السيد المستشار/ رئيس محكمة القضاء الإداري ونائب رئيس مجلس الدولة

تحية طيبة

مقدمه لسيادتكم/ فاروق عمر إلياس
والمقيم بالأميرية مساكن مشروع ناصر بلوك 48 شقة 10

احمد نبيل الهلالى
احمد سيف الإسلام حمد
ربيع محمد راشد
أحمد محمد شرف الدين
طاهر عطية أبو النصر
محمد عبد العظيم
خـالـــد عـلـى عـمـــر
مها محمود يوسف
محسن محمد عبد السيد
أحمد راغب عبد الستار
عماد مبارك حسن

محامـــــــــــون

وموطنه المختار مركز هشام مبارك للقانون 1ش سوق التوفيقية بالإسعاف – الدور الخامس

ضـد

السيد/ رئيس الجمهورية         بصفته
السيد/ رئيس الوزراء         بصفته
السيدة/ وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية بصفتها وبصفتها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
السيد/ وزير المالية         بصفته وبصفته رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي

أتشرف بعرض الأتي:

الطالب من مواطني جمهورية مصر العربية وظل يعمل في خدمة هذا الوطن منذ ريعان شبابه وحتى خروجه على المعاش وطوال هذه السنين كان الطاعن من ضمن المؤمن عليهم وفقا لقوانين التأمين المصرية ، حيث كان يخصم من راتبه اشتراكه التأميني الشهري، ولم يشارك الطاعن في هذا النظام التأميني ويستقطع من راتبه وقوت أولاده نسبة الاشتراك شهرا بعد شهر وسنه بعد سنه إلا من أجل تأمينه في شيخوخته أو عند عجزه عن العمل بمعاش شهري آمن يضمن له ولأسرته من بعده حياة كريمة تحقق لهم الاستقرار والأمان الاجتماعي والاقتصادي.
ثم جاء يوم 28/12/2003 وطالعتنا جريدة صوت الأمة بحوارها مع المطعون ضده الثاني والذي صرح فيه بحقائق مرعبة ومفزعة حول أموال التأمينات والمعاشات المودعة لدى بنك الاستثمار القومي.
حيث جاء بحواره أن الحكومة اقترضت 175 مليار وتعجز عن السداد. والمطعون ضده الثاني يطرح على التأمينات استبدال هذه الديون بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام التي كانت مطروحة ضمن برنامج الخصخصة، على أن تحتفظ حكومته بحق الإدارة ويكون للتأمينات والمعاشات حق الملكية فقط ،ولأن الطاعن يرفض الاتجار بأمواله لدى التأمينات والمعاشات ولأن المطعون ضدهم جميعا يديروا هذه الأموال على نحو يعرضها للخطر فقد قام الطاعن بإنذار المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع عن طريق التلغراف بأنه يرفض استبدال أموال المعاشات المودعة لدى بنك الاستثمار أو لدى أي جهة أخرى حكومية أو غير حكومية بأي مشاريع تجارية سواء كانت خاسرة أو رابحة وأنه يرفض المساس بهذه الأموال أو الأصول وطالبهم بإصدار قرار بذلك.
ومنذ أن قام الطاعن بإرسال التلغراف إلى المطعون ضدهم في 6/3/2004 و حتى الآن لم يصدر قرار بذلك ،وإنما صدر قرار عكسي صرح به المطعون ضده الثاني وهو أن الحكومة قررت استبدال 70 مليار من ديون التأمينات بشركات، ومن ثم فالطاعن يطعن على القرارين السلبي بالامتناع عن إصدار برفض هذا الاستبدال والايجابي المتضمن استبدال 70 مليار من ديون التأمينات وفقا للأسباب التي ستناولها:-
أولاً: كيف نشأت التأمينات الاجتماعية:
أن وجود الخطر يعد جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، والخطر قد يكون مصدره الطبيعة، وقد يأتي من أنشطة الإنسان اليومية لكسب قوته ومعيشته وتلك المخاطر سواء في الماضي أو الحاضر كانت دائما محل تفكير الإنسان ومصدر لقلقه ولمخاوفه المستمرة.
ولذا حاول دائما أن يدبر الوسائل الملائمة لتأمين نفسه ضد تلك المخاطر سواء بتوقيها أو الحد من آثارها. وقد تلمس الإنسان منذ فجر التاريخ اتجاهين رئيسيين لتوقى الخطر وهما:- التضامن الاجتماعي، وتراكم الثروة- وقد كان التضامن الاجتماعي عاملا مؤثرا في تحقيق الأمان وكان ذلك متوافرا في المجتمعات البدائية الصغيرة كالعشيرة أو القبيلة أو الإقطاعية. أما تراكم الثروة فإنه عامل من عوامل الأمان إلا أنه بطبيعته لا يتحقق إلا لعدد قليل من الأفراد.
ومع تطور البشرية ودخول الإنسان عصر الصناعة ازدادت نزعات الأفراد الفردية نحو تراكم الثروة مما أدى إلى نمو الشعور بالاستقلال الفردي، ومع الوقت تحول الشعور بالأحادية والانفصال إلى شعور بالتبعية لا قبل المجتمع ولكن قبل طبقة معينة فيه، فقد أدت الفردية إلى تقطيع أواصر التضامن الاجتماعي كما أدت حرية المبادرة في ظل الثورة الصناعية الناشئة إلى تركز الثروة في أيد قليلة وتحولت مجموعات متلاحقة من الأفراد إلى العمل التبعى ومن ثم انقسم المجتمع إلى أقلية تملك وسائل إنتاج وتستحوذ على إنتاج المجتمع كله دون جهد يذكر، وأغلبية لا تملك وسائل الإنتاج فتعطى ثمرة عملها لصالح هذه الأقلية.
وقد ترتب على التحول إلى الصناعة تزايد وتنوع المخاطر التي يتعرض لها الإنسان وعلى هذا النحو اختفت الدعامة الأساسية لأمن الإنسان وهى التضامن الاجتماعي، كما انحصر في الدعامة الأخرى – وهى القدرة على تراكم الثروة – في الطبقة الرأسمالية، وظهرت مشكلة الأمن الاقتصادي كمشكلة جديدة ملحة على الصعيد الفلسفي والاقتصادي، كما صارت لأول مرة مشكلة قانونية متميزة تحظى بعناية المشرع في الدول المختلفة وتجد حلها في نظام مستحدث هو نظام التأمينات الاجتماعية الذي ظهرت أول إرهاصاته في نهاية القرن التاسع عشر ،واستوى نظاما له أهدافه وأدواته المتميزة خلال القرن العشرين وقد كانت ألمانيا هي الأرض الخصبة لميلاد أو نظام في العالم للتأمينات الاجتماعية بسبب توافر الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والأيديولوجية والتاريخية التي ساعدت على ذلك فقد ظهرت طبقة عمالية كبيرة على أثر الطفرة الصناعية التي شهدتها ألمانيا في منتصف القرن التاسع عشر.
وقد لعبت تلك الطبقة العمالية دوراً سياسيا كبيرا في ذلك الوقت. حيث تمكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من دخول البرلمان في سنة 1877 باثني عشر عضوا وذلك بفضل مساندة نقابات العمال التي قوى نفوذها في تلك الآونة عقب الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي شهدتها ألمانيا وأدت إلى إغلاق الكثير من المصانع وبطالة العمال.
