16/3/2007

مقدمة

فى إطار أنشطة مرصد حالة الديمقراطية ، تابع المرصد المؤتمر العام للحزب الناصرى والذى انعقد بمقر حزب التجمع فى الخميس الموافق 15/3/2007، ويأتى هذا المؤتمر إستكمالاً لأعمال المؤتمر العام الرابع الذى أنعقد فى 22/12/2006 بقاعة المؤتمرات الكبرى.

حيث لم تكتمل أعماله حيث نشب خلاف بين فريقين الأول بقيادة أحمد حسن الأمين العام للحزب الناصرى، والذى أدعى أن المؤتمر العام أنتهى بتجديد الثقة فى السيد رئيس الحزب مع الأقرار بتأجيل مناقشة باقى النقاط فى جدول الأعمال ، بعد تحديد ميعاد لإستكمال المؤتمر العام مع أستمرار احتفاظ اعضاء المكتب السياسى وتشكيلات الحزب المختلفة بمناصبها إلى حين إشعار آخر ، بينما كان الفريق الآخر والذى أطلق على نفسه كتلة الأصلاح والتغيير بقيادة سامح عاشور نقيب المحاميين ، يرى أن قرارات المؤتمر العام فى صالحه ، وأن غالبية أعضاء المؤتمر قد إختاروا سامح عاشور نائب أول لرئيس الحزب ، وأن تسويف الطرف الآخر وعدم إعترافه بذلك هو سبب الأزمة وأصرت الكتلة على أن تتضمن أعمال المؤتمر العام طرح الثقة فى الأمين العام للحزب ، وإستحداث منصب نائب أول للحزب ، وتغيير اللائحة بما يسمح بذلك.

أولاً التطورات التي سبقت أستكمال أعمال المؤتمر العام :

بعد أن توقفت أعمال المؤتمر الذى أنعقد فى 22/12/2006 بقاعة المؤتمرات الكبرى ، والفريقين يتبادلون الإتهامات ويفسر كل منهما نتائج المؤتمر لصالحه ، وترددت أنباء عن توسط أطراف للمصالحة بين الطرفين مثل السيد عزيز صدقى ، والسفير أمين يسرى ، وبعض الشخصيات العامة المعروفة بإنتمائها للتيارالناصري ، وقد فشلت الجهود فى إنهاء الصراع بين الطرفين ، وقد صدرت عدة تصريحات متضاربة على لسان السيد رئيس الحزب ووزير التأمينات اللأسبق ضياء الدين داود ، فمرة يتحدث عن سامح عاشور بصفته إبنا له وأن سامح عاشور نقيبه ، ومرة أخرى يؤكد على أن سامح لايحق له الترشيح لمنصب نائب الرئيس إلا بإذن من أحمد حسن ، ومرة يقول أنه الآمر الناهى فى الحزب وإنه ليس طرطور ولا يحق لأحد التصرف فى أمور الحزب بدون العوده إليه ، وأخيراً صرح برفضه مراقبة منظمات المجتمع المدنى لاعمال المؤتمر العام .

وجاء رفض جبهة أحمد حسن لأقتراح الوسطاء بإستحداث موقع النائب الأول لرئيس الحزب وإجراء إنتخابات على هذا المنصب ليشعل الصراع ، وقامت جبهة عاشور بجمع توقيعات لسحب الثقة من رئيس الحزب حيث وصفوه بالأداة فى يد أحمد حسن ، وبدأ أنصار سامح فى جولة فى المحافظات تمهيداً لعقد مؤتمر عام جديد لأختيار رئيس جديد وإجراء الإنتخابات على كافة المناصب القيادية بالحزب طبقا لنص المادة 45 من اللائحة ، والتى تقضى بحق ثلث أعضاء المؤتمر العام فى جمع توقيعات تطالب بعقد المؤتمر العام وبوضع برنامج له ، كما طالبت جبهة عاشور بمشاركة مراقبيين من مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية للمؤتمر ، وإجراء إنتخابات على المناصب القيادية بالحزب ، وإستحداث منصب النائب الاول فى حالة موافقة الجمعية العمومية على ذلك ، كما تقدم محمود العسقلانى المتحدث الرسمى بإسم جبهة الإصلاح والتغيير بأوراق ترشيحه لمنافسة اللأمين العام للحزب احمد حسن على منصبه فى خطوة تصعيدية .

