وأضافت نفس المصادر آنذاك بأن مجموعة من ضباط ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية قد أرسلت إلى ايرلندا الشمالية قبل بناء السجن وزاروا عدة سجون هناك والتقوا بخبراء إيرلنديين واستفادوا من تجاربهم وخبراتهم .

فيما تصفه المصادر الأمنية الإسرائيلية بأنه السجن الأشد حراسة في ” اسرائيل ” والأكثر تعقيداً ومنعاً للهروب . وبيّن فروانة بأن ” سجن جلبوع ” أنشىء من الأسمنت المسلح ويحيطه جدار اسمنتي بارتفاع تسعة أمتار ويوجد أعلاه صاج مطلي يُستحال تسلقه ، كبديل عن الأسلاك الشائكة التي توجد عادة في جميع السجون الأخرى ، فيما قضبان نوافذه مصنعة من حديد تم تطويره في ” اسرائيل ” ويطلق عليه ” حديد نفحا ” يصعب نشره .

وأضاف : لقد تم إدخال ” عنصر سري ” تحت أرضية السجن ، ولا يسمح بالحفر ، وإن تم إخراج جزء من الباطون الذي يغطي أرض السجن يتحول لون أرضية الغرفة إلى لون آخر يشير إلى محاولة حفر خندق أو ماشابه مما يسهل اكتشافه من البداية .

ويقول فروانة : أنه وفي الوقت الذي تصفه سلطات الاحتلال بأنه الأشد حراسة وأنه بمثابة قلعة محصنة لايمكن الهرب منها ، فان الأسرى الفلسطينيين يعتبرونه الأكثر قسوة وقهراً وقساوة ، وأنه يفتقد لكل المقومات الانسانية الأساسية ، ويعاملون من قبل السجانين بقساوة وعنف ، ويعانون من الإكتظاظ حيث لا تكفي الأَسرة الموجودة في غرفهم لعدد الأسرى الموجودين هناك ، مما يجبر جزء منهم لإفتراش الأرض في ظل النقص الحاد في الفراش والأغطية ، بالإضافة إلى الحر الشديد وسوء الطعام والإهمال الطبي والتفتيش العاري وفرض الغرامات المالية لأتفه لأسباب .. الخ .

وفي السياق ذاته دعا فروانة كافة المؤسسات والهيئات الحقوقية التي تدعي الفلسطينية والعربية والدولية التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان ، بأن تتحمل مسؤولياتها وأن تتحرك بشكل عاجل لاقتحام كافة سجون ومعتقلات الاحتلال ، لاسيما ” سجن جلبوع ” والإطلاع عن كثب على ظروفه وما يجري بداخله من عمليات إعدام ممنهجة بحق من يقبعون بداخله وببطء شديد وبعيداً عن وسائل الإعلام ، .

لا قيمة للمؤسسات الحقوقية في ظل الصمت

واعتبر فروانة بأن لا قيمة ولا معنى للحديث عن مؤسسات حقوقية وإنسانية ، في ظل صمتها غير المبرر ولا مبالاتها لما يُرتكب بحق الآلاف من الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال من انتهاكات فاضحة لأبسط حقوقهم ، وجرائم إنسانية أدت إلى استشهاد المئات منهم بشكل مباشر أمثال بشار بني عودة وفادي أبو الرُب وفضل شاهين وجمعة موسى ..الخ ، وتحويل مئات آخرين إلى مرضى بأمراض مزمنة وخطيرة وخبيئة ، وإعدام الآلاف ببطء شديد بشكل غير مباشر من خلال منظومة من الإجراءات والانتهاكات ، فيما تقف تلك المؤسسات عاجزة منذ عقود بملاحقة ومحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات أو حتى إجبار حكومة الاحتلال على الالتزام بتطبيق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالأسرى والمعتقلين .

عبد الناصر عوني فروانة
أسير سابق ، وناشط مختص في مجال الدفاع عن الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان
www.palestinebehindbars.org