وكان من نتيجة ذلك أن خشي بسمارك على حكمه وخاصة بعد انتشار الحركات الفكرية الاشتراكية في ألمانيا في ذلك العصر.
لذا حاول تجريد المعارضة من التفاف الحركة العمالية حولها وذلك بالعمل على كسب تلك الطبقة عن طريق منحها بعض المزايا الاجتماعية من أجل تخفيف المخاطر التي يتعرض لها العمال.
وفى 17/11/1881 أعلن بسمارك في خطابه ( أن وظيفة الدولة ليست فقط الدفاع عن الحقوق القائمة، ولكن وظيفتها كذلك العمل ايجابيا بواسطة نظم ملائمة، وباستعمال الوسائل الجماعية التى تحوزها على تحقيق المستوى المعيشي اللائق لكل مواطنيها وخاصة الضعفاء والمحتاجين)
وعلى أثر ذلك صدرت ثلاثة تشريعات أساسية للتأمينات الاجتماعية فى ألمانيا، الأول عام 1883 خاص بالتأمين ضد المرض، والثانى فى عام 1884 خاص بالتأمين ضد حوادث العمل، والثالث فى 1889 خاص بالتأمين ضد العجز والشيخوخة.
وقد جمعت هذه التشريعات فى تقنين واحد عام 1911، وقد أضيف إليه بعد ذلك التأمين ضد الوفاة، ثم التأمين ضد البطالة فى عام 1929 أما عن نشأة النظام التأميني في مصر:
فقد قامت فى مصر حركة مبكرة للتصنيع منذ بداية القرن التاسع عشر، فى عهد محمد على، غير أن هذه الحركة لم تلبث أن أخمدت فى عهدها تحت وطأة المد الاستعمارى فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، وعلى هذا النحو ظلت مصر بعيدة عن الصناعة الحديثة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية حتى بداية القرن العشرين.
وظلت السيادة للصناعة اليدوية، وظلت علاقات العمل تبعا لذلك خاضعة لنظام الطوائف الذى كان يسود الدولة العثمانية.
وقد كانت الطوائف تعنى بحماية أعضائها ضد ما يتعرضون له من مخاطر عن طريق صناديق المساعدة التى يديرها رؤساؤها.
وعلى هذا النحو أيضا ظلت مصر بعيدة عن تيار الصناعة الحديثة الذى قضى تدريجيا على الإنتاج الحرفى وعلاقاته الطائفية لتحل محلها علاقات عمل جديدة تفصل بين العامل المنتج وبين ملكية أدوات الإنتاج، وتفارق في المصالح بين صاحب العمل وبين العمال، وتؤكد وحدة المصالح بين العمال مجتمعين فى المنشأة أو الصناعة بأكملها.
وهكذا فقد ظلت مصر حتى ذلك الوقت بعيدة عن حركة تنظيم الأمن الاقتصادى التى شهدته أوربا فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
على أن الصناعة الآلية لم تلبث أن أخذت فى الانتشار والنمو منذ بداية القرن العشرين على الأخص ابتداء من الحرب العالمية الأولى، مع ما يصاحب ذلك من تركزها فى المدن واتساع حجم المنشآت القائمة عليها وازدياد عدد العمال المشتغلين فيها
وهكذا بدأ الانفصال بين العامل وبين ملكية وسائل الإنتاج ،وبين مصالح طبقة العمال وطبقة أصحاب الأعمال ،وكانت الحركة العمالية في مصر أن ذاك لم تكن قد وصلت من القوة الذاتية حدا يمكن معه أن تكون ذات أثر مباشر في خلق وتطوير الأنظمة القانونية الكفيلة بحماية مصالحها، ذلك أن معظمهم كانوا ينحدرون من أصل ريفي غير مهيئ للإحساس بوضع الطبقة العاملة في المجتمع، ولم تحصل أغلبيتهم على قدر من الثقافة يؤهلها للقيام بدورها في هذا الشأن.
غير أن بذور الحركة العمالية قد صاحبت قيام الحركة الوطنية، مما أدى إلى الارتباط الوثيق بين الحركتين، ارتباطا كان من شأنه تدعيم الحركة العمالية الناشئة وإعطاء مطالبها في القضاء على الاستغلال وتحقيق التكافل الاجتماعي صفة المطالب القومية، اعتقادا بأن الاستقلال جسر إلى حياة جديدة قوامها العدالة وتكافؤ الفرص والرخاء.
وهكذا ارتبطت الحركة العمالية بالمد الديمقراطي.
وتحت هذا المد العمالي والنقابي والديمقراطي صدر القانون 64 لسنه 1936 الخاص بتقرير المسئولية المهنية لأصحاب الأعمال عن حوادث العمل،بعد أن كان الأمر يقتصر على المعاشات المدنية والتي كانت مقررة بموجب الأوامر التي صدرت في 26 ديسمبر 1854 ،ثم فى11يناير سنة1871 ،ثم في 21 يونية سنة 1887 ،ثم القانون 5 لسنة 1909وجميعها كانت تتعلق بالمعاشات المدنية فقط إلى ان جاء عام 1936 وصدر القانون 64 كما أوضحنا ،وثم القانون 86 لسنه 1942 الخاص بالتأمين الإجبارى، ثم القانون 116 لسنه 1950 الخاص بالضمان الاجتماعي لمساعدة الفقراء، والقانون رقم 117 لسنه 1950 الخاص بالمسئولية عن أمراض المهنة والتأمين عليها.
وبعد ثورة 23 يوليو صدر أول قانون للتأمين الاجتماعي بالمعنى الصحيح وهو القانون 419 لسنه 1955 الخاص بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للإدخار للعمال، ثم تلاه القانون 202 لسنه 1958 بشأن التأمين والتعويض عن إصابات العمل، ثم القانون رقم 92 لسنه 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية الذي حل محل القانونين المذكورين، ثم القانون 63 لسنه 1964 ثم القانون 79 لسنه 1975، ثم القانون 112 لسنه 1975 في شأن التأمين على الفئات غير المشمولة بقوانين المعاشات ثم عدل هذا القانون بالقانون 112 لسنه 1980، كما صدر القانون 74 لسنه 1973 والذي حل محله القانون 50 لسنه 1978 بشأن التأمين على المصريين العاملين بالخارج، وصدر كذلك القانون 108 لسنه 1976 للتأمين على أصحاب الأعمال.
كما صدر أيضا القانون 90 لسنه 1975 بشأن التأمين والمعاشات للقوات المسلحة وعلى ذلك أصبحت المظلة التأمينية أكثر اتساعا حيث تشمل بذلك العمال وأصحاب الأعمال وموظفي الحكومة ،وكذلك العاملين المصريين بالخارج، والعمالة غير المنتظمة، ثم التأمين على أفراد القوات المسلحة وهو ما يفيد أن الغالبية من أبناء شعبنا لها مصلحة مباشرة في ازدهار وتقدم نظامنا التأميني بما يحققه هذا النظام من أهمية قصوى لكل الفئات السابق ذكرها ومنهم الطاعن.
ثانيا:أهداف التأمين الاجتماعي :
تعتبر التأمينات الاجتماعية دعامة رئيسية من دعائم أي مجتمع لما لها من أهمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي معا ويهدف النظام التأميني إلى التأمين على المؤمن عليه حال حياته أو تأمين أسرة المؤمن عليه بعد وفاته أو إعادة توزيع الدخول أو التخفيف عن أصحاب الأعمال في المسئوليات المالية المفاجئة أو زيادة الإنتاج.
أ‌- التأمين على المؤمن عليه حال حياته:
1- تأمين المؤمن عليه أثناء فترة عمله:
ويشتمل على عدة أنواع من التأمين

