11 ابريل / نيسان 2008
نيويورك

هيومن رايتس ووتش – HRW

قوات الأمن تعتقل أحد زعماء حركة مناصرة للديمقراطية

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الحكومة المصرية إجراء تحقيق محايد في استخدام الشرطة للقوة ضد المتظاهرين في مدينة المحلة الكبرى الصناعية. وأفاد المراسلون الصحفيون بأن الشرطة ربما استخدمت قوة مميتة ومفرطة لا ضرورة لها، رداً على التظاهرات الموسعة – والعنيفة في بعض الأحيان – يومي 6 و7 أبريل/نيسان 2008.

وقد استخدم عناصر الشرطة في زي مكافحة الشغب الذخيرة الحية والرصاصات المطاطية لقمع التظاهرات التي نشبت ضد الأجور الضعيفة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وهذا طبقاً لشهود عيان تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش. ولاقى شخص في الخامسة عشر من عمره مصرعه، ويبدو أن عناصر من الشرطة هي الفاعل، وأصيب أكثر من 100 شخص آخرين، منهم من فقدوا أعينهم جراء إطلاق الرصاصات المطاطية عليهم. واحتجزت الشرطة عدة صحفيين كانوا يحاولون تغطية التظاهرات.

وقال جو ستورك، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “السؤال الذي ينبغي أن تجيب عليه الشرطة المصرية هو كيف ولماذا تعرض طفل للقتل وتعرض العشرات للإصابات جراء رد الشرطة على تظاهرات المحلة”. وتابع قائلاً: “ويظهر من الأدلة التي تم استخلاصها من الشهود أن الشرطة استخدمت قوة مميتة ومفرطة لا ضرورة لها”.

وكانت أحزاب المعارضة وبعض القيادات العمالية في المحلة – وهي مدينة تقع على مسافة 120 كيلومتراً تقريباً شمالي القاهرة وهي معقل أكبر مصنع غزل ونسيج تملكه الدولة في مصر – قد دعت إلى إضراب عن العمل في 6 أبريل/نيسان قبيل يومين من الانتخابات المحلية المزمع عقدها في شتى أنحاء البلاد. وقاموا بإلغاء الإضراب بعد أن قام عناصر أمنية في ثياب مدنية بحصار مبنى مصنع شركة مصر للغزل والنسيج ودخوله صباح يوم 6 أبريل/نيسان. إلا أنه إثر انتهاء فترة الدوام الصباحي، خرج بعض العمال والآلاف من سكان المحلة إلى الشوارع في تظاهرات استمرت حتى اليوم التالي.

والواضح أن الشرطة أطلقت الرصاصات التي تسببت في مقتل أحمد علي مبروك حماده، البالغ من العمر 15 عاماً، وهو واقف في شرفة منزل أسرته بالطابق الثالث على مقربة من ميدان الجمهورية بالمحلة، ليلة 6 أبريل/نيسان. وقال خال الصبي، علاء الشبيني، لـ هيومن رايتس ووتش إنه “حوالي الساعة الحادية عشر والنصف مساءً أو في منتصف الليل، استيقظ أحمد من نومه بسبب الصخب [الناتج عن التظاهرات] في الشوارع، وخرج إلى الشرفة ليشاهد”. وأصيب أحمد بطلق ناري قاتل بعد أن خرج إلى الشرفة. وطبقاً لشهود عيان قابلتهم هيومن رايتس ووتش، فلم يطلق أحد الذخيرة الحية أثناء التظاهرات سوى الشرطة.

وفي السياق ذاته، قامت عناصر أمن الدولة في 9 أبريل/نيسان باعتقال جورج إسحق، أحد أبرز قيادات حركة كفاية المعارضة، من منزله بالقاهرة. وقال ابن جورج إسحق للمراسلين إنه تم اصطحاب والده – أحد النشطاء البارزين المناصرين للديمقراطية – في سيارة مدنية إلى مكان غير معلوم. أما خالد علي، المحامي من مركز هشام مبارك للقانون، والذي يمثل جورج إسحق، فقال لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات نسبت إلى إسحق الاتهامات بالتآمر لتنظيم المظاهرات العنيفة والاعتداء على عناصر الأمن، واللجوء إلى العنف من أجل تغيير الحكومة، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. وقال خالد علي إنه حتى 10 أبريل/نيسان كان إسحق ما زال خاضعاً للاستجواب. وقد اتصل بمحامين لكن لم يُسمح له بتوكيل محامٍ أثناء استجوابه.

