9/6/2006

يعتبر الحق في الضمان الاجتماعي من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تنص عليها مجموعة من العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وهي لاتقل أهمية عن الحقوق المدنية و السياسية . ويستفيد الأجراء المصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي من تعويضات عن العجز المؤقت الناتج عن الأمراض والحوادث ، وعن الزمانة وعن الإحالة عن التقاعد الجزئي ، هذه التعويضات التي تبقى ضعيفة ولا تتناسب وتكاليف عيش الأطفال وما تحتاجه الأسر من تغذية ومسكن ولباس ، ولاتغطي إلا نسبة أو جزء من الأجرة التي يتقاضاها العامل مقابل عمله أما التعويضات العائلية أو عن الوفاة فهي جد بسيطة ، ناهيك عن أعداد كبيرة من العمال الذين لايتقاضون أي تعويضات عائلية بسبب حرمان العديد من المؤسسات مستخدميها وعمالها من الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي أمام تقاعس المراقبة الإدارية للمصالح المختصة .

المرجعية الدولية والوطنية للحقوق الاجتماعية (الحق في الضمان الاجتماعي )
تعتبر المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان وكذا التوصيات والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية من أهم مرجعيات الحقوق الاجتماعية وتتمثل في مجموعة من العهود والاتفاقيات :

    • ـ المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ” لكل شخص بصفته عضوا في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية “.
    ـ المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : ” لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة ، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش الكريم نتيجة لظروف خارج عن إرادته “

. المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية : “تقر الدول الأطراف في العهد الحالي بحق كل فرد في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الإجباري”.

    • ـ المواد 10 ـ 11 و 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى مجموعة من التوصيات والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية :
    • ـ التوصية 67 لسنة 1944 حول المقاييس العامة التي تهم ضمان أسباب العيش .
    • ـ الاتفاقية 102 لسنة 1952 حول المقياس الأدنى للضمان الاجتماعي
    • ـالاتفاقية 118 لسنة 1962 حول المساواة بين عمال البلد والأجانب في مجال الضمان الاجتماعي .
    • ـالاتفاقية 157 لسنة 1982 حول إقرار نظام دولي للحفاظ على الحقوق في مجال الضمان الاجتماعي .
    ـالتوصية 167 لسنة 1983

أما فيما يخص التشريعات الوطنية ذات الصلة فيعتبر الظهير بمثابة قانون رقم 184.72.1 المؤرخ ب 27 يوليوز 1972 والمعدل في شهر أبريل 2004 المرجعية الأساسية والقانونية المؤطرة لنظام صندوق الضمان الاجتماعي والذي يحدد المحاور الأساسية التالية : تحسين التدبير المحكم للصندوق ـ عقلنة الخدمات المقدمة ـ تحسين جودة الخدمات ـ تدعيم ميدان المراقبة وميدان التفتيش ـ تسوية الإطار القانوني لمؤسسات العلاج التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأهم ما تضمنه هذا القانون : التأمين الاختياري ، التسيير الإداري للصندوق ، مراقبة تطبيق مقتضيات الظهير من لدن المشغلين ، التصريح بالأجور وما يترتب عن عدم الإدلاء بها وكذا عن كل نقص في التصريح بالأجور أو على إغفال كل مأجور من غرامات ، التعويضات القصيرة الأمد ، التعويضات العائلية والشروط الواجب توفرها للاستفادة منها ، التعويضات الطويلة الأمد ، النزاعات التي تنظر فيها المحاكم المختصة باستثناء القضايا الجنائية والنزاعات الراجعة بحكم نوعها إلى قضاء آخر، والقضايا المسواة بالمراضاة بين الشخص المسؤول والمؤمن له أو ذوي حقوقه لايمكن التعرض بها إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مالم يكن هذا الصندوق قد استدعي للمشاركة في ذلك بواسطة رسالة مضمونة ولايمكن أن تصبح نهائية إلا بعد مرور ثلاثين يوما على توجيه الرسالة المذكورة ، الغرامات التي يتعرض لها المشغل الذي لايمتثل لمقتضيات الظهير ، تقادم الدعوى التي يقيمها المؤمن له لأداء التعويضات اليومية عن المرض والحوادث والولادة والتعويضات العائلية بمضي خمس سنوات ويجب على المؤمن الذي يستفيد من التعويضات الصادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يطالب بها داخل أجل خمس سنوات مالم تحل دون ذلك قوة قاهرة .

