17/12/2008

ماجد سرور : على الدولة إٌقامة حوار مجتمعي حول مشروع قانون البث المرئي والمسموع .

وحيد عبد المجيد : علينا الوصول الى صيغة مقبولة لتنظيم عمليه البث سواء من الجانب القانوني أو من جوانبه الأخرى التي لا يمكن أن نتجاهلها .

نجاد البرعى : حرية الرأى والتعبير مكفولة بنص الدستور ونص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية .

إيهاب الزلاقى : الدولة في مطابخها القانونية أفكارا تتحول إلى قوانين فى أى وقت.

عصام شيحة : المشروع يخالف مواد الدستور المصري، ويعارض الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها مصر .

إيماناْ من مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني بحرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في كافة المواثيق الدولية والاتفاقيات الحقوقية التي وقعت عليها مصر.

نظمت المؤسسة ورشة عمل موسعة تحت عنوان ” مسألة تنظيم البث المرئي والمسموع ” بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الألمانية أمس الثلاثاء الموافق 16 ديسمبر .

شهدت الورشة حضوراْ جماهيرياْ مشهوداْ ضم نخبة من النشطاء وممثلي منظمات المجتمع المدني وحقوقيون وإعلاميون ؛ وأعتلى منصة النقاش نخبة من المهتمين بالموضوع في مقدمتهم د. وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية الذي أدار حلقة النقاش التي شارك فيها كل من د. جهاد عودة رئيس قسم العلوم السياسية – جامعة حلون ؛ الناشط الحقوقي نجاد البرعى المحامى بالنقض ؛ الاعلامى حافظ المرازى ؛ والكاتب الصحفي إيهاب الزلاقى مدير تحرير جريدة المصري اليوم ؛ وعصام شيحة المحامى بالنقض وأشرف على الورشة ماجد سرور المدير التنفيذي لمؤسسة عالم واحد لتنمية ورعاية المجتمع المدني .

في البداية أتفق المشاركون في الورشة على أن مشروع قانون تنظيم البث المقدم من الحكومة بمثابة قنبلة دخان تريد الحكومة أن تشغل الناس بها عن مشكلات أخري، والمستهدف من هذا القانون ليس كما يظن البعض الإعلام المسموع والمرئي لكن الوسائط الجديدة المتمثلة في المدونات أو الصحافة الإلكترونية بشكل عام.

وقال المشاركون في الورشة التي حضرها د. أندر يس جاكوب المدير التنفيذي لمؤسسة كونراد اديناور الألمانية بالقاهرة أن المشروع يتضمن العديد من القيود علي حرية الرأي والتعبير، من خلال وضع قيود صارمة من أجل التحكم في البث الفضائي وفرض سلطة رقابة علي البث السمعي أو المرئي وهو ما يعد بمثابة خطوة في مسلسل تقييد حرية الرأي والتعبير .

وطالب الحضور في الورشة بضرورة إلغاء وزارة الإعلام المصرية، واستبدالها بهيئة إذاعة مستقلة تخضع لرقابة البرلمان بعيداً عن تدخل وسيطرة الحكومة.

في البداية دعا ماجد سرور المدير التنفيذي لمؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني إلى ضرورة إٌقامة حوار مجتمعي حول مشروع قانون البث المرئي والمسموع خاصة بعد تسريب أخبار شروع الدولة فى الخروج بقانون ينظم عملية البث .

وأضاف سرور أن المؤسسة لها وجهة نظر في هذه المسالة وهى إننا ندعو إلى التنظيم بالفعل ولكن بما يتسق مع حرية الرأي والتعبير ؛ وتجسدت هذه الدعوة في تحالف ضم 22 منظمة حقوقية لحوار مجتمعي حول القانون ؛ لأننا في حاجة إلى قانون يضمن حرية الرأي والتعبير ولا يحجمها في مصر خاصة بعد دخول حملات ” الفاس بوك ” ورسائل الـــ ” s.m.s “ضمن مشروع القانون والحملة التي تقودها المؤسسة .

وقال سرور أن فكرة الورشة اليوم تدور حول مسألة تنظيم البث المرئي والمسموع والذى تتبناه المؤسسة في أطار برنامج حرية الرأي والتعبير ؛ والجميع يعرف أن المؤسسة تتبنى أربع ملفات من منظور حقوقي وهم تمكين المرأة – حرية الرأي – التوعية بالانتخابات – الدراسات الديمقراطية وهو مشروع تتبناه المؤسسة مع مؤسسة كونراد اديناور وهو النشاط الرابع للمؤسسة .

وقال د. وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية ومدير الورشة أن موضوع تنظيم البث مثار منذ وقت مضى ولكن توسع الحديث فيه هذا العام نظراً لان 2008 شهدت حدثين على المستوى العربي والمصري وهما ظهور وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي في فبراير الماضي خلال فعاليات اجتماع وزراء الإعلام العرب بسرعة وعلى عجلة مما افقدها هويتها وأهميتها نظرا لأنها لم تأخذ شكل الاتفاقية بين الدول العربية وبالتالي كانت وثيقة عامة وغير ملزمة وإنما جاءت صورة كربونية من الطريقة التي تفكر بها السلطات العربية في موضوع تنظيم البث المسموع والمرئي والفضائي بالإضافة إلى موضوع المدونات وهو ما يجعل الأمور تزداد في جدالها نظراُ لعدم معرفة هل يحتاج التعبير من خلال شبكة الانترنت إلى تشريع أم إن هناك من القوانين ما يكفى للتنظيم .

وأضاف د. وحيد أننا تأخرنا في الاهتمام بمسالة البث المسموع والمرئي لأننا في مصر والعالم العربي نعيش وسط إعلام تعبويا وتسيطر عليه الدولة وتنظمه كيف تشاء باعتبار انه مملوك لها ولم يكن هناك مناخ عام يثار فيه الموضوع ؛ ولكن عندما بدأت قبضة الدولة في التراجع بدا الجدل والنقاش وكان من المفترض إن يكون قبل ذلك بسنوات . وما نتطلع إليه في النهاية بغض النظر عن الجدول الزمني هو أن نصل إلى صيغة مقبولة ومعقولة لتنظيم عمليه البث المسموع والمرئي سواء من الجانب القانوني أو من جوانبه الأخرى التي لا يمكن أن نتجاهلها .

واقترح عبد المجيد على مؤسسة عالم واحد ضرورة عمل مجموعة من ورش العمل تتعلق بالبيئة والبنية التي يعمل فيها الإعلام وأيضا تقييم التجربة خاصة وانه لدينا العديد من القنوات المصرية التي تجرى تقييم دوري لمحتواها.

وتسال هل لدينا مستوى مهني يشجعنا على العمل والسعي من اجل إعلاء شان الحرية في هذا المجال والوصول إلى البث المرئي لمستوى يليق بتاريخنا ويتضمن الحد الأدنى من مواصفات الأداء المهني الجيد خاصة وأننا في حالة انسجام مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وكيف نسوغ تشريع ينسجم أو يبتعد عن التشريعات الدولية .

وقال عبد المجيد انه ما يعنينا اليوم هو مشروع قانون لإنشاء جهاز تنظيم البث المسموع والمرئي الذي نشرته جريدة المصري اليوم ” مستقلة ” على انه مشروع الحكومة ولم يتم تأكيد إن كان هذا القانون أو هذه الصيغة هي النهائية التي ستتقدم بها الحكومة إلى مجلس الشعب أم لا دون وجود لاى رد فعل ؛ ونحن نتخوف من مفاجأة الحكومة لننا بهذا النص الذي تم تسريبه وخرج بدون حوار مجتمعي .

وأضاف د. وحيد أن الاطلاع على تجارب الدول الأخرى مفيد ومهم وأيضا المبادئ ولكنها لا تكفى لوضع تصور أو مشروع ينسجم مع الشارع المصري في هذه المرحلة التي لها خصوصية في تاريخ معين والتي بها مساوئ وما تمثله من تدهور في مسار التطور المصري في العصر الحديث وكل ذلك يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لأنه من الممكن أن يقودنا إلى الهلاك .

وفى ذات السياق رأى الناشط الحقوقي نجاد البرعى المحامى بالنقض وشريك المجموعة المتحدة – محامون أنه مما لا شك فيه أن حرية الرأي و التعبير تعد من أهم الحريات المدنية و السياسية للإنسان وهى ضرورية لإحساس الإنسان بمعنى وجوده ؛ ولحرية الرأي و التعبير معنى واسع يندرج تحته العديد من الحقوق منها الحق في تكوين الأحزاب و الجمعيات الأهلية والنقابات المهنية و العمالية و الإضراب والفكر والوجدان والدين و التظاهر و الاجتماع السلميين وإصدار الصحف و التمثيل السينمائي و المسرحي و البث الهوائي .

وكل ذلك يأتي وفقا لنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و التي تناولت الحق في حرية الرأي و التعبير بشكل صريح ؛ حيث نصت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 انه ” لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير ، و يشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل ، و استقاء الأنباء و الأفكار و تلقيها و إذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ” .

ونصت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الصادر في 1966 أنه ” لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة ؛ ولكل إنسان حق في حرية التعبير . و يشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات و الأفكار و تلقيها و نقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود ، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية و سيلة أخرى يختارها ” ؛ وتستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات و مسئوليات خاصة .

و على ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود و لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون و أن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين و سمعتهم و لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

وقال نجاد أن الدستور المصري لم يكن بمعزل عن التطورات الدولية و اهتمام المجتمع الدولي بحرية الرأي و التعبير فجاء في المادة 47 من الدستور : ” حرية الرأي مكفولة ، و لكلف إنسان التعبير عن رأيه و نشره بالقول أو بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون ، و النقد الذاتي و النقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني ” .

وقال البرعى انه يمكن القول أن المبادئ الدولية التي يتعين مراعاتها في شان البث الفضائي مقارنه بالوضع القانوني الحالي في مصر هي محض مبادئ إرشاديه تؤكد علي احترام حرية الرأي والتعبير من ناحية وتنظم عمليه البث الهوائي بمعزل عن التدخل الحكومي من ناحية أخري ، كما أنها تحمي عمليه البث من سيطرة رأس المال من ناحية ثالثه .

وترتكز على قوانين و معايير دولية و إقليمية مستوحاة من تجارب الدول – كما هي معبر عنها من بين أمور أخرى في القوانين الوطنية و أحكام قضاء المحاكم الوطنية – و من المبادئ العامة للقانون المعترف بها من قبل الجماعة الدولية.

ولكن ينبغي أن نعرف أن كل المبادئ العامة للبث تستبعد الانترنت وبالتالي فانه بالإضافة إلى رسائل إل s.m.s وغيرها من الوثائق التي تبث عن طريق الانترنت مستبعدة من القانون لأنه يتحدث عن البث الهوائي والارضى فقط . وبالتالي فان اى محاولة لإدخال الانترنت والرسائل ضمن قانون البث المرئي والمسموع هي مخالفة للمبادئ الإرشادية العامة والوضع الدولي .

وقال الإعلامي حافظ المرازى أن ما قاله البرعى يطرح تساءل مهم وهو أين نحن مما يجب أن يكون ولكن بالمقارنة بتجارب دول أخرى تبدو لنا المسالة إنها حلم لما يشمله من حرية للوسائل الإعلامية في بيئة سياسية محددة وهو ما يجعلنا ننطلق من الشئ النظري او الحلم إلى الشئ العملي ولكن المشكلة أن الإعلام لدينا مرتبط بقوانين ومساحة دولية مخصصة معطاة وممنوحة لكل بلد وداخل كل بلد لابد من حماية عدم التداخل في الترددات من الموجات المتوسطة أو fm للإذاعة و uhf بالنسبة للأرضي وهى مسالة يمكن ان نطبق عليها ما قاله البرعى في ورقته طالما ان هناك كمناخ مناسب .

وأشار المرازى أن المشكلة التي نحن بصددها اليوم هو ما يتعلق بالصيغة القانونية التي نشرت في جريدة المصرى اليوم لأنها تطرح فكرة استعداد الحكومة في توزيع رقمي للقنوات الأرضية والإذاعة وهو أسلوب جديد لم يكمن منتهج من قبل لأنها كانت تخص القطاع الخاص الذي لديه مدينه للإنتاج الإعلامي أو الفضاء والذي لا تملك الحكومة اى تدخل فيه أو فعل شئ معه .

وفى سياق متصل قال إيهاب الزلاقى مدير تحرير جريدة المصري اليوم انه في الأشهر الأولى من عام 2008 اجتاحت مصر دعوة لإضراب عام على مستوى الجمهورية تحدد له موعدا هو السادس من إبريل، كانت الدعوة في بدايتها تضامنا رمزيا مع إضراب قرره عمال غزل المحلة فى اليوم نفسه استمرارا لسلسلة احتجاجات متكررة تطالب بتحسين أوضاع عمال أكبر شركات الغزل والنسيج في مصر، ولكن هذا التضامن الرمزي تحول إلى حملة شاملة وصلت إلى كل بيت، واللافت للنظر أن تاريخ الدعوات للاعتصام في مصر كان دائما محدودا بالنخب والأحزاب السياسية، أو مقصورا على المطالب الفئوية والعمالية، وبالتالي كان فكرة الاعتصام ذاتها غريبة على البيت المصري العادي الذي وصلته كلمة جديدة تماما لدرجة أن الغالبية العظمى لم تكن تدرك أساسا ما يعنيه الاعتصام.

وتسأل الزلاقى ما الذي حول دعوة تقليدية للاعتصام، إلى “حالة” وصلت كل بيت في مصر، واحتاجت إلى تكثيف وزارة الداخلية جهودها لمحاصرة هذا “الخطر” الجديد بأساليب تعبوية تشبه أساليب الستينيات، ولدرجة تحول معها التكثيف الإعلامي على رفض فكرة الاعتصام إلى عنصر أساسي من عناصر نجاحه؟ والإجابة ببساطة هي دخول العديد من الأدوات الجديدة تماما على الواقع السياسي والاجتماعي المصري تتمحور جميعها حول أساليب الاتصال الحديثة وعلى رأسها شبكة الانترنت والتليفون المحمول.

