6/5/2006
يبدو أن هناك حالة انفصال تام بين توجه الحكومة وكلامها الدائم عن استصلاح الأراضي الصحراوية لضمها إلي الرقعة الزراعية في مصر , وبين أجهزتها التنفيذية التي تعمل باجتهاد لتحويل الأراضي المستصلحة المنتجة إلي أراضي بور وكتل خرسانية , ويبدو أن هذه الأجهزة فهمت أن التوجه الحقيقي للحكومة هو غرس غابات من الأسمنت بدلا من الأشجار والمحاصيل والثروة الحيوانية , هذا ما حدث بالفعل في محافظة قنا , فقد فوجئ مئات المزارعين من أصحاب المزارع المستصلحة حديثا والمنتجة للمحاصيل بجهاز مدينة قنا الجديدة يهددهم بالطرد من الأراضي التي قاموا باستصلاحها في المنطقة الممتدة من الكيلو 6 إلي الكيلو 12 طريق قنا – سفاجا بعد أن دفعوا في استصلاحها كل ما يملكون واستقروا فيها منذ سنوات بمنازل ملحقة بتلك المزارع وبعد أن أصبح ما تنتجه تلك الأراضي من محاصيل مصدر رزقهم الوحيد … إذ بجهاز مدينة قنا الجديدة يهددهم بالطرد منها بحجة أن تلك الأراضي ضمن كردون المدينة …!
يقول أحمد عباس القلع في شهادته لباحثي أولاد الأرض ” أمتلك مزرعة مساحتها 30 فدانا ضمن 12 مزرعة في المنطقة , حيث قمنا في عام 1985 قمنا بوضع أيدينا علي أراضي للاستصلاح في الكيلو 10 بواسطة جمعية وادي قنا الأهلية والمشهرة رسميا بجريدة الوقائع المصرية برقم 103 لسنة 1985 استلمنا عقود بوضع اليد بالجمعية بعد تسديد رسومها لهيئة استصلاح الأراضي الصحراوية بالدقي , وفوجئنا في عام 2001 بهيئة المجتمعات العمرانية تقوم بمسح الصحراء المجاورة لإقامة مدينة سكنية جديدة وأخطرنا أننا خارج كتلتها السكنية ,
وقدمنا مستندات بحدود الأرض المستصلحة وخرائط مساحية غير أنهم عرضوا علينا تعويضات فرفضنا لأن ذلك لا يعوض جهودنا وأموالنا التي تكبدناها طيلة عشرون عاما ,و وقد قامت الشرطة بعد تقديم المستندات بمعاينة الأراضي وفحصها , ثم فوجئنا في عام 2004 بقرار من وزارة الإسكان بإزالة هذه لأراضي المستصلحة فطعنا علي هذا القرار حيث تم إحالة الأمر إلي المحكمة الإدارية ثم مفوضي الدولة , وفي مارس 2006 تم تجديد قرار الإزالة عن طريق الشرطة التي قامت بالتحقيق معنا بموجب محضر , وعرضوا علينا تعويضنا بأراضي مستصلحة بديلة فرفضنا لحين صدور قرار المحكمة الإدارية التي هي الفيصل بيننا وبين هيئة المجتمعات العمرانية ” .
وفي شهادته يؤكد عيسي أبو العرب من قرية أشراف العسلية قائلا ” قمت باستصلاح 30 فدانا منها 17 فدانا تخضير , أي أن الأرض تنتج الخضراوات بالفعل منذ عام 1986 , وتلك المزرعة هي مصدر رزقنا الوحيد أنا وأشقائي الأربعة , لقد وضعنا كل مدخراتنا من الإعارة في تلك المزرعة التي جعلتنا نبيع كل ما نملك من عقارات وأرضي لتصبح منتجة بالإضافة إلي النفقات الباهظة في المعدات والري .
حيث قمنا بحفر آبار بآلاف الجنيهات وعلي أعماق بعيدة للوصول إلي المياه , فالمنطقة صحراوية وعرة لذلك قمنا بعمل شبكة ري بالتنفيط لري المزروعات, والآن هم يريدون إهدار عرقنا طيلة تلك السنوات .
لقد بدأوا بالفعل بإزالة خط أشجار الكافور مما يهدد مصير أكثر من 300 أسرة تكبدت الكثير من الأموال لاستصلاح هذه الأراضي ” .
وفي شهادته يقول أحمد زناتي لباحثي أولاد الأرض ” نحن ستة أشقاء نعيش في مزرعة ألبان مساحتها 30فدانا ونعيش علي بيع المزروعات وتربية المواشي , ولدينا عمالة تعول أسرا , والآن يريد جهاز المدينة انتزاع مصدر رزقنا الوحيد وإهدار مجهود ضخم بذلناه طيلة تلك السنوات في تحويل الأرض الصحراوية إلي أرض زراعية منتجة , لقد قمنا بحفر أبار الري العميقة واشترينا معدات ضخ المياه بعد بيع كل ما نملك فإلي أين نذهب …. وما هو المصير …!
أما أحمد محمد سيف من قرية أبنود فيقول ” قمت بزرع 37 فدانا من أصل 60 فدانا وهي مزروعة قمح وبرسيم وطماطم . وليس لدينا عمل غير الزراعة , والأفدنة التي استصلحها كانت ضمن 840 فدانا تتبع جمعية وادي قنا الأهلية ولدينا عقود تثبت ذلك , والغريب أننا بعد كل هذه السنوات والمجهود الذي بذلناه في الأرض منذ عام 1986 يطالبوننا بالتخلي عن الأرض لصالح هيئة المجتمعات العمرانية التي تريد تحويل منطقة زراعية وما تشتمل عليه من مشروعات ملحقة لتربية المواشي وغيرها إلي منطقة سكنية خرسانية …!
ويقول حسن علي خليل لباحثي أولاد الأرض ” فوجئنا مؤخرا بجهاز مدينة قنا يتعدي علي الأرض ويقوم بردم الآبار التي كلفتنا آلاف الجنيهات بعد تغيير علامات حدود الأرض , علما بأن الحدود الجديدة غير موجودة بالخريطة الأصلية لمدينة قنا الجديدة , وفي منطقة الكيلو ” 5 ” يعاني المزارعون هناك من نفس المشاكل ويتم اقتطاع 30 فدانا من مجمل الأراضي المستصلحة هناك بعد قيام المسئولين في مدينة قنا الجديدة بتغيير علامات حدود الأراضي المستصلحة لأكثر من ثلاث مرات …!
” من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تسأل رئيس الحكومة .. إذا كان التوجه العام هو استصلاح الأراضي الصحراوية فكيف تم السماح لهيئة المجتمعات العمرانية بإزالة مئات من الأفدنة من الأراضي المستصلحة بحجة بناء مدينة قنا الجديدة …. أما كان الأجدى أن يتم بناء تلك المدينة بعيدا عن تلك الأراضي …! وهل ضاقت الصحراء بالمسئولين في محافظة قنا إلي هذا الحد …!
” كما تطالب أولاد الأرض رئيس الحكومة بالوقف الفوري لكل محاولات الإزالة وطرد وتشريد ما يزيد عن 300 أسرة في محافظة قنا وتمليك تلك الأراضي لهؤلاء المزارعين الذين لا ذنب لهم غير أنهم صدقوا يوما ما تدعيه الحكومة …!