7/8/2006

بمناسبة ورشة العمل التي ينظمها المجلس القومي لحقوق الإنسان غداً الثلاثاء بشأن مقترح حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن تأييدها للمقترح مع التأكيد على كونه خطوة إيجابية لكنها غير كفيلة وحدها بحل مشكلات التمييز الذي يتعرض له المواطنون في الحصول على الوثائق الرسمية الضرورية بسبب معتقداتهم الدينية.

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “إن إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي هو دون شك خطوة للأمام سيكون لها أثر رمزي هام في احترام خصوصية المعتقدات الدينية والتأكيد على عدم اكتراث الدولة بديانة المواطن في تعاملاته اليومية معها إلا فيما يتطلبه القانون. لكن انتهاكات حرية المعتقد المرتبطة بالحصول على الوثائق الرسمية أكبر من أن يحلها إجراء رمزي كهذا.”

فقد قام برنامج الحق في الخصوصية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بدراسة وتوثيق أكثر من مائة وسبعين حالة في السنتين الماضيتين فقط لمواطنين واجهوا صعوبات في الحصول على أي وثائق ثبوتية رسمية بسبب امتناع موظفي مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية عن إثبات ديانتهم الحقيقية في ملفات المصلحة.

وتضم تلك الحالات أكثر من مائة حالة لمواطنين مسيحيين تحولوا إلى الإسلام لفترة ثم حصلوا من الكنيسة على ما يثبت عودتهم إلى المسيحية، ليواجهوا امتناع وزارة الداخلية عن اعتماد عودتهم للمسيحية دون أي سند من القانون. كما قام باحثوا المبادرة المصرية بتوثيق ما لا يقل عن ستين حالة أخرى لمواطنين مسيحيين قامت مصلحة الأحوال المدنية بتغيير ديانتهم في ملفاتها إلى مسلمين دون رغبتهم بل وأحياناً دون علمهم بعد اعتناق أحد والديهم للإسلام، ثم رفضت الوزارة بعد بلوغهم السن القانوني الاعتراف بكونهم مسيحيين طوال حياتهم.

وفي ثلاث حالات على الأقل قام باحثو المبادرة المصرية بتوثيقها رفضت مصلحة الأحوال المدنية إثبات اعتناق مواطنين مسيحيين للإسلام رغم حصولهم على شهادة من الأزهر بإشهار إسلامهم. ويضاف إلى هذه الحالات عدد غير معروف من المواطنين المسلمين الذين تحولوا على المسيحية ولا يزالون عاجزين عن إثبات ذلك في وثائهم الرسمية رغم كفالة الدستور والقانون للحق في تغيير الديانة.

وقال حسام بهجت: “إن المادة 47 من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 تنص بشكل صريح على حق المواطنين في تغيير بياناتهم بما فيها الديانة في وثائقهم الرسمية، وحذف خانة الديانة من إحدى هذه الوثائق لن يغير من الأمر شيئاً في ظل امتناع موظفي السجل المدني عن تطبيق القانون. حتى في الحالات التي حصل فيها مواطنون على أحكام قضائية ضد هذا المسلك غير القانوني قامت وزارة الداخلية بالطعن في هذه الأحكام، وهو ما يثبت أن هذا المسلك سياسة حكومية وليس تصرفات فردية.”

وأضافت المبادرة المصرية أنه وبغض النظر عن ذكر الديانة من عدمه في بطاقات الرقم القومي فإن هؤلاء المواطنين سيظلون خاضعين لقانون الأحوال الشخصية الخاص بديانة لا يعتنقونها في ظل غياب قانون مدني موازٍ للأحوال الشخصية، وهو ما يسبب مشاكل لا حصر لها لهؤلاء المواطنين في مسائل أساسية كالزواج وتسجيل الأبناء والميراث وغيرها.

كما أشارت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى المشاكل العديدة التي يتعرض لها المواطنون المصريون البهائيون نتيجة للسياسة الجديدة لوزارة الداخلية على مدى العامين الماضيين في إجبارهم على ادعاء اعتناق الإسلام أو المسيحية مقابل الحصول على أي وثائق رسمية، وذلك بعد أن ظلوا لعشرات السنين يستخرجون بطاقات شخصية وشهادات ميلاد تثبت اعتناقهم للبهائية أو تترك فيها خانة الديانة خالية، وهي المشكلة التي قام المجلس القومي لحقوق الإنسان بتوثيقها في تقريره السنوي الثاني.

ووفقاً للتحقيقات التي أجرتها المبادرة المصرية فإن هذا التعنت من قبل وزارة الداخلية قد ترك مئات المواطنين البهائيين عاجزين عن تسجيل مواليدهم أو إدخال أطفالهم للمدارس في غياب شهادات ميلاد لهم. كما تجاوز بعضهم السادسة عشرة دون استخراج بطاقة تحقيق الشخصية وهو ما يعرضهم للمساءلة الجنائية. وفي إحدى الحالات التي قامت المبادرة المصرية بتوثيقها تم فصل طالب في السنة النهائية من دراسته الجامعية نهائياً في العام الماضي بسبب عجزه عن تحديد موقفه التجنيدي دون استخراج بطاقة الرقم القومي. كما قامت المبادرة بتوثيق حالة لأرملة مصرية بهائية لا تزال عاجزة عن الحصول على معاش زوجها المتوفى منذ سنوات. وفي حالة صارخة أخرى لا يزال مواطن بهائي عاجزاً عن استخراج شهادة وفاة لشقيقته بعد شهور من دفنها بسبب احتواء شهادة الوفاة على خانة الديانة وإصرار الدولة على تغيير ديانة المتوفاة في الشهادة.

وتساءل حسام بهجت: “ماذا سيستفيد المصريون البهائيون من حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي وهم عاجزون حتى عن استخراج شهادات وفاة لموتاهم؟ بل إنهم يواجهون الآن صعوبات في استخراج جوازات سفر رغم عدم احتوائها على خانة الديانة بسبب وجود الخانة في استمارة طلب الحصول على جواز سفر!”

واختتمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالقول: إننا نرحب بمبادرة المجلس القومي لحقوق الإنسان لعقد هذه الورشة. ونسعى ونتطلع إلى استجابة الحكومة لمقترح حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي. ولكننا في الوقت ذاته ندرك أن حل المشاكل الحقيقية لن يبدأ إلا باحترام وزارة الداخلية لحرية العقيدة التي يكفلها دون أية قيود كل من الدستور المصري وقانون الأحوال المدنية والاتفاقيات الدولية التي أقرها مجلس الشعب كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.

وأضاف بهجت: “إن اعتبار السابع من يناير عطلة رسمية لم يمنع استفحال مشكلات التمييز ضد الأقباط. لقد اكتفينا من الإجراءات الرمزية وننتظر اليوم خطوات حقيقية لمعالجة الجذور وليس القشور.”