    • – تأمين إصابات العمل

    • – تأمين المرض

    – تأمين البطالة

   2- تأمين المؤمن عليه بعد انتهاء الفترة المنتجة من حياته:
ويشتمل أيضا نوعين من التأمين:

    • – تأمين العجز الطبيعي (سواء كان عجز كامل أو عجز جزئي مع عدم وجود عمل مناسب)

    – تأمين الشيخوخة

ب‌- تأمين أسرة المؤمن عليه بعد وفاته:
بالإضافة لأحقية الأسرة في معاش المؤمن عليه السابق ربطه له حال حياته سواء كان ذلك بسبب إصابة عمل أو عجز طبيعي أو شيخوخة ،وهناك نوع أخر من التأمين الاجتماعي وهو التأمين ضد خطر الوفاة.
د- إعادة توزيع الدخول:
حيث يعمل النظام التأميني إلى:
1- تحويل الأموال من المجموعات النشطة اقتصاديا إلى المجموعات غير المنتجة من السكان.
2- تحويل الدخول بين مجموعات المؤمن عليهم من ذوى الدخول الكبيرة إلى ذوى الدخول الصغيرة، وتختلف مدى فاعلية نظام التأمينات الاجتماعية تبعا للعلاقة بين الاشتراكات التي يؤد بها المؤمن عليهم سواء كانوا عمال أو أصحاب أعمال وبين المزايا الممنوحة لهم، وتحديد حد أدنى وحد أقصى بقيمة المزايا الممنوحة في النظم التأمينية يساعد على أعادة توزيع الدخول لصالح الفئات المستهدفة طبقا لأهداف كل نظام.

    • – التخفيف عن كاهل أصحاب الأعمال فىالمسئوليات المالية المفاجئة:

    • ويتمثل ذلك في

    • : – مكافأة نهاية الخدمة التي كان يلتزم بسدادها صاحب العمل في نهاية خدمة العامل، حيث يمثل جزء من اشتراكات التأمينات الاجتماعية التي يتحملها صاحب العمل (حصة صاحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة) أقساط شهرية يدفعها مقابل التزام هيئة التأمين الاجتماعي بمسئولياتها تجاه العامل عند انتهاء خدمته في صرف المعاش.

    – جزء من الاشتراكات التي يتحملها صاحب العمل، يمثل ترحيل صاحب العمل لمسئوليته عن إصابات العمل وأمراض المهنة .. الخ إلى الهيئة.

