19/2/2008

طالب المشاركون في الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بدعم من الاتحاد الأوروبي أمس 18/2/2008 تحت عنوان ” التشريعات الدولية والإقليمية لمكافحة الإرهاب …الدروس المستفادة” بضرورة نزع السرية التي تكتنف لجنة وضع مشروع قانون الإرهاب الجديد، وضرورة إشراك كافة القوى السياسية والحزبية والمجتمعية في المناقشات التي ستجرى بشأنه، وإعلان ملامح هذا المشروع للرأي العام .

وأوضح المشاركون من أساتذة القانون وأعضاء مجلس الشعب وممثلي الأحزاب السياسية ونشطاء حقوق الإنسان أن القوانين التي صدرت في غالبية دول العالم لمكافحة الارهاب لم تكن موجهة بالأساس إلى تقييد حريات مواطني هذه الدول،بقدر تركيزها على تقييد حريات وحركة المهاجرين الذين يعيشون فيها.مؤكدين أهمية التوازن في القانون الجديد بين نصوص مكافحة الجريمة الإرهابية وبين الضمانات المعنية بحماية الحقوق الخاصة بالأفراد .وشدد المشاركون على أن غياب الديمقراطية ومشاركة المواطنين في إدارة الشأن العام من أهم مسببات تصاعد الظاهرة الارهابية .

من جانبه ، أكد أ.حافظ أبو سعده الأمين العام أنه لا يوجد ضغوط أو التزامات دولية تجبر مصر على إصدار قانون جديد للإرهاب، موضحاً أن الحديث عن قانون الإرهاب جاء ضمن تعهد الرئيس مبارك بإصدار قانون لمكافحة الارهاب ليكون بديلاً لاستمرار حالة الطوارىء في مصر.

وأوضح أبو سعده أن الأمم المتحدة قد وضعت مجموعة من المعايير لمكافحة الإرهاب على مستوى دول العالم ، وقد تركزت بالأساس على نزع الأسباب التي تؤدى إلى ظهوره،ومن بين هذه الأسباب غياب العدالة الاجتماعية،وسيطرة مجموعة صغيرة على الثروة الوطنية دون وجه حق، والاستبداد السياسي ، مضيفاً أن هذه الأسباب هي التي أدت إلى ظهور أغلب الجماعات الإرهابية في العالم، وقد وضعت الأمم المتحدة حلولاً للجريمة الإرهابية ، وهذه الحلول تقوم على تعزيز الديمقراطية،وتعزيز مشاركة المواطنين في الشأن العام،ومنع جمع التبرعات للجماعات الإرهابية،وتجريم الدول التي تزودهم بالأسلحة .

وأشار أبو سعده إلى أن جميع قوانين الإرهاب التي صدرت في غالبية دول العالم ضغطت على حقوق الانسان ، ولكن في ذات الوقت منح السلطة التنفيذية صلاحيات أكبر في تقييد حريات المواطنين سيجعل الحياة شديدة الصعوبة على البشر ، لافتاً إلى أن جميع المواطنين من الممكن أن يصبروا ويتحملوا ضغوط الحياة الاقتصادية ، ولكن ضياع حريتهم وانتهاك حقوقهم وأجسادهم أمر لا يحتمله أحد.

وأعرب د.ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة عن رفضه الاستعانة بأي نصوص قانونية دولية خاصة بالإرهاب وتنفيذها في مصر،موضحاً أن جميع هذه النصوص قد صدرت في الغرب كان مقصود منها المسلمين والمهاجرين بالتحديد،وليس سكان البلاد الأصليين على حد تعبيره . وأكد د.بدوي أن القوانين الجنائية الموجودة في مصر وقانون مكافحة الإرهاب رقم 97 لسنة 1992 يكفوا لمواجهة الجريمة الإرهابية، فليس هناك حاجة إلى قانون جديد للإرهاب.

أما أ.صبحي صالح عضو مجلس الشعب فقد وصف مكافحة الإرهاب بأنها أصبحت موضة عالمية ولاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر ، وقد استغلت الحكومات الغربية هذه الأحداث في منح صلاحيات أوسع للأجهزة الأمنية في تجريم أي منظمة، أو منع أي اجتماع لمنظمة ما ،أو وضع قيود على السفر ووثائق السفر ، بل وطول فترة احتجاز المشتبه بهم .

وأكد أ.صالح أنه من غير الصحيح أن يقوم المشرع المصري بالاقتباس من القوانين الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، لأن لكل بلد بيئته السياسية والتشريعية والاجتماعية المختلفة، ويأتي التشريع ليعكس مجتمعه وبيئته، وبالتالي استلهام القوانين الدولية وتطبيقها على المصريين سيكون في غير محله.

وعن ملامح القانون الجديد الإرهاب ، أوضح النائب أن غالبية التسريبات التي تحدثت عن هذا القانون تشير إلى أنه مكون من 59 مادة ، في حين أن قانون الطوارىء مكون من 20 فقط، وستكون مواده غير قابلة للطعن لأنها محصنة بنص المادة 179 من الدستور، وبالتالي سيكون أول قانون أعلى من الدستور ، بل وسيكون أخطر من قانون الطوارىء، فهو مستمر وليس مؤقت، وبموجبه ستستمر إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية.

وأكد أ. عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن كل الجرائم الإرهابية في مصر قد ارتكبت في ظل وجود قوانين استثنائية،وبالتحديد في ظل وجود حالة الطوارىء، مؤكدا أن مصر ليست بحاجة إلى قانون جديد يكافح الارهاب ، موضحاً أن القانون المصري رقم 97 لسنة 1992 كان القانون الوحيد في العالم الذي قد وضع تعريف للجريمة الإرهابية،حتى أن الأمم المتحدة وقتها قد انتقدته بشدة،بل ووصفته بأنه متعسف .

وطالب شيحة القوى السياسية والحزبية بالتحرك ضد مشروع قانون الإرهاب الذي تنوي الحكومة إصداره ، لاسيما وأن أغلبية نواب الحزب الوطني في البرلمان قادرين على تمرير هذا المشروع ، مثلما كان الحال مع التعديلات الدستورية .

وأوضح د.مصطفى كامل أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الانسان أن القوانين والتشريعات المختصة بمكافحة الإرهاب في جميع دول العالم -على اختلافها- لن تمنع الجماعات الإرهابية من القيام بجرائمها البشعة ضد البشرية ، مؤكداً أن غياب الديمقراطية،وكبت الحريات،وارتفاع معدلات الفقر والبطالة يوفر البيئة الخصبة والمناسبة لتفشي الجرائم الإرهابية في مختلف البلدان، وعليه فإنه من أجل القضاء على الجريمة الإرهابية ومكافحتها ينبغي العمل على تعزيز الديمقراطية،ونشر ثقافة حقوق الإنسان ، وبناء دولة القانون والمؤسسات ،ومحاربة الفساد ، والقضاء على مسببات الفقر والبطالة .