1/4/2008
أكد فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى أن جهاز المخابرات الإسرائيلي مازال يبتدع طرق وأساليب جدية من أجل تجنيد الأطفال الأسرى “عملاء” يعملون لصالحه، غير آبهين لخسة الوسيلة أو الطريقة التي يقومون من خلالها بتجنيد هؤلاء الأطفال للعمل لصالحهم وتفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
ومن بين هذه الأساليب الرخيصة والخسيسة عملية تجنيد الأطفال الأسرى صغار السن ممن لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عام ممن انخرطوا في مقاومة الاحتلال من خلال قذف الحجارة أو رفع العلم الفلسطيني أو المشاركة في مظاهرة على ظلم وقع عليهم.
ضغوط وإهانات واستغلال وابتزاز
ويشير الخفش أنه رأى “بأم عيني أطفال – والله – لم تتجاوز أعمارهم الـ12 عام وفي بعض الأحيان 14 عام في مراكز التوقيف وفي سجون الاحتلال وذلك خلال اعتقالاتي المتكررة في سجون الاحتلال”، وإنني –والكلام للخفش- “جلست مع الكثيرين منهم وذلك من خلال عملي في وزارة شؤون الأسرى، وكنت أجلس وأسمع لما تعرضوا له من ضغوط وامتهان للكرامة وابتزاز واستغلال لضعف هذا الطفل والذي لو شاء له الله أن يولد في دولة ما، لكان حتما من المنعّمين وممن يتوفر لهم كل شيء، لكن ظروف البلاد التي تقع تحت احتلال لا يخفى على أحد.
ويضيف الخفش “كانوا يحدثوننا عن قصص تدل وبشكل لا يدع مجالا للشكل أن هذا الجيش وهذا الاحتلال قد فقد آدميته وتخلى عن إنسانيته”، والحديث هنا بطبيعة الحال ليس عن قتل طفل كمحمد الدرة، ولا قتل طفلة كإيمان حجو، لأن القتل سهل وأرحم بكثير من التعذيب والتهديد ورؤية دموع الطفل المضطهد في سجون الاحتلال، كما أن صوته يتحشرج راجيا من عدوه – معدوم الإنسانية – أن يطلق سراحه وألا يضربه كما يضرب الحمار”.
طفل صغير في زنزانة قذرة
ويقول الخفش: “أن تضع طفل صغير في زنزانة لوحده لمدة أسبوع وتحقق معه على رشق دوريه بحجارة وتهدده كل يوم بأنه سيغتصب وتجبره أن يسمع ألفاظ غاية في السوء وأن يتم إبراز أعضاء تناسلية لأطفال صغار لتجعلهم يشعروا بالرعب من فداحة المنظر أمر لا يقوى على تحمله الكبير فما بالك بطفل صغير لم ينبت شعر وجهه ولم يشتد عوده بعد”.
ويضيف: “أن تصرخ في وجه طفل كل يوم، وتهدده باعتقال شقيقته وتهديده في كل لحظة، كل ما هو منافي للقيم والأخلاق، أمر محطم للنفسية قاتل للروح باعث على الانتحار”.
الاحتلال يستغل ضعف الطفل الفلسطيني الأسير
ويشير الخفش إلى أن دولة الاحتلال تستغل ضعف الطفل الفلسطيني الأسير ورغبته الشديدة في الإفراج ورؤية والدته وإخوانه، بالإضافة إلى جهل هذا الطفل بالقوانين والأحكام العسكرية وتساومه على حريته أو تخفيف حكمه مقابل الإفراج عنه من السجون، والمقابل أن يعمل لصالحها، ولا يطلب منه المحقق في البداية إلا نقل بعض الأخبار البسيطة أن علم بأي خبر وان لم يعلم بشيء فلا إشكال في ذلك.