وعلى الطرف الآخر إجتمع السيد أحمد حسن الأمين العام مع أمناء المحافظات ، والذين حددوا 8 مارس كموعد لإستكمال أعمال المؤتمر العام ، وإنتخاب الامين العام ، ونواب الرئيس طبقاً لما تحدده لائحة الحزب ونظامه الأساسى ، وأنتهى المؤتمر الذى حضره 21 أمين محافظة الى رفض أى تعديلات على اللائحة وعدم إستحداث أية مناصب جديدة ، والإكتفاء بإنتخاب الأمين العام ونواب الرئيس ، وجاء إعتماد أمناء المحافظات لتلك القرارات بموافقة 18 أمين ، وإمتنع عن التصويت إثنين ، ورفض الإقتراح واحد ، وقد رفض ضياء الدين داوود وأحمد حسن الأمين العام المشاركة فى التصويت.

وعلى الجانب الآخر رفضت جبهة عاشور القرارات التى إتخذتها اللجنة المركزية الممثلة فى إجتماع امناء المحافظات ، وقامت بجولة فى المحافظات لحث أعضاء المؤتمر العام على الحضور والإصرار على إستحداث منصب النائب الاول ، وفى سياق آخر قرر الحزب تأجيل عقد أعمال المؤتمر العام الذى كان مقرره عقده يوم 8/3/2007 ، بحجة عدم وجود مقر مناسب لعقد المؤتمر.

بينما رفضت جبهة سامح عاشور تأجيل عقد المؤتمر ، وقالت أن أسباب التأجيل تعود لخشية جبهة أحمد حسن من شعبية عاشور ، وأكدت جبهة عاشور أنها ستعقد المؤتمر العام للحزب يوم 15/3/2007 أى كان موقف الطرف الآخر ، وقد أعلن السيد رئيس الحزب عقد المؤتمر فى 15/3/2007 بمقر حزب التجمع من الساعة التاسعة صباحا على ألا يسمح بالحضور إلا أعضاء المؤتمر العام ، هذا وقد أعلن السيد الأمين العام للحزب الناصرى رفضه لمراقبة أعمال الإنتخابات ، وهو دفع التحالف المؤلف من سبعة منظمات حقوقية وهم الجمعية العمومية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ، ومركز هشام مبارك ، وجمعية المساعدة القانونية ، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى ، ومركز أبن رشد ، ومركز الحرية للحقوق السياسية ، ودعم الديمقراطية ، بإصدار بيان لتوضيح موقفهم من رفض الحزب للمراقبة ، وإصرارهم على الأستمرار فى أعمال المراقبة ، آملين أن يراجع الأمين العام للحزب وأنصاره موقفهم الرافض لأعمال المراقبة.

ثانياً: أعمال المؤتمر العام للحزب العربى الناصرى
1. فى التاسعة من صباح الخميس الموافق 15/3/2007 بمقر حزب التجمع بدأت أعمال المؤتمر ، ووصل الى مقر إنعقاد المؤتمر عدد من الشخصيات البارزة فى الحزب ، وقيادات الطرفين المتنازعيين وهما السيد / سامح عاشور ، و السيد /أحمد حسن ، وقد تشكلت لجنة نظام من الإشراف على الجمعية العمومية والتى سيطر عليها أنصار أحمد حسن ، وكان من بين أعضائها أشخاص مفتولى العضلات ، ويعتقد مراقب المرصد إنهم ليس لهم أى صلة بالعمل السياسى أو الحزبى ، وقد منع هؤلاء الأشخاص مراقبين إئتلاف منظمات المجتمع المدنى المنوه عنه من الدخول الى مكان إنعقاد المؤتمر بقاعة جمال عبد النصر بحزب التجمع ، وكذلك الصحفيين ومراسلى وكالات الأنباء والقنوات الفضائية ، وتم منع طاقم قناة العربية ، وبرنامج العاشرة مساءاً ، وقناة النيل للأخبار من الدخول ، وتعامل معهم الأشخاص مفتولى العضلات بخشونة ، ولم يسمح لمراقبى منظمات المجتمع المدنى سوى بالتواجد أمام أماكن تسجيل أعضاء المؤتمر فى كشوف الحاضرين ، ولكن إستطاع 3 من أعضاء فريق المراقبة ، منهم مراقب المرصد من الدخول إلى مقر عقد المؤتمر وذلك دون رغبة لجنة النظام ، وهو ما لم يكن تتمناه منظمات المجتمع المدنى فلا يمكن للمراقبين العمل والتوصل لنتائج دقيقة إلا بمعاونة الجهة المسئولة عن التنظيم ، وقد لاحظ مراقبى منظمات المجتمع المدنى شكوى عدد من أعضاء المؤتمر من محافظة دمياط من رفع أسمائهم من كشوف التسجيل على الرغم من حضورهم فى أعمال المؤتمر الذى إنعقد فى 23/12/2006.