ورأى الزلاقى أن المجهود الأساسي الذي نقل فكرة الاعتصام من الدوائر السياسية والعمالية الضيقة إلى رحاب الشارع المصرى كان مجموعات “الفاس بوك” على شبكة الانترنت، ورسائل البريد النصية القصيرة SMS التى تبادلها المصريون بالآلاف للدعوة إلى الاعتصام، على المستوى الشكلي نجح اعتصام هذا اليوم نجاحا عظيما فى جميع المحافظات إذا تم القياس بأعداد الممتنعين عن الخروج من المنزل أو الذهاب للعمل، ولكنه فى الحقيقة لم يؤثر فعليا على الأوضاع التى سعى الاعتصام لتغييرها، ولكن النجاح الكبير لهذا اليوم أنه كان لحظة فارقة في تدشين أهمية هذه الأدوات الجديدة خاصة المدونات والمواقع الاجتماعية مثل Facebook كوسائل فعالة وغير تقليدية من أدوات “إعلام المواطن” والاحتجاج السلمي. ولم تكن هذه الدروس المستفادة بعيدة عن أعين الدولة.

وأضاف الزلاقى انه منذ سنوات قليلة، ومع الجهود التي بذلتها الدولة لتسهيل الوصول إلى شبكة الانترنت لقطاعات واسعة من الشعب وذلك بغرض أساسى وهو تهيئة المناخ لبيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، أظهرت الاستخدامات الفعلية لشباب الانترنت أن بإمكانهم الاستفادة من هذه الأداة الهائلة فى أغراض لم تتخيلها الدولة أصلا، وكان من أبرز هذه الأنشطة ظهور المنتديات ومجموعات البريد الالكتروني التى سمحت للشباب بالتواصل والنقاش فى العديد من الموضوعات التى تراوحت من الدين إلى الرياضة والفن ونهاية بكل القضايا السياسية المطروحة على الساحة ؛ ثم ظهرت بعد ذلك ظاهرة المدونات Blogs، التى تحولت فعلا وقولا إلى صوت من لا صوت له، وأصبح بإمكان أى شخص أن ينشر جريدته الخاصة، ويكتب فيها ما يعن له فى أى موضوع، والحكم الوحيد هو الجمهور الذى يتفاعل مع الموضوعات ويواصل زيارة المدونة ومتابعتها أو ينصرف عنها حتى تغلق أبوابها، ورغم ظهور عدة آلاف من المدونات المصرية التى تناولت شتى الموضوعات من الخواطر الشخصية وحتى الدعوة الدينية إلا أن المدونات السياسية هى التى احتلت صدارة المشهد لأسباب عدة من بينها سخونة الموضوعات التى تناولتها، وجدية الطرح والتناول، والاحترافية الواضحة التى تعامل بها البعض مع مدوناتهم فتحولت فى النهاية إلى مصادر حقيقية للأخبار يعتمدها الكثيرون ويثقون بها، وتجاوز البعض الإعلام التقليدى فى السبق الصحفى أحيانا أو الحديث عن المسكوت عنه فى المجتمع والسياسة.

وهو ما كشفته الإشارة لبعض العلامات الفارقة فى هذه المسيرة، ومن أهمها تغطية حادث التحرش الجنسى الجماعى فى شوارع القاهرة عام 2006، والتغطية المكثفة التى قدمتها المدونات لاقتحام قوات الأمن معسكر اللاجئين السودانيين بالمهندسين ليلة رأس السنة عام 2006، والتغطية الهائلة التى قدمها عالم التدوين من قلب المشهد لحادث الفتنة الطائفية بالإسكندرية عام 2005، والحملة المتواصلة ضد التعذيب فى أقسام الشرطة والتى وجدت مركزا لها عبر مدونة”ضد التعذيب”، وكذلك الحملات الدائمة لفضح الممارسات غير القانونية التى يقوم بها رجال الشرطة والتى يتم تصويرها بالموبايل وتنشرها المدونات ومن أشهرها حادث السائق “عماد الكبير” الشهيرة، وهى الحملة التى عرفت إعلاميا باسم “كليبات التعذيب”، وهذه بعض النماذج السريعة على سبيل المثال لا الحصر لإنجازات عالم التدوين المصرى خلال السنوات القليلة الماضية.

وهذه العلامات حققت عمليا أحد الاتجاهات الحديثة فى المشهد الإعلامي العالمي، أو ما يطلق عليه “صحافة المواطن” وهو اتجاه يزدهر يوما بعد يوم، ويكتسب أهمية مضاعفة فى دولة مثل مصر يسيطر عليها نمط واحد –إلا قليلا- من الإعلام الموجه، وهو إعلام يعتمد على حرية الحركة، وعدم وجود أجندات مسبقة للتغطية، مع الاستفادة بكل الأدوات التي تتحيها تكنولوجيا المعلومات الحديثة.

ورأى الإعلامي إيهاب الزلاقى أن هذه الأشكال الإعلامية الجديدة، رغم حداثتها مقارنة بأى شكل إعلامي آخر، تتطور بسرعة مذهلة وتستفيد بكل الإمكانيات المتاحة لتوصيل رسالة معينة، مهما كان نوعها، إلى أكبر قطاع ممكن من الجمهور، ويفسر هذا الأمر النجاح المذهل لموقع “فيس بوك” والذى تحول إلى ظاهرة عالمية، فهذا الموقع الذي كان هدفه الأساسي هو توفير منصة للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، تحول فجأة إلى أكبر منتدى عالمي للقاء وتبادل الأفكار والخبرات والتجارب، وتكوين المجموعات ذات الاهتمام المشترك، ومن هنا يمكن إدراك ما حدث مع إضراب 6 إبريل.

مؤكداًً أن الجديد هنا، أن هذه الأدوات الحديثة اجتذبت مجموعات متباينة من الشباب لم يعرف عنهم من قبل اهتمام بالسياسة، ولم تنجح أى من الأحزاب –القائمة والمحظورة- من اجتذابهم إليها، لكنهم عرفوا طريقا للمشاركة الاجتماعية والسياسية فى قضايا الشأن العام عبر الانترنت، وفى حالة “إسراء عبد الفتاح” صاحبة فكرة إنشاء مجموعة على الفيس بوك لإضراب 6 إبريل خير دليل على ذلك.

وقال الزلاقى أن ما نراه وما نعيشه حاليا هو نوع جديد من وسائل النشر، تتجاوز الواقع العادي الذي عرفه الناس وعرفته الدولة طوال تاريخها، الإعلام التقليدي بكل أنواع كان معروفا ومحددا من الصحف إلى التليفزيون والفضائيات إلى الراديو إلى الكتب إلى السينما إلى النشرات الدورية وغير الدورية وحتى الصحف والمطبوعات الأجنبية، كان لكل منها طريقا مرسوما ومحددا، بعضه واضح وبعضه تدور أحداثه تحت الطاولة بداية بالاتصالات التليفونية لمنع النشر، ومرورا بتجفيف مصادر الإعلان، ونهاية الضغط الأعنف على من لا يتجاوب مع الطرق السابقة فى “التفاهم”.

