27/10/2008

بعد عام ونيف ، اصدرت محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة حكمها الذى طال انتظاره فى الدعوى التى قدمتها جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان وعلى وجه الاستعجال للنظر فى مشروعية هذا القرار المعيب الذى اصدره محافظ القاهرة ووزير التضامن بحل وتصفية الجمعية على خلفية ادعاء باطل – اثبت الحكم القضائى بهتانه – بأن الجمعية قد خالفت القانون فيما يخص تصرفاتها المالية.

جاء حكم المحكمة ليعيد وصل ما انقطع وليرجع الحق السليب الى اهله. وجاء قرارها يوم الاحد الموافق 26 اكتوبر 2008 بالدائرة الثانية برئاسة المستشار محمد قشطة، بعد طول تمحيص ومداولة فى اوراق القضية رقم 4065 لسنة 61 والذى يقضى بوقف تنفيذ هذا القرار المعيب بحل الجمعية بصفة مستعجلة وسببت ذلك بكون هذا القرار قد خالف صحيح القانون للاسباب الاتية :-

  • المخالفات التى تم الاستناد عليها هى مخالفات قديمة منذ عام 2003/2004، ثم وبفرض صحة هذه المخالفات، فكان من المفترض على الجهة الإدارية أن تقوم بإجراءاتها ضد الجمعية فى حينها.
  • كان يجب على الجهة الإدارية استخدام الصلاحيات المنصوص عليها بقانون الجمعيات، والتدرج فى العقوبة وليس إصدار قرار بالحل. وهو ما دعى المحكمة الى التشكك فى نوايا هذا القرار المعيب والذى يؤكده أن الجهة الإدارية قد استخدمت “الغلو فى توقيع الجزاء”
  • ثم ان القرار فى اساسه معيب شكلا حيث لم يتم عرضه على الاتحاد العام للجمعيات كما ينص على ذلك القانون وحيث لا يوجد دليل على وجود أية مخالفات، فقد قررت المحكمة ان قرار حل وتصفية جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان قراراً صدر بغير سند من الواقع والقانون.

وبعد التنويه الى طول الوقت وامد الانتظار الذى عانت منه الجمعية منذ صدور هذا القرار المعيب فى 4 سبتمبر 2007 وحتى صدور هذا الحكم الذى ولا شك يصدر فى ظل اوضاع سياسة وحقوقية بل واجتماعية بالغة الاحتقان.

لقد استقبل اعضاء الجمعية قرار الحل – الذى وصف بأنه ضربة موجعة للمجتمع المدنى فى مصر- على انه انتقاما من الجهة الادارية على خلفية نشاط الجمعية المؤثر فى ملاحقة الجلادين من افراد الشرطة – الذين يأن تحت جبروت صلفهم وغطرسة نفوذهم – الضحايا من ابناء هذا الوطن. وهو ما توج بأداء الجمعية فى ملاحقة احد ضباط امن الدولة متهما

بتعذيب المواطن محمد عبد القادر وقتله، وليس من قبيل الصدفة ان يصدر هذا القرار المعيب مباشرة فى نفس يوم صدور الحكم ببرائة هذا الضابط مما نسب اليه.

لقد احدث هذا القرار المعيب تضامنا هائلا من مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر والعالم والصحف ووكالات الانباء محليا ودوليا الامر الذى كان لنا بمثابة عزاء وسلوى نشكر من قدمه لنا وندين له بالعرفان. حيث كان ذلك دافعا لنا للتمسك بقضية الدفاع النزيه عن ضحايا انتهاكات حقوق الانسان فى مصر. والاصرار على السير فى طريق اعلاء قيم ومبادئ حقوق الانسان فى المجتمع المصرى. لقد استمرت جهود المساعدة بعد صدور هذا القرار المعيب حسب ماتوفر لها من امكانيات فى انتظار صدور الحكم. ولم تكن المساعدة بعيدة عن الصخب الدائر فى مصر حول حدود وافاق العمل العام بل وتحديدا امكانية قبول الدولة طواعية بالتخلى عن قبضتها البوليسية التى باتت تخنق اية امكانية للاصلاح السياسى الديمقراطى فى مصر.

لقد بح صوت الجمعية فى التاكيد على ان احترام الدولة المصرية للمواثيق الدولية لحقوق الانسان التى التزمت بها والخاصة بحماية وصون حقوق المواطن لن يتاتى الا باحترام الدستور والقانون وهو ما لن يحدث الا اذا كان القائمون على اصدار القانون والساهرون على انفاذه يعبرون قولا وفعلا عن مصالح الغالبية العظمى من ابناء هذا الوطن الذين يجرى اقصائهم عن اية محاولة وقمع اية رغبة لديهم فى تغيير شروط حياتهم الصعبة والخانقة. بدءا بالتربص بمن يقول ، وملاحقة لمن يدعو الى التعبير الجماعى سلميا عن الحق اوالمطالبة به ، وانتهاء بحظر ممارسة الحق فى انتخابات عامة تتمتع بالنزاهة والحياد وفق ما تعارفت عليه وتوافقت شعوب الدنيا.

واذ تلتقط الجمعية انفاسها بارتياح بعد صدور هذا الحكم الذى لا يمكن الخطأ فى قراءة دلالاته تعلن انه ولحين التزام الدولة بواجباتها حيال ضمان امن المواطنين وسلامتهم وتلبية احتياجاتهم الانسانية وصون كرامتهم فاننا مازلنا نواصل الزحف تحت احلامنا وسنسعى الى تحقيق املنا بمصر خالية من التعذيب وامتهان كرامة المواطنين فيها . فحتى لو توقفت قاطرة دهس الحريات الى حين. فاننا لن نتخلى عن الضحايا وانين صوتهم. وكما قلنا سابقا لمن اصدروا هذا القرار المعيب قدموا اسفكم واعتذاركم ولن نقبله قبل ان ترضخوا لحكم المحكمة وتحترموا عدلها وتقوموا بتنفيذ حكمها القاضى بوقف قراركم المعيب، ولن نقبله قبل ان ترجعوا الحقوق المغتصبة الى اصحابها بهمة لا تقل عن همتكم حين قمتم بتنفيذ اجراءات اغتيال الجمعية.

جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان