11/3/2008

طالب أساتذة القانون الدولي ونشطاء حقوق الإنسان و أعضاء مجلس الشعب بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب التي تشنها عليه قوات الاحتلال الإسرائيلية ، وأهمية توثيق الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني على غرار ما حدث في صربيا و رواندا.ووصفوا هذه الجرائم بأنها “جرائم حرب وضد الإنسانية” ينبغي ملاحقة مرتكبيها، وتشكيل لجنة عربية تختص بذلك،وتقوم بتوثيق الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والعربي ، على أن تضم مجموعة من الخبراء القانونيين و نشطاء حقوق الإنسان ، جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء الموافق 11/3/2008 بمقرها تحت عنوان “الجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة و الضفة “.

ومن جانبه ، أكد حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية أن ما تقوم به إسرائيل حالياً في قطاع غزة يعد جريمة حرب وذلك إعمالاً لنصوص قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، و الذي عرف جرائم الحرب بأنها ” توجيه الهجمات بصورة متعمدة ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه ،أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون على نحو مباشر في الأعمال العدائية ” و كذلك توجيه الهجمات عن قصف ضد أهداف مدنية ” .

و أشار أبو سعده أن هذه الجرائم تتعارض بشكل صارخ مع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والمواد 33 و146 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ، حيث جاءت الفقرة الأولى من المادة 33 بنصح صريح وقاطع في هذا المجال، حيث أكدت على أنه لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً، حيث تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهويد أو الإرهاب.

أما المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، فقد حرمت القتل العمد والتعذيب والأبعاد غير القانوني والحرمان المتعمد من الحقوق في محاكمه عادلة ومنتظمة والتدمير الواسع للممتلكات ومصادرتها مما لا تبرره الضرورات العسكرية ويتم ارتكابه بصورة قانونية ومتعمدة. كما أن هذا التدمير مخالف لنص الفقرة الأخيرة من المادة 85 من بروتوكول جنيف الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات عام 1949 والتي تنص على أن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات ولهذا البروتوكول بمثابة جرائم حرب، وكذا المواثيق الخاصة بمحاربة العنصرية و التمييز العنصري و اتفاقية إبادة الأجناس لعام 1949 ، و المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري ” الأبارتهيد ” .

و طالب أبوسعده بضرورة التحرك على الصعيد الدولي و اتخاذ خطوات جدية في سبيل محاكمة القادة الإسرائيليين من خلال مبدأ الاختصاص القضائي الشامل في بعض الدول مثل بلجيكا من أجل رفع دعوى لمحاكمتهم أمام المحاكم البلجيكية كمجرمي حرب ، مثلما سبق أن طالبت حكومة بلجيكا نظيرتها السنغالية منذ سنوات بتسلميها اللاجئ “حسين حبري” رئيس دولة تشاد السابق لمحاكمته أمام المحاكم البلجيكية كمجرم حرب استناداً إلى مبدأ الاختصاص القضائي الشامل، وكذلك تم محاكمة أربعة من القادة العسكريين السابقين في رواندا ، وما سبق من رفع دعوى ضد رئيس وزراء إسرائيل السابق ارئيل شارون من قبل الناجين من مذبحة صبرا وشاتيلا ، إلا أن القضية تم رفضها يوم 26 / 6 / 2002 من طرف محكمة الاستئناف بحجة أن قانون المحكمة لا يجيز محاكمة شخص لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، إلا إذا كان هذا الشخص وقت رفع الدعوى متوجداً على الأراضي البلجيكية ، ولكن ذلك لا يسقط التهمة عن شارون .

ووصف أ.راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ونائب الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن العام الأخير هو الأسوأ على الفلسطينيين منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أن إسرائيل تمارس عمليات قتل منهجي ضد المدنيين الفلسطينيين سواء بالسلاح أو بالتجويع، لافتاً الضوء إلى أن إسرائيل في الفترة الأخيرة عمدت على منع السلع الغذائية، فلم تسمح سوى بدخول 17 صنف فقط من المواد الغذائية لقطاع غزة ، بل ومنعت عنهم الوقود و الكهرباء والأدوية، وبلغت نسبة البطالة نحو 68% بعد إغلاق قوات الاحتلال لحوالي ثلاث الآلاف مصنع ، حتى أصبح ما يقرب من 90% من الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر، كما انتشرت الأوبئة والأمراض ، الأمر الذي حول غزة إلى ما يشبه بـ”مزرعة للحيوان”!!.

وأشار الصوارني إلى نجاح إسرائيل في مخطط تهويد القدس الشرقية ، التي وصل عدد المستوطنين فيها إلى أكثر من 200 ألف مستوطن ، كما أن جدار الفصل العنصري سينتهي في نهاية العام الحالي وسط صمت عربي و عالمي .

وطالب الصوارني من منظمات حقوق الإنسان العربية والفلسطينية والدولية أن تلاحق ما يقرب من 37 مجرم حرب إسرائيلي ، حيث يتم رفع قضايا ضدهم في المحاكم الأوروبية و الأمريكية معرباً عن أمله في صدور أحكام بإدانتهم ..

واتفق معه في الرأي د. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، مطالباً المنظمات العربية بعدم فقدان الأمل في استمرار ملاحقة مجرمي الحرب الأسرائليين وتوثيق جرائهم في المحاكم الأمريكية و الدولية ، مشيراً إلى أن التهاون في ذلك سيزيد من تشجيع إسرائيل على التمادي في جرائهما .

و أضاف الأشعل أن إسرائيل تتوحش نتيجة لحالة الضعف والوهن العربي ، فكلمة السلام لم يعد لها معنى في الوقت الذي أصبحت فيه لغة الدبلوماسية العربية هي لغة العاجز و المتوسل،موضحاً أن هناك اتجاه في العالم العربي لتضليل الشعوب العربية مستشهداً بتصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد” أن اليهود حلوا مشاكلهم على حساب العالم العربي” .

أما د. أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فقد أكد على أهمية الاهتمام بالبعد الحقوقي لأوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال، موضحاً أن إسرائيل كيان استيطاني قام على ممارسة التطهير العرقي المنظم ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض وسط صمت عربي و تواطوء دولي ، مؤكداً أن ما يحدث في غزة الآن يدخل ضمن سياسة العقاب الجماعي وجريمة إبادة الجنس البشري المجرمة دولياً .

وأوضح أ. أحمد سيف الإسلام مدير مركز هشام مبارك للقانون أن السيناريو الأسوأ للشعب الفلسطيني يتمثل فيما أصاب الشعب الفلسطيني من انتهاكات جسيمة دون أن تبادر أو تسارع القوى الدولية لكي تهب لنجدتها وتدرأ الخطر الإسرائيلي عنها ، بل ساد صمت من قبل المؤسسات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ، مطالباً بالعمل على الدفاع عن القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي من خلال إنشاء محاكم شعبية في الدول الأوروبية لتكون بديلة للمحاكم الدولية القانونية ، حتى لا نفقد تعاطف شعوب العالم مع قضية الشعب الفلسطيني .