2. عدد من لهم الحق حضور المؤتمر 535 عضو ، وقد سجلت أسمائهم فى كشوف وضعت فى مدخل حزب التجمع مقر إنعقاد المؤتمر ، وكان كل عضو يبرز بطاقته الشخصية ويطلع عليها موظف مختص ويتأكد من أن إسمه فى كشوف التسجيل ، وذلك تحت إشراف مفتولى العضلات ، ثم يتوجه عضو المؤتمر العام إلى كشوف تسجيل أخرى لتسلم بطاقة حضور المؤتمر العام ، وقد قسمت الكشوف إلى خمسة أقسام ، الأول شمل محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية و الفيوم وبنها ، وعدد أعضائه 125 عضواً ، والثاني شمل محافظات أسوان و قنا و سوهاج وأسيوط والمنيا وعدد أعضائه 93 عضواً ، والثالث شمل محافظات الوادى والأسماعيلية وبورسعيد والبحر الأحمر وعدد أعضائه 111 عضواً ، و الرابع شمل محافظات المنوفية والغربية والدقهلية والبحيرة والأسكندرية وعدد أعضائه 125 عضواً ، والخامس وشمل محافظات كفر الشيخ والشرقية والسويس وعدد أعضائه 81 عضواً.
وقد سجل412 عضواً أسمائهم فى كشوف الحاضرين حتى العاشرة والنصف صباحاً.

3. كان إئتلاف منظمات المجتمع المدنى ، قد أجرى لقاءات مع طرفى النزاع لإستطلاع آرائهم فى نقاط الخلاف ، وهى تعديل اللائحة ، وإستحداث منصب النائب الأول لرئيس الحزب ، والسماح لمنظمات المجتمع المدنى بحضور المؤتمر العام ، وقد صرح السيد/ سامح عاشور بأنه سيطلب من المؤتمر التصويت على حضور مراقبين منظمات المجتمع المدنى ، وهو ما لم يتم حتى بعد أن توافق الطرفين ، وحتى الثانية عشر ظهراً لم يسمح للمراقبين من منظمات المجتمع المدنى بالدخول إلى مقر عقد المؤتمر بقاعة جمال عبد الناصر بحزب التجمع ، وتم منع الصحفيين ومراسلى وكالات الأنباء ، وقد أعتصم الصحفيين إحتجاجاً على ذلك داخل حزب التجمع.

4. بدأت أعمال المؤتمر فى العاشرة صباحاً بكلمة من د/ رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ، رحب فيها بالحزب الناصرى وأعضائه ، ثم ترأس المؤتمر د/ حسام عيسى ولم يستطع إدارة الجلسة نتيجة مطالبة طرفى النزاع له بتحقيق طلباتهم ، وكان محور الخلاف أن أنصار السيد سامح عاشور طالبوا بوضع جدول جديد لأعمال المؤتمر لإستحداث منصب نائب أول رئيس الحزب ، والتصويت على ذلك من قبل المؤتمر ، بينما أصرت جبهة أحمد حسن على التمسك بجدول الأعمال الذى ينص على إختيار الأمين العام و أربعة نواب لرئيس الحزب ، وقد إستند كل طرف على اللائحة وأدعى أنها فى صفه وتنفذ مطالبه ، وهو ما سيعقب عليه المرصد فى تقريره ، وقد حدثت مناوشات عدة ، وهتافات من كل طرف ضد الآخر ، وقد حاول البعض الإعتداء على أ/ سامح عاشور .