هـ- زيادة الإنتاج
لا شك أن النتيجة المنطقية للاستقرار النفسي للعمال (أكثر الفئات المؤمن عليها) واطمئنانهم على يومهم وغدهم بالنسبة لهم ولأسرهم من بعدهم، بالإضافة إلى حمايتهم من أمراض المهنة والارتقاء بالمستوى الصحي لهم عن طريق الكشف الدوري عليهم ومواجهة أمراض المهنة في مهدها، وكذلك الانتفاع بتأمين العامل ضد المرض أو العجز كل ذلك حتما يؤدى الى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والنفسي مما ينعكس على إنتاج العامل.
ثالثا:التأمين الاجتماعي بين الطابع العالمي والإطار الدستوري: إن ظهور تشريعات التأمين الاجتماعي كما أوضحنا سابقا ارتبط بنشاط الحركات العمالية في المجتمعات الصناعية ثم أخذ يمتد ليشمل كافة الأمم المتقدمة حيث التماثل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن النظرة إلى التأمين الاجتماعي قد اتسعت لتعتبره مطلبا إنسانيا يجب تحقيقه للناس كافة. فقد أصبح حقا من حقوق الإنسان التي يجب الاعتراف بها وحمايتها.
وهذا ما دفع معظم دساتير وقوانين دول العالم إلى كفالة هذا الحق.
وقد لعبت الإعلانات والمواثيق الدولية دورا هاما في تأكيد هذا الحق وإعطاءه الصبغة الدولية ومن أهم هذه الإعلانات ميثاق الأطلنطي وميثاق منظمة العمل الدولية وكذلك ميثاق الأمم المتحدة، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المواد 22، 23، 24، 25، 34 ثم العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثم الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي ورد بها العديد من النصوص التي تكفل وتضمن هذا الحق .
ولعل أهم هذه الاتفاقيات كانت الاتفاقية رقم 102 والتي وضعت حد أدنى لمبادئ الضمان الاجتماعي. حيث تلتزم الدول الموقعة على الاتفاقية أن تتبعها في سياستها الداخلية.
ولهذا حددت الاتفاقية تسعة مخاطر تلزم كل دولة بتأمين مواطنيها ضدها وهى علاج المرض، نقص الدخل بسبب المرض، البطالة، الشيخوخة، حوادث العمل، وأمراض المهنة والأمومة، والعجز، والوفاة، والأعباء العائلية.
أما الدستور المصري فقد نص في المادة 4 على (الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل ،بما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول.
ويحمى الكسب المشروع ،ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة)
في المادة 7 على (يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي)
ونص في المادة16 على (تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام رفعا لمستواها)
ونص في المادة 17 على(تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا وذلك وفقا للقانون”
ونص في المادة 23 على (ينظم الاقتصاد القومي وفقا لخطة تنمية تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة،والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل ،وربط الأجر بالإنتاج وضمان حد أدنى للأجور ،ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفروق بين الدخول)
ونصت المادة 34 من الدستور على (الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، بحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون وحق الإرث فيها مكفول)
ونص في المادة 122 على(يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تتقرر على خزانة الدولة وينظم القانون حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها.)
وقد ذهبت المحكمة الدستورية إلى “وحيث إن الدستور حرص في المادة 17 منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، وذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل بمداها واقعا أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقا لنص المادة السابعة من الدستور، ولازم ذلك أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم” “الحكم 1 لسنه 18 قضائية – الجريدة الرسمية – العدد 38 في 21/9/2000”
رابعا:الإطار القانوني لنظام التأمين الأجتماعى :
يقسم النظام التأميني المصري إلى خمسة أنظمة، حيث ينظم القانون 79 لسنه 1975 التأمينات المتعلقة بالعاملين لدى الغير سواء كان هذا الغير (الحكومة أو القطاع العام أو الخاص)

    • – ثم القانون 108 لسنه 1986 والذي ينظم تأمينات العاملين لحساب أنفسهم من أصحاب الأعمال ومن في حكمهم كالطبيب والمحاسب وكذلك الأدباء والفنانون.

    • – ثم القانون 50 لسنه 1978 والذي ينظم تأمينات العاملين المصريين بالخارج، وكذلك المصريين الذين يعملون في منظمات إقليمية دولية داخل مصر، والمهاجرون الذين يحتفظون بالجنسية المصرية، وكذلك البحارة الذين يعملون على سفن أجنبية ترفع علم دولة أجنبية سواء داخل مصر أو خارجها.

    • – ثم القانون 112 لسنه 1980 والذي ينظم تأمينات العمالة غير المنتظمة مثل عمال الزراعة المؤقتون، وعمال التراحيل ومحفظي القرآن الكريم من الدرجة الثانية … الخ.

    • – ثم القانون 90 لسنه 1975 الذي ينظم تأمينات أفراد القوات المسلحة أو العاملون المدنيون بالقوات المسلحة.

    • – وذلك بالإضافة إلى المعاش الاستثنائي الذي ينظمه القانون 71 لسنه 1964 والذي يعطى معاش استثنائي لشخص لم يسبق له الحصول على معاش أو بهدف تحسين معاش شخص ما مثل أسر من توفوا في حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة، أو الذين أدو خدمات جليلة للبلاد أو أسر من توفوا منهم.

    – ثم معاش السادات الذي يعطى للحالات التي لم تدخل تحت مظلة التأمين الاجتماعي أو لم تستفيد منه في القوانين المختلفة ومن هؤلاء من بلغ سن 65 سنه قبل 1/7/1980 أو من بلغ عجزه الكامل قبل 1/7/1980 أو من توفى قبل 1/7/1980

وقد تم تحديد تاريخ 1/7/1980 باعتبار أن هذا التاريخ هو الذي صدر فيه القانون الخاص بالعمالة غير المنتظمة باعتباره القانون الأخير الذي أكمل المظلة التأمينية.
ويتولى تطبيق وتنفيذ هذه المظلة جهتين:
الأولى: تتعلق بالقوات المسلحة وهى إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
الثانية: تتعلق بالقطاع المدني وهى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والتي تباشر عملها من خلال صندوقين :
الأول: خاص بالعاملين بالحكومة، أما الثاني: فيتعلق بالعاملين بقطاع الأعمال العام والخاص وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص، ونظام تأمين العمالة غير المنتظمة، والعاملين المصريين بالخارج .
وهناك صندوق ثالث يتعلق بعلاج أمراض وإصابات المهنة والعمل ويديره مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي والتي تتبع وزير الصحة عكس الصندوقين السابقين فيتبعان الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والتي تتبع وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية
خامسا:ضمانات حماية النظام التأميني:
إزاء الحيوية التي تتسم بها أهداف التأمين الاجتماعي والطابع الاجتماعي الذي يصبغ الأجهزة القائمة عليه أراد المشرع اتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية لقيام ذلك المرفق بالمهام المسندة إليه.
ومما لا شك فيه أن التوازن والاستقرار المالي يعدان أهم خطوة لضمان نجاح العملية التأمينية.
لذلك فقد وضع المشرع محورين لحماية هذا النظام وهما
1- تعلق النظام التأمين بالنظام العام
2- التزامات الخزانة العامة قبل النظام التأمين وذلك على التفصيل التالي:
أولاً:التأمين الاجتماعي والنظام العام :
من الطبيعي إزاء حيوية قواعد التأمين الاجتماعي وتعلقها بالنفع العام وبالمصالح الهامة في المجتمع،أن تنتمي تلك التشريعات إلى النظام العام.
حيث ترتبط بحماية الطبقات الضعيفة في المجتمع وتهدف إلى تحقيق عدالة التوزيع فيه، ومن ثم فإن الأهداف التي يصبوا إليها تعد من صميم الخطة السياسية العامة للدولة، لذلك اكتسبت تلك التشريعات الصفة الآمرة مما لا يجوز معه الاتفاق على ما يخالفها، ومن ثم فإن كل شرط مخالف لتلك التشريعات يعد من حيث الأصل باطلا، فإذا ورد شرط على سبيل المثال في عقد العمل يخالف قواعد التأمين الاجتماعي فإنه يعتبر باطلا.
ولكن هذا الشرط يمكن أن يعتبر صحيحا إذا كان في مصلحة المؤمن عليه، أي أن المخالفة في قواعد التأمين الاجتماعي لا تجوز إلا إذا حققت مصلحة المؤمن عليه.

