29/9/2007

تتابع الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق و الحريات بقلق بالغ التطورات الأخيرة على الساحة الحقوقية في مصر و التي تمثلت في إغلاق جمعية المساعدة القانونية بموجب قرار إداري و صدور إحكام بحبس خمسة رؤساء تحرير لصحف خاصة و حزبية ، والتي تمثل انتكاسة جديدة لحرية الر أي و التعبير و الحق في التنظيم وهو ما يعد تراجع عام للحريات في مصر .

و الجمعية الوطنية إذ تؤكد على ان هذا التراجع من شأنه القضاء علي أي أمل في الإصلاح السياسي مما ينبأ بفرض مزيد من القيود على الحقوق و الحريات داخل المجتمع ، و مما يعد جرس إنذار بما يمكن أن تسفر عنه التعديلات المرتقبة لقانون الجمعيات الأهلية كما أن تلك الأحداث تشير إلى الصورة التي يمكن ان يخرج عليها قانون مكافحة الإرهاب البديل المستديم لقانون الطوارئ.

و لا يخفى على احد مدى الترابط الوثيق ما بين قرار حل جمعية المساعدة القانونية والأحكام الصادرة بحق رؤساء التحرير الخمسة و نحن هنا لا نسعى إلى التعليق على أحكام القضاء أي كانت و أنا نحن نتناول من خلال ورقتنا هذا تقييما للموقف ككل بعيدا عن الأسباب التي استندت إليها إي من تلك الأحكام الخاصة برؤساء التحرير الخمسة .

المشهد العام .

” الضربات السريعة و المتوالية تفقد الخصم القدرة على الاتزان ”

نعتقد انه كي نتمكن من رؤية الصورة بشكل اكثر وضوحا علينا ان نعود بذاكرتنا الى الوراء قليلا الى انتخابات برلمان 2005 فمنذ تلك اللحظة تبدأ كتابة تاريخ الألفية الثالثة فمع تلك الانتخابات و مع ما شهدنه من وقفة صلبة للقضاء المصري في وجه محاولات التزوير و التى انتهى فيها الأمر بإحالة كل من المستشار هشام البسطاويسي و المستشار احمد مكي إلى المحاكمة التأديبية و هو الأمر الذي أدى الى استشاطة نادي القضاة في مصر و نشوب أزمات عديدة ما بين القضاة و وزير العدل المصري خاصة أثناء تعديل قانون السلطة القضائية ، و باتت التعديلات التشريعية هي بوابة الخروج من الأزمات نحو تقييد المزيد من الحريات فيتم تعديل قانون العقوبات فيما يخص قضايا النشر و يتم الإبقاء على عقوبة حبس الصحفيين بل و تغليظها في بعض الحالات ثم تعديلات دستورية تستحدث نصوص خاصة بالإرهاب تقمع المزيد من الحريات و الحقوق و تجعل من النصوص الدستورية الخاصة بالحقوق و الحريات هي و العدم سواء مجرد حبرا على اوراق .

ثم يظهر على السطح بوادر تعديلات لقانون الجمعيات الاهليه و قبيل ظهور تلك التعديلات الى النور يتم اغلاق دار الخدمات العمالية و النقابية و قبيل ان يتمكن المجتمع المدني المصري من ترتيب اوراقه عقب اغلاق دار الخدمات العمالية و النقابية نفاجئ بحل جمعية المساعدة القانونية و تصفيتها و قبل ان يصدر قرار الحل هذا رسميا يحال إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور إلى نيابة امن الدولة للتحقيق معه بتهمة بث دعيات كاذبة و اشاعات تسببت في هروب المستثمرين الأجانب و انخفاض مؤشرات البورصة المصرية و قبل ان نتمكن من فهم تلك الاتهامات و كيف تمكن ابراهيم عيسى من التأثير على البورصة و تسببه في هروب المستثمريين نفاجئ ثانية بحبس اربعة رؤساء تحرير لصحف خاصة و هم عادل حمودة و عبد الحليم قنديل و وائل الابراشي و ابراهيم عيسى ثانية .

و قبيل انتهاء نقابة الصحفيين من اعدادها لبيانات التنديد و قبيل اصدار رؤساء التحرير الأربعة إعداد خاصة بسبب الأحكام التي صدرت ضدهم نفاجئ جميعا بحكم حبس اخر ضد رئيس تحرير جديد خامس إلا أن في هذه المره كانت لجريدة حزبية و هي جريدة الوفد .

