25/1/2008

يعيش في إسرائيل أكثر من مليون عربي، يشكلون نحو 20% من مجموع مواطني الدولة. هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه هم مواطنو الدولة اليهودية. ويشعرون بانتماء قوي لقوميتهم العربية- الفلسطينية، وبالذات للفلسطينيين الذين يعيشون في الاراضي المحتلة.

الدولة تعرف نفسها بأنها “دولة يهودية”، أي انها دولة الشعب اليهودي، لكنها ايضا ملزمة، وفق المعايير التي حددتها هي نفسها كـ”دولة ديمقراطية”، ان تتعامل بمساواة تجاه مواطنيها الفلسطينيين. وحسب رأي معظم مواطني الدولة اليهودية، لا يوجد تناقض بين جزئي التعريف للدولة، “يهودية” من ناحية و”ديمقراطية” من الناحية الاخرى.

ولكن بشكل فعلي، فإن الفلسطينيين في اسرائيل، الذين يعتبرون وفق التعريف الرسمي “مواطني” الدولة، هم مواطنون من الدرجة الثانية. ولا نقول ذلك من باب المبالغة. فهم، منذ قيام الدولة، يعانون تمييزا مؤسساتيا وشعبيا، من طرف المؤسسات والجهات الرسمية للدولة ومن طرف المواطنين اليهود على حد سواء. وهذا التمييز هو، بالاساس، بسبب انتمائهم القومي- الوطني كعرب وكفلسطينيين.

ورغم انه قيل الكثير وكتب الكثير حول التمييز، الذي يتعرض له الفلسطينيون في اسرائيل، وسيسيل بعد الكثير من الحبر لوصفه، الا ان هذا التمييز مخفي ومموّه وغير معروف للعديدين. ولا بدّ من عين فاحصة لإظهاره وفضحه وكشفه على الملأ. المواطنون الفلسطينيون يدركون تماما أن هذا التمييز قائم، بشكل منهجي، بل متأصل، من مجرد تعريف الدولة كدولة يهودية. وتكاد الأسرة الدولية لا تعرف شيئا عن وجود المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل، وإن كانت تعرف عن وجودهم، فإنها بالتأكيد لا تعرف شيئا عن التمييز الذي يعانونه.

ومن هذا المنطلق، قررت المؤسسة العربية لحقوق الانسان نشر “يوميات التمييز” (بثلاث لغات) وهي عبارة عن توثيق لقصص شخصية لمواطنين فلسطينيين عاشوا على جلودهم التمييز المؤسساتي والشعبي، الذي يواجهونه في حياتهم اليومية. وتأمل المؤسسة العربية، بواسطة هذه اليوميات، ان تدخل الى الوعي الجماهيري موضوع التمييز تجاه المواطنين الفلسطينيين من خلال كشفه وفضحه، من منطلق ايمانها بأن كشف التمييز، وبالتالي إدخاله في الوعي الجماهيري، هو خطوة هامة نحو وقفه والقضاء عليه.

وننشر هنا التقرير الاول من سلسلة “يوميات التمييز” تحت عنوان “عرفات الصغير”. ويوثق التقرير قصة عرفات الوحيدي، طفل لا يتعدى عمره السنة ونصف السنة من حي الجواريش في الرملة، الذي اراد والده ادخاله الى حضانة يهودية. ويصف التقرير رحلة البحث المذلة للوالد من حضانة الى أخرى، في الوقت الذي تختلق فيه كل حضانة ذريعة “موضوعية” لعدم استطاعتها قبول عرفات، في حين أن السبب الأوحد والوحيد هو أنه عربي واسمه “مشبوه” (“عرفات”).