9/5/2007

فى اطار حرص منظمات المجتمع المدنى فى دعم حقوق الانسان نظم كل من مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى بالتعاون مع مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية ندوة حملت عنوان “ماذا نريد من المجلس القومى لحقوق الانسان فى دورته الجديدة” ؟،بمشاركة ممثلى المجلس ونخبة من نشطاء حقوق الانسان والعمل الاهلى ،وشهدت الندوة عرض لدراسة بحثية رصدت اداء المجلس خلال ثلاث سنوات مضت وهى اول دراسة من نوعها فى هذا الموضوع ،أعدها ا الدكتور عمرو الشوبكى خبير النظم السياسية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام .

فى البداية عرض الدكتور عمرو الشوبكى ابرز ملامح الدراسة والتى اكدت على أن المجلس القومي لحقوق الإنسان أنشيء بموجب القانون رقم 94 لسنة 2003 إلا أن هذا القانون يعاني من العديد من المشكلات ترجع بالأساس إلي عدم مطابقته للمعايير الدولية المعروفة باسم مبادئ باريس و هي تلك المبادئ المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها و هي المصادق عليها بالإجماع سنة 1992 من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمرفقة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 134/48 بتاريخ 20 ديسمبر 1993، فمن جهة نصت المادة الأولي من القانون على إنشاء مجلس قومي يسمى المجلس القومي لحقوق الإنسان يتبع مجلس الشورى. إلا أن تبعية المجلس القومي لحقوق الإنسان لمجلس الشورى تخل باستقلاليته، لأن هذا الأخير لا اختصاصات له ـ على الأقل حتى التعديلات الدستورية الأخيرة ـ ، ويسيطر علي تشكيله الحزب الحاكم، حيث يعين ثلث أعضائه.

وحول تقارير المجلس الثلاثة،أشار الشوبكى إلى أن التقرير الأول نال نوعاً من الإعجاب و التقدير لأنه اقتضى في منهجيته بتقارير المنظمات الدولية، واعتمد على تقارير المنظمات المصرية العاملة في مجال حقوق الإنسان ، و قام بتوجيه انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في مصر و من أهم الانتقادات التي شملها التقرير:الإقرار بارتكاب انتهاكات مؤسفة للحق في الحياة، وأرجع مسئوليتها للسلطات العامة، مثل وفاة مواطنين بشبهة التعذيب أثناء احتجازهم في مقار الاحتجاز، ووفاة البعض منهم نتيجة الإهمال الجسيم و نقص الرعاية الصحية للمحتجزين لدى تلك السلطات،أدان التقرير استخدام العنف والقوة الغير مبررة وإساءة استخدام السلطة عند التعامل مع المتهمين والمحتجزين في مقار الاحتجاز القانونية.،ومع ذلك لم يخلو التقرير من بعض الجوانب السلبية أبرزها إنه جاء نظريا في بعض الجوانب، خصص فصلاً كاملاً و هو الفصل الأول، تناول فيه المساهمات المصرية في إقرار الشرعية الدولية والإقليمية لمبادئ حقوق الإنسان، ومدى اتساق الدستور والتشريعات المصرية مع تلك المبادئ، أما الفصل الثاني بأكمله فقد تم تخصيصه للإطار الدولي والإقليمي و القومي الذي دفع إلي تأسيس المجلس،و الفصل الثالث دون أي شئ من التجديد قام بعرض معلومات معروفة لدي الجميع تتعلق بتشكيل المجلس و صلاحياته. أما الفصل الرابع فقد قام بعرض نشاطات المجلس و الشكاوى التي أرسلت إليه. و الفصل الخامس تناول و ضع حقوق الإنسان في مصر في سنة 2004. و الفصل السادس و الأخير تناول توصيات المجلس فيما يتعلق بتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