    • – ومن جهة أخرى فإنه حفاظا على حقوق المستفيدين فقد حرص المشرع النص على أنه لا يجوز النزول مسبقا عن هذه الحقوق فالمستفيد أو غيره لا يستطيع أن ينزل عن حق أو ميزة تقررها هذه التشريعات، وإلا اعتبر ذلك نوعا من التنازل عن الحماية المقررة ، وهذا ما نص عليه صراحة في المادة 144 من القانون 79 لسنه 1975 “لا يجوز الحجز أو النزول عن مستحقات المؤمن عليه أو صاحب المعاش أو المستفيد لدى الهيئة المختصة …..”

    • لاحظ صياغة المادة لم تذكر أنه لا يجوز للمؤمن عليه أو صاحب المعاش أو المستفيد النزول عن مستحقاته لدى الهيئة،وإنما جاءت الصياغة عامة ومجردة “لا يجوز الحجز أو النزول عن مستحقات المؤمن عليه…..” ليصبح خطاب النص موجه للكافة ومنهم بالقطع الهيئة المختصة والحكومة وغيرهما.

    • – كما جعل المشرع للهيئة المختصة بمقتضى أحكام القانون 79 لسنه 1975 إذا كان لها أموال مستحقة أن يكون للهيئة امتياز على جميع أموال المدين من منقول وعقار كما جعل للهيئة الحق في تحصيل هذه الأموال بطريق الحجز الإداري.

    • – وقد ألزم المشرع الهيئة المختصة بالتأمينات بالوفاء بالتزاماتها المقررة كاملة بالنسبة للمؤمن عليهم والمستحقين حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنه في الهيئة المختصة ثم يكون للهيئة بعد ذلك الرجوع على صاحب العمل ( م 150).

    • -كما نص على أن حق العامل في المعاش قبل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية منشئة القانون ذلك لأن القانون وحده هو الذي ينظم المستحقين في المعاش وشروط استحقاقهم.

    • والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى مجبرة بالوفاء بالتزاماتها المقررة في القانون بالنسبة لمن تسرى عليهم أحكامه حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنهم لدى الهيئة (132 من القانون) -كما أن التأمين في الهيئة وفقا للقانون إلزاميا بالنسبة لجميع أصحاب الأعمال والعاملين لديهم (م 4 من القانون).

    – و تنص المواد 134، 135، 136، 137 على عدد من الإعفاءات على أموال التأمينات والمعاشات وأهمها إعفائها من جميع الضرائب والعوائد والرسوم بأنواعها، وتعفى قيمة الاشتراكات المستحقة والاستمارات والمستندات والبطاقات والعقود والمخالصات والشهادات والمطبوعات وجميع المحررات التي يتطلبها تنفيذ هذا القانون من رسوم الدمغة، كما تعفى الدعاوى القضائية التي ترفع من الهيئة أو المؤمن عليهم أو المستحقين من الرسوم القضائية على الدعاوى، وكذلك رسوم الصور والشهادات وغيرها من رسوم الأوراق القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وأجر نشر الإعلانات القضائية المصاريف الأخرى.

وبالبناء على ذلك فإن أحكام القانون المذكور وإنما تتعلق بالنظام العام بما لا يسوغ معه امكان تحلل أي من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أو أصحاب الأعمال أو العمال الخاضعين لأحكام القانون من الالتزامات التي فرضها القانون عليهم (الطعن رقم 1035 لسنه 47ق – جلسة 3/2/1980 من 31 ص 380) مجموعة القواعد القانونية لمحكمة النقض في مسائل العمل والتأمينات الاجتماعية في 61 عام من 31 على 1992 الجزء الثاني المستشار صلاح محمد أحمد ص 102.

ثانياً: التزامات الخزانة العامة :
حرصا من المشرع على ضمان استقرار وتوازن العملية التأمينية حتى تواكب الهدف الاجتماعي الذي شرعت من أجلة ذهب إلى تحميل الخزانة العامة عددا من الالتزامات انطلاقا من مسئولية الدولة الاجتماعية تجاه مواطنيها، وبغية تحقيق ما نصت عليه المادة 17 من الدستور حيث ذهب المشرع في المادة 8 من القانون 79 لسنه 1975 إلى التزام الخزانة العامة في حالة وجود عجز في أموال الصندوق- ولم تكف الاحتياطيات والمخصصات المختلفة لتسويته -بأداء هذا العجز .
ولم يكتفي المشرع بإلزام الخزانة العامة بأداء ما عجزت أموال الصندوق عن أدائه وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك حيث جعل الخزانة العامة ضامنة لاستثمارات أموال الصندوقين بالا تقل حصيلتها عن 4.5% ،ومتى قلت حصيلة الاستثمار عن ذلك التزمت الخزانة العامة بأداء الفروق في عائد الاستثمار وذلك خلال شهر من تاريخ اعتماد الميزانية العامة للدولة عن السنة المالية التالية لاعتماد الحسابات الختامية للهيئة المختصة (م 147).

    • – كما ألزم المشرع الخزانة العامة بأداء الزيادات والمستحقات التي تصرفها الهيئة خارج أحكام قانون التأمين الاجتماعي على اعتبار أنها زيادات تقررها الحكومة خارج نطاق أحكام القانون وبالتالي فالخزانة العامة تلتزم بها حيث نصت المادة 148 على “الحقوق التي تقرر طبقا لأحكام هذا القانون هي وحدها التي يلتزم بها الصندوقان، فإذا استحق المؤمن عليه أو صاحب المعاش أو المستحقين عن ايهما زيادة عليها طبقا لأحكام هذا القانون أو قرارات خاصة فتقوم الهيئة المختصة بصرفه على أن تلتزم الخزانة العامة بتلك الزيادة وتؤدى وفقا للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير المالية”

    • – والنص يوضح أن الهيئة تقوم بسداد الزيادة على أن تستردها من الخزانة العامة إلا أن الواقع يشهد أن الخزانة لم تتحمل بهذه الزيادات وهناك العديد من الإشكاليات بهذا الشأن ليست مجال بحثنا الآن.

