24/4/2008

وحيد عبد المجيد : مصر تشهد عملية تهميش كبير لابنائها

د. عمرو الشوبكى : فشل الكيانات الرسمية الموجود ولدت قوى موازية تملك طاقة من التمرد والاحتجاج

د. احمد يحيى : مشكلتنا غياب النموذج الصالح لإدارة شئون البلاد والمؤسسات السياسية ليس لها دور

مجدى حلمى :النظام وضع بينه وبين الشعب طبقة اسمنتية بفعل مجموعة الفاسدين من حوله .

كمال عباس : القانون أثقل حق الإضراب بالقيود التى جعلت ممارسته مستحيلة

إيماناْ من مؤسسة عالم واحد لتنمية ورعاية المجتمع المدنى على حق العمال فى ممارسة الإضراب حيث جاء النص عليه فى قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 ولأول مرة يدرج هذا النص فى قانون العمل .

نظمت المؤسسة حلقة نقاشية موسعة أمس الاربعاء 23 ابريل تحت عنوان ” الإضرابات فى بر مصر الى اين ؟ ” شهدت الحلقة حضوراْ جماهيرياْ مشهوداْ ضم نخبة من النشطاء وممثلى منظمات المجتمع المدنى وحقوقيون وإعلاميون وأعتلى منصة النقاش نخبة من المهتمين بالموضوع فى مقدمتهم د. وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية الذى أدار حلقة النقاش التى شارك فيها كل من د. عمرو الشوبكى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ؛ د. أحمد يحيى استاذ علم الإجتماع السياسي جامعة قناة السويس ؛ الناشط كمال عباس مدير دار الخدمات النقابية ؛ الصحفى مجدى حلمى رئيس القسم السياسى والعمالى بجريدة الوفد ؛ وأشرف على الحلقة ماجد سرور المدير التنفيذى لمؤسسة عالم واحد لتنمية ورعاية المجتمع المدنى .

فى البداية أتفق المشاركون فى الحلقة النقاشية على أن النظام أعطى للعمال حق الإضراب باليد اليمنى وسلبه منهم باليد اليسرى ؛ حيث أثقل قانون العمل حق العمال فى الأضراب بقيود جعلت من تحقيقه أمراْ مستحيلا بل أن غالبية الشروط اللازمة لإتمامه تناقض المعايير الدولية ؛ حاولت المناقشة من خلال فعاليات الحلقة الإجابة على السؤال الذى طرحته المؤسسة فى عنوان الحلقة .

فى البداية أشار د. وحيد عبد المجيد أن البلاد شهدت تطور لإحياء النزعة الإحتجاجية من إحتجاجات متناثرة صغيرة الى إحتجاج عام ضم داخله جماعات كثيرة ؛ ولكن دون تحديد واضح وهو ما حدث خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة من تطور بدأ اجتماعياْ واقتصادياْ لكنه سرعان ما تحول الى الطابع السياسى بدرجة ما ولكنه بشكل غير متبلور نتيجة لأن من تقدموا للقيام بهذه المحاولة غالبيتهم ليس لهم تجارب سياسية بل شباب حديث العهد بالعمل العام .

فشباب الــــ face book الذين حركوا الدعوة يوم 6 ابريل الماضى الى 4 مايو القادم ليس لديهم ثقافة وقدرة على التمييز بين الأساليب الإحتجاجية المختلفة والفرق بين الإعتصام والتظاهر والإضراب العام وأكد عبد المجيد إن البلاد تمر بمرحلة فارقة الجزء الاكبر منها تطور غير منظم ، به قدر كبير من العشوائية لكنه حرك المياه الراكده فى المجتمع .

مضيفاْ ان ثنائية الصراع بين نظام حكم يدير المسألة بشكل أمنى وبين حركة إسلامية تعتمد وترفع الشعارات الدينية تبرز قوة ثالثة تحاول ملْ الفراغ ولكن السؤال هل تنجح هذه القوة فى ما لم تنجح فيه غيرها ؟ فنحن فى حاجة الى تفهم ما يحدث اولا ثم نرتب تصورنا .

مشيراْ أن مصر شهدت عملية تهميش إجتماعى كبير لابنائها لدرجة أصبح فيها جزء كبير من الريف غير قادر على إطعام ابنائه بعد ان كان قادر على ان يطعم مصر كلها . وحذر وحيد من احتجاج المهمشين إجتماعيا واصفاْ إحتجاجهم بانه سيقضى على الاخضر واليابس .

أكد كمال عباس أن الإضرابات فى مصر إلى أن تتحقق الحقوق الذي يضرب المضربون من أجلها ، وأشار إلى أن الإضرابات إنتقلت إلى الفضاء عبر الانترنت وموقع ال face book كما ظهرت المطبعة فكان المنشور السياسى ، التليفزيون والإعلام المباشر ، الكاسيت ودوره فى الثورة الإيرانية ، وأشار أن ليس هناك أى توازن بين الطبقات الاجتماعية المختلفة . ولا يمكن أن يكون هناك استقرار بدون ذلك التوازن .