واقع الحق في الضمان الاجتماعي على مستوى إقليم بركان
يحرم عدد كبير من العمال والمستخدمين بالتصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبالتالي حرمانهم من الاستفادة من أية حماية أو رعاية اجتماعية علاوة على أن المنخرطين منهم لايستفيدون على النحو الكامل من هذا النظام، كما أن الاستفادة من التقاعد تتطلب توفير 3240 يوم مصرح بها لدى الصندوق ويقتطع من أجرة العامل المصرح به بما مجموعه 12 % الثلثين (8 % ) يؤديها رب العمل والثلث (4 % ) تقتطع من أجرة العامل ، أما بالنسبة للتغطية الصحية الإجبارية فيقتطع 5 % من أجرة العامل (3 % يؤديها رب العمل و 2 % يؤديها العامل ) ، وبحكم الطابع الفلاحي للإقليم فإنه يتوفر على عدد كبير من العمال الزراعيين ( حوالي 10 آلاف عامل دائم و مايفوق 15 ألف عامل موسمي ويعاني أغلبية هؤلاء العمال من الحرمان من التغطية الصحية بسبب الفراغ القانوني كما يلاحظ بشكل عام تهرب العديد من المشغلين في مختلف القطاعات من التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، عدم التصريح بجميع أيام العمل للعمال وبالتالي ضياع جزء من معاشهم عند التقاعد وعدم الانتظام في تسديد مستحقات الصندوق ، وقد تعذر علينا الحصول على إحصائيات مدققة حول كل المستفيدين من خدمات الضمان الاجتماعي بسبب عدم وجود أرقام انخراط متسلسلة خاصة بمنخرطي كل إقليم ، بالإضافة إلى صعوبة التواصل مع كل العمال والمستخدمين خاصة في القطاع الفلاحي .

وفي ما يلي بعض الإحصائيات:

    • ـ عمال ومستخدمي الصيدليات: مصرح بهم 100 % تقريبا ـ أرباب المقاهي : 80 % منهم منخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
    • ــ محطات تلفيف الحوامض : 80 % من مستخدميها مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي ـ الضيعات الفلاحية ومقاولات البناء : التصريح بعدد قليل من العمال .
    ـ مقاولات الصناعة التقليدية الخدماتية : (النجارة ، الميكانيك ، المطالة ، …) جلهم لايصرحون بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

وتجدر الإشارة إلى أن جل المقاولات الصناعية والخدماتية وكذا الضيعات الفلاحية لايصرحون بجميع العمال ولا بجميع أيام العمل الفعلية .

أما عدد المنخرطين في الصندوق بالقطاع الفلاحي والصناعي والخدماتي بشكل عام فيصل إلى 958 منخرط بإقليمي بركان وتاوريرت ، وفيما يخص مجموع العمال والمستخدمين المصرح بهم فيصل عددهم حوالي 12000 مستفيد منهم 7500 من القطاع الفلاحي والباقي من القطاعين الصناعي والخدماتي ( إحصائيات تم الحصول عليها من طرف وكالة الضمان الاجتماعي ببركان ).

بالإضافة إلى هذا فقد حرم مجموعة من عمال شركة سيكور من خدمات الضمان الاجتماعي والذين كانت تخصم من أجورهم مستحقات الصناديق عن كل شهر منذ سنة 1982 وخاصة العمال الزراعيين الذين لم يسجلوا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل نهائي رغم حصول أغلبيتهم على بطائق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا أرقام الانخراط ، أما عمال القطاع الصناعي فقد توقفت عملية تسجيلهم في الصندوق منذ 1998 ، وعند تفويت شركة السيكور سنة 1993 إلى أحد التعاونيات بموجب عقد من طرف المدير العام للشركة تم تشريد 39 عاملا صناعيا و37 عاملا من القطاع الفلاحي ، بلغ العديد منهم سن التقاعد كما توفي البعض الآخر دون الاستفادة بأي تعويض أو تأمين وقد خاض العمال عدة معارك منذ 1993 من أجل التعويضات المادية عن الطرد وكذا تسوية وضعياتهم في التقاعد والتأمين الصحي ( الصندوق المهني للتقاعد : CIMR ـ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ) حيث توجت هذه المعارك بعقد اجتماع بمقر وزارة القطاع العام والخوصصة بتاريخ 18/05/1999 برئاسة الكاتب العام للوزارة وبحضور ممثلين عن العمال وممثلين عن المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل وممثلين عن مكتب التنمية الصناعية ، وزارة الاقتصاد والمالية وزارة التجارة والصناعة ، وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني وقد تم خلال هذا الاجتماع التوقيع على اتفاقية تتضمن حلا توافقيا يمنح العمال التعويضات المحددة من طرف الخبير مع إضافة 10 أشهر من الأجور الإضافية وتسوية الوضعية الاجتماعية المتعلقة بمتأخرات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد إلا أن هذه الاتفاقية لم تترجم على أرض الواقع حيث تم التقليص من التعويضات مع خصم مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون أن تصل هذه المستحقات للصندوق رغم مراسلة مجموعة من الوزارات والاتصال بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ببركان والإدلاء بجميع الوثائق التي تثبت خصم مستحقات الصندوق من أجور العمال ، كما عقد مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببركان عدة لقاءات مع رئيس وكالة الضمان الاجتماعي ببركان الذي أكد أن شركة سيكور لم تؤدي مستحقات الصندوق مما حرم العمال من الاستفادة من خدمات الضمان الاجتماعي الذين لم يبق لهم إلا اللجوء إلى القضاء من أجل إنصافهم ورفع الضرر عنهم .

أما عمال شركة كابجيل المختصة في تبخير السمك فقد عانى ولازال 21 عاملا تعرضوا للطرد من العمل منذ شهر يوليوز 2005 بسبب مطالبتهم بإدراج أيام العمل الفعلية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حيث كان رب العمل يصرح ب 13 يوم عمل بدل 26 يوم وهناك من العمال من لازار يقاضي الشركة من أجل الحصول على حقوقه المشروعة .

أما شركة مطحنة السعادة فقد قضى بها 11 أجيرا من 3 إلى 13 سنة عمل دون التصريح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي إلى أن خاضوا سلسلة من المعارك النضالية (اعتصام لمدة شهر ونصف أمام باب الشركة ) تم على إثرها إجراء صلح بين العمال والشركة تم الاتفاق فيه على التصريح بالعمال ابتداء من 2002 و 2004 وتم حل المشكل .

إن هذا التقرير لايشمل كل المعطيات حول الضمان الاجتماعي بل يعتبر فقط محاولة متواضعة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع بركان لتسليط الضوء على هذا الملف الذي أصبح أكثر ملحاحية نظرا للظروف التي يشتغل فيها العمال خاصة مع النقص الحاد في شروط الصحة والسلامة ، وبالتالي وجب احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عبر:

    • ـ تعميم تسجيل كافة الأجراء والسهر على تصريح المشغلين بكافة الأجور المسددة للعمال .
    • ـ تمكين العمال الزراعيين من التعويضات العائلية.
    • ـ تعميم التغطية الصحية على كافة الأجراء بمن فيهم الذين فقدوا عملهم .
    ـ تمكين كافة الأجراء من معاش للتقاعد يوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة .

كما نوجه نداء من خلال هذا التقرير إلى كل الأجراء والعمال عبر ممثليهم النقابيين لإيفاد الجمعية بكل خرق يمس حقوق العمال بشكل عام وذلك من أجل التعاون و النضال سويا لإنصاف ضحايا هذه الخروقات والحفاظ على المكتسبات التي ضحت من أجلها كل القوى النقابية والحقوقية والهيات الديمقراطية .

وفي الأخير نتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من ساعدنا على إنجاز هذا التقرير :

    • ـ رئيس وكالة الضمان الاجتماعي ببركان
    • ـ الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابع للاتحاد المغربي للشغل (فرع بركان )
    • ـ نقابة عمال شركة مطحنة السعادة بركان التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل .
    ـ نقابة عمال شركة كابجيل المختصة في تبخير السمك التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل .
هذه الموضوعات صادرة عن :
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان


الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

[an error occurred while processing this directiv