24/11/2005
فى مخالفة صريحة للقانون، لم يقم وزير العدل المصرى حتى لحظة كتابة هذا البيان باصدار القرارالخاص بانشاء “لجنة فض المنازعات” وفقا للمادة 29 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 84 لسنة 2002 والمعروف بـ ” قانون الجمعيات الاهلية” التى تنص على (يصدر وزير العدل فى الاسبوع الاول من شهر اكتوبر من كل عام قرارا بتشكيل “لجان فض المنازعات” ……على ان يضم فى عضويتها ممثل الجمعية المعنية الطرف فى المنازعة ترشحة جمعيتها العمومية او مجلس ادراتها) وهو ما يعنى اطلاق يد الادارة فى الضغط على الجمعيات الاهلية حيث حرم القانون 84 لسنة 2002 تلك الجمعيات من اللجوء الى القضاء الا بقرار من لجان فض المنازعات كما لم يبين القانون ماذا تفعل تلك الجمعيات فى حالة عدم صدور قرار وزير العدل المشار اليه بتشكيل تلك اللجان. وقد حدد هذا القانون وظيفة تلك اللجان فى محاولة حل المنازعات الادارية التى قد تنشأ بين الجمعيات الاهلية وبين وزارة الشئون الاجتماعية بصفتها “الوصى” على قطاع مهم فى نسيج هذا البلد وهو “القطاع الاهلى” ، وتجدر الاشارة الى ان السيد وزير العدل يرأس حاليا “اللجنة العليا للانتخابات” البرلمانية التى تشهد جدلا محتدما وسط شكوك حول مصداقية بل وشرعية اجراؤها فى ظل عدم توافر المعايير الدولية المعترف بها من قبل الهيئة العامة للامم المتحدة حول نزاهة وشفافية الانتخابات العامة.
فبعد ان احتكرت الدولة “القطاع العام” وتمت ادارته بطريقة ادت التى انتشار الفساد والمحسبوية – وهو الامر الذى ادى الى تخلى الدولة عنه فيما بعد, وبعد أن راح “القطاع الخاص” بلعب ادوارا مؤثرة فى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمو اطنين فى ظل رقابة هذه الدولة , اصرت تلك الدولة على فرض وصايتها على “القطاع الاهلى” بسن القوانين والتشريعات التى تكبل مؤسساته ومنظماته وتحد من دورها فى نشر الديمقراطية وكشف اوجه الفساد وتعزيز قيم ومبادئ حقوق الانسان. لقد كان موقف الديبلوماسية المصرية مؤخرا فى “البحرين” دليلا دامغا على تخبط الادراة المصرية فى تعاملها مع قضية الاصلاح السياسى فى مصر وفى القلب منها ملف “الجمعيات الاهلية”.
فالادراة المصرية تدرك ان السماح لمؤسسات المجتمع المدنى بالعمل الحر المستقل دون تحرشات امنية او تعقيدات ادارية سوف يؤدى على المدى البعيد الى سحب البساط من تحت ارجلها وكشف الجرائم الاقتصادية والسياسية التى اقترفت
بحق المواطنين وملاحقة مرتكبيها. حيث ان اجندة الاصلاح السياسى التى تطرحها مؤسسات المجتمع المدنى تتسع للدعوة الى صياغة دستور جديد للبلاد ووضع اسس للحياة العامة تتسم بالحرية على الصعيد السياسى وبالعدل على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى.
وجمعية المساعدة تدرك ان محاولات خنق مؤسسات المجتمع المدنى من خلال تقييد تلقيها الدعم المالى والفنى من المنظمات والهيئات القانونية الدولية والمحلية سوف يؤدى على المدى القريب الى فقد الثقة والامل فى اية امكانية لسد الباب امام مخاطر الدعوة الى اتخاذ اشكال غير ديمقراطية للتغيير فى مصر. فليس خافيا على احد ان “القطاع الاهلى” يستوعب اعداد تتزايد باستمرار ويزداد وعيها بضرورة العمل بجدية ودون تاخير على خلق “المناخ الديمقراطى السليم”، وهو الحلم الذى ما انفك يراود امال القاعدة العريضة من المواطنين، وهى الامال التى تعبر عنها اراء النخبة المصرية ممثلة فى رجال القانون والفكر والسياسة.
وترى الجمعية انه ينبغى على الدولة مراجعة مواقفها المتشككة والمتعنتة حيال “القطاع الاهلى” ومنح الثقة لمؤسساته، من خلال الغاء كافة القوانين واللوائح الادارية التى وضعت لاحكام سيطرة الاجهزة التنفيذية للدولة على مؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى فى مصر، ومن خلال تنقية البنية التشريعية مما يخالف المواثيق والمعاهدات دولية التى صادقت عليها مصر، كما ترى الجمعية اهمية بل وضرورة العمل على اصدار قانون جديد “للقطاع الاهلى” فى مصر. يضمن حق المواطنين فى تاسيس الجمعيات الاهلية دون شرط الحصول على اذن من الدولة ، وينظم عمل تلك الجمعيات دون تدخل الاجهزة الامنية فى شئونها ، ويصون حرية الناشطين فى تلك الجمعيات ، ويحترم قيم ومبادئ حقوق الانسان والمعايير الدولية المتعارف عليها بخصوص حق الافراد فى التجمع السلمى وحقهم فى التنظيم من اجل المشاركة السلمية فى ادراة شئون بلادهم.
وفى هذا الاطار تتطالب الجمعية السيد المستشار وزير العدل بسرعة اصدار قراره بتشكيل لجان فض المنازعات حتى يتسنى للجمعيات الاهلية انهاء نزاعاتها مع وزارة الشئون الاجتماعية او اللجؤ الى المحاكم المختصة.