أما التقرير الثاني فجاء أقل من التقرير الأول في كثير من الجوانب فقد كان من المنطقي أن يتناول التقرير الثاني تقييما مقارناً لوضعية حقوق الإنسان في مصر، خاصة و أنه التقرير الثاني، ومن ثم كان من المتوقع أن يجري مقارنة على أساس التقرير الأول، و ذلك بهدف رصد مواطن التقدم والتدهور في حالة حقوق الإنسان في مصر وأسبابها خلال العامين المنصرمين، و لكن كانت المفاجأة أنه على عكس ذلك حاول التقرير الثاني تبرئة المجلس من ردود الأفعال على التقرير الأول، وكأن محرري التقرير حاولوا تقديم اعتذار للدولة عن إقرارهم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، نتيجة مسئولية بعض أجهزة الدولة. ويبدو أن ذلك جاء على أثر توجيه وزارة الداخلية انتقادات حادة للتقرير، أكدت فيها أن المجلس ليس له حق التدخل في طريقة إدارة الوزارة في تنظيم السجون ومقار الاحتجاز التابعة للوزارة .

وجاء التقرير الثالث مثله مثل التقرير الثاني في مستوي أقل من التقرير الأول، فقد تبين لنا منذ صدور التقرير الثاني انعدام الإرادة السياسية لإحداث أي تغيرات حقيقية و ضعف استقلالية المجلس تجاه الدولة و هذا ما أكده صدور التقرير الثالث، فقد ركز هذا الأخير علي إنجازات المجلس من أنشطة وتطوير مؤسسات متجاهلاً نقاط الضعف التي تشوبه.

وختم الشوبكى دراسته بقوله ” لابد من التأكيد على أن وجود المجلس في المجال العام في مصر، واستمرار نشاطه سيظل في صالح الديمقراطية والإصلاح في البلاد، وسيظل ساحة شبة وحيدة يمكن فيها للقوي الإصلاحية الواقعة داخل النظام وخارجه أن تتحاور وربما تتوافق، وتحاول أن تشكل جماعة ضغط على الحكومة من أجل أن تحترم القواعد التي اختارتها للعمل السياسي في البلاد، وأن تختفي التجاوزات والانتهاكات التي لا يوجد “قرار سياسي” ورائها، وباتت تلاحق قطاعات واسعة من المواطنين العاديين،وعلية فمن المهم عدم الاستهانة “بفكرة ” وجود كيان مؤسسي يقع في منطقة وسط بين الدولة وقوي المجتمع المدني، وقادر أن يكون قوة ضغط على الحكم دون أن يمثل تهديد للنظام، وربما يساهم في المستقبل بدور أكبر في عملية الإصلاح إذا عرف بالضبط ما هي القضايا التي عليه أن يتشدد فيها، وتلك التي يجب أن كون مرنا، لأن عملية التحول الديمقراطي جرت في معظم بلدان العالم حدثت عقب إيجاد نقطه توافق بين إصلاحيين من داخل النظام وآخرين خارجه، وظلت أفكار الثورة والعصيان المدني استثناء في تاريخ نماذج التحول الديمقراطي وخاصة المتأخرة منها، كما أن الضغط الذي مارسه الشارع في ظل وجود حلفاء له من داخل النظام كان دائما أكثر نجاعة وأقل ثمنا في الأرواح وفي فرص نجاح النظام الجديد، من هذه الإصلاحات التي تجئ بعد القطيعة والعنف والثورة على القديم”.

من جانبه اختلف الدكتور سعد الدين ابراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية مع رؤية الدكتور عمرو الشوبكى فى الاعتماد على المجلس كى يقوم بدور فى الاصلاح ووصف سعد ما قاله الشوبكى عن المجلس “بالاحتشام” و اعتبر سعد ان المجلس القومى لحقوق الانسان ضعيف إلى أقصى درجة وانه لم يكن له جهد ملحوظ خلال الفترة الماضية والتقارير التى يصدرها سنويا لاتتسم بالشفافية ولا ترقى لتقارير محترمة تصدرها منظمات دوليه لها مصداقيتها مثل تقرير منظمة العفو الدولية، ومرصد حقوق الانسان العالمى وتقرير وزارة الخارجية الامريكية وبيت الحرية .