5. فى تمام الساعة 11 إنسحب من إدارة الجلسة كل من د/ حسام عيسى ، و أ/ أحمد حسن الأمين العام ، و أ/ ضياء الدين داوود ، نظرا لعدم إستطاعتهم إدارة الجلسة بسبب الهرج فى القاعة ، وترددت أنباء عن إجتماع أ/سامح عاشور ، وأ/ أحمد حسن ، وأ/ ضياء الدين داوود فى مكتب د/ رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ، والأمين العام أ/ حسين عبد الرازق ، فى محاولة أخيرة للتوصل لحل يرضى الطرفين ولكنها فشلت ، وعلى أثرها انسحب رئيس حزب التجمع ، والأمين العام تاركين أطراف النزاع فى إجتماع مغلق لحسم الصراع .

6. عقد طرفى النزاع أ/ أحمد حسن ، وأ/ سامح عاشور والسيد ضياء الدين داوود إجتماع مغلق ، وفى الساعة الثانية ظهراً عاد لمقر إنعقاد المؤتمرأطراف النزاع ، وإعتلى المنصة كلا من أ/ ضياء الدين داوود ، ود/ وحسام عيسى ، والسفير أمين يسرى ، وجلس كلا من أ/ سامح عاشور ، وأ/ احمد حسن بين أعضاء المؤتمر العام فى القاعة. 6. أعلن د/ حسام عيسى انه سيجرى الأقتراع على صيغتين لجدول أعمال المؤتمر ، الأولى هى أستمرار جدول الأعمال كما هو مقترح من قبل رئاسة المؤتمر ، بالتصويت على الأمين العام وأختيار أربعة نواب ، والثانية هى إستحداث منصب النائب الأول ، على أن يتم الأقتراع فى حجرة الأمانة العامة لحزب التجمع الملحقة بقاعة جمال عبد الناصر ، وسيتم إستدعاء كل محافظة على حدا على أن ينادى على أسم كل عضو بالمحافظة ، ويقوم بالإقتراع أمام لجنة مشكلة من د/ حسام عيسى ، والسفير أمين يسرى ، ويقوم عضو المؤتمر العام بالتصويت حيث يعلن عن موافقته أو رفضه إحداث تعديل فى جدول أعمال المؤتمر العام ، وإستحداث منصب نائب الرئيس الاول ، ويضع صوته فى الصندوق ، على أن يسلم ورقة أخرى بها رأيه إلى اللجنة المنوه عنها لضمان عدم تكرارا التصويت.

7. أستمر النصويت حتى الساعة الثامنة وبدأت أعمال الفرز مباشرة ، وفي التاسعة مساءاً أعلنت نتيجة التصويت ، وحصل الأقتراح والذي تقدمت به جبهة عاشور بإستحداث منصب النائب الأول على 284 صوت في مقابل 181 صوت لصالح الأقتراح المقدم من جبهة أحمد حسن ببقاء جدول أعمال المؤتمر كما هو ، وبعد إعلان نتيجة التصويت حدثت فوضى عارمة وتبادل أنصار الطرفين الهتافات العدائية ، وأنسحب د/ حسام عيسى من إدارة المؤتمر ، وتولى د/سمير فياض نائب رئيس حزب التجمع رئاسة المؤتمر ، وتم فتح باب الترشيح لمنصب نائب أول رئيس الحزب وتقدم للترشيح سامح عاشور ، ومحمد أبو العلا ، وطلعت حسانين ، ومحمد سيد بدراوي ، ومحسن ابراهيم عطية ، كما أنسحب محمود العسقلاني المرشح لمنصب الأمين العام للأستاذ فاروق العشري والعضويين في جبهة الأصلاح والتغيير وذلك في مواجهة أحمد حسن الأمين العام الحالي.