وطرح د. عمرو الشوبكى عدة سيناربوهات للامور ففكرة الإضراب من الممكن وضعها فى إطار قضية أوسع وهى الإحتجاج او التمرد على الاوضاع القائمة ليس فقط فى الأداء الحكومى او الحزب الحاكم ولكن ايضا المعارضة والحركات السياسية لذا خرج علينا من اربع سنوات أول نمط لهذا الاحتجاج مثلته حركة كفاية ؛ بعدها ظهر نوع اخر من الإحتجاج وهى الإحتجاجات الإجتماعية التى شهدنا لها عام 2006 لتأتى بعد ذلك الإنتخابات النقابية العمالية التى شابها الكثير من الإحتجاجات والشغب .

وقال الشوبكى من المتوقع تزايد موجة الاضرابات والاحتجاجات فى الفترة القادمة خاصة بعد دخول الانترنت ذلك العالم المفتوح كشريك فى هذه الإحتجاجات ؛ وهنا لانستطيع ان نقول أن العمال يقومون بقتح موقع face book يوميا ويتواصلون مع الشباب ؛ الا انه ورغم ان إحتجاجات الإنترنت خرجت من عالم افتراضى الا أن رد فعل الدولة ورد فعل الأجهزة الأمنية بالبيان الشهير الذى بثته وزارة الداخلية خير دليل على تخوفهم .

وقال الشوبكى انه فى ظل فشل الكيانات الرسمة الموجود على أرض الواقع خرجت هذه القوى الموازية المناهضة والتى تملك طاقة كبيرة من التمرد والاحتجاج والرفض . فأنه ولأول مرة نجد الموظف المحتج والمتمرد والنموذج فى ذلك موظفى الضرائب العقارية الذين نجحوا فى الحصول على مطالبهم من خلال احتجاجاْ ليس له علاقة بتنظيم أو مؤسسة سياسية موجودة وإنما صرخة احتجاج على الاوضاع النقابية والعمالية .

وتوقع د.الشوبكى أن الحكومة لن تستطيع مع كل إضراب ان تلبى مطالب المضربين خاصة فى الحوافز والأرباح لأنه سيأتى يوم وتكون عاجزة عن الدفع للموظفين .

مشيراْ أن مطالب هؤلاء العمال فى تطور مستمر فاليوم يطالبون بتحسين الأجور والرواتب لينتقلوا بعد ذلك الى مستوى اعلى أو بعد سياسى أكبر فى التعامل مع الأوضاع القائمة ؛ وانه لاول مرة من الممكن أن تفرز القاعدة نمطاْ جديداْ من القيادات النقابية والعمالية ذات البعد السياسي ؛ وساعتها لن تنفع مسكنات الدولة فى اخماد ذلك ؛ خاصة بعد حصار الدولة لكل مؤسسات العمل السياسي بمعناه المنظم .

وقال الشوبكى أن المشهد السياسى فى مصر غاية فى السؤ فالحكومة تدمر الأحزاب و الـــ 24 حزب الموجودين على الساحة منهم 18 حزب سياسيى ليس لهم علاقة بالعمل العام ؛ وقادتهم لم يفكروا مرة واحدة ان يحضروا اى ندوة او مناقشة .

واقترح الشوبكى عدة سيناريوهات للمستقبل منها إحتمالية أن تفرض هذه الإحتجاجات والإضرابات نمط جديد من النقابيين ذات البعد السياسي لتشكيل الحكم فى مصر ؛ والسيناريو الثانى هو تصاعد الاحتجاجات حتى تصل لصورة العصيان المدنى وهذا أمر مستبعد ؛ والسيناريو الثالث هو أن هذه الإضرابات تستطيع ان تفرض معادلات جديدة داخل النظام السياسي المصرى اكثر ديمقراطية واكثر انفتاحا .

وقال مجدى حلمى أن االقيادات العمالية غارقة فى الفساد وهو ما شكل نوع من الثورة من قبل المهمشين على هذا الفساد كما ان النقابات المهنية وعددها 21 نقابة مهنية منها 13 نقابة لم تجر بها إنتخابات من عام 1990؛ كما ان اضراب 6 ابريل يمثل حركة احتجاجية إعلامية بالأساس قادها وحمل لواءها الشباب الذى ولد فى عهد النظام الحالى ولم يزيد اعماره عن 27 سنة وهو شباب غير منظم ولم يمارس العمل السياسى حتى فى الجامعة لانه ممنوع من ممارسته .

وعاب مجدى على إنقسام الإعلام والقنوات الفضائية ما بين مؤيد ومشجع على الاضراب وبين من يحاولون إفساد الصورة مشيراْ الى الفروق فى التغطية الصحفية بين الصحف الحكومية التى تعبر عن النظام والحزب الحاكم وبين الصحف المستقلة التى كانت شاهد عيان على ما دار فى المحلة .

