القاهرة في 1 مارس
إن المنظمات الموقعة أدناه والمشاركة في هذا المؤتمر الصحفي الذي يعرض لآخر تقارير أصدرتها منظمة هيومان رايتس واتش حول التعذيب في مصر، والتي شهدت وشاركت في رصد وتوثيق العديد من حالات الانتهاكات الواردة في تقارير اليوم.. تنتهز فرصة انعقاد هذا المؤتمر لتؤكد مرة أخرى على أن العنصر الجامع لها وأساس عملها المشترك هو التصدي دون مساومة ، ودون حدود، لظاهرة التعذيب المنهجي الذي تمارسه أجهزة الداخلية المصرية كأداة تأديبية وعقابية، لقطاعات واسعة من المواطنين المصريين. لقد عينت الشرطة المصرية نفسها دون سند قانوني أو اجتماعي، سلطة فوق القانون، تنتقي من المواطنين من ترى أن يستحق التأديب أو التخويف أو الإذلال، فتكرس لعقابه كل ما تملكه من إمكانيات، سواء فيما يتعلق بأماكن الاحتجاز أو أدوات التعذيب أو سلطة مطلقة في مد فترات الاعتقال دون حدود وذلك في ظل قانون الطوارئ.
ولم تقتصر هذه الانتهاكات البوليسية الوحشية على من أثبتت التحريات قيامهم بجريمة ما، بل امتدت قائمة ضحايا التعذيب لتشمل المشتبه فيهم، والمعارضة السياسية بكل فصائلها، وكل من تقاطع طريقه مع الداخلية دون أن يكون له سيد اجتماعي أو “علاقات” تنقذه من براثن البوليس ومباحث أمن الدولة. بين هؤلاء الضحايا من انتهكت أجسادهم بالتعليق، والضرب، والكهرباء، لمجرد أنهم محل اشتباه، أو لأنهم رفضوا وقاحة البوليس في التعامل معهم أو لأن طرفا ثالثا “مهما” أراد تأديبهم أو لأنهم مثل الملايين من مواطني العالم يمارسون حقهم السياسي والمدني في المواطنة وحرية التعبير، أو لأنهم مارسوا حقهم الدستوري والقانوني في حرية الاعتقاد والتعبير، أو لأنهم خرجوا في سلوكهم الشخصي عما يفترض المجتمع أنه الملائم والمناسب.
لقد عينت الداخلية المصرية نفسها، دون تفويض من أحد، مدعيا وقاضيا وسجانا وجلادا، لأبناء وبنات الشعب المصري. وفي الوقت الذي لا تعرف هي نفسها حدودا لأشكال التعذيب التي تمارسها على المواطنين دون استثناء للأطفال أو النساء أو الشيوخ أو الشباب، وفي الوقت الذي يرتفع فيه سجل القتلى الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة دون شهود في أماكن الاحتجاز متأثرين بشدة الضرب أو صعق الكهرباء، تسعى الداخلية في نفس الوقت إلى تعيين نفسها مرة أخرى دون تفويض من أحد، حاميا للأخلاق والقيم والعقيدة.. ومحافظا على أمن واستقرار زائفين يستندان إلى سلطة مطلقة لرجالها في العبث بمقادير المواطنين وأجسادهم.
إننا إذ نشارك في هذا المؤتمر وفي تقديم وثائق جديدة تدعم ما ندعيه من انتشار ظاهرة التعذيب في مصر كسياسة تنتهجها الحكومة المصرية بشكل منظم وليس، كما يدعي وزير الداخلية، كسلوكيات منفردة هنا وهناك، نؤكد العزم مرة أخرى أننا سوف نواصل مناهضتنا للتعذيب بكل أشكاله وباستخدام كافة الأساليب السلمية المتاحة وأننا سوف نستمر في ملاحقة جلاديه مهما كانت مواقعهم، كما نؤكد على أن موقفنا الثابت في هذا الأمر هو رفض التعذيب بكل أشكاله وفي هذه المفترة لازال متقاعسا عن محاسبة هؤلاء الجلادين بحكم أنهم “موظفي دولة” فسوف نعمل من أجل أن تصل الحقائق إلى الرأي العام المصري والعربي والعالمي. إننا نؤمن إيمانا راسخا بأن حقوق الإنسان هي شأن كل المواطنين، وليست فقط ملكا لشريحة متخصصة وان لكل مواطن الحق في معرفتها والتمتع بها وتملك سبل الدفاع عنها، كما نؤمن بأن مناهضة التعذيب لا تكتمل دون العمل على انتزاع الحقوق الديمقراطية وإرساء مبادئ حقوق الإنسان مجتمعة وعلى رأسها الحق في التنظيم والاجتماع والتعبير والعقيدة، وسوف نستمر في العمل من اجل إرساء هذه المبادئ.
وسوف نسعى إلى مناهضة التعذيب وتحقيق احترام حقوق الإنسان لكل المواطنين بدون استثناء أو تمييز بكافة السبل الديمقراطية والسلمية، بداية من كشف الأسباب التي تستخدم زورا وبهتانا تبريرا له، مرورا بدعم ضحاياه بكل السبل المتاحة والعمل على تغيير التشريعات التي تستخدم لحمايته وانتهاء بملاحقة مرتكبيه داخل وخارج البلاد والعمل على أن يحاسبوا على ما ارتكبوه من جرائم.
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي
مركز هشام مبارك للقانون