أما النشاط عبر الانترنت فهو نشاط يثير ريبة الدولة لأنه بشكل عام بعيد عن سلطتها ورقابتها المباشرة، ولذا فهى تسعى –وتواصل السعى- بحثا عن طرق وقوانين وأطر تضمن لها إحكام السيطرة على هذه الأدوات الجديدة، ولكن قبل الانتقال إلى تفصيل هذه الجهود يجب أن أذكر أن محاولات الدولة للتضيق ليست هى الخطر الوحيد الذى يهدد حرية الأساليب الإعلامية الجديدة، فهناك تهديدات أخرى تنطلق من داخل التجارب الجديدة أيضا، ومنها على سبيل المثال تلك الدعوة التى انتشرت مؤخرا على بعض المدونات وتدعو إلى تأسيس ما يسمى باتحاد المدونين المصريين، وتأتى هذه الدعوة وفق أجندة غامضة يكشف عنها البيان التأسيسى لهذا الاتحاد والذى يقول أنه “اتحاد يضم كل المدونيين المصريين من مختلف المواقع التدوينية ويعمل على حماية المدونيين وحفظ حقوقهم والعمل على تطوير العملية التدوينية وتبادل الخبرات فيما بين المدونيين ؛ ويدعو المتحمسين لمثل هذا التجمع لمقاطعة المدونات التى يعتبرونها “متجاوزة” وإبلاغ المواقع المستضيفة عنها، وكأن النشاط التدوينى بحاجة إلى قيود جديدة لتأتى مثل هذه الدعوات التى تعتقد أنها “تجاهد فى سبيل الله” من خلال هذه الدعوات وبهدف آخر هو تحويل الصبغة المفتوحة على كل الاتجاهات للمدونات المصرية إلى شكل واحد يسيطر عليه اتجاه سياسى وفكرى واحد، وهذه أيضا من ملامح الخطر على تجربة المدونات والإعلام الشعبى بشكل عام.

ووجه الزلاقى تسأل وهو كيف تتعامل الدولة، ككيان رسمي، مع هذا “التهديد” الجديد لفكرة الإعلام الموجه؟ بما يستدعيه الأمر من قواعد وقوانين –وربما قيود- على كيان أصدق ما يطلق عليه هو “الفضاء التخيلى”، حيث يصعب للغاية العثور على “صاحب” له يمكن التعامل معه بطريقة أو بأخرى، والإجابة أن الدولة التى تفتقد الخيال بشكل عام بدأت بالفعل فى التعامل مع هذا الشكل غير التقليدى بطرق تقليدية للغاية.

وأنه ليس سرا، ما يتبادله أهالى مدينة المحلة، عن قطع الاتصال بشبكة الانترنت عن المحافظة بأكملها ليلة السادس من إبريل كإجراء وقائي ضد “ناشطى الانترنت” وهى وسيلة تقليدية تشبه تطويق المظاهرات، أيضا فإن التحرشات بالمدونين وناشطى الانترنت لا تتوقف وهذا أسلوب تقليدي، وإذا لم تكف هذه الإجراءات ففى قوانين الطوارئ ملاذ آمن وحائط أخير.

وفى سعيها لتحجيم نشاط الانترنت يقول الزلاقى إن الدولة في مطابخها القانونية –كما هي العادة- أفكارا ربما تتحول إلى قوانين فى أى وقت، وكما يصدر من تصريحات العاملين على هذه القوانين، فهى سوف تستهدف بشكل أساسي شبكة الانترنت وناشطيها، وقد تواترت الأخبار منذ حوالي سنتين حول العمل على إعداد قانون لـ”ضبط” الانترنت فى مصر، حيث قال الدكتور “شوقى السيد” استاذ القانون وعضو مجلس الشورى أن المجلس بصدد اعداد قانون يجرم استخدام الانترنت بطريقة غير شرعية، بمعنى أن الاستخدام يجب أن يحدد بقواعد منظمة ومتعارف عليها “ولا تتعدى حدود المعرفة والتثقيف” لا أن تكون محاولة استخدام الانترنت مقصورة على “بث معلومات خاطئة ومغلوطة” بالإضافة إلى عمليات السطو على الأفكار و”التشهير بالأشخاص وخصوصا الشخصيات العامة”، وهذه الرؤية تعطينا فكرة عن شكل القانون إن صدر.

بعض هذه الأفكار دخلت ضمنا فى مشروع قانون أعدته وزارة الإعلام المصرية وأطلقت عليه اسم “مشروع قانون الجهاز القومي لتنظيم البث المسموع والمرئي”، ليشمل كل ما تعتبره الدولة خروجا عن الخط الإعلامي المرسوم، حيث يحدد مشروع هذا القانون تعريف البث ليتضمن أي إذاعة أو إرسال أو إتاحة لأي مادة إعلامية مكتوبة أو مصورة بأي وسيلة بما فيها الإنترنت والوسائل التي قد يستخدمها المواطنون في كل ما يعتبر بثا، ورغم الصدمة التي أثارها كشف هذا المشروع المضاد للحرية عبر صفحات جريدة “المصري اليوم” إلا أنه لم تصدر أى إشارة أو تأكيد على إلغاء فكرة المشروع، ومن التجارب السابقة مع الدولة يمكن أن نستيقظ غدا فنجده مشروعا معتمدا من مجلس الشعب.

وبنفس الأفكار وطرق التعامل القديمة، يتضمن مشروع قانون الإعلام المقترح إنشاء جهاز للرقابة يترأسه وزير الإعلام وعضوية ممثلين عن هيئة الأمن القومي ووزارات الداخلية والخارجية والثفاقة، مهمته مراقبة مضمون ومحتوى جميع وسائل البث من محطات تلفزيونية وإذاعات ومواقع الإنترنت، بما فيها الفيس بوك، وهكذا بينما انتهت هذه الأفكار من العالم أجمع، فإن الدولة تعيد إحياء الأفكار الميتة وتحاول تطبيقها على بيئة وتكنولوجيا القرن الحادى والعشرين، ولا يتوقف المشروع المقترح عن استخدام نفس العبارات المطاطة التى تصلح للتطبيق على أى شئ فى امتداد لتراث “ترزية القوانين” الشهير حيث نص مشروع القانون على أن “إنشاء الجهاز يأتي للحد من إنتاج برامج يتم بثها مباشرة للجمهور بمحتوى يهدد النظام العام والآداب وما ينطوي على ذلك من إخلال بأمن وسلامة البلاد”.

ليس هذا فقط، وإنما أبدى بعض أعضاء مجلس الشعب مخاوفهم من قيام الحكومة بتضمين مشروع “قانون الإرهاب” المزمع صدوره نصوصًا تجرِّم الدخول على مواقع الإنترنت التابعة للتنظيمات الجهادية، الأمر الذى يمثل قيدا جديدا على حرية التعامل مع شبكة الانترنت دون وجود تحديدات قاطعة بما هو مباح وما هو مجرم بالقانون.

وأضاف انه فى كل أنحاء العالم توجد قوانين واضحة للنشر عبر الانترنت وتجريم بعض الأنشطة التى تسهلها الشبكة، ولكن هذه القوانين لا تتدخل على الإطلاق فى الحرية الشخصية للمواطن، وتمنع معظم القوانين شركات الاتصالات من إفشاء معلومات المستخدم السرية إلا بناء على أمر قضائى لن يصدر قطعا إلا فى ظروف تستحق، ولكن الأمر فى مصر يختلف تماما.