وأرجعت فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الاهالى التدهور الذى يعانى منه المجلس القومى لحقوق الانسان إلى التوجه الرئيسى للحزب الحاكم فى مصر واندماج رجال الحزب فى مؤسسات الدولة والخلط بينهما وهو ما أدى إلى تدمير مفهوم المؤسسية لكل الفئات والاطياف المختلفة من الشعب المصرى بمختلف ميولهم السياسية والفكرية.

على الجانب الاخر شن نجاد البرعى الناشط الحقوقى المعروف ورئيس جماعة تنمية الديموقراطية هجوماً حاداً على المجلس مشدداً على حرصه فقط فى الحصول على عضوية المنظمات الدوليه فى الوقت الذى لا يعترف بعجزه،وغياب الشفافية فى تعاملاته خاصة وانه لا توجد عليه رقابة من الدولة او من الجهاز المركزى للمحاسبات خاصة فيما يتعلق بميزانية المجلس وعدم قدرته على توظيف انشطته فى ضوء الامكانيات المتاحة له

اعترض الدكتور نبيل حلمى عضو المجلس القومى لحقوق الانسان على ما قاله البرعى مؤكداً أن المجلس يعلن ميزانيته سنويا ويوضح قائمة الايرادات والمصروفات وأن المجلس يبذل قصارى جهده نحو ترسيخ ثقافة حقوق الانسان ونشرها فى المجتمع المصرى

واتفقت المستشارة سامية المتيم عضو المجلس القومى لحقوق الانسان مع هذا الطرح وشددت على أن كل العاملين فى المجلس يبذلون اقصى جهد للقيام بواجبهم والنهوض بأوضاع حقوق الانسان خاصة وان هناك خطوات جادة تم تنفيذها للحد من انتهاكات حقوق الانسان وهناك اهتمام بتحسين الاوضاع الاقتصادية من اجل حياه افضل للمواطنين وجددت دعوة المجلس فى التعاون الكامل بين المجلس ومنظمات المجتمع المدنى للنهوض باوضاع حقوق الانسان فى مصر .

عقب محمد منير رئيس المركز الافريقى لحقوق الانسان بقوله” المجلس لا يستحق أن يوجه إليه كل هذا اللوم او التقصير فالمجلس كيان مؤسسى وان كان هناك تقصير فلابد من لوم العاملين به والسعى لتحسين اداء المجلس من خلال رفع قدرات العاملين وتاهيلهم بالشكل المناسب”.

وفى نهاية الندوة تم فتح باب التعقيبات للحاضرين فى هذه الندوة وبلغ عدد المتقدمين للتعقيب ما يقرب من 20 وتركزت معظم التعقيبات على أهمية هذه الندوة التى قدمت دراسة جادة واراء مختلفة حول اداء المجلس القومى لحقوق الانسان فى امسية رائعة داعيت تكرار هذه اللقاءات التى من شأنها النهوض بمجال حقوق الانسان وتم تقديم بعض التوصيات منها :-

    • 1. تبنى كل من مؤسسة عالم واحد ومركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية تقديم مشروع قانون ينظم اعمال المجلس بدلا من القانون الحالى رقم 94 لعام 2003 وأن يشترك فى صياغة ووضع هذا القانون منظمات المجتمع المدنى للنهوض بعمل المجلس وبأوضاع حقوق الانسان .

    • 2. زياده تمثيل المنظمات الغير حكومية فى تشكيل اعضاء المجلس نظراً لوجود عضو واحد فقط ضمن 24 عضواً.

    3. ضرورة اتسام أعمال المجلس القومى لحقوق الانسان بالشفافية فى كافة تعاملاته والإعلان عن ميزانيته كاملة بصورة دورية .