    • – وتلتزم الخزانة العامة بالقيمة الرأسمالية لحقوق المؤمن عليهم الذين كانوا معاملين بقوانين التأمين والمعاشات التي كان معمول بها قبل القانون 79 لسنه 1975 عدا العاملين بالقانون 50 لسنه 1963 بشأن موظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين، وكذلك المؤمن عليهم الأجانب الذين كانوا يعملون بإحدى جهات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة وذلك إلى مدة خدمتهم السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون وقد ابتغى المشرع من هذا النص حماية المؤمن عليهم طبقا لأحكام قوانين سابقة حيث كانت الخزانة العامة تحصل احتياطي معاشات هذه الفئات وتلتزم بحقوقهم.

    – وكلى الأمرين سواء تعلق النظام التأميني بالنظام العام أو إلتزامات الخزانة يمثلان محورين لضمان وحماية النظام التأميني لما له من أهمية وارتباطه بمصائر ومستقبل أبناء الوطن

سادسا:القرارين المطعون عليها ومخالفة الدستور والقانون :
الأصل أن أموال كل صندوق وسواء صندوق العاملين بالحكومة أو صندوق العاملين بالقطاع الخاص) تخضع لإدارة وإشراف مجلس إدارة كل صندوق، إلا أن ما حدث أن قانون بنك الاستثمار رقم 119 لسنه 1980 فرض في مادتيه 5، 6 وضع فوائض أموال هيئتي التأمين والمعاشات والتأمينات لدى بنك الاستثمار ،ثم يتولى البنك إدارة شئونه ومنها أموال التأمينات، وقد قامت الحكومة باقتراض مبلغ 175 مليار جنيه هي حصيلة كل أموال التأمينات لدى البنك (راجع حافظة المستندات عرض جريدة الأهرام بتاريخ 14/3/2004 لبيان الحكومة الذي ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب في 13/3/2004)
واستخدمت الحكومة هذه الأموال لتمويل مشروعاتها وشركاتها سواء القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، ومع عجز الحكومة عن السداد ارتفع الدين الداخلي إلى 252 مليار (راجع نفس المستند) مما دفع الحكومة إلى تخفيض هذا الدين حيث طرحت سابقا استبدال كل ديون التأمينات بشركات، ثم عادت الحكومة في 15/3/2004 قررت استبدال المديونية المستحقة للتأمينات بممتلكات قيمتها 70 مليار كمرحلة أولى (راجع مستند 2) وهذا المسلك في حقيقته يمثل عددا من المخالفات التي تعصف بالنظام التأميني على النحو التالي: –
1- المشرع لم يهدف من تنمية أموال التأمينات المضاربة بها أو تعريضها للخطر وإنما نص على ضمانات لحماية هذه الأموال حيث أنشأ هيئتين لهذا الغرض وتم دمجهما في هيئة واحدة هي الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وذلك بموجب القانون 207 لسنه 1994، وقد نص المشرع على أن يكون للهيئة مجلس إدارة برئاسة وزير التأمينات على أن يصدر بتشكيله وطريقة اختيار أعضائه وتحديد مكافأتهم قرار من المطعون ضده الأول .
ونص القانون كذلك على أن يكون للهيئة الشخصية الاعتبارية المستقلة وأن يكون لها موازنتها الخاصة وتلحق بالموازنة العامة للدولة، ولمجلس إدارة الهيئة السلطة العليا المهيمنة على شئونها تصريف أمورها، ويمثل رئيس مجلس إدارة الهيئة أمام القضاء وفى صلاتها بالغير (راجع المواد من 9 حتى 16 من القانون 75 لسنه 1979) .
ويتضح من كل النصوص السابق ذكرها أن المشرع حرص على تدعيم سلطات واختصاصات مجلس إدارة الهيئة حتى يتمكن من إدارة شئون الهيئة بالفاعلية المرجوة، إذ يمتد اختصاصه أيضا إلى دراسة وإعداد التشريعات الاجتماعية، وله الاستعانة باللجان الاستشارية المختصة وإن كان يخضع لرقابة وزارة الشئون في بعض المسائل.
وكل هذه الضمانات كانت تهدف إلى إعطاء الهيئة السلطات والصلاحيات التي تدير بها أموالها وتحقق بموجبها الأمان اللازم لهذه الإدارة إلا أن قانون بنك الاستثمار رقم 119 لسنه 1980 بما أوجبه من إيداع أموال التأمينات في البنك (م 5، 6) ثم المادة 13 التي جعلت من مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئون البنك وتصريف أموره الأمر الذي جعل إدارة كل أموال التأمينات تحت إدارة وتصرف البنك، وبالرغم مما يشوب المادتين (5، 6) من القانون من عدم الدستورية لاشتراطهما إيداع الأموال لدى البنك خاصة أن التأمينات لا تمثل إلا بعضو واحد في مجلس الإدارة من ناحية، ومن أخرى لم ينص القانون على أن تودع أموال التأمينات في حساب خاص باسمها، وإنما في الوعاء العام للبنك ،والمتصرف الوحيد في كل هذه الأموال هو مجلس إدارة البنك (م6).
وجعل بنك الاستثمار هو المتحكم في هذه الأموال يمثل إخلالا وإهدارا لنصوص قانون التأمينات الذي نص على عدم جواز النزول عن مستحقات المؤمن عليهم ( المادة 144/1 من القانون 75 لسنه 1975).
كما يمثل هذا المسلك انحرافا تشريعيا في أوضح صورة لأنه بذلك سحب إدارة أموال التأمينات من الهيئة المختصة وأحاله للبنك الذي يخضع لإدارة الحكومة حيث كان يرأسه وزير التخطيط ثم نقلت تبعيته لوزير المالية بموجب القرار 418 لسنه 2001 وهو ما يسهل للحكومة السحب من هذه الأموال دون اشتراط موافقة مجلس إدارة الهيئة لأن إدارة أموال البنك خاضعة لمجلس إدارة البنك وحده ،وهو ما يمثل عصفا بالضمانات المنصوص عليها في القانون 75 لسنه 1979 بشأن مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وصلاحياتها واختصاصاتها وشخصيتها المستقلة وكان من نتيجة ذلك القرارين المطعون عليهما بأن اقترضت الحكومة كل أموال التأمينات المودعة لدى البنك، وحاولت بالقرارين المطعون عليهما استبدال هذه الأموال بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام المعروضة للبيع وهو ما يمثل مخالفة صريحة للقانون 75 لسنه 1975 الذي يعد من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكامه أو تفريغ مضمونه.

