31/7/2005

لم تخيب الحكومة المصرية التكهنات التى نبهت الى قيام النظام المصرى فور اعادة انتخاب الرئيس المصرى لفترة رئاسية خامسة – بعد اربعة وعشرون عاما فى السلطة – بالامساك بيد من حديد وغلق مساحات التعبير الضيقة اصلا والتى اضطر النظام الى السماح بها فى الفترة الاخيرة على ضوء الضغوط التى تعرض لها النظام المصرى خارجيا وداخلياً .

وقد كان للتعاطف الدولى والاستنكار المحلى للجريمة الارهابية التى تمت فى مدينة شرم الشيخ عشية يوم السبت الموافق 23 يوليو 2005 دوراً فى اتاحة الفرصة لوزارة الداخلية لتشديد قبضتها الأمنية على المعارضين السياسيين

وعلى عكس المتوقع وبدلا من الاقتناع بأن تطبيق قانون الطوارئ والاجراءات البوليسية لم يحولا دون حدوث تلك الجريمة البشعة وبدلا من اعتناق آليات الحوار أكدت الدولة على إعتناقها ثقافة العنف والقسوة فى مواجهة الجميع بلا تفرقة بين إرهابى لا يحترم الإنسانية وبين مواطن يسعى لغد أفضل ويسعى للتعبير عن استحقاقاته الوطنية والإنسانية والشرعية فى وطن حر وآمن .

فقد سبق أن أعلنت بعض قوى المعارضة للنظام الحاكم عن دعوتها جموع المواطنين للتظاهر فى ميدان التحرير فى اليوم التالى لإعلان الرئيس عن ترشيحه لنفسه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة وقد ضمت التظاهرة أعدادا كبيرة من الأطياف السياسية وعدداً من النشطاء والمثقفين والفنانين .

وقد قامت قوات الأمن بحفز قواتها الامنية من صباح اليوم السابق للتظاهرة فقد حشدت عشرات العربات المصفحة وعربات قوات الأمن المركزى وفرق مقاومة التجمهر وحولت ميدان التحرير بوسط القاهرة إلى ثكنة عسكرية أثرت كثيرا على يسر حركة المرور و أشاعت أجواء الرعب والرهبة فى المواطنين العابرين ، وما أن تجمع المتظاهرين حسب الموعد المقرر للتظاهر فى حوالى الساعة السادسة من مساء الأمس .

حتى سارعت قوات الأمن بالتعرض لهم بالعنف والذى تمثل فى ضرب المتظاهرين بوحشية وقسوة بالعصى الكهربائية والعصى المطاطية التى أصابت عددا كبيرا من المتظاهرين بحالات من الشلل المؤقت

وانهالت عليهم إثرها عشرات من جنود الأمن المركزى بالخيرزانات والشوم والهروات بلا رحمة حتى أصيب عدد من المتظاهرين بجراح وإصابات دامية ونزف آخرون الدماء وأصيب إثنان منهم بكسور بالأضلع وبالنزيف الداخلى وتركوا على الطريق بلا إسعاف حتى تم القبض عليهم و نقلهم إلى المستشفيات منهم كمال عباس المحتجز حاليا فى مستشفى قصر العينى الفرنساوى و الصحفى شعبان عبد الرحيم من وكالة الانباء اللبنانية محتجزا بمستشفى الهلال الاحمر .

كما تم التعرض لعدد من الصحفيين ومصورى الصحف وتم ضربهم وانتزاع الكاميرات من أيديهم والتحفظ عليها .

وقد تم إلقاء القبض على عدد كبير من المواطنين والصحفيين وتم احتجازهم فى معسكرات الأمن المركزى بالدراسة
وتم الإفراج على عدد منهم وهم :

جورج إسحاق ، أمين إسكندر ،كارم يحيى ، هانى عنان ، صلاح عدلى ، أيمن بركات ، عادل وسيلى ، صابر السيسى ، سيد رجب ، بهاء على ، سامى دياب ، عمر قناوى
ومازال عدد آخر قيد القبض هم :

أحمد ممدوح ، إسلام محسن ، وائل خليل ، محمد صلاح ، فوزى شعبان ، إمام حنفى ، إبراهيم صالح ، أحمد راغب ، أحمد إمام ، أحمد حلمى ، أسامة أحمد ، محمد نبيل ، د. شريف يونس ، محسن بشير ، محمد عبد الفتاح ، محمد الصوفانى، يحيى القزاز، محمد عباس، محمد إبراهيم، محمد سمير ، محمد على ، علاء عبد الله

وقد اعتصم عدد كبير من المتظاهرين أمام نقابة الصحفيين من مساء الأمس حتى صباح اليوم مطالبين بالإفراج عن المقبوض عليهم وعدم تلفيق أى إتهامات لهم ومنحهم حق التظاهر والتعبير عن آرائهم السياسية ومازال عددا كبيرا منهم معتصما امام النائب العام وأمام نقابة الصحفين ويهددون بالإضراب عن الطعام فى حالة عدم الإفراج عن المقبوضين أو تعرضهم للإيذاء .

وجارى عرض المقبوض عليهم على نيابة أمن الدولة وتم توجيه عدة تهم إليهم منها قيامهم بأعمال الشغب والتخريب والإعتداء على عدد من جنود الامن المركزى

وقامت جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان بمتابعة التظاهرة خطوة بخطوة وقام محامو الجمعية بدعم المقبوض عليهم وجارى الحضور معهم أمام نيابة أمن الدولة للدفاع عنهم وضمان عدم المساس بسلامتهم الجسدية .

وعلى خلفية تلك الأحداث التى تعكس عدم مصداقية النظام فى إتخاذ خطوات إيجابية نحو أفق أكثر إتساعا للممارسة الديموقراطية تؤكد جمعية المساعدة القانونية على رفضها لأى شكل من أشكال التعرض الأمنى للحركات المعارضة وتجمعاتها السلمية و وسائل تعبيرها عن آرائها .

وتؤكد على ضرورة حماية الحق فى التعبير والحق فى التجمع السلمى والتظاهر و عدم استخدام القمع الأمنى أو البوليسى فى إرهاب المواطنين فى سعيهم الديموقراطى السلمى فى التعبير عن آرائهم أو توجهاتهم السياسية والتأكيد على أن القبضة الأمنية الحديدية والقسوة والعنف لا يمكن لها بحال من الأحوال توفير الأمن أو حمايته بل تساهم تلك السياسة القمعية فى إستشراء حالة العنف و فتح الأبواب أمام نيران الإرهاب والتطرف والعنف لتأكل الأخضر واليابس

فلا سلامة و لا حماية لأمن الوطن إلا باحترام أبناءه وحقوقهم.