22/12/2007

تلقينا نحن المنظمات الموقعة على البيان أدناه ببالغ الأسف أنباء الأحداث المؤسفة التي شاهدتها مدينة إسنا بمحافظة قنا،وهى الأحداث التي تذكرنا بما شهدته قرية بمها بالعياط،والإسكندرية،وغيرها من أحداث العنف الطائفي التي بدأت تظهر على سطح المجتمع المصري على فترات متقاربة،ينتج عنها خسائر في الممتلكات،ويتراكم داخل نفوس الضحايا كميات كبيرة من الكبت والكراهية ،بينما يظل الجناة طلقاء وكأن هناك من يحميهم ويشجعهم على القيام بمثل هذه الأحداث الغوغائية والتي لا تعبر عن سلوك الشخصية المصرية الأصيلة.

ونحن نرى أهمية اجتياز مثل هذه الأزمات بصورة عاجلة،وأن يتم اتخاذ قرارات حاسمة لمنع تكرار هذه الأحداث التي تؤرق المجتمع بشكل كبير،وإننا إذ نستنكر تلك الأحداث ونشجبها بشدة،إلا أن المرحلة الحالية تتطلب تخطى مرحلة الشجب والاستنكار وإصدار البيانات إلى مرحلة وضع الحلول الفورية،لأن المجتمع لم يعد قادراً على تحمل تبيعات تكرار مثل هذه الأحداث،وأصبح المجتمع المصري وكأنه منشطر إلى مسلم ومسيحي،وبالطبع على تفرقة تمييزية صريحة تؤثر بلا شك على الأمن القومي المصري في ظل منطقة مليئة بالصراعات على أساس ديني أو مذهبي أو عرقي،وإذا لم يتسنى معالجة تكرار هذه الأحداث سيعانى المجتمع المصري من مشكلات خطيرة لن يستطيع التعامل معها بثبات،وستؤثر بلا شك على مستقبل العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.

وترى المنظمات الموقعة على هذا البيان أن الأزهر والأوقاف والكنيسة عليهم دور مهم في حصار هذه الظاهرة،وفى الوقت نفسه على الحكومة أن تتسلح بالقانون وتطبقه بحزم لكل من يخالف ويتعدى على الآخرين بدون حق،وهو ما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية،بينما خبرة المنظمات في رصد الأحداث الطائفية الأخيرة تؤكد أن الحكومة لا تعي هذا،وإنها تفضل عقد جلسات الصلح العرفي وتنحى القانون جانباً،وهو ما يساوى بين الجانى والضحية،بين المجرم والبريء،لتضيع الحقيقة،ويصبح الجناة طلقاء لا مسئولية عليهم،بينما تترك الحكومة الضحية يشكو ويصرخ دون مساعدة !!!

ومن ثم هناك ضرورة لقيام النيابة العامة بالكشف عن نتائج التحقيقات التي قامت بها مؤخراً فيما يتعلق بهذه الظاهرة حتى يعرف الرأي العام معاناة المتضررين،كما ندعو وزارة الداخلية بسرعة القبض على المتهمين في هذه الأحداث،وأن تبذل قصارى جهدها من أجل القبض على الجناة الحقيقيون،وتقديمهم للمحاكمة العاجلة،بالإضافة إلى حصر خسائر الضحايا بعناية وتعويضهم من قبل الدولة حتى تهديء النفوس سريعاً.

كما إننا نطالب بأن يتم العمل بأقصى جهد على قيام المؤسسة الدينية بدورها في هذا الشأن،من خلال تجريم الاعتداء على ممتلكات الغير بصورة حازمة وسريعة،حتى لا يسيء مجموعة من الناس لأي دين كان، وأن يعتدوا على الآخرين بلواء الدين،وأن تقوم دار الإفتاء بإصدار فتوى تنص على عدم جواز تعدى مواطن على آخر تحت اى شكل كان،نظراً لأهمية الجانب الديني لدى المصريين،بالإضافة على الكنيسة أن تقوم بتهدئة الضحايا حتى لا يستفزون إخوانهم المسلمين مما يجعل حقوقهم تضيع بسبب أي ردود فعل غير مسئولة.

وترى المنظمات الموقعة على هذا البيان أن ما شهدته اسنا وغيرها من الحوادث الطائفية يرجع إلى تراخى الأجهزة الأمنية عن القيام بواجباتها فى حماية أمن المواطنين وممتلكاتهم،وعدم يقظة هذه الأجهزة فى القبض على الجناة الحقيقيون وتقديمهم للعدالة حتى يأخذ القانون مجراه،فالخبرات السابقة تؤكد أن الأجهزة الأمنية تتراخى فى القبض على الجناة الحقيقيون وتقديم مجموعة أخرى من المواطنين وأغلبهم من الأحداث ليخرج الموضوع وكأنه لا شيء،وبالإضافة إلى ذلك هناك تكاسلاً ملحوظاً من قبل الأجهزة المختلفة بالدولة سواء الوزارت المعنية أو المجالس المحلية عن القيام بدورها فى تعويض الضحايا وحل المشكلة من جذورها وليس عبر جلسات صلح وهمية،وهو ما يزيد من الأوضاع احتقاناً شديداً يشكل تربة خصبة لتكرار مثل هذه الأحداث.

