7/12/2006
بساعات صباح امس الباكرة , هدمت وزارة الداخلية 17 بيتاً تابعة لعائلة الطلالقة في قرية الطويل في النقب. حيث قدمت إلى القرية قوات كبيرة من الشرطة وهدمت البيوت مستعينة بستة جرافات (بولدوزورات). وقد تم خلال عملية الهدم إعتقال ثلاثة من سكان القرية اضافة للإعتداء جسدياُ على امرأة كانت متواجدة في القرية.
وعلمت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان من معلومات وصلتها من المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب أن أوامر الهدم قد تم إصدارها قبل سنة تقريباً، وبعد ذلك مباشرة تم تنفيذ الهدم بحق بيت واحدا، وقبل ثلاثة أشهر تم هدم سبعة بيوت أخرى في القرية، وها هم الآن يهدمون باقي بيوت القرية.
وتعتقد المؤسسة العربية أن حجم الهدم الذي تم يشير، وبشكل واضح لا يقبل الشك، إلى أنه يتم الحديث عن إخلاء قسري (بكل ما للكلمة من معنى) للسكان والمواطنين من مسكنهم، الذي هو في الأصل لا يصل إلى مستوى المسكن الملائم واللائق. فوفق المعلومات التي وصلت المؤسسة العربية فأن هدم البيوت شكل، في الواقع، محو القرية بكاملها بهدف تهجير كافة سكان القرية . وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استعمال عدد كبير من الجرافات والبولدوزورات من أجل تنفيذ أوامر هدم (ففي المرات السابقة تم استعمال جرافتين على الأكثر). فإذاً، الحديث لا يدور عن هدم بيت أو بيتين في القرية، بحجة البناء بدون ترخيص رسمي، بل عن إخلاء قرية بأكملها، في محاولة غير شرعية لترحيل سكانها من قريتهم.
أن كل إدعائات المؤسسات الرسمية حول هدف تنفيذ أوامر الهدم هذه – أي تنفيذ وتقوية سلطة وسيادة القانون!! – باطلة بالكامل. حيث أن قوانين حقوق الإنسان تمنع مثل هذه الانتهاكات باعتبارها خرقاً صارخاً لقواعد حقوق الإنسان ومعاييره الدولية، ولا سيما الحق في السكن اللائق والملائم والحماية من كل اشكال الإخلاء القسري.
القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي التزمت إسرائيل باحترامه، يحمي حق الإنسان في السكن الملائم. المادة 25(1) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ينص على أن “لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه”. وفي 10 آذار 1993 تبنت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان القرار رقم 1993/97 الخاص بالإخلاء القسري، حيث أكدت اللجنة أن ممارسة الإخلاء القسري يمثل خرقاً جسيماً لحقوق الإنسان خاصة الحق في السكن الملائم. كما يعتبر هدم البيوت والإخلاء الذي نفذته حكومة إسرائيل ضد المواطنين العرب في النقب مخالفة صريحة للمادة 11(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية من العام 1966 (الذي صادقت عليه اسرائيل منذ العام 1992)، والذي يقر بحق الإنسان بمأوى ملائم.
وعلى الرغم من ان القوانين المحلية – أي قوانين التخطيط والبناء – تسمح بهدم البيوت بحجة “البناء غير المرخص”، فأن تنفيذ هذه القوانين يجب أن يكون بروح الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان. وقد نشرت المحكمة العليا الإسرائيلية الكثير من قرارات الحكم، التي تفيد بأن تنفيذ أي صلاحية في القانون – بما في ذلك تنفيذ صلاحية هدم البيوت وفق قوانين التخطيط والبناء – يجب أن تتم دون خرق لمبادئ وقوانين حقوق الإنسان، محلية كانت أو دولية. أن الهدم المركز للبيوت الذي حصل في قرية الطويل يشكل خرقاً فظاً لحقوق الإنسان، وبالتالي ممنوع منعاً باتاً، حتى وأن سمحت به القوانين المحلية. وعليه، تطالب المؤسسة العربية لحقوق الإنسان كافة المؤسسات الرسمية لدولة إسرائيل الكف عن إنتهاك القانون الدولي، والإمتناع عن هدم البيوت في النقب، بل وتطالبها بالإعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها كجزء من واجبها بحق مواطنيها بتوفير ظروف معيشية لائقة.
كما تتوجه المؤسسة العربية لحقوق الإنسان الى الأسرة الدولية بالتحرك العاجل للعمل لتنفيذ التزاماتها، بكافة الوسائل الممكنة والمطلوبة، من أجل وقف مسلسل هدم البيوت في النقب، الذي بات، وللأسف، مسلسل أسبوعي متكرر وجزء من السياسة الرسمية للدولة، التي تهدف إلى ترحيل المواطنين العرب من قراهم التاريخية دون وازع أو رادع. وتدعو دول الإتحاد الأوروبي مجتمعة ومنفردة لرفع صوتها وإسماع صوتها باعتبار عمليات الهدم والإخلاء القسري منافية لكافة الإتفاقيات الدولية الموقعة بينها وبين الحكومة الإسرائيلية، وخاصة اتفاقيات الشراكة واتفاقيات الجيرة التي يعاد هذه الأيام مراجعتها بين الطرفين. وتعلن المؤسسة عن نيتها متابعة المراسلات مع السفارات والمؤسسات الدولية لحثها للتحرك بهذا الشان.