وتساءل مجدى الإضرابات الى اين ؟ مجيباْ الى المزيد ففى خلال اربعة اشهر فقط شهدت مصر 900 حركة إحتجاجية ؛ فما بالنا بالشهور القادمة خاصة بعد دخول فئات جديدة سلسلة الاضرابات فأنه لأول مرة فى التاريخ ينضم الى الإحتجاجات والاضرابات اساتذة الجامعة فى سابقة لم يفعلوها منذ الاستعمار .

وقال مجدى ان وسائل الاعلام لا تقوم بدورها المطلوب نظراْ للقمع الذى تتعرض له الصحف والصحفيين فعندما حاولوا ان يلعبوا دور فى تاريخ مصر تم الحكم على 5 رؤساء تحرير بالسجن منهم 2 رؤساء مجلس ادارة ؛ فالمشكلة التى نحياها الأن أن الحكم وضع بينه وبين الشعب طبقة اسمنتية كثيفة بفعل مجموعة الفاسدين من حوله .

وتساءل مجدى لماذا لم تطالب مصر بعودة الأموال المهربة الى الخارج طبقا لاتفاقية مكافحة الفساد التى وقعت عليها مصر رغم تقدم 42 دولة بطلباتها ؟ والاجابة ببساطة ان الذين نهبوا وهربوا هذه الاموال ما زالوا موجودين فى الحكم ؛ مضيفاْ انتظروا حزب الصامتين والذى تقدر عضويته بـــ 65 مليون صامت وهم شباب وعمال عهد هذا النظام ؛ فالاسوأ قادم ومن المتوقع سيادة حالة من الفوضى فى ظل عدم وجود خبرة سياسية او تنظيمية لدى شباب العمل العام .

وأضاف د. احمد يحيى أن الحقائق والأرقام والإحصائيات تقول أن الإضرابات فى بر مصر فى تزايد مستمر بعد وجود 10 مليون عاطل و9 مليون عانس و4 مليون مطلق ومطلقة و6 مليون مواطن من ساكنى المقابر و4 مليون طفل شارع ؛ وكلها أرقام موثقة فعدم إشباع الحاجات الاساسية للمواطن على مستوى السنوات الماضية دفع الناس الى الخروج والتعبير ؛ فالكل يحتج من اجل تغيير مستوى المعيشة والحصول على مكاسب مادية والمسكنات المعروفة بالرشوة السياسية لن تفيد فى المستقبل فلن يجدى رفع مرتبات الاساتذة او منح العمال شهر ارباح فكلها حلول مؤقتة . مشيراْ أن الإضراب حتى ينجح لابد أن يكون له هدف وأن تكون هناك مؤسسة أو جماعة تتبناه وان تكون هناك اليات لتفعيله ؛ قائلا ان الإضراب حق من حقوق الانسان شريطة ان يكون منظم وعلى الجميع أن يرفع شعار نعم للإضراب ولا للتخريب .

وقال د. احمد يحيى أن المشكلة الكبرى متمثلة فى غياب النموذج فالمؤسسات السياسية ليس لها دور والأحزاب محلك سر ولم يستطيع اياْ منهما تقديم نماذج تصلح لإدارة شئون الدولة وأصبح لدينا فقر وعجز فى تقدبم النموذج الصالح القائد .

وتخوف وحذر من ثورة الجياع لأنها ثورة بلا ضوابط او تنظيم ومصر ليست قادرة ان تحتمل أى تخريب فنحن نحتاج الى تغيير أوضاع ؛ ولابد ان يكون هذا هو الهدف الفترة القادمة . من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية .

مضيفاْ أن فكرة الأمن الإجتماعى اصبحت فكرة غائبة عن عقولنا ؛ وعن القيادات السياسية والمجتمعية واصبحنا لا نعرف من الذى يستطيع ان يصيغ لنا عقد اجتماعى جديد يقودنا نحو المستقبل .

ثم أضاف كمال عباس أن القانون أثقل حق الإضراب بالقيود التى جعلت ممارسته مستحيلة وأصبح العمال الأن يضربون خارج القانون وهذه كارثة ؛ فنحن الأن أمام ظواهر جديدة فى الحياة السياسية ؛ وأصبحنا فى حاجة الى حوار مجتمعى خاصة بعدما خرج علينا شباب ال face book ذلك الشباب الحر الطليق غير المقيد يطرح افكار على المجتمع يحاول من خلالها تغيير امر واقع وبدء يستخدم الانترنت كتطور جديد لشكل من اشكال الدعاية السياسية .

مؤكدا أن اتحاد عمال مصر اصبح عبارة عن إمارة للماليك العمالية وأصبحت السمة المميزة لعدد 23 عضو مجلس ادارة الاتحاد انهم فوق سن الستين ولا ينتمون الى اى قاعدة عمالية وكلهم من الحزب الوطنى الحاكم والسؤال الذى يطرح نفسه اين هى التمثيلات الحقيقة للعمال داخل مجلس الاتحاد ؟ لا توجد اذن فنحن امام اضرابات مستمرة ودعوات اجتماعية محركة عن طريق شباب صغير علىface book.