11/3/2005

كلما تصورنا أن أجهزة الأمن المصرية قد وصلت إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه خرق القانون وانتهاك آدمية البشر تأتي الأحداث لتقدم دليلا جديدا على أن خرق القانون لا سقف له ولا حدود.. وأن شهية جلادي الداخلية لإهانة المواطنين وفرض سطوتهم عليهم مهما حمله ذلك من تنكيل وهتك للحرمات واغتصاب لأي مساحة من الكرامة هي شهية وحشية إجرامية لا تكتفي ولا تشبع.

إن ما شهدناه بالأمس في الرحلة التي قمنا بها لتقصي الحقائق في قرية سراندوا إثر بيان لجنة الدفاع عن فلاحي سرانداو هو جريمة بكل معنى الكلمة حتى لو حاكمناها بقانون الطوارئ البغيض.. لكننا هذه المرة لسنا بصدد سطوة وزارة الداخلية فحسب بل بصدد تواطؤ بوليسي إقطاعي ما بين أجهزة الداخلية وبين واحد من كبيري الإقطاعيين، هو صلاح نوار الذي كان في يوم ما يملك ما يزيد عن العشرة آلاف فدان يريد استرجاعها الآن حتى ممن يدفعون له إيجارها، بما في ذلك أرض الإصلاح الزراعي التي لا يملك عليها أي حق.

في عزية سرانداو والعزبة البحرية مركز دمنهور تمارس وزارة الداخلية عقابا جماعيا بدأ باعتقال أعداد غفيرة من الفلاحين ليلة الجمعة الماضية، هرب باقي الرجال على إثره إلى العزب والقرى المجاورة.. ولم تبق في العزبتين إلا النساء .. فما كان من صلاح نوار ورجاله إلا أن هاجموا العزبة بجراراته ليحرثوا الأرض المزروعة ويتلفون المحاصيل ويمنعون النساء من النزول إلى الأرض.. ويطلقون النيران في كل اتجاه بغرض ترويع الأطفال والنساء، الشابات منهن والعجائز.. المتزوجات منهن والعازبات..

إن ما رصدته بعثة تقصي الحقائق بالأمس، الخميس 10 فبراير 2005، هو أمر بشع يحدث نهارا جهارا دون حياء أو خوف من محاسبة، بل إن بعض مما يحدث حدث أثناء وجودنا هناك حيث تم القبض على خمسة من فتيات العزبة البحرية حين كنا على بعد 500 متر منها في عوبة سراندو.. بيوت مخروبة مكسورة الأبواب.. منهوبة المحتويات.. نساء مقبوض عليهن.. يتم ترويعهن في وجودنا لكي لا يتحدثن معنا.. أطفال تحكي عمن تم القبض عليهن من نساء وفتيات القرية.. عن ضباط يضربون النساء بالفلكة ويغمون عيونهم كي لا يتعرفوا على الأماكن التي يحتجزون فيها.. منازل مغتصبة من الأهالي يقطن فيها ضباط البوليس.. وسيارات أمن المركزي مختبئة وراء البيوت كي لا نراها.. حولها جنود يتحركون وسط القرية في ملابسهم الداخلية.. منزل آخر من الخرسانة لم يتم دهانه بعد حوله الأمن إلى سجن مكتظ بالنساء المحتجزات لحين عودة رجالهن.. أطفال أمضت في الحجز عددا من الأيام وبعضهم لازال محجوزا، أعمارهم تتراوح بين شهرين وثلاث سنوات.. ولا مجال للاتصال بأحد، فأجهزة التليفون القليلة التي كانت بالقرية تم نزعها من البيوت كما تم تقطيع أسلاك التليفون من المنطقة..ملاحقة بوليسية وتهديد لنا أثناء تواجدنا هناك على مسمع ومرأى ممن تبقى من نساء القرية وذلك تحت قيادة محمد عمار رئيس مباحث دمنهور وعقيد فؤاد شاهين من مديرية أمن دمنهور.. وجدير بالذكر أن الأول قد سبق له منذ شهرين أن ضرب السيدة خيرية عبد المنعم البقلي في بطنها رغم كونها حاملا في الشهر السادس مما أدى إلى إصابتها بالنزيف..

لقد استقبلتنا نساء سرانداو والعزبة البحرية بكلمات تكررت على لسان عدد منهن: أين كنتم ولماذا تأخرتم إلى هذا الحين، بعد أن حدث ما حدث؟

السؤال موجه لنا وونحن نوجهه إلى الرأي العام المصري كله..
على بعد ساعتين من القاهرة يواجه الفلاحون ونسائهم بطش الداخلية المصرية مجردين من كل سلاح بما في ذلك سلاح الاتصالات.. على بعد ساعتين من القاهرة تحتجز الداخلية عشرات من “بنات البنوت”، على حد تعبير نساء القرية، في منازل مغلقة كانت في يوم ما ملكا لهن ثم أصبحت بيد الداخلية سجنا لهن.. والأمهات تعرض أنفسها على الداخلية ليأخذوهن بدلا من الفتيات خوفا من أن يصيبهن مكروه!
لقد قدمنا بالأمس بلاغا لدى النائب العام عبر المحمول بما تعرضنا له من تحرش بوليسي في سرانداو والعزبة البحرية واليوم نطالب الرأي العام المصري والعربي والدولي أن يرسل برقيات الاحتجاج والإدانة والاستهجان للمسئولين في مصر.. مطالبين:

  • بالإفراج الفوري عن المعتقلين بأمر الداخلية والإقطاعي المصري صلاح نوار
  • إطلاق سراح عشرات الفتيات المحتجزات في المنزل الخرساني بالعزبة البحرية
  • التحقيق الفوري مع العقيد فؤاد شاهين وضابط المباحث محمد عمار عما اقترفته قوات الأمن بإمرتهم وتحت قيادتهم
  • تحميل وزارة الداخلية وحبيب العادلي شخصيا مسئولية سلامة أهالي قرية سرانداو والعزبة البحرية ومن تم القبض عليهم من شباب ورجال وأطفال.

ومرة أخرى نجدد العهد بأن نلاحقهم ونفضح جرائمهم ونسعى إلى تقديمهم للعدالة سواء كانوا في مقارهم الرئيسية في القاهرة أو فيما يستولون عليه من بيوت المواطنين في أصغر وأقصى كفور مصر

الجمعية المصرية المناهضة للتعذيب
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب
مركز هشام مبارك للقانون
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

القاهرة في 11 فبراير 2005

ارسلوا برقيات الاحتجاج إلى كل من:
محمد حسني مبارك
رئيس جمهورية مصر العربية
فاكس: 3901998 (202)+
E-mail: webmaster@presidency.gov.eg

وزير العدل
فاكس: 7958103 (202)+
E-mail: mojeb@idsc.gov.eg

المستشار ماهر عبد الواحد
النائب العام
فاكس: 5774716 (202)+

وزير الداخلية
moi@idsc.gov.eg