2- إن قانون التأمين الاجتماعي يسمح باستثمار أموال التأمينات ولكن من خلال عدد من الضمانات من أهمها تقييم المركز المالي للصندوقين كل خمس سنوات طبقاً لما جاء بالمادة 8 من القانون 75 لسنة 1979 والذي نص على ” يفحص المركز المالي لكل من الصندوقين مرة على الأقل كل خمس سنوات تبدأ من تاريخ آخر فحص تم قبل العمل بهذا القانون وذلك بمعرفة خبيرا اكتوارى أو أكثر.
ويجب أن يتناول الفحص قيمة الالتزامات القائمة، فإذا تبين وجود عجز في أموال الصندوق ولم تكف الاحتياطيات والمخصصات المختلفة لتمويله التزمت الخزانة العامة بأدائه، وعلى الخبير أن يوضح في هذه الحالة أسباب العجز والوسائل الكفيلة بتلافيه.
أما إذا تبين من التقدير وجود مال زائد فيرحل هذا المال إلى حساب خاص ولا يجوز التصرف فيه إلا بموافقة مجلس الإدارة في الأغراض الآتية:

    • 1- تسوية كل أو بعض العجز الذي سددته الخزانة العامة طبقاً للفقرة السابقة.

    • 2- تكوين احتياطي عام واحتياطيات خاصة للأغراض المختلفة.

    3- زيادة المعاشات على ضوء الأسعار القياسية وذلك بنسبة يحددها إقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التأمينات”

وهذا النص يفيد أمرين :
أ- في حالة تحقيق فائض لا يجوز التصرف- ولا حتى بالاستثمار- في هذا الفائض-سواء كان ذلك من قبل مجلس إدارة الهيئة أو غيرها – إلا وفقا للثلاث حالات الموضحة بالمادة حيث أن صياغة المادة جاءت واضحة وصريحة وقاطعة
ب- أن تكون استثمارات أموال التأمينات وفق خطط خماسية تتوافق مع تواريخ فحص المركز المالي للصندوقين وفقاً لما تقضي به المادة، وهو ما لم يتحقق حيث أنه لا يعقل أن تكون الحكومة قد اقترضت كل هذا المبلغ – 175 مليار – خلال الخمس سنوات الأخيرة فقط، بل إن تصريح رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب في البيان الحكومي يؤكد ذلك، والأكثر فداحة أنه لا توجد أي خطط أو برامج من قبل بنك الاستثمار أو غيره لاسترداد حقوقه -ممثلة في الأوعية الادخارية المختلفة وعلى رأسها أموال التأمينات والمعاشات- من الجهات التي حصلت على تلك الأموال في صورة قروض في مدة لا تزيد عن خمس سنوات (راجع حافظة المستندات تصريح رئيس الوزراء لجريدة صوت الأمة (28/12/2003).

3- إصدار قرارات حكومية باستبدال الديون بشركات يعد عدوانا على الخصائص التي قام عليها النظام التأميني، لأنه في حقيقته لا يضمن ديون وأموال التأمينات لدى الحكومة وإنما يحقق مجرد استبدال دفتري لديون التأمينات لا يغني ولا يثمن من جوع، وفي ذات الوقت يساعد الحكومة في التخلص من ديونها وكذلك خدمة الدين ويساعدها في تمويل برنامج الخصخصة المتوقف عن طريق بيع الشركات التي لا تجد من يشتريها، ويتحول النظام التأميني بذلك من نظام للتأمين الاجتماعي إلى نوعاً من التأمين الخاص لأنه بذلك يعدل من حقيقة الوظيفة التأمينية من تأمين المخاطر وتحقيق الخدمة الاجتماعية والاقتصادية على النحو السالف بيانه في بداية صحيفة الطعن، إلى إدراج أموال التأمينات ضمن ميزانية الحكومة واستخدامها لتنفيذ مشروعاتها المتعسرة أو للخروج من أزماتها المتفاقمة .
فقد بلغت جملة أموال التأمينات لدى بنك الاستثمار ما يقرب من 80% من جملة أموال البنك، كما أسهم البنك في الإنفاق الاستثماري بنحو 73% من جملة الإنفاق الاستثماري عام 1999/2001، وزادت إلى 80% عام 2002/2003 (راجع حافظة المستندات مقالة مستشار وزير المالية بالأهرام)
كما يعدل هذا المسلك من طبيعة دور المطعون ضدهم في شأن أموال التأمينات فبدلاً من قيامهم بدعم وحماية هذه الأموال وتحقيق الاستقرار والتوازن المطلوبين لاستقرار الحقوق واستمرار النظام التأميني، يتم المضاربة بكل هذه الأموال لشراء شركات. وبصرف النظر عن غياب قواعد التقييم المطلوبة من حيث اختيار الشركات أو تقييم أصولها أو مدى توافر حقوق الإدارة وحقوق الملكية، فإن مجرد إصدار القرار بشراء شركات بكامل المبلغ 175 أو حتى 70 أو 60 أو 50 مليار كمرحلة أولى إنما في حقيقته يمثل تهديداً وخطورة على مستقبل النظام التأميني لأنه سوف يؤدي إلى ارتباط التأمين الاجتماعي بسياسات الحكومة الاقتصادية وكذلك اقتصاديات السوق، الأمر الذي سيضفي على نظام التأمينات الاجتماعية طابع المرحلية وعدم الاستقرار، فالسياسة الاقتصادية إن كانت تتخذ لها هدفاً بعيداً متصاعداً هو التنمية، إلا أن وسائل الوصول إليه تحكمه دائماً ظروف كل مرحلة ومعطياتها الاقتصادية والسكانية على المستويين الإقليمي والدولي وهو ما يعصف بخصائص وقواعد التأمين الاجتماعي التي تتمحور حول الاستقرار والثبات.