ويعرّج الخفش على بدء مرحلة من مراحل الإغراء التي سبقها تهديد وضرب وصراخ بأن وضع والدك المالي سيتحسن وسنعطيه تصريح للعمل في (إسرائيل) أو السماح له بالسفر، أي أن يحاولون إغراء هذا الطفل حسب وضع أهله ووضعه، وكل ذلك بالطبع لإسقاطه في حبال العمالة.
أساليب الاحتلال تتنافى كليا مع الأخلاق والقيم
ويشدد الخفش على أن الاحتلال وأجهزة مخابراته لا يتوانون عن استخدام أي طريقة أو أي أسلوب مهما كان مناف للأخلاق في محاولة إسقاط الإنسان الفلسطيني وتجنيده في وحل العمالة والخيانة، حتى وصل الأمر إلى تجنيد الأطفال الأسرى، والذين يزيد عددهم الآن في سجون الاحتلال نحو 300 طفل.
ويوضح الخفش أن تقارير إخبارية قد كشفت النقاب عن ضغط مخابرات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين المرضى والجرحى وابتزازهم في حاجتهم للعلاج كي يتخابروا معه ويزودوهم بأخبار المقاومة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وفي أحيان كثيرة يتم منع الكثيرين من العلاج، مع أن الحق في العلاج كفلته جميع الشرائع والقوانين الإنسانية والدولية.
إسقاط الأطفال الأسرى واستخدامهم كـ “عملاء”
ويؤكد الباحث في شئون الأسرى أن هناك حرب مرسومة ومدروسة ومتعمدة يسير عليها جهاز الشاباك الصهيوني تجاه الأطفال المعتقلين بهدف زرع أكبر عدد من العملاء في صفوف هذا الشعب وبين هذه الأجيال الفلسطينية وتدمير مستقبلهم، أستطيع أن أجزم وأقول أن كل الأطفال الأسرى يتم عرض الارتباط عليه ويتم مساومتهم بشتى الوسائل وبالذات الضرب والتهديد بالاغتصاب من أجل إيقاعهم في مستنقع العمالة.
ويستعرض الخفش بالقول: “يمكن للجميع أن يتحدث عن القوانين والاتفاقيات الدولية كما يشاء ويريد، ولكن من دون أن يكون لسكان الأرض المحتلة صلة بذلك أو أي علاقة، فالأمر حين يصل لفلسطين تتوقف القوانين وتعطل الاتفاقات فميثاق جنيف وحقوق الإنسان ليس هنا للتطبيق فقط هي للقراءة والتمني أن يأتي ذلك اليوم الذي تطبق فيه هذه القوانين على الأرض المسلوبة التي يقتل أطفالها من دون حجج ويؤسر الصبية فيها وتحطم نفسيتهم ومعنوياتهم من دون إبداء أسباب”.
ويضيف “ففي العام 1989، أقرّ زعماء العالم بضرورة وجود اتفاقيه خاصة لأطفال العالم خاصة بهم وتهتم بأمورهم، لأنه غالباً ما يحتاج الأشخاص دون الثامنة عشر إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار، كما أراد الزعماء أيضاً ضمان اعتراف العالم بحقوق الأطفال”.
حقوق الطفل المعدومة
ويردف “ومن المؤكد أن المقصود هنا أطفال السويد والنمسا و(إسرائيل) وليس أطفال فلسطين، كما تتضمن الاتفاقية 54 مادة، وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان – ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية”.
ويوضح “وتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة في: عدم التمييز، تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل، والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء، وحق احترام رأى الطفل”.
وقفة جدية أمام انتهاكات الاحتلال
وقد طالب الخفش في ختام تقريره الذي يتعلق بقضية إسقاط الأطفال الأسرى؛ المجتمع الدولي للوقوف بشكل جدي أمام هذه الانتهاكات والتداعيات على القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، كما طالب مؤسسات الطفل أن تسلط الضوء على المعاناة التي يعانيها أطفال فلسطين الأسرى والمختطفين في سجون الاحتلال.