8. قبل بدأ أعمال التصويت على منصب النائب الأول والأمين العام أكتشف أعضاء المؤتمر إختفاء كشوف المؤتمر وأوراق التصويت ، وهو ما أدى إلى حدوث أشتباكات بين الطرفين ، وقد غادر أ/ ضياء الدين داود رئيس الحزب وأ/ أحمد حسن وأنصاره مقر إنعقاد المؤتمر بحزب التجمع وأنسحبا إلى مقر الحزب الناصري ، بينما أصر عاشور وأنصاره على أستكمال أعمال المؤتمر وتم اختياره نائب أول لرئيس الحزب ، على أن يتم تأجيل الأقتراع على منصب الأمين العام وباقي نواب رئيس الحزب ، على أن توكل تلك المهمة إلى اللجنة المركزية للحزب والتي تشكل ب25% من أعضاء المؤتمر العام بالمحافظات على أن يكون نصفهم من العمال والفلاحين ، بالأضافة إلى رئيس الحزب وأمينه العام ونواب رئيس الحزب ورئاسة المؤتمر العام ، وقد تم أستبعاد محافظة القاهرة من التمثيل في اللجنة المركزية دون أبداء أسباب ، وقد غادر عاشور وأنصاره مقر إنعقاد المؤتمر في الثانية عشر مساءاً.

وتلك التطورات قد تهدد الحزب الناصري في الدخول في النفق المظلم كغيره من الأحزاب المصرية التي سبقته ، ويلجاء الطرفين إلى لجنة شئون الأحزاب التي دائماً وابداً تماطل في حل النزاعات الداخلية للأحزاب ، وقد يلجاء الطرفيين إلى ساحات القضاء التي لم يحدد القانون 40 لسنة 77 والمنظم لعمل الأحزاب السياسية ولايته في حسم الصراعات داخل الأحزاب ودائماً وأبداً لا تنفذ أحكامه.

والمرصد بعد أنتهاء أعمال المراقبة الميدانية لأعمال المؤتمر يبدي ملاحظاته التالية :

أولاً: أحداث الحزب الناصري جاءت كاشفة على أن جوهر الخلافات في الأحزاب المصرية ، خلافات شخصية ، أو صراعات على أعتلاء مناصب قيادية في تلك الأحزاب ، فنحن لم نرصد تفجر خلافات في الأحزاب المصرية عبر السنوات الأخيرة لأسباب أيدلوجية أو سياسية ، فقد حدثت خلافات في الأحزاب الأوروبية العريقة ناتجة عن مواقف سياسية متباينة ، مثل الخلاف الذي دار داخل صفوف حزب العمال البريطاني وقت أعلان الحرب على العراق ، ورفض عدد كبير من أعضاء الحزب موقف حكومة الحزب ورئيسه من إعلان الحرب على العراق ، وتم حسم الخلاف بآليات ديمقراطية داخل الحزب والأمثلة على ذلك كثيرة ، أما في مصر فجوهر الصراع قد يكون ناتج عن أصرار أحد الأطراف على إستحداث منصب الغرض منه فرض سيطرته على الحزب ، أو إصرار طرف آخر على أستمرار الشكل التنظيمي للحزب لضمان أستمرار سيطرته على مقدرات الحزب ، وهو أصل الصراع في الحزب الناصري ، فلم نرصد طوال السنوات الماضية عن حدوث خلافات ناتجة عن تدهور شعبية الحزب الناصري ، وأخفاقه المستمر في الإنتخابات التشريعية في دوراتها المختلفة ، وأبتعاد الحزب عن قواعده الجماهيرية والآليات غير الديمقراطية التي يدار بها الحزب طوال السنوات الماضية ، أو حدوث خلاف أيدلوجي عن موقف الحزب من الخصخصة ، أو إعادة رؤيته في الصراع العربي الأسرائيلي أو ما شابه ذلك.

ثانياً : أحداث المؤتمر العام للحزب الناصري كاشفة عن عدم أحترام النخب السياسية والقيادات الحزبية في مصر لثقافة الديمقراطية والمشاركة وتداول السلطة ، فالسيد الأمين العام للحزب وأنصاره من المشرفين على المؤتمر العام طردوا الصحفيين ووكالات الأنباء ومراسلي الفضائيات ورفضوا مراقبة منظمات حقوق الإنسان لأعمال المؤتمر العام ، وتعاملوا مع تلك الأطراف بخشونة وأستعانوا في تنظيم المؤتمر بأشخاص مفتولي العضلات لمنع تلك الأطراف من متابعة أعمال المؤتمر العام ، وهو نفس السلوك الذي تنتهجه الأجهزة الإدارية والأمنية للدولة أثناء تنظيمها للإنتخابات في مصر ، والحزب الناصري وهو أحد أقطاب المعارضة التي تستنكر تلك المماراسات وتطالب بالأشراف القضائي ومراقبة منظمات المجتمع المدني ، أى أنهم يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم ، في المقابل نجد أن أ/ سامح عاشور نقيب المحاميين وأحد أساطين القانون في مصر ، يطالب دون مراعاة القواعد الأجرائية بتغيير اللائحة الداخلية للحزب ، وإستحداث منصب وتعديل جدول أعمال المؤتمر دون إتباع أبسط القواعد الأجرائية ، وهو ما لا يمكن أن يسمح به داخل نقابة المحاميين التي يترأسها ، وأثبتت التجارب العملية أكثر من مرة عدم خضوعه في صراعه مع كتلة الأخوان المسلمين عن تقديمه أى تنازل في تغيير قواعد اللعبة على الرغم من أمتلاكهم الأغلبية ، هذا بالأضافة إلى عدم أحترام شخصية مرموقة ومحترمة مثل د/ حسام عيسى لرأى أغلبية المؤتمر وأنسحابه من رئاسة الجلسة بعد الأقتراع على أستحداث منصب النائب الأول وهو القرار الذي لا يرتضيه ، ثم الحادثة المفجعة بأختفاء أوراق المؤتمر عن طريق اللجنة المنظمة للمؤتمر من جبهة أحمد حسن وعدم تقبلها لرأى الأغلبية ، وهى دلالات على عدم احترام تلك النخب السياسية لثقافة الديمقراطية وتداول السلطة.

ثالثاً : المرصد لن يمل من تكرار أن القوانين المنظمة لعمل الأحزاب السياسية في مصر ، وهو القانون 40 لسنة 77 وتعديلاته ، هى أساس الخلافات والنزاعات داخل الأحزاب المصرية فالقانون هو المانع لظهور أحزاب جديدة ، مما يفجر الخلافات بين الأطراف المتنازعة داخل الأحزاب القائمة على الرخصة التي تمنحها لجنة شئون الأحزاب ، فلو سمحت تلك القوانين للأفراد والجماعات بحرية تكوين وتنظيم وتشكيل أحزاب وجمعيات سياسية سلمية جديدة ، ما حدثت تلك النزاعات داخل الأحزاب المصرية ، كما أن تلك القوانين لم تحدد آليات واضحة لحسم النزاعات داخل الأحزاب وولاية القضاء عليها.

رابعاً : تفتح أحداث الحزب الناصري مجدداً مناقشة الديمقراطية الداخلية في الأحزاب المصرية ، واللوائح المنظمة لعمل تلك الأحزاب ، فاللائحة الداخلية للحزب الناصري لم تحدد أى أختصاصات واضحة للمؤتمر العام وسلطته على التشكيلات التنظيمية المختلفة داخل الحزب الحزب ، ولا الآلية التي تحدد بها جدول أعمال المؤتمر العام ولا كيفية إنعقاده في الدورات الغير عادية ، كما لم تحدد أى مهام لنواب رئيس الحزب ، وصياغة اللائحة مليئة بالعبارات الغير واضحة والملتبسة والتي تحمل أكثر من تأويل ، وهو ما ظهر واضحاً عندما أستند طرفي النزاع إلى اللائحة الداخلية للحزب.

مرصد حالة الديمقراطية