29/12/2005

** بداية الإصلاح أم نهايته هو عنوان تقرير الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات حول الانتخابات البرلمانية نوفمبر / ديسمبر 2005 والذى يحتوى على ما انتهت اليه الجمعية من ملاحظات حول سيرالعملية الانتخابية من خلال تقارير المتابعة الميدانية لمراقبى الجمعية داخل وخارج اللجان والدوائرالانتخابية فى مختلف المحافظات وما تلقته الجمعية من شكاوى الناخبين والمرشحين .

وتعد تلك الإنتخابات ممارسة هامة للعملية الديمقراطية في مصر ولها تأثيرات هامة وبعيدة المدى على الوضع المصرى والإقليمي والتى بدأت في التاسع من نوفمبرعلى ثلاث مراحل وقد شارك فى تلك الإنتخابات 2, 26 % ، من المقيدين فى الكشوف الانتخابية ، رغم ما اتخذ من إجراءات عديدة لضمان عدالة وشفافية هذه الإنتخابات. فبجانب الإجراءات الإدارية التى إتخذتها الدوائر القضائية سمحت مصر لأول مرة للمنظمات الشعبية ومنظمات حقوق الإنسان بمراقبة عمليات الإنتخابات كما أدخلت بعض التعديلات على قواعد الانتخاب لضمان حرية الناخبين، شهدت العملية الانتخابية على المستوى التنظيمى عدة متغيرات جديدة, من أهمها استخدام الصناديق الزجاجية لأول مرة ، ورغم كل الجهود التى بذلك من كل المشاركين فى سبيل الوصول الى انتخابات حرة ونزيهة ومعبرة عن ارادة الناخبين جاءت الإنتخابات في أجواء مليئة بالرشاوى الإنتخابية فى المرحلة الأولى و مشحونة بالعنف والمصادمات في المرحلة الثانية والثالثة.

**وتحليلا للنتائج النهائية نجد أنه مازال هناك عزوف عن المشاركة السياسية فى إدارة الشئون العامة للبلاد وهو ما تمثل فى عدم الإدلاء بالأصوات لكثير من المقيدين بالجداول الانتخابية مما يستوجب إعادة النظر فى المناخ السياسى والاقتصادى والثقافى على نحو يخلق الحافز لدى جمهور الناخبين على ممارسة دورهم فى المشاركة السياسية عن طريق الإنتخابات ويدفع الناخبين لتقدير أهمية المشاركة فى الانتخابات باعتبارها أحد الأركان الأساسية لعملية الاصلاح فى مصر .

**وقد شهدت الانتخابات البرلمانية منافسة شرسة , من جراء ارتفاع عدد المرشحين الذى وصل إلى (4877 مرشحا ) وأدى أيضا تنوع واختلاف القوى السياسية المشاركة فى العملية الانتخابية, وظهور أنماط من التحالفات الجديدة ، حيث شهدت الانتخابات تأسيس ما أطلق عليه “الجبهة الوطنية للتغيير”, والتى ضمت أحزاب المعارضة الرئيسية وبعض قوى التغيير الجديدة

ويعتبر ترشيح الصحفيين والإعلاميين إحد المعالم البارزة فى الانتخابات البرلمانية والتى تدل على طبيعة المرحلة التى نمر بها ، وذلك لإشتراك عدد يصل إلى 35 صحفى وإعلامى ، وأيضا شهدت الانتخابات البرلمانية وجود العديد من رجال الأعمال الذين خاض الكثير منهم الإنتخابات كمستقلين ، وترشح البعض منهم على قوائم المرشحين من كل القوى السياسية المشاركة ( الحزب الوطنى – جماعة الإخوان ” المحظورة “- حزب الوفد وغيرها ) وأدى ذلك الى ان اتسمت بعض الدوائر باشتداد المنافسة وبالإنفاق الضخم على الدعاية الانتخابية ، وقد رصدت الجمعية الوطنية فى العديد من الدوائر الكثيرمن الحالات والوقائع التى تؤكد استخدام المال وشراء الأصوات واستخدام العنف والبلطجة كوسائل من قبل بعض رجال الأعمال المرشحين ومؤيديهم .

