19/12/2009

“عالم واحد” تبحث دور “النيو ميديا” فى دعم الديمقراطية فى الشرق الأوسط

إحتفالا بمرور واحد وستين عاما على إعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان أقامت مؤسسة “عالم واحد” للتنمية ورعاية المجتمع المدنى بالتعاون مع مؤسسة كونراد إديناور الألمانية ورشة عمل حول تأثير الإعلام الجديد على الممارسة الديمقراطية فى الشرق الأوسط بإعتبارها الجوهر العام لمجموعة الحقوق التى تضمنته مواد الإعلان والتى بدءت تتخذ شكلا واقعيا جديدا خاصا فى ظل ظهور الإعلام الجديد أو”الموازى” كما خرجت به توصيات الورشة ومع تعدد وسائله المتاحة للجميع كالمواقع الإلكترونية التفاعلية مثل ( الفيس بوك – المنتديات – غرف الدردشة – رسائل ال sms – المدونات ….وغيرها).

أقيمت ورشة العمل بفندق بيراميزا – الدقى حيث بدءت فى التاسعة والنصف صباحا بجلسة إفتتاحية ألقى خلالها الأستاذ “ماجد سرور” المدير التنفيذى لمؤسسة عالم واحد كلمته بحيث أكد أنه إحتفالا بشهر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تم التنظيم لعمل هذه الورشة التى تناقش كيفية ممارسة الديمقراطية فى الشرق الأوسط من خلال ما سمى ب ” النيو ميديا ” ومدى أثر الوسائل الخاصة به على ممارسة الديمقراطية ليس فقط فى مصر ولكن فى الشرق الأوسط ككل بدءا برسائل ال sms والمواقع التفاعلية مثل الفيس بوك والجروبات التى يتم إنشاءها من خلاله لعرض قضية ما ومناقشتها بمنتهى الحرية وفى مختلف المجالات وحتى المدونات التى أخذت الحيز الأكبر من الإهتمام بفعل ما تقوم به معظمها من مواجهة فعلية لمعظم الأحداث وبصورة مباشرة سواء داخل المعترك السياسى أو غيرها من المعتركات ، كما أكد أن وحدة الدراسات الديمقراطية التابعة للمؤسسة سوف تواصل أبحاثها فى هذا الصدد ومن زوايا ورؤى مختلفة لما تمثله من أهمية خاصة مع قرب حلول عام جديد حافل بالعديد من المناسبات الساخنة سواء فى الإنتخابات البرلمانية أو الرئاسية.

وكذلك ألقى الأستاذ ” حسين الزنانى” مدير البرامج بمؤسسة كونراد إديناور كلمته التى قدم خلالها تعريفا وافيا بالمؤسسة مشيرا إلى أنها تتواجد فى مصر وبصورة إيجابية منذ مايقرب من ثلاثين عاما من خلال تبنى قضايا هامة مثل تمكين المراة سياسيا ومشاركة الشباب فى الحياة العامة وغيرها من القضايا بهدف دعم مؤسسات المجتمع المدنى فى إقامة حوار بناء مع حكومته.

تمت أحداث الورشة فى ثلاث جلسات على مدار اليوم ، بحيث بدءت الجلسة الأولى فى العاشرة والربع بإدارة الأستاذ الدكتور حسن أبو طالب مدير معهد الأهرام الإقليمى للصحافة والذى بدءها مؤكدا وجود وسائل جديدة للتعبير عن الرأى ونقل الواقع ومحاولة معالجته مع إصراره على أن مفهوم الإعلام الجديد لازال يحتاج الكثير من الدراسة والتحليل ، مستعرضا التأثير الإعلامى الذى يقوم به الأفراد أنفسهم فى دولة ال”تشيك” والتى عرفت هناك بثقافة المقهى حيث يقوم عدد من الصحفيين وأبناء المناطق المختلفة بعمل صحيفة خاصة بها وهو ما تم عمله أيضا فى العديد من الولايات الأمريكية . مضيفا أن ذلك وإن دل فإنما يدل على أن إستخدام وسيلة الإنترنت قد بدء يؤتى ثماره وأن المجتمعات هى القادرة أ، تغير من أنفسها من خلال طرح القضايا التى تهم المجتمع المدنى بعيدا عن سطوة المركز. مستعرضا جدول أعمال الجلسة.