وترى المنظمات أيضا ضرورة أن تشهد الفترة المقبلة نقاش واسع حول كيفية معالجة أزمة أحداث العنف الطائفي والتي تشهد تحولاً كبيراً بعد اتخاذ أساليب مختلفة ،فربما نجد اليوم مواطن ينقلب على جاره بسبب معلومة خطأ أو شائعة ما،أو حتى يعتدي عليه لتنفيذ العدالة رغم انه غير مخول في ظل وجود أجهزة سيادية،ومؤسسات رسمية تستطيع الحفاظ على حرمة القانون،كما نرى أهمية أن يقوم مجلسي الشعب والشورى بتنقية القوانين من اى إشارات تمييزية تفرق بين المصريين وبعضهم البعض بسبب الجنس أو الدين أو النوع،وهو الأمر الذي لابد أن يتم البدء به فوراً بعد أن أثبتت الأحداث الأخيرة أن الإبطاء يوم واحد في هذا الموضوع يجعل المجتمع معرضاً لمزيد من الاحتقانات،وهو بالطبع ما لا نرجوه حرصاً على أمن واستقرار البلاد.

كما إننا نري أهمية ترسيخ مبدأ المواطنة في الواقع المعاش من خلال تحقيق المساواة لكل المصريين،من خلال الاعتراف بالأعياد المسيحية كأجازة رسمية في البلاد وهى عيد القيامة،عيد الغيطاس،أحد الشعانين،خميس العهد،رأس السنة القبطية،بعد أن قرر الرئيس مبارك في بادرة إيجابية جعل يوم 7 يناير من كل عام أجازة رسمية بالدولة احتفالا بعيد الميلاد،كذلك لابد من الاعتراف بالأعياد الأخرى للمسيحيين،وكما قال الدكتور فتحي سرور في ديسمبر 2002 بأن أجازة 7 يناير تتفق مع الدستور والقانون،ومن ثم تتضامن المنظمات الموقعة على البيان مع الدعوى التي أقامها المحامي ممدوح نخلة مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان أمام القضاء الادارى والتي يطالب فيها بتعديل القانون 14 لسنة 1964 لجعل يوم عيد القيامة أجازة رسمية, كبادرة طيبة أولية لتهدئة الأوضاع والتأكيد على أن مبدأ المواطنة في الدستور يتم تحويله لواقع عملي يعطى الأمل في التغيير،والتأكيد على المساواة.

وتناشد المنظمات أيضاً وسائل الإعلام بالتعامل مع مثل هذه الحوادث بصورة عقلانية،ونشر هذه الأحداث وتفاصيلها بنوع من الحياد يضمن وصول المعلومات الحقيقية للقارئ،وأن تفرق وسائل الإعلام بين الجانى والضحية ولا تعطى مبرر لأحد،وأن يتم نشر هذه الأحداث في سياقها الطبيعي بعيداً عن الجانب الديني،خاصة وأن معظم هذه الحوادث بدأت تأخذ اتجاه العنف ذو الوجه الديني،بينما هي في الأساس جريمة طبقاً للقانون المصري.

وفى النهاية ترى المنظمات أن قيام وزارة التنمية المحلية بصرف التعويضات للمضارين من أحداث اسنا هو خطوة شجاعة تؤكد أن هناك بادرة امل فى معالجة مثل هذه الأزمات بعد أن صرح اللواء مجدى أيوب محافظ قنا بأن مجلس الوزراء وافق على تخصيص مبلغ 1.265 مليون جنيه تعويضاً للضحايا،من اجل تهدئة النفوس وحتى لا يتحمل الضحايا الخسارة مرتين،وفى نفس الوقت ترى المنظمات أهمية أن تقوم وزارة الدولة للشئون النيابية والقانونية بإعداد دراسة وافية عن القوانين التي تمييز بين المصريين،وكذلك الممارسات والسلوكيات اليومية،حتى يتم وضع حلول لها على أساس علمي،وبشكل يجبر أجهزة الدولة على الالتزام بها بعد ذلك حرصا على أمن واستقرار البلاد لما فيه من صالح لمصر.

ًالمنظمات الموقعة :

  1. المركز المصري لحقوق الإنسان
  2. المعهد الديمقراطي المصري
  3. المركز العربي للتنمية وحقوق الإنسان
  4. مركز النيل للتنمية البشرية
  5. مركز الكلمة لحقوق الإنسان
  6. المركز القومي لحقوق الإنسان
  7. جمعية التضامن من اجل التنمية وحقوق الإنسان
  8. مركز الاتحاد لحقوق الإنسان
  9. الجمعية القومية للخدمات الاجتماعية وحماية البيئة
  10. الجمعية المصرية للمشاركة والتنمية المستدامه

صفوت جرجس
مدير المركز المصري لحقوق الإنسان
ت| 0101637237