مضيفاً ان هناك مثالا واحدا يكفى للدلالة عما نرغب فى توضيحه، حيث قامت وزارة الداخلية فى عام 2002 بإنشاء وحدة خاصة أطلق عليها اسم “إدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات الآلية وشبكة المعلومات الدولية” وهى الإدارة التى أطلق عليها مستخدمو الانترنت اسم “شرطة الانترنت”، ومهمة هذه الوحدة هى رصد ومتابعة جرائم التطور التكنولوجى.. وتتبع مرتكبيها من خلال “أحدث وأدق النظم الفنية والتقنية الحديثة”، وهى الإدارة التى يصف اللواء “سامى بهنساوى” مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق عملها بالقول “ظهرت جرائم الانترنت وقيام البعض بنشر مواقع تسىء لأشخاص آخرين أو تسىء لشكل ومظهر الدولة” ولذلك “فهناك مجموعات عمل بالإدارة لمتابعة مشاكل الانترنت يوميا على مدى اليوم لمراقبتها وفحص التعاملات والمعاملات التى تتم عليها من وإلى الخارج، وإذا ما ظهر أية مخالفات أو أعمال تمثل خروجا على القانون والشرعية أو تهديد أمن واستقرار الوطن يتم التدخل فورا بالتنسيق مع الأجهزة النوعية الأخرى”.

المثير أن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة على يد سلطات تنفيذ القانون يتم أيضا بنفس المنطق والأساليب القديمة، التى لا يسأل فيها الضابط على إى إجراءات لتقنين العملية، وخلال الأعوام الأخيرة تم تقديم عشرات القضايا على خلفية استخدام الانترنت كانت أغلبها قضايا متعلقة بالتشهير بالأفراد، أو إرسال بريد الكترونى يحتوى تشهيرا، أو اختراق لمواقع، أو النصب الالكترونى، وتوزعت الجهات التى تقدم هذه القضايا بين شرطة الآداب ومباحث المصنفات الفنية وشرطة جرائم الانترنت، والمثير أن الكثير من هذه القضايا انتهت ببراءة المتهمين لسبب بسيط وهو “بطلان إجراءات الضبط والتفتيش”.

وبينما تمنع قوانين الاتصالات الحديثة فى معظم دول العالم، شركات تزويد خدمة الانترنت من إفشاء اسرار العملاء، وأو تقديم المعلومات الخاصة بهم أو بالمواقع التى يقومون بتصفحها إلا وفق أوامر قضائية رسمية موثقة، يمكن حتى للشركات الاعتراض عليها، فإن القوانين المصرية الحالية تشترط على هذه الشركات إتاحة كل الوسائل للسلطات “لتنفيذ اختصاصها ضمن القانون” وهى عبارة تشى بالكثير مع عدم الحديث عن حق الشركات فى حماية معلومات عملاءها.

ومع السرية المطلقة التى تجرى بها تلك العمليات “التعاونية” بين الشركات وبين السلطات المختصة، إلا بعض الشواهد تؤكد أن أى تعاون من هذا النوع لا يحترم على الإطلاق حق المواطن فى الخصوصية وحماية معلوماته، فالمدون الذى يكتب باسم مستعار من السهل الوصول إلى شخصيته الحقيقية بتعاون بسيط من شركة تزويد الخدمة، وربما ينتهى الأمر بالأسوأ لمجرد أن المدون كتب أفكارا لم تعجب البعض، لاحظ هنا أننا لا نتحدث عن قضية واضحة مثل السب والقذف أو التشهير على سبيل المثال، والتى تشترط القوانين “المحترمة” فيها صدور قرار من قاضى بإلزام الشركة بتقديم المعلومات المطلوبة، ولكنا نتحدث هنا عن انتهاكات فادحة، ومن الأمثلة القليلة التى تم توثيقها فى هذا الإطار، ما نشره المدون الشهير “وائل عباس” عن حالة على الأقل قامت فيها شركة TEData أكبر موزع للانترنت فى البلاد بجمع المعلومات عن زوار المواقع التى تحجبها السلطات المصرية، ففى محاولة لأحد المستخدمين زيارة بعض المواقع المحجوبة (لاحظ أصلا أن الحجب يجب أن يتم بقرار من المحكمة لأسباب لها وجاهتها) أطلق برنامج “الحماية” الذى يستخدمه على جهازه تحذيرات بوجود محاولات متكررة لجمع المعلومات من الجهاز وبيانات عن مصدر هذه المحاولة، وعندما استخدم هذه البيانات وقام بتتبع أثرها اكتشف أنها تنتهى عند خوادم TEData ، وهو الأمر الذى اعتبر معه المدون أن هذه الشركة لم تصبح متهمة فقط بحجب المواقع دون أوامر قضائية ولكن أيضا بالتجسس على المواطنين وجمع المعلومات عنهم ، وفى مقال آخر ذكر المدون أن خدمة “فاميلى نت” التى تقدمها شركة TEData بهدف ظاهرى وهو حجب المواقع الإباحية عن الأطفال تحجب أيضا الوصول لمواقع المدونات.

هذه الممارسات تحدث يوميا دون سند من القانون، وتعترف بها الداخلية –ضمنا- كما جاء مثلا فى تصريحات اللواء “حبيب العادلى” بعد أحداث الفتنة الطائفية فى الاسكندرية عام 2005 حيث قال أن الوزارة “رصدت” رسائل متبادلة عبر الانترنت تدعو للتحريض، فتم التحرك الأمنى للسيطرة على الموقف، وهو التصريح الذى يفهم منه قيام الداخلية برقابة رسائل البريد الالكترونى دون أدنى إشارة لإذن نيابة أو “تقنين الإجراءات”.

وتسأل الزلاقى أيضا ما هي القوانين الحالية التى تحكم عمل الانترنت والنشر عبر الانترنت فى مصر؟ مؤكداً أن التشريعات التى تغطى هذا المجال محدودة للغاية بدرجة يمكن معها القول أن هناك فراغا تشريعيا واضحا فى هذا المجال خاصة فى قضايا النشر الالكترونى، وقوانين جرائم الانترنت الخاصة باقتحام النظم وغيرها، ومع وجود هذا الفراغ تستعيض السلطات بالإجراءات “الاستثنائية” وعلى رأسها قانون الطوارئ، وفيما عدا قضية المدون “كريم عامر” استخدم أسلوب الاعتقال ضد المدونين بشكل أساسى.

حيث انه فيما يتعلق بالاتصالات، أصدرت مصر القانون رقم (10) لسنة 2003 الصادر فى 4 فبراير (18) والمعروف باسم “قانون تنظيم الاتصالات” وهو القانون الذى أنشئ بموجبه “الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات” وهو الجهاز المختص بإدارة مرفق الاتصالات، وتناولت بعض نصوص القانون تجريم بعض الأفعال الخاصة باستخدام وسائل الاتصالات ولكنه لم يتطرق إلى ما يخص النشر عبر الانترنت.

وتنص المادة (64) من القانون على أنه مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التى يحميها القانون يلتزم كل مشغل أو مقدم خدمة أو يوفر على نفقته داخل شبكة الاتصالات المرخص له بها كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج واتصالات داخل شبكة الاتصالات والتى تتيح للقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومى ممارسة اختصاصها فى حدود القانون، على أن يتزامن تقديم الخدمة مع توفير الإمكانيات الفنية المطلوبة، كما يلتزم مقدمو ومشغلو خدمات الاتصالات ووكلائهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على معلومات وبيانات دقيقة عن مستخدميها من المواطنين ومن الجهات المختلفة بالدولة.