وتحت عنوان ” الإعلام الجديد ومفهوم التدفق الحر للمعلومات وحرية الإتصال” ناقش “سعيد عبد الحافظ” رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ما إذا كان الإعلام الجديد تطورا طبيعيا للإعلام التقليدى أم أنه لايمت له بأية صلة نظرا لإختلاف أدواته ووسائله وعناصر العملية الإتصالية والمحتوى الذى يتضمنه ؟ و هل يواجه التدفق الحر للمعلومات رفضا داخليا فى مجتمعنا العربى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة بإعتباره منتجا غربيا صنعه دول الشمال التى تتحكم فى نوع ومضمون تلك المعلومات؟؟ ضاربا العديد من الأمثلة التى لعبت فيها وسائل الإعلام الجديد دورا هاما بداية بحادث إغتيال الرئيس الأمريكى ” كينيدى” والذى وثقه مصورا هاويا تبادلت صوره كل وكالات الأنباء والقنوات وغيرها ، وكذلك مشكلة بل كلينتون الشهيرة التى عرضت لأول مرة من خلال مدونةإلكترونية ، وأخيرا ماحدث فى سجن أبو غريب الذى لم تنقله الصحافة أو التليفزيون كما تناقلته الوسائل الفردية الحديثة مثل ( المدونات والهواتف المحمولة واليوتيوب).

وفى إستعراضه لأهم التحديات التى تواجه الإعلام الجديد ذكر : المفهوم التقليدى للأمن القومى والمخاوف التى تتزايد بشأن تناول عدد من القضايا بصورة يعتبرها البعض إنتقاص من حق الدولة ، بالإضافة إلى ما سماه ” فوبيا الغرب” والتى تبرز فى التعامل بحساسية مع كل ما يصدره الغرب وخاصة اننا دائما ما نتلقى فقط ولا نطور . ثم إنتقل إلى التحدى الثالث وهو كيفية وضع إطار تشريعى يتم التعامل مع وسائل الإعلام الجديد على أساسه.

بينما إنتقل ” محمود على ” رئيس الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى إى مدى إدراك السياسيين والمؤسسات السياسية لإمكانات التقنيات الحديثة التى يتمتع بها الإعلام الجديد فى التحولات الديمقراطية موضحا أنه يقصد تحديدا الأحزاب السياسية والحركات الإحتجاجية ذات الطابع السياسى إذ أن هذه التقنيات قد باتت سلاحا هاما لمواجهة حصار الدولة لحركة الأحزاب والمؤسسات السياسة وأداة لخلق حوار مجتمعى حول قضايا الوطن والمواطنين ، مثل المواقع والصحف الإلكترونية، المدونات ، الإذاعات الإلكترونية ، المنتديات ، غرف الدردشة،…إلخ).

كما إستعرض أهم التجارب التى تعكس إهتمام ووعى الأحزاب بأهمية إستخدام الإعلام الجديد فى التواصل مع المواطنين حيث أكد أن حزبى الغد والجبهة هما من أوائل الأحزاب المصرية إهتماما و إستخداما لتقنيات الإعلام الجديد وكذلك حزب الوفد الذى يملك صحيفة إلكترونية إلى جانب الموقع الخاص بالحزب.

أما ” عمرو الشوبكى” الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية فقد تحدث حول مدى تأثر العملية السياسية بالإعلام الجديد مؤكدا غياب التوظيف الأمثل لهذا الإعلام الوليد من قبل الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة الأخرى وقد أرجع ذلك التغيب إلى الديمقراطية التعددية المقيدة التى يعمل فى ظلها احركة الحزبية المصرية . كما أشار إلى الإفراط فى عرض أو ناقشة العديد من القضايا الهامشية الغير ذات قيمة والتى لا تدفع للأمام بل تضيع الوقت والجهد لأنها بعيدة كل البعد عن القضايا الحقيقية والجوهرية ، مؤكدا أن هذا الإعلام بهذا المضى نستطيع أن نقول أنه أصبح له كود خاص ولغة فى كثير من الأحيان خاصة تفرط فى التفاصيل الصغيرة لا ينفى كونها صوت كاشف ومراقب لكل ما يجرى على أرض الواقع.

وفى الجلسة الثانية التى أدارها ” صلاح سليمان” رئيس مؤسسة النقيب الذى أشار الى انه لا يوجد ما ينص فى القانون على الرقابة على الصحف ولكن رؤساء التحرير هم الذين يختارون الرقابة على ما يكتب فى صحفهم.

ناقش ” شادى طلعت” مدير عام منظمة إتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية دور الإعلام الجديد فى التعبئة السياسية واالذى يرى أنه قد بدء فى الظهور مع بداية عام 2005 ” عام الإنتفاضة السياسية المصرية” حيث ظهرت حركات سياسية لأول مرة مطالبة بالتغيير وكذلك لأول مرة يأتى رئيس الجمهورية بالإنتخاب. ثم تناول شادى آليات تطوير الإعلام الجديد والتى كان من أهمها التدريب على فن كتابة الخبر والمقال وآلية عرضهما، التصوير وفن عرض الصور،الفيلم وآلية صناعته، وسائل الأمان لحفظ المدونات من الإختراق، الحماية القانونية للمدونين وآلية الإعلان عن المدونة والأخبار الجديدة.