**ومما تلاحظ ايضا خلال قيام مراقبى الجمعية بأعمال المتابعة للحملات الإنتخابية للعديد من المرشحين ( احزاب – مستقلين ) اعتمادهم فى إدارة تلك الحملات بالتركيز على القضايا والمشكلات المعيشية لقطاع عريض من الناخبين ، فأعطوا لهذه القضايا الأهمية الأولى فى برامجهم , وساعد فى ذلك الأوضاع المعيشية الصعبة والتدهور الاقتصادى الذى تعانيه الغالبية من المواطنين , ويجب التأكيد على أن المشكلات الحياتية للشعب ناجمة عن أوضاع سياسية بعينها أدت إلى تفشى الفساد والبطالة والفقر ومن هذا تظهر أحد عيوب النظام الفردى الذى تتم به الانتخابات , والذى يجعل المعركة الانتخابية , معركة بين أشخاص وليس بين برامج , على اعتبار أن المنافسة فى الانتخابات التى تجرى بالنظام الفردى منافسة بين المرشحين أنفسهم ( الأفراد ) , وليس الأحزاب السياسية ، فإنه يجب العمل على المطالبة بالتدخل التشريعى الذى يؤدى الى ضمان الأخذ بنظام القائمة النسبية .

و تزايد دور الصحف الخاصة فى تغطية الانتخابات، وشكلت اطياف متنوعة من النواحي السياسية والصحفية ، والأهم انها ادت الى كسراحتكار الدولة وأحزاب المعارضة للساحة السياسية ، ومن ثم كان لها دورفي عمليات التطوير والمطالبة بالإصلاح السياسي ، عبر قنوات جديدة توفر قدراً كبيراً من الأخبار التي تختلف عما هو سائد في الساحة الصحفية .

** وقد انتهى التقرير إلى عدد من التوصيات تتقدم بها الجمعية الوطنية كمذكرة للسيد / رئيس الجمهورية ومجلسي الشعب والشورى والنائب العام ومؤسسات المجتمع المدني من أهمها :-

    • 1 – اتخاذ الاجراءات القانونية والادارية لمعاقبة المسئولين عن وفاة عدد من المواطنين واصابة العشرات وتعرض بعض القضاة للاعتداء ، وتعرض بعض مراقبى منظمات المجتمع المدنى ووكلاء بعض المرشحين للاعتداء والاحتجازالغير قانونى ، وتعرض بعض الاعلامين للاعتداء وتحطيم الات التصوير الخاصة بهم ، وما شاب العملية الانتخـابية من رشاوى وبلطجة وعنف واستخدام لمرافق الدولة لصالح بعض المرشحين .

    • 2 إجراء التعديلات الدستورية التى تتعلق بالنظام الانتخابى لتكن بالقوائم النسبية ، لتلافي ما أفرزه النظام الفردى من تجاوزات أدت إلى إحجام العديد من الناخبين وعدم مشاركة المرأة والأقباط فى العملية الانتخابية .

    • 3- ضرورة الفصل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم لمنع استخدام وإستغلال إمكانات المؤسسات والهيئات الحكومية والمصانع ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة التابعة للدولة أثناء الانتخابات لصالحه .

    • 4- إزالة كل القيود التشريعية والإدارية والأمنية على حق إنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وتحقيق استقلالية وسائل الإعلام عن الدولة، وإعادة صياغة القوانين المنظمة لملكية وإدارة المؤسسات الصحفية بما يضمن حيادها .

    5- العمل على تقنين المراقبة المحلية من قبل منظمات المجتمع المدنى والسماح لتلك المؤسسات بمباشرة أعمال المراقبة داخل وخارج اللجان وحضور لجان الفرز دون معوقات .