و عليه فاننا يمكننا القول بان الحكومة المصرية تعاملت مع المجتمع المدني و نظم المعارضة بفكرة الملاكم الذي يسعى لافقاد خصمه توازنة من خلال ضربات قوية و متتالية ”

المشهد الأول :

مسلسل حبس الصحفيين تحول الى مسلسل حبس رؤساء التحرير
عان العديد من الصحفيين من ملاحقاتهم قضائيا الا ان الغريب في الامر انه في الآونة الأخيرة تبدلت الظاهرة فلم يعد يقتصر الأمر فقط الصحفيين المحررين بل تطور الأمر ليصل إلى رؤساء التحرير و هو الأمر الذي يعبر في مضمونه ان هناك اتجاه لمزيد من تقييد حرية الرأي والتعبير في مصر ولكن يجب ان نجيب عن سؤال مهم جداً لماذا الان في هذا التوقيت فعندما تم مراجعة الصحف ( صوت الأمة – الدستور – الكرامة – الوفد – الفجر ) وجدنا ان في الشهرين السابقين هم الصحف التي فجرت قضايا التعذيب في ذلك الوقت للدرجة التي تم متابعة القضايا في أكثر من يوم إذا فان رؤساء التحرير مسئولين عن ما يكتب في صحفيهم وهذه الصحف كسرت الجملة المعروفة ( كلة تمام يا فندم ) الدنيا جميلة المواطنين سعداء الطعام متوفر والمياه تصل لكل مواطن بكميات كبيره والدخل أكثر من الإنفاق.

أما الصحف ( صوت الأمة – الدستور – الكرامة – الوفد – الفجر ) فكتبت عن أزمة المياه مع وجود النيل _ كتبت عن القمح المسرطن – كتبت عن الفساد المنتشر بين أرجاء المحروسة – كتبت عن الإهمال الطبي المتزايد – كتبت عن قضايا التعذيب التي أصبحت مثل قضايا الأحوال الشخصية من حيث العدد الذي يتم اكتشاف فكان القرار بتكميم أفواه من يقوموا بكشف المستور من يقوم بنشر الحقيقية للوصول لحلول .

إذا فهذا المشهد يوضح لنا إننا أمام كارثة حقيقية لم تشهدها مصر من قبل ونود ان نذكر بالحلم الذي أطلقه الرئيس ولم يتحقق ( بإصدار قانون بمنع حبس الصحفيين ) واضح انه سيظل حلم ولن يرتقي إلي الحقيقة.

المشهد الثاني :

تقييد المجتمع المدني وتحديداً المؤسسات العاملة في مجال حقوق الانسان
جمعية المساعدة القانونية هي من احدي الجمعيات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان داخل المجتمع المصري و قد صدر قرار من الجهة الإدارية بحل الجمعية وبعد القرار خرج علينا وزير التضامن الاجتماعي بقرار يلغي فية المادة ( 97 ) من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ووضع مكانها القرار الوزاري رقم ( 455 ) خصيصاُ للاستيلاء علي أموال جمعية المساعدة القانونية وسلب حقه في الدفاع عن أنفسهم مما يعد هذه مخالف للقوانين والأعراف في العالم فمن حق أي مواطن ان يتظلم ويستأنف ويطعن هذه هي إجراءات التقاضي إلا إذا كان قرار الوزير خارج من القضاء العسكري الذي لا يعترف بهذه الإجراءات فأود ان اسأل سؤال الي من اصدر القرار الوزاري اذا التجأت جمعية المساعدة إلي القضاء الإداري وحصلت علي حكم بعدم الحل ؟؟؟؟؟ أين الأموال والهياكل والكيان بعد التصفية اعتقد أن أي من عباقرة القانون المصري لا نجد عنده أجابه .

و هكذا أصبحت الرسالة الموجهة للجميع ” صحافة و معارضة و مجتمع مدني ” إياكم والحديث عن التعذيب فهو إثم لا يغتفر لأي منكم ”

و ختاما تؤكد الجمعية الوطنية على إن تلك الأحداث ما هي إلا نتاج طبيعي للتعديلات الدستورية والتي سبق و أن تم تمريرها عبر استفتاء غاب عنه الإشراف القضائي و هو ما تنبأت به كافة المؤسسات الحقوقية في مصر حينما أكدت على أن التعديلات الدستورية الأخيرة ما هي إلا ردة عن الإصلاح .