وتعاقب المادة (73) بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام أثناء تأدية وظيفته فى مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية:
1- إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانونى فى ذلك.
2- إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحوير أية رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.
3- الامتناع عمداً عن إرسال رسالة اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.
4- إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمى شبكات الاتصال أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق.
وأثناء مناقشة هذا القانون قبل إقراره فى مجلس الشعب ثارت مشكلة كبرى حيث كان النص المقترح للمادة (64) يسمح للسلطات بالتنصت دون قيد أو شرط على مكالمات المواطنين، وبعد الاعتراض الكبير على النص، تم الاتفاق على أن يتم اعتراض اتصالات المواطنين بـ”إذن قضائى” إذا كان هذا الإجراء يساعد على إثبات الوقائع فى حالة وقوع جريمة لا تتجاوز عقوبتها السجن ثلاث سنوات” وتطبق نفس الإجراءات على مراقبة بعض مواقع شبكة الانترنت، ولكن النص النهائى كما هو مذكور جاء غامضا واكتفى بإلزام الشركات المزودة لخدمات الاتصال وضع المعدات والبرامج التى تتيح للأجهزة الأمنية “ممارسة اختصاصها فى حدود القانون”، ومع ذلك ففى العديد من القضايا المتعلقة بالإنترنت لم تذكر أوراق القضية جملة “بعد إذن النيابة العامة”.

ولاستكمال منظومة التشريعات المرتبطة بالاتصالات صدر القانون رقم (82) لعام 2002 والخاص “بحقوق الملكية الفكرية” وهو القانون الذى قدم إطارا لحماية حقوق النشر والإبداع وبراءات الاختراع .

وصدر القانون رقم (15) لسنة 2004 والخاص بتنظيم التوقيع الالكترونى وإنشاء “هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات” وذلك بهدف زيادة الاستثمارات فى مجال التجارة الالكترونية والانتقال لعصر إنجاز المعاملات عبر الانترنت، وقد صدر القرار الوزارى رقم 327 لسنة 2005 بتشكيل لجنة من خلال هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات تأخذ على عاتقها إعداد اللجان الفنية والقانونية لإعداد مشروع قانون يتناول الجرائم المعلوماتية بنصوص تشريعية تحمى المجتمع من أضرارها، وهو القانون الذى لم يصدر حتى الآن.

وبالإضافة إلى ذلك فقد تم تجريم اختراق النظم الالكترونية الخاصة ببيانات الأحوال المدنية فى المادة (76) من قانون الأحوال المدنية رقم (143) لعام 1994 حيث تنص هذه المادة على العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة لكل من اخترق أو حاول اختراق سرية البيانات أو الإحصائيات المجمعة بأى صورة من الصور، وتكون العقوبة هى الأشغال الشاقة المؤبدة إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.

وقال يضم الدستور المصري مجموعة من النصوص التى تكفل مساحة واسعة من الحريات للمواطنين مثل المواد (41،42، 45، 47 ، 48، 54 و 57 ) وهي النصوص التي تتناول حقوق وحريات المواطنين، ولكن هذه النصوص عاطلة عن التنفيذ فى أغلب الأحيان حيث يسرى العمل بقانون الطوارئ منذ أكتوبر عام 1981 وحتى الآن دون انقطاع، وهو القانون الذى يقيد إلى حد كبير هذه الحريات الأساسية للمواطن.

وتعد المادة الثانية من قانون الطوارئ ضمن أخطر نصوص هذا القانون حيث تنص على: ( الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها ، علي أن تكون الرقابة علي الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام مقصورة علي الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي).

وأكد ا الزلاقى أن الحقيقة الواضحة هى أن القوانين الحالية الخاصة باستخدام الانترنت ووسائل الاتصالات لا تغطى بطريقة مفصلة وواضحة ويطمئن لها المجتمع القضايا التى تثيرها أدوات النشر الجديدة التى توفرها الانترنت، بما فى ذلك المدونات ومواقع المشاركة الاجتماعية مثل “فيس بوك” وغيرها، كما لا تغطى المسئولية القانونية بوضوح وضع الهواتف المحمولة والرسائل النصية القصيرة SMS، والقصة ببساطة أن أى قوانين حديثة تعالج هذه القضايا كما يعرفها العالم لا يمكن أن تجرم أى نشاط فكرى أو دعوى سلمى، أو أى نشاط جماعى من الأنشطة التى تمارسها الأجيال الجديدة الشابة من نشطاء الانترنت، ولذا فإن الحل الأسهل هو تطبيق القوانين الاستنثائية الطارئة التى تتحول عبر سنوات متلاحقة من التمدد إلى واقع ثقيل، والتطور المزعج فى هذه المسألة أن الشرطة كانت تمارس الاعتقال ضد المدونين الناشطين بسبب تواجدهم فى الشارع وليس بسبب التدوين وحده، كما حدث فى حالات مثل: “محمد الشرقاوى” و “علاء سيف” و “مالك” وغيرهم، ولكن الأمر يزداد سوءا هذه الأيام مع اعتقال المدونين لنشاطهم التدوينى فقط كما حدث مع “محمد عادل” و”هانى نظير” وغيرهم باستخدام قانون الطوارئ.

وقال الزلاقى ان الفراغ التشريعى، لا يهم كثيرا جهات تنفيذ القانون كما يبدو، فعندما ثار الجدل السياسى منذ سنوات قليلة حول قيام الداخلية بالتصنت على المكالمات الهاتفية للأحزاب السياسية ورموز السياسة، وبدلا من الدفاع عن هيبة القانون وضرورة التزام الجميع به وعلى رأسهم وزارة تنفيذ القانون، خرج الوزير حبيب العادلى بتصريح صادم فى برنامج “حالة حوار” الذى يبثه التليفزيون الرسمى للدولة قال فيه: “أيوه بنراقب.. واللى خايف مايتكلمش”، هكذا يلخص الوزير الموقف بأكمله فى عبارة موجزة.

فنحن نتحدث عن فراغ تشريعى، ويبدو أنه من مصلحة الدولة أن يستمر هذا الفراغ، أو أن يمتلئ بنصوص قوانين من العصور البائدة كما كشفت مسودة قانون الإعلام المقترح، حتى تظل يدها الطولى فوق أى اشكال جديدة من أشكال الحراك السياسي والاجتماعي، دون إدراك حقيقى أن طبيعة هذه الأدوات الجديدة تستعصى كثيرا على القولبة بالأساليب القديمة، ودون إدراك أن الأدوات الجديدة تغير شكل الإعلام وتغير أيضا شكل المجتمع، ببطء ربما، ولكن بثقة وإصرار.

وقدم الناشط الحقوقي والمحامى بالنقض عصام شيحة قراءة أولية في مشروع قانون البث الفضائي وهى أن القانون تعتريه بعض السلبيات و العديد من القيود على حرية الرأي و التعبير حيث اعتمد على مفاهيم مطاطة و ألفاظ مرنة دون وضع معايير محددة لها بالرغم من إقراره لعقوبات جنائية جزاءا لمخالفتها مثل مفاهيم (السلام الاجتماعى والنظام العام والاداب و الوحدة الوطنية و المعلومات السليمة و الشفافية و الارتقاء بمستوى الرسالة الإعلامية) و هى عبارات مطاطة يتم استخدامها للعصف بحرية الرأي و التعبير، ويمكن استخدامها لتجريم أي نشاط مشروع لحرية الرأي والتعبير، يري فيه المسئولون مساسا بهم وبالنظام العام.