وكانت حركة كفاية قد دعت إلى إضراب في شتى أرجاء البلاد احتجاجاً على ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة، وقالت في 3 أبريل/نيسان إنها تعتزم دعم التظاهرات المزمع تنظيمها في الجيزة، تضامناً مع إضراب عمال المحلة المُخطط لعقده في 6 أبريل/نيسان. وقال مؤسس حركة كفاية، عبد الحليم قنديل، للصحافة، إن الشرطة اعتقلت أكثر من 50 من عناصر كفاية منذ نشوب التظاهرات في المحلة يوم 6 أبريل/نيسان.

ويعيش 40 في المائة تقريباً من سكان مصر تحت أو حول خط الفقر الرسمي كما حددته الأمم المتحدة، والمُقدر بدولارين يومياً. وطبقاً للإحصاءات الرسمية المصرية، فقد ارتفع متوسط أسعار الطعام بنسبة 26.5 في المائة خلال العام المنقضي، فيما ما زالت معدلات دخل الطبقتين المتوسطة والدنيا ثابتة، طبقاً للتقارير الإعلامية.

وفي 5 أبريل/نيسان، قبيل الاحتجاجات المخطط لها، أدانت وزارة الداخلية “التيارات غير الشرعية” التي طالبت بإضراب وأعلنت عن “اتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية وحازمة إزاء أي محاولة للتظاهر أو تعطيل المرور أو إعاقة العمل بالمرافق العامة أو التحريض على أي من هذه الأفعال”.

وقال عدة شهود عيان على تظاهرات المحلة لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة استخدمت رصاصات مطاطية وذخيرة حية وقنابل مسيلة للدموع ضد المتظاهرين. وقال محمد الدهب مراسل صحيفة الدستور المعارضة إنه بعد ظهر يوم 6 أبريل/نيسان، شاهد مئات الأشخاص، والعديد منهم من الشباب صغار السن، متجمعون في ميدان الشون بالمحلة. وقال: “تقدم الأمن منهم وراح يطلق الرصاصات المطاطية والذخيرة الحية. ورأيت أشخاصاً أصيبوا بأعيرة نارية، وأصيب رجل بطلق ناري في الركبة”. وفر المتظاهرون إلى الشوارع الجانبية وراحوا يخرجون من الحين للآخر لرمي الشرطة بالأحجار، فردت الشرطة بإطلاق النار ومهاجمة المتظاهرين بالعصي، حسب ما قال محمد الدهب.

ووصفت تقارير لوكالة أنباء أسوشيتد برس رجال الشرطة في زي مكافحة الشغب وهم يجرّون المتظاهرين على الأرض ويقومون بضربهم باللكمات والعصي. واقتبست تقارير إعلامية أخرى قول أحد العاملين بقسم الطوارئ بمستشفى المحلة، إذ قال إنه تم نقل سبعة أشخاص مصابين بجروح حرجة في المظاهرة إلى مستشفى بمدينة المنصورة القريبة من المحلة.

ويبدو أن العنف بدأ في المحلة بعد أن مزقت الحشود لافتة مضيئة بميدان الشون تعرض صورة الرئيس حسني مبارك، في 6 أبريل/نيسان. وقال شاهد طلب عدم ذكر اسمه لـ هيومن رايتس ووتش إنه شاهد الشرطة تضرب المتظاهرين بعنف حوالي الساعة الرابعة مساءً، رداً على تمزيق المتظاهرين للافتة. وقال المراسل محمد الدهب إنه شاهد الشرطة تقوم بضرب أشخاص مقبوض عليهم يوم 6 أبريل/نيسان.

وتفشت التظاهرات في كافة أرجاء المحلة وليس من الواضح كيف انتقلت أحداث العنف إلى كافة المناطق هناك. وتناقلت التقارير إلقاء المتظاهرين الأحجار والزجاجات الحارقة التي تسببت في إصابة خمسة رجال شرطة في ميدان المحلة الرئيسي في وقت لاحق من ليلة الأحد، بالإضافة لإحراق مدرستين وممتلكات أخرى. وقال شاهد آخر طلب عدم ذكر اسمه لـ هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين أحرقوا إطارات السيارات ونهبوا أحد المطاعم ويملكه أحد أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم.

وقال جو ستورك: “حقيقة أن بعض المتظاهرين تصرفوا بعنف لا تعطي الشرطة المصرية الحق في ضرب المتظاهرين أو إطلاق النار عليهم”. وأضاف: “على الشرطة أن تحافظ على النظام، لكن عليها أثناء هذا أن تتخذ إجراءات ملائمة للتحكم في حركة الاحتجاجات، وليس مهاجمة الأشخاص عشوائياً أو باللجوء لاستخدام القوة غير المتناسبة مع درجة جسامة أعمال المتظاهرين”.

وثمة معايير دولية حاكمة لاستخدام الشرطة وقوات الأمن للقوة. وجاء في مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون أنه: “لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم”. وجاء في مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية مطالبة مسؤولي إنفاذ القانون بتطبيق وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة، وأن يقتصر استخدام القوة على القدر المناسب والملائم لدرجة جسامة الفعل المستوجب لاستخدام القوة، وألا يتم استخدام القوة المميتة إلا حين لا يكون هنالك بديل لها من أجل حماية حياة الأشخاص.

أما جيمس باك، المراسل الصحفي الأميركي الحر الذي زار مصنع نسيج المحلة يوم 6 أبريل/نيسان، فقد وصف لـ هيومن رايتس ووتش التواجد الأمني المكثف من عناصر أمنية في ثياب مدنية داخل وحول المصنع الذي ظل مفتوحاً.

وقال باك إنه حين حاول تصوير المصادمات بين المتظاهرين والشرطة في السادس من أبريل/نيسان، طاردته شرطة مكافحة الشغب وألقت الأحجار عليه. واعتقلت الشرطة باك في المحلة يوم 10 أبريل/نيسان. وليس من الواضح طبيعة الاتهامات التي ستوجه إليه، إن وجدت. واحتجزت الشرطة عدة صحفيين آخرين، منهم مصور الجزيرة ومساعده، أثناء محاولة تغطية أحداث التظاهرات.

واقتبست التقارير الصحفية قول مصادر حكومية إن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 300 متظاهر في المحلة يومي 5 و6 أبريل/نيسان. وما زال من غير الواضح كم يوجد من أشخاص رهن الاحتجاز حتى الآن، أو مكان احتجازهم. وقال باك لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 6 أبريل/نيسان تجمع زهاء 200 شخص أمام قسم الشرطة في وسط مدينة المحلة، للمطالبة بالإفراج عن أقاربهم. والواضح أن الكثير من المحتجزين من صغار السن أو الأطفال. وتناقلت التقارير قول الشرطة للمتجمعين إنه ليس بإمكانها – الشرطة – إمدادهم بقائمة بأسماء كل المحتجزين بعد.

وفي 8 أبريل/نيسان، زار رئيس الوزراء أحمد نظيف المحلة، وتناقلت التقارير وعده لعمال الغزل والنسيج بمكافأة بقيمة راتب شهر وبامتيازات أخرى.

لمزيد من المعلومات، يُرجى الاتصال:
في القاهرة، جاسر عبد الرازق (العربية والإنجليزية): +20-10-502-9999 (خلوي)
في نيويورك، بيل فان إسفلد (الإنجليزية): +1-212-216-1868
في واشنطن، إريك غولدستين (الإنجليزية والفرنسية): +1-202-612-4364