4- القرارين عدوان على الملكية الخاصة لأن أموال التأمينات والمعاشات هي أموال خاصة أصبغ عليها المشرع الحماية المقررة للأموال العامة وحسماً للنزاع في ذلك تراجع أحكام الدستورية في ذلك ومنها الحكم 16 لسنة 15 قضائية والذي جاء به “………… حق المدعين في الجمع بين المعاش والأجر ذلك أن الالتزام بهما ليس مترتباً في ذمة مدين واحد ولا يقوم ثانيهما مقام أولهما فضلاً عن اختلافهما مصدراً ومن ثم ينحل العدوان على أيهما إلى إخلال بالملكية الخاصة التي كفل الدستور في المادة 34 منه أصل الحق فيها وأحاطها بالحماية اللازمة لصونها” (راجع كذلك الحكم 27 لسنة 8 ق دستورية”جريدة رسمية العدد 4 في 23/1/1992″)
مما يفيد أن هذه الأموال ملك لأصحابها لا يجوز التصرف فيها أو النزول عليها طبقاً لحكم القانون من ناحية، ولا يجوز كذلك تغيير مسارها إلا وفقاً لإرادة مالكيها وفقاً للقواعد والحدود الضامنة للملكية الخاصة في ذلك تذهب المحكمة الدستورية إلى “وحيث أن الحماية التي فرضها الدستور للملكية الخاصة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ تمتد إلى كل أشكالها وتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها، والقيود التي يجوز فرضها عليها، فلا ترهق هذه القيود تلك الحقوق بما ينال من محتواها أو يقلص دائرتها لتغدو الملكية في واقعها شكلاً مجرداً من المضمون وإطاراً رمزياً لحقوق لا قيمة لها عملاً فلا تخلص لصاحبها ولا يعود عليه ما يرجوه منها إنصافاً بل تثقلها تلك القيود لتنوء بها مما يخرجها عن دورها كقاعدة للثروة القومية التي لا يجوز استنزافها من خلال فرض قيود لا تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهو ما يعني أن الملكية ينبغي أن توفر لها من الحماية ما يعنيها على أداء دورها ويكفل اجتناء ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، وبما يقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها ولا أن يفصلها عن بعض أجزائها، أو يدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها من غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية دون ذلك تفقد الملكية ضمانتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً أدخل إلى مصادرتها” (الحكم 116 لسنة 21 ق دستورية)

5- القرارين يمثلان انحرافاً بالمبادئ الدستورية من أهم سمات قانون التأمين الاجتماعي أنه ذو طابع تقدمي إذ أنه يذهب إلى إقامة العدل الاجتماعي بين الأفراد، فهو أداة توجيهية بمشاركة أبناء الشعب لتحقيق النفع العام ذاك الذي يرتكز على الاهتمام بالإنسان في ذاته ومحاولة إنقاذه من براثن الفقر أو العوز أو المرض.
وهذه المعاني تتأكد لنا من قراءة الدستور المصري قراءة متكاملة لنصوصه في مجموعها، وإعمال مضمونها إعمالاً حقيقياً لتحقيق الهدف المنشود منه وبصفة خاصة المواد 3،7، 17،23، 122 من الدستور تلك النصوص التي تؤكد أهمية الضمان الاجتماعي وأهمية الحفاظ على أهدافه وعدم العدوان عليها أو تفريغها من مضمونها وهي المعاني التي عبرت عنها المحكمة الدستورية في حكمها”وإذا كان الدستور قد خطى بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية الاجتماعية منها ـ بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي يبينها القانون فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين به ـ هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التي لا تمتهن فيها آدميته، والتي توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم ولضمان الحق في الحياة أهم روافدها وللحقوق التي يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التي يعيش في محيطها مقوماتها بما يؤكد انتماءه إليها.
وتلك الأسس الجوهرية التي لا يقوم المجتمع بدونها والتي تعتبر المادة 7 من الدستور مدخلاً إليها) (الحكم 16 لسنة 15 قضائية دستورية)
ومن الملاحظ من الحكم أن المحكمة الدستورية ربطت بين التأمين الاجتماعي والحق في الحياة باعتباره من أهم روافدها.
وقد ذهبت المحكمة كذلك إلى “حيث أن الدستور إذ عهد بنص المادة 122 منه إلى المشرع يصوغ القواعد القانونية التي تقرر بموجبها على خزانة الدولة مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآته على أن ينظم أحوال الاستثناء منها والجهات الضرورية وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجانباً أحكام الدستور منافياً لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهددها أو يفرغها من مضمونها” (الحكم 16 لسنة 15 قضائية) وفي تحديد سلطة المشرع عند تنظيم هذه الحقوق ذهبت المحكمة إلى ” وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية سواء بالنقض أو الانتقاص ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها عدوان على مجالتها الحيوية التي لا تنتقص إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية – وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها ـ بعيداً عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين ولا أن تناقشها أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملا ولا أن تنحل للنص المطعون فيه أهدافها غير التي رمى المشرع إلى بلوغها ولا أن تقيم خيارتها محل عمل السلطة التشريعية) (الحكم 16 لسنة 15 قضائية دستورية) وإذا كانت المحكمة الدستورية رفضت قيام السلطة التشريعية بانتقاء أهداف للتشريع غير التي رمى المشرع بلوغها فإنه من الأولى أن تلتزم الجهات الإدارية والمطعون ضدهم بهذا المبدأ وعدم العدوان على أموال التأمينات بما يهددها أو ينال من الحقوق المرتبطة بها.
أما عن وقف التنفيذ فإنه مستمد من القرارين المطعون عليهما ومخالفتهما للقانون والدستور وكذلك أن عملية الاستبدال لم تتم حتى الآن.

بناء عليه

نلتمس القضاء بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار برفض استبدال ديون وأصول وأموال التأمينات لدى بنك الاستثمار القومي أو أي جهة أخرى بأي مشاريع تجارية أو صناعية أو غيرها سواء كانت خاسرة أو رابحة.
ووقف تنفيذ قرار استبدال ديون التأمينات أو أموالها أو أصولها سواء بكامل المبلغ أو جزء منه بأي شركات سوءا كانت تجارية أو صناعية أو غيرها مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.
وفي الموضوع إلغاء القرارين المطعون عليهما وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وكيل الطاعن
خالد على عمر المحامى