وقال شيحة إن مشروع القانون يشدد علي رقابة وسائل الإعلام المرئية تحت ذريعة «تهديد النظام العام والآداب» فيما يعد من قبيل المصطلحات الفضفاضة. ويدعو الى التحكم فى البث الفضائى و فرض سلطة الرقابة على البث المرئى و المسموع ويمثل مشروع القانون المقترح انتهاك لما قرره اعلان الامم المتحدة/اليونسكو/صنعاء 1966 الخاص باستقلال و تعددية مصادر الحصول على المعلومات و اعلان ويندهوك 1991 و اعلان المأتا 1992 و اعلان سانتياغو 1994. كما يضم هذا الجهاز وزير الاعلام و عضوية ممثلين عن وزارات الداخلية و الخارجية و الاتصالات و الثقافة و المالية و هيئة الامن القومى.

وقال شيحة انه من السلبيات أن مشروع القانون ينص على التحكم التام فى منح التراخيص و التصاريح بالبث و اعادة البث المسموع و المرئى وسيطرة الدولة من خلال هذا التشكيل المعيب والصلاحيات المطلقة التى اعطاها مشروع القانون لما أسماه الجهاز القومى لتنظيم البث المسموع و المرئى وتعمد السياسة التشريعية لهذا القانون التوجه ناحية تركيز كافة محددات عملية البث الاعلامى بيد الحكومة دون منافسة. وقال شيحة .نص مشروع القانون على الرقابة على المحتوى و المضمون الذى يعرض فى الفضائيات من خلال انشاء جهاز للرقابة على مضمون و محتوى جميع وسائل البث و المحطات التلفزيونية و الاذاعات و الانترنت و يعاقب بالحبس كل من يدلى ببيانات أو معلومات تتعلق بنشاط الجهاز و ذلك وفقا للمادة 32 الامر الذى يمنع وسائل الاعلام من نشر أى أخبار أو مقالات حول نشاطه كأنه جهاز أمنى قومى لا يجوز الاقتراب منه.

كما انه يجوز للمحكمة عند الحكم بالادانة أن تقضى بغلق المنشأة التى أستغلها المحكوم عليه مدة لا تزيد على 6 أشهر و يكون الغلق وجوبيا فى حالة العود فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة 38.

ورأى عصام شيحة أن مشروع قانون البث الفضائي يأتي استمرارا للهجمة علي هامش حرية الصحافة والإعلام بالبلاد ؛ مؤكداً أن مشروع القانون تضمن مواد هدفها مراقبة شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، التي يتجاوز حجم المتعاملين معها في مصر أكثر من ٥ ملايين شخص ؛ وأن الدولة تهدف إلي السيطرة علي وسائل الإعلام والفضائيات وتحجيمها بغرض إحكام السيطرة على وسائل الإعلام .

وأضاف شيحة بالقول أن المشروع يعتريه العديد من القيود علي حرية الرأي والتعبير، من خلال وضع قيود صارمة من أجل التحكم في البث الفضائي وفرض سلطة رقابة علي البث السمعي أو المرئي.

وانه بمثابة خطوة في مسلسل تقييد حرية الرأي والتعبير. حيث يخالف مشروع القانون حرية الرأي والتعبير التي يقرها الدستور المصري، ويعارض الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها مصر، و هو محاولة يائسة من النظام للسيطرة علي حرية الإعلام التي فقدت السيطرة عليها.

وقال إن مشروع القانون خطوة مكملة لاتجاه بدأته مصر بمحاولة إقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي، التي تبنتها وتزعمتها مصر والسعودية للحد من حرية التعبير ومحاربة أي بوادر للديمقراطية في العالم العربي. و محاولة جديدة من الدولة لتحجيم الآراء التي تنادي بالحرية، من خلال «الزعم» بأنها تهدد الأمن العام، معتبرين أن النظام الحاكم «لا يجد وسيلة للسيطرة علي منابر تعاني من حرية محدودة إلا باللجوء للعنف الإعلامي ضدها» وهذه الحجة مثل الزعم القديم والمكشوف أيضاً بأن من يكشف عيباًَ للنظام يسيء لسمعة مصر، مع أن مصر أكبر بكثير من النظام.

وقال شيحة أن الهدف من إنشاء جهاز تنظيم البث المسموع والمرئي محاولة للتأكيد علي الوجود الأمني في كل شيء في مجتمعنا المصري، إضافة إلي ورود عدة كلمات في مواد القانون تحتمل معاني كثيرة مثل المواطنة والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، وجميعها كلمات مطاطة. هذا بجانب الهيمنة الحكومية الواضحة في تشكيل مجلس إدارة الجهاز . ورأى شيحة أن هذا القانون بمثابة قنبلة دخان تريد الحكومة أن تشغل الناس بها عن مشكلات أخري، والمستهدف من هذا القانون ليس كما يظن البعض الإعلام المسموع والمرئي لكن الوسائط الجديدة المتمثلة في المدونات أو الصحافة الإلكترونية بشكل عام.

حيث جاء في المسودة وبصريح العبارة في القانون الجديد: ( التقيد بضوابط وأكواد الخدمة التي تصدر وفقا لأحكام القانون، وكذلك وثيقة الضوابط العامة للبث الفضائي، وكذلك ميثاق شرف العمل الإعلامي العربي ووثيقة الضوابط العامة للبث الفضائي العربي المسموع والمرئي.. وجميع الوسائل التي تبث من خلال شبكة الإنترنت، والتي تبث بهواتف محمولة بها خاصية البث عبر الأقمار الصناعية ورسائل الفاكس والوسائل السلكية واللاسلكية المستخدمة حاليا أو مستقبليا) يعني القانون لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا ووضعها تحت المراقبة الصارمة والمشددة الآن وغدا ومستقبلا.

وأضاف شيحة أن المشروع يشمل مواد هلامية ومطاطة خاصة المواد الثانية والرابعة والخامسة والمواد ١٢ و١٣ و٣٣ والتي تفتح الباب واسعاً أمام التلاعب باستغلال عبارات مثل «السلام الاجتماعي» و«الوحدة الوطنية» و«المواطنة» و«النظام العام» فضلاً عن التلويح بعقوبة الحبس والتي تحول دون ممارسة الإعلاميين لمهنتهم في مناخ من الحرية. وهذا المشروع يسمح لأي جهة دينية بامتلاك إذاعة أو قناة دينية علي أرض مصر ؛ ومشروع القانون المزمع ما هو إلا دور رقابي علي كل وسائل الإعلام الحالية أو الجديدة. ومواد القانون تتعارض مع مبادئ الدستور المصري التي تنص علي حرية الرأي والتعبير حيث تضمن «عبارات مطاطة» يمكن استغلالها في قمع الحريات.