ثم إستعرض ” محمد محى ” المحامى ورئيس جمعية التنمية الإنسانية أثر الإعلام الجديد فى التحول الديمقراطى فى السودان من خلال رصد الأحداث داخل السودان وإلقاء الضوء على قضايا لم يكن من الميسور الوصول إلى عرضها ورصدها لولا هذا النوع الوليد من الإعلام بقدراته الفائقه والتى تنوعت لتشمل : قضية دارفور ، محاكمة الرئيس البشير ، قضية الصحفية لبنى حسين، الإنتخابات السودانية و ربط مثقفى الخارج بقضايا الداخل . ومع وصفه للسودان بأنها ” البلد القريب البعيد” أكد محى أنها نموذجا مثاليا لأحزاب متعددة تعمل على أرض الواقع بالإضافة إلى وجود مواطنة حقيقية بالرغم من الزخم السياسى والإنقسامات اللذان لم يؤثرا بالسلب عليها.

وجاءت ورقة عمل ” أحمد سميح ” المدير التنفيذى لمركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف لتعترض من حيث المبدأ على مسمى” الإعلام الجديد” إذ يرى أن “لجديد” سوف يصبح بدوره قديما أمام ما سوف يتم إستحداثه متسائلا: من أين أتـى الإعلام الجديد تاريخيا؟؟ واصفا إياه ب”الفنكوش”. واستعرض تفصيلا دور الإعلام ال ” مابعد تقليدى” فى الإنتخابات الإيرانية مستخلصا أهم الدروس المستفادة ومؤكدا أن النشطاء الإيرانيون ملتزمون بأجندة سياسية لها مطالب إصلاحية و تهدف إلى للوصول للسلطة بمعنى أنهم لم يخرجوا فقط للتعبير الغاضب أو للإعتراض، كما يظهر جليا قدرتهم العالية على التخطيط والإستعداد ليكونوا هم صناع الحدث ولا يعملوا أبدا على سياسة رد الفعل، والإبتعاد تماما عن أمراض العمل الجماعى فلا حب للظهورولا مشادات علنية ولا”شخصنة” وإعتبارهم ال،ترنت وسيلة للإتصال البينى والخارجى للتعبير عن النفس وعن التيار ولكن ليس هو النضال فى حد ذاته . وإختتم سميح كلمته بأن النشطاء فى إيران كانوا يعبرون عن جسم تنظيمى حقيقى وكبير ومنتشر فى كل أرجاء البلاد لا يعبر عن جزء من النخبة فقط كما أنه جسم تنظيمى مستعد لدفع الثمن المطلوب.

أدار الجلسة الثالثة الدكتورة ” دينا شحاته” الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية ، مستعرضة جدول أعمال الجلسة حيث بدءها عصام شيحة ” المحامى وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد بعرض العلاقة بين إستخدامات التقنيات الحديثة للإعلام الجديد بالمعرفة والمشاركة السياسية مركزا على الفجوة المعرفية بين دول الشمال التى لديها كل المعلومات والأخبار والتقنيات الحديثة ، وبين دول الجنوب التى تتلقى فقط فى أغلب الأحوال ، تلك الفجوة التى تزداد إتساعا مع الوقت بالرغم من تعدد وتنوع مصادر الحصول على المعلومات والأخبار كنتائج لثورة الإعلام والمعلومات التكنولوجية مما أدى إلى الإخلال بالحق فى حرية الحصول على المعلومات الحقيقية وعدم حياديتها وتشويهها فى نهاية المطاف.

أما ” معتز الفجيرى” المدير التنفيذى لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فقد ضرب عدة أمثلة توضح مدى تزايد الحرص على إستخدام الإعلام الجديد فى كشف الحقائق المرتبطة بالقضايا المصيرية فى بلاد مختلفة مثل ” تونس” و” لبنان” وإصرار نشطاؤها على تفاعلهم مع هذه الوسائل رغم تعطيل حكوماتهم لهم بإغلاق المواقع وغيرها من الوسائل ، كذلك جماعة العدل والإحسان فى المغرب وهى محظورة والتى نشرت رسائل موجهة ومباشرة إلى الملك تتعلق بقضايا الفساد التى إتهمت بها العائلة المالكة. وأكد ” الفجيرى ” أن الإنترنت لا يستطيع أن يخلق حركة جماهيرية ولكنه يساعد على دفعها وتفعيلها.

ومن وجهة نظر إعلامية أكاديمية شرحت د. رشا علام أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، تأثير الإعلام الجديد على الممارسة الديمقراطية فى مصر موضحة أن هذا النوع من الإتصال يقوم بوظيفتين أساسيتين إذ أنها تعد طرق فعالة لنقل السياسات ، وكذلك هى فرص لتحريك الشعوب . وأكدت أن الإعلام الجديد له أثره على ممارسة الديمقراطية فى مصر حيث : زيادة المشاركة السياسية ، معرفة رد الفعل المباشر تجاه الحملات التى يقوم بها ، نقل المعلومات بسرعة أكبر ، توجيه الحركات المجتمعية ، تغيير طبيعة الإتصال

مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني