17/6/2006

يحيي الشعب المغربي وقواه الديموقراطية يوم الثلاثاء القادم الذكرى الفضية للمجزرة الرهيبة التي عاشتها مدينة الدار البيضاء يومي 20 و 21 يونيو 1981 والتي أودت بحياة المئات من المواطنين جلهم شباب ومن ضمنهم أطفال صغار كذلك.

وقد جاءت أحداث 20 يونيه 1981 نتيجة إعلان الحكومة عن زيادات مهولة في أثمان المواد الأساسية بالنسبة لمعيشة المواطنين، ومواجهة الحركة النقابية العمالية لهذا الإجراء اللاشعبي بإعلان الإضراب يومي 18 و 20 يونيه وإصرار السلطات على تكسير الإضراب العام ليوم 20 يونيه بجميع الوسائل التعسفية بما فيها العنف وإطلاق الرصاص الحي على المضربين والمحتجين.

وقد خلف التدخل العنيف لمختلف مصالح الشرطة وللقوات المساعدة والدرك الملكي والجيش الملكي مئات القتلى بالرصاص، أو نتيجة اختناقهم بسبب الاكتظاظ في مكان احتجازهم. وقد تم دفن مجموع القتلى في مقابر جماعية أو فردية مجهولة بالنسبة للمواطنين. كما تم اعتقال العديد من المناضلين والقادة النقابيين المنتمين آنذاك للكونفدرالية الديموقراطية للشغل. وتم كذلك اعتقال المئات من المواطنين الأبرياء بسبب مشاركتهم في المظاهرات أو حتى دون مشاركة فيها. وتم تقديم الجميع لمحاكمات صورية أصدرت أحكاما جائرة وصلت إلى 20 سنة سجنا نافذا.

لقد مرت 25 سنة على ارتكاب الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بقمع أحداث 20 و 21 يونيه 1981 بالدار البيضاء. ورغم أن هيئة الإنصاف والمصالحة اهتمت بهذا الملف، فنتائج أشغالها ظلت جزئية مما لن يمكن من طي هذا الملف:

ــ فعلى مستوى الحقيقة، لم يتم لحد الآن الكشف عن كافة الضحايا (القتلى والمعطوبين والمعتقلين تعسفيا) وعن هويتهم حيث لم تعلن هيئة الإنصاف والمصالحة سوى عن 114 قتيل (بينما يقدر العدد من لدن الضحايا والحركة الحقوقية بالمئات) تم دفنهم بالمقبرة الجماعية المحادية لثكنة الوقاية المدنية بالدار البيضاء وبمقبرة الشهداء، في حين لم يتم الكشف عن المقابر الفردية والجماعية الأخرى. وحتى المقابر التي تم التعرف عليها، فلم يتم لحد الآن التعرف على هوية المدفونين بها رغم النبش في المقبرة الجماعية الذي تم يوم 08 دجنبر الأخير تحت إشراف السلطات وأعضاء سابقين في هيئة الإنصاف والمصالحة.
وفيما يخص الحقيقة كذلك، لم يتم التحديد الدقيق لمسؤوليات كل مؤسسة وجهاز على حدة وللمسؤوليات الفردية عن هذه الانتهاكات التي لعب فيها إدريس البصري وزير الداخلية السابق دورا محوريا.

ــ أما عن المساءلة وعدم الإفلات من العقاب فلم يتم إثارة هذا الموضوع من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة نظرا لموقفها السلبي من مفهوم المساءلة نفسه والذي اعتبر في البداية كرديف للانتقام والضغينة والفتنة.

ــ وبالنسبة للإنصاف المتجسد في جبر الأضرار المادية والمعنوية وجبر الأضرار الجماعية وفي حفظ الذاكرة والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، نسجل وبكل آسف أن المنجزات تظل هزيلة في هذا المجال لحد الآن.

ــ وأخيرا وليس آخرا، إن الإجراءات لتفادي تكرار الانتهاكات الجسيمة لمثل ما وقع في 20 يونيه 1981 بالدار البيضاء، لم يتم اتخاذها بعد. ونحن في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نعتبر أن الإجراء الجوهري في هذا المجال يكمن في تشييد دولة الحق والقانون على أنقاض العلاقات المخزنية الاستبدادية ومجتمع المواطنة على أنقاض مجتمع الرعايا وهذا ما يستوجب بدوره وكمدخل لا مفر منه، إقرار دستور ديموقراطي في أسلوب بلورته من طرف ممثلي القوى الحية بالبلاد وفي مضمونه وفي الطريقة الحرة والنزيهة للمصادقة عليه.

إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهي تحيي الذكرى 25 لأحداث 20 يونيه 1981، وبعد الترحم على أرواح الضحايا الأبرياء وتقديم التعازي مجددا لعائلاتهم، تعبر عن عزمها على مواصلة معالجة هذا الملف وغيره من ملفات الانتهاكات الجسيمة على أس ديموقراطية ومبدئية قوامها الحقيقة والمساءلة والإنصاف، واتخاذ الإجراءات لبناء دولة الحق والقانون، وتدعو الجمعية كافة القوى الحقوقية والديموقراطية إلى تعميق وتوسيع وحدة العمل من أجل معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة على أساس الأرضية المشتركة المتجسدة في توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة المنعقدة في نونبر 2001.

المكتب المركزي