وفى سياق متصل عرش شيحة لما هو مأمول فى المشروع الجديد المقدم من مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى وهى أن الحقيقة التي لا يعلمها الكثيرون أن إعلام الدولة مطلوب، ولكن في نطاق ضيق، ويتولي نشر بيانات الدولة أو المهام الاتصالية للحكومة». ولكن لابد من ضرورة اتاحة جميع المعلومات الرسمية المتوفرة لدى السلطة العامة و غيرها من الهيئات العامة للجميع للاطلاع عليها مع ضرورة التزام السلطة العامة بنشر المعلومات المتعلقة بكيفية تسيير الهيئات العامة و ادارتها و نشر مضمون أى قرار أو سياسة قد يؤثران على المواطنين ؛ ويجب على التشريعات المنظمة لحرية الوصول الى المعلومات أو تتضمن تدابير فعالة من شأنها اعلام الجمهور بحقه فى الوصول الى المعلومات و الترويج لثقافة الانفتاح و المكاشفة داخل الحكومة .

ومن المأمول ايضا انه ينبغى أن تتضمن التشريعات حرية الوصول الى المعلومات احكاما لحماية الافراد من العقوبات القانونية و الادارية أو غيرها من العقوبات الوظيفية لتقديم معلومات بشأن الجرائم ؛ و فتح أبواب حرية الفكر والنشر علي مصارعيها ليصبح المجتمع مجالاً واسعا لمبارزة الأفكار والكلمات علي تعدد اختلافاتها.

كما أن إن مشروع القانون يحتاج إلي مراجعة حتي لا يتحول التشريع إلي قيد ثقيل يصادر حرية الرأي والتعبير إذا أقدمت السلطات التنفيذية علي إباحة بث ما ترضي عنه ومنعت ما لا يوافق سياستها أو رأيها.

وقال شيحة أرجو ألا تسيطر علي الدولة ومؤسساتها رغبة جامحة في الحجر علي الحريات، وإلا فإنها بذلك تكون كمن يقرر القضاء علي المريض ليتخلص من الداء».

وطالب الحضور بضرورة المطالبة بإلغاء وزارة الإعلام المصرية، واستبدالها بهيئة إذاعة مستقلة تخضع لرقابة البرلمان بعيداً عن تدخل وسيطرة الحكومة. وطالب بضرورة فتح حوار مجتمعي حولها، وتأخذ الشكل التدريجي فيما يتعلق بالعقوبات، تبدأ بتحذير الجهات المخالفة، مروراً بالإنذار وغيرها من الدرجات، و لا يكون الغرض منها الرقابة وإنما التنظيم، كما هو الحال في كل دول العالم، ونحن لسنا أقل من دول العالم.

وقال شيحة في نفس الإطار ان هناك العديد من الإيجابيات في مشروع الحكومة منها المادة الثانية في المشروع- وهى يلتزم مقدمو خدمات البث بمراعاة التالى:
•علانية، وشفافية المعلومات، وحماية حق الجمهور في الحصول علي المعلومات السليمة.
•حماية المنافسة الحرة بين المتنافسين في مجال البث.
•توفير الخدمات الشاملة للجمهور، وضمان إتاحة البرامج الثقافية والتعليمية.
•عدم التأثير سلباً علي السلام الاجتماعي، والوحدة الوطنية.
•الارتقاء بمستوي الرسالة الإعلامية، وتقديم خدمة متميزة تلبي احتياجات الناس.
•ليس غرضنا الرقابة بل التنظيم، والدول المتحولة إلي الديمقراطية، ومن بينها مصر، تتحول إلي نظام أجهزة تنظيم البث المسموع والمرئي، وهو دليل علي التطور الديمقراطي.
•منع الاحتكار في المعلومات ومعاقبة المحتكر بواسطة الدولة نفسها القنوات المصرية المستقلة أو القنوات العربية.
•تنظيم البث المسموع والمرئي وهو دليل علي التطور الديمقراطي، وإجراء يقضي علي أي احتمال للفوضي.
•«إن أجهزة تنظيم البث المسموع والمرئي موجودة في كل دول العالم، لأنه عندما تتحول الدول إلي الديمقراطية تتحول بدورها من النظم الاحتكارية – كما هو الحال في اتحادات الإذاعة والتليفزيون – إلي أجهزة التنظيم، خاصة أننا في العصر الرقمي، وما به من تعددية غير طبيعية».
•إنشاء جهاز تنظيم البث المسموع والمرئي، أمر لابد منه في ظل الترددات الكثيرة جداً، وإلا أصبحنا في فوضي.

وأعطى شيحة فى حديثه بعض الملاحظات حول مشروع قانون الحكومة وهو أن «رئيس الجهاز المزمع إنشاؤه، هو وزير الإعلام». وما يحدث الآن هو بحث مجموعة مقترحات وأفكار لم تصل إلي مرحلة مشروع قانون وأن جهازتنظيم البث سيكون معنياً بمنح التراخيص والموافقات المطلوبة، هى مجرد تصورات مبدئية.

وقال انه من مشروع القانون- يوحي للجميع بأن الإعلام (المرئي والمسموع والإنترنت) أصبح خطراً داهماً يمس كرامة ووجود البلاد ويجب مواجهته بحسم وعنف، وكأننا أمام مجلس قومي يستعد لمواجهة كارثة وطنية.

لذلك أراد معد مشروع القانون أن يحتمي خلف وزارة الداخلية وجهاز الأمن القومي، لكي يبدو المشروع وواضعه كأنه الحارث الأمين على الوطن.

كما أن مشروع القانون اعد لوضع المحطات الفضائية والإنترنت تحت وصاية ورقابة الحكومة، ومن نقاط هذا المشروع أمور فضفاضة كثيرة مثل كل المشروعات المسلوقة والمطبوخة لأغراض بعينها، مثل التأثير علي السلام الاجتماعي والنظام والآداب العامة، وكذلك منع استيراد معدات لهذه المشروعات إلا بموافقة الهيئة التي سوف يرأسها وزير الإعلام، وحسب نص القانون من يخالف الأمر توقع عليه عقوبة الحبس والغرامة. وأن إغلاق وتحجيم هذه القنوات هو الحل بعد أن فشل في منافستها فشلاً ذريعاً.

وقال انه وبعد أن ظهر الفيس بوك، أصيبت الحكومة بالجنون والهلع، خاصة بعد أحداث ٦ أبريل، لذا يريد الوزير وضع رقابة شديدة علي الإنترنت، لينضم إلي حفنة قليلة من الدول التي تقوم بذلك ؛ وان مشروع القانون الجديد يدشن جهازاً رقابياً علي وسائل الإعلام، ويفرضه وصياً علي الفضائيات والإنترنت.

أما المبررات التي يسوقها وزير الإعلام، فهي «تنظيم البث، ووضع قواعد لوسائل الإعلام التي تروج للخرافة والدجل» وهذه بالطبع كلمة حق لكن يراد بها الباطل، فقواعد تنظيم البث موجودة بالفعل، وبوسع السلطات أن تنفذها علي تلك الفضائيات، فما الداعي إذن لجهاز يضم ممثلين لكل هذه الأجهزة الأمنية، ويسلب الصحافة الحق بانتقاد أدائه، أو حتي تتبع أخباره، وهو وضع غير مسبوق وغير دستوري، فلا ينبغي وجود مؤسسة فوق المساءلة.

مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني