5/12/2009

يعرب المركز المصري لحقوق الانسان والجمعية المصرية للمشاركة والتنمية المستدامة عن دهشتهما من قرار المجتمع السويسري برفض إنشاء مأذن للمساجد فى سويسرا،خاصة وأن طبيعة عمل الاستفتاء الشعبي خطوة فى غاية الديموقراطية،وتؤكد أن سويسرا يمكن ان تقدم نموذج راقي لكيفية تعديل الدستور بما يتوافق مع غالبية أفكار المجتمع،بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع رغبات الشعب السويسري،وإن كان قراره الأخير هذا كان على المجتمع العربي والمسلم خاصة أن يتعامل معه بطريقة مختلفة،تؤكد احترام رغبات الغير،مع تصحيح الصورة التى أدت إلى اتخاذ هذا القرار.

ويري كل من المركز والجمعية أن القرار ينتهك حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية،إلا أن هناك موجة من الغضب العارم انتابت الأوساط المصرية نتيجة لهذا القرار الذى كان يتوقع صدوره بعد المشكلات التى تسبب فيها مسلمين فى الغرب،وكان على الأزهر الشريف والمؤسسات الاسلامية المعتدلة أن تتبنى حملة عقلانية لتصحيح المفاهيم التى التصقت بشكل خاطيء مع الاسلام،بدلاً من الرفض العارم بعد صدور القرار،خاصة وأن هناك العديد من القرارات التى تم اتخاذها فى مصر ودول عربية أخرى اعتبرتها دول مختلفة بانها تتنافى مع مباديء حقوق الانسان،وكان الرد من المجتمع المصري بأن هذا الأمر شأناً محلياً ولا يجب الحديث فيه خارج الوطن،ومن ثم ربما لسان حال الشعب السويسري الآن هو ان هذا الأمر محاولة من الداخل السويسري للتعامل مع المهاجرين والحاصلين على الجنسية السويسرية ولكنهم يعودون لأصول عربية.

ويشعر كل من المركز والجمعية بغضب شديد نتيجة التفاعل مع قرار المجتمع السويسري بشأن منع انشاء المآذن،رغم أن القرار لا يتطرق لبناء المساجد،ولم يسمع أحد عن المجتمع السويسري بأنه رفض يوماً مطلباً ببناء مسجد،وإنما بسبب سلوكيات ومخاوف وهواجس عملت على صدور هذا القرار،مع التوقع بحدوث تصعيدات آخري،وربما يستفيد الحزب صاحب هذه المبادرة من ردود الفعل العربية تجاه قرار المآذن المتشنجة ليقدم على خطوات آخري!

وللعلم أغلب عمليات الاقتراع فى سويسرا تتم بطريقة سرية ومن خلال صناديق الاقتراع أو عبر المراسلات البريدية، كما ينفرد السويسريون أيضا على خلاف بقية الشعوب، بقَـرار تنظيم استفتاء أو من عدمه، وبدأ العمل بالاستفتاء المباشر سنة 1874 وتمّ تضمينه في الدستور الفدرالي، ثم تلاه حق إطلاق المبادرات الشعبية خلال مراجعة جُـزئية للدستور سنة 1891،وأصبح من الواجب على الحكومة تنظيم استفتاء شعبي حول تعديل فصل من الدستور أو إضافة فصل جديد أو حتى إجراء مراجعة شاملة له، إذا وجّـه إليها طلبا بهذا الشأن يحظى بموافقة 100.000 شخص، وقبل الوصول إلى هذه المرحلة، لابُـد من المرور بالعديد من الخطوات،ويقرر البرلمان لاحقا دعوة الشعب إلى القبول بنص المبادرة أو رفضه، وقد يقرر أيضا صياغة مشروع مضاد يتم عرضه على المواطنين، إلى جانب المبادرة الأولى، للموافقة عليه، وكثيرا ما يتكرّر هذا الامر. وقد تستغرق العملية برمّـتها سنوات عديدة، لكي يُـقر المشروع أو يرفضه.

والمثير للدهشة هنا ان المجتمع المصري حتى الآن لا يستطيع التعامل مع ملف حرية الاعتقاد،وهناك العديد من الحوادث الطائفية التى تؤكد عدم قدرة المجتمع المصري على التعامل معها اوالتسامح فيها،فالكثير من أصحاب المعتقدات الآخري يتم التعامل معهم بشكل خاطيء،ولا يوجد حتى الآن قانون ينظم بناء وترميم دور العبادة،والبرلمان عاجز عن اقرار مثل هذا القانون،ولا توجد أى سلطات لاقراره سوى قرار بقانون من رئيس الجمهورية لتصحيح أوضاع قائمة خاصة وأن تصريح البناء من عدمه فى يد الرئيس نفسه،كما ان موجة الرفض من انشاء مآذنة فى سويسرا لم تحدث من قبل فى مصر حينما قامت مجموعات من المواطنين فى الصعيد والوجه البحري بالتعدى على أقباط وحرق متاجرهم وسرقتها بعد تردد اشاعة تفيد بمحاولة لبناء كنيسة،أو محاولة لترميم سور كنيسة او منارة،وهو واقع يعكس غياب التسامح بشكل كبير فى المجتمع!

وهناك عشرات الحوادث الطائفية التى شهدها المجتمع المصري،وغاب فيها القانون،ولم يقوم مجلس الشعب بدوره،بينما المجتمع السويسري يتعامل مع الاحداث بديموقراطة واسعة حسب الظروف المحيطة،بينما المجتمع المصري عاجز عن التفاعل مع قضايا مهمة،وخاصة وأن المجتمع السويسري عبر عن رأيه فى التعامل مع الجاليات الاسلامية،بينما المجتمع المصري يرفض الاعتراف بوجود مشكلات لأقباط مصر من سكانها،وليس مجرد جالية تعيش فيها!

ويرى كل من المركز والجمعية ضرورة التعامل مع مثل هذه القرارات بنوع من العقل،وأن يكون هناك الحجة القوية لمواجهة هذه الدول بانتهاك حقوق الانسان وخاصة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية،وقبل القاء السهام فى الخارج لابد من اصلاح البيت من الداخل.

المركز المصري لحقوق الإنسان
284 شارع ترعة الجبل الزيتون القاهرة
تليفون : 22500074 (02)
فاكس : 22536800 (02)
E-mail : echr2006@yahoo.com
website : www.echr-eg.com