1/1/2005

اتفاق السلام
في السودان بين الواقع والتحديات

بعد ماراثون طويل من المفاوضات استمر عامين يتم يوم الأحد المقبل 9 يناير فى العاصمة الكينية نيروبى التوقيع على اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان الذى ينهى 21 عاما من القتال بين الشمال والجنوب مما نتج عنه مليونى قتيل وتشريد أربعة ملايين وخراب اقتصادى شامل بسبب ذلك النزاع الذى اندلع عام1983 ويشارك فى احتفال التوقيع على اتفاق السلام الشامل اكثر من عشرين رئيس دولة منهم قادة من دول المنطقة والقارة الأفريقية ” ورؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية ” الايجاد ” وهى جيبوتى واريتريا وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان وايضا ممثلين عن الامم المتحدة ..كما يشارك كولين باول وزيرالخارجية فى مراسم التوقيع يرافقه وفد كبير.

ومن المتوقع ان يشارك فى هذا الاحتفال الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى وعدد كبير من وزراء الخارجية العرب فى مقدمتهم السيد احمد أبو الغيط وزير الخارجية كما يشارك فيه وفد من الاتحاد الأوروبى . وسيتم خلال الاحتفال التوقيع على ثمانية بروتوكولات سلام تشكل فى مجموعها اتفاق سلام شامل لتسوية النزاع فى منطقة الجنوب.

ويدشن اتفاق السلام الشامل مرحلة جديدة فى حياة السودان سياسيا واقتصاديا وأمنيا ومؤشر على ان السلام اصبح مطلبا شعبيا من الدرجة الأولى فالتعب والمعاناة قد نال كثيرا من السودانيين شمالا وجنوبا وأن الكل بحاجة الى تغيير جذرى فى نمط الحياة والتحول من التهديدات بالحرب الى الأمن والاستقرار والتنمية والحرية والقانون والتسامح وقد أشارالرئيس السودانى عمرالبشيرالىان اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية يمكن ان يشكل اطارا لحل الصراع فى أقليم دارفور الواقع غرب السودان ” كما ان صيغة المشاركة فى السلطة والثروة التى تضمنها الاتفاق مع جماعة الجيش الشعبى لتحرير السودان فى الجنوب لاتترك مجالا لأحد لحمل السلاح .

كما أكد العقيد جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان أكد أن توقيع اتفاق السلام سينعكس ايجابيا على كل أهل السودان موضحا أن السلام القادم ستصحبه تحولات ديمقراطية واقتصادية كبرى يكون مردودها الحياة الكريمة لكل المواطنين .

كما ان هناك ترحيبا عالميا باتفاق السلام الشامل وقد أكدت الولايات المتحدة أنها سوف تدعم بقوة تطبيق اتفاق السلام والذى سيبدأ سريانه بعد احتفالات التوقيع النهائى يوم 9 يناير .

والاحتفال بتوقيع اتفاق السلام الشامل ببروتوكلاته الثمانية بداية مرحلة جديدة للسودان مدتها ستة أعوام تشكل الفترة الانتقالية التى يعقبها استفتاء على حق تقريرمصير جنوب السودان هل سيظل موحدا فى ظل السودان الموحد أم ينفصل فى دولة جنوبية تضم المناطق الجنوبية .

والجدول الزمنى يبدأ بتوقيع الاتفاق يوم 9 يناير فى نيروبى يعقبه التصديق على الاتفاق فى المجلس الوطنى فى الخرطوم ” ومجلس التحرير الوطنى فى ” رومبيك بالجنوب ” .. ثم تتكون لجنة صياغة الدستور من 60 شخصا تتشكل من 52 فى المائة من حزب المؤتمر الوطنى الحاكم و28 فى المائة من الحركة الشعبية و6 فى المائة من الجنوبيين خارج اطار الحركة و14 فى المائة من الشماليين خارج المؤتمر الوطنى .

وستتم بعد صياغة الدستور الانتقالى اجازته فى المجلس الوطنى ومجلس التحرير مع امكانية اجراء أية تعديلات أو اضافات عليه وفق مرجعية نيفاشا ودستور 1998 الذى تحكم به الخرطوم حاليا .

وبعد اعدادالدستورخلال ستة اسابيع سيؤدى الرئيس ونائباه” جون قرنق كنائب اول “وعلى عثمان محمد طه كنائب ثانى القسم مجتمعين وعندها سيمارس قرنق مهامه فى مطلع ابريل القادم . وتبدأ الفترة الانتقالية يوم 9 يوليو لمدة ثلاث سنوات تجتمع بعدها لجنة تقسيم الاتفاق لمراجعة تنفيذه وتجرى انتخابات عامة بعد اربع سنوات ” تشريعية وولائية” تشارك فيها كل القوى الوطنية وفقا للدستور الانتقالى ووصولا للاستفتاء فى يوليو 2010 . ويعد هذا الاتفاق تطورا مهما للغاية اذ ينهى اطول حرب اهلية فى افريقيا وجاء بعد مفاوضات مرهقة طويلة ضاع الامل فى نجاحها عدة مرات . وقد استغرقت المفاوضات فترة طويلة حوالى 30 شهرا منذ ان تم توقيع بروتوكول ماشاكوس الاطارى الذى اطلق هذه العملية برمتهافى20 يوليو 2002 وهو اتفاق بوقف نزيف الدم الذى نجم عن الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب .

واستمرت المفاوضات الى ان تم التوقيع على اعلان نيروبى فى 5 يونيو 2004 وضم ستة بروتوكولات تم الاتفاق عليها وتخص حق تقرير المصير وتقاسم السلطة وتقاسم الثروة واتفاق الترتيبات الامنية ومنطقة ابيى ومنطقتى جبال النوبة وجنوب النيل الازرق وبذلك اكتملت الملامح الاساسية لعملية السلام فى السودان ولم يتبق سوى بروتوكولين الاول حول وقف اطلاق النار والثانى حول آليات تنفيذ اتفاقية السلام بين الطرفين . وقد واجهت هذه النقاط بعض العقبات مما دفع مجلس الامن الى مغادرة مقره فى نيويورك للمرة الاولى منذ 14 عاما وبدعم امريكى اوروبى وعقد اجتماعا تاريخيا واستثنائيا فى 18 نوفمبر فى نيروبى لاعطاء دفعة لاستكمال لمفاوضات بشكل سريع والتوقيع عليها فى موعد لا يتعدى نهاية عام2004 ، وتم فعلا فى 30 ديسمبر الماضى بمدينة نيفاشا الكينية التوقيع على اخر بروتوكولين بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية . . وبابرام اتفاق نيفاشا اكتملت عملية السلام لانهاء اطول نزاع تشهده افريقيا .

وقد ذكرت مصادر سودانية ان وقف اطلاق النار الشامل بين الجانبين يسرى فى الجنوب فى مناطق جبال النوبة ومنطقة ابيى وجنوب النيل الازرق وشرق السودان طوال الفترة التمهيدية التى تأتى بعد التوقيع ومدتها ستة اشهر والفترة الانتقالية ومدتها ست سنوات بالاضافة الى ستة اشهر اخرى بعد انقضاء الفترة الانتقالية وظهور نتيجة الاستفتاء على حق تقرير المصير . واذا كانت نتيجة الاستفتاء هى تطبيق خيار الوحدة ستستمر الاجراءات لتكوين الجيش القومى من القوات المشتركة من الجانبين وفى حال الانفصال تلغى القوات المشتركة وحدد البروتوكول مهام القوات المسلحة والوحدات المشتركة بين الحكومة والحركة ومهام مجلس الدفاع المشترك الذى يضطلع بمهمة التنسيق بين الطرفين ومراحل انسحاب الجيش النظامى من الجنوب.

ويقضى البروتوكول تكوين لجان عسكرية وسياسية من الحكومة والحركة الشعبية تشارك فيها الامم المتحدة والمجتمع الدولى للتحقق ومراقبة وقف اطلاق النار، اما بروتوكول آليات تنفيذ تقسيم السلطة والثروة فقد حدد مهام رئيس الجمهورية ونوابه والتعيينات التى تتطلب التوافق بين الرئيس ونائبه الاول جون قرنق وكيفية تكوين لجنة الانتخابات وتمويلها ومهامها ونص على الالتزام بالديمقراطية والحكم الرشيد واشراك الاخرين . وتوقيع الاتفاق الشامل للسلام فى السودان يشير الى بدء مرحلة جديدة فى تاريخ السودان تطوى سنوات الحرب والشقاء الا ان هذه المرحلة تتطلب ارادة سودانية خالصة وعمل حقيقى تقوم به جميع فئات المجتمع السودانى من اجل صنع سلام دائم يغلق باب الحرب الى الابد ولتبدأ مرحلة البناء والتنمية والتعمير لازالة ما خلفته الحرب من دمار فى جميع المجالات .

وقد دعا النائب الاول لرئيس الجمهورية على عثمان طه الى قيام لجان قومية لدعم اتفاقية السلام ووضع مقترحات حول كيفية تطبيق نصوصها على ارض الواقع … وقال ان قيام هذه اللجان يمثل بداية جديدة للتوحد القومى واطار يجمع كل القوى السياسية مشيرا الى ان برامج هذه اللجان تتمثل فى قيام ندوات ووضع مقترحات وقيادة برامج متفق عليها .

ويخشى بعض المراقبين من انعكاسات بعض التحديات على استمرار الحل السياسى فى السودان فالتغلب عليها يمثل نقطة انطلاق اساسية لتهيئة الاجواء لنجاح السلام لتتراجع انعكاساتها السلبية على طريق السلام السودانى الطويل .. ومنها الازمة فى دارفور التى لم تستطع الحكومة السودانية حسمها عسكريا وكذلك تعثر المفاوضات بينها وبين متمردى دارفور فى كل من نجامينا واديس ابابا واخيرا ابوجا بالاضافة الى التصعيد العسكرى فى الاقليم الذى اودى بحياة مواطنين ابرياء .

كما أن مؤشرات الازمة فى دارفور امتدت الى اقليم كردفان المجاور حيث وقعت صدامات مسلحة بين عناصر كومية واخرى محلية .. ولايزال شرق السودان فى حالة من الاستنفار العسكرى الذى يمكن ان ينفجر فى اى لحظة وبالتالى فان الامل فى وضع حلول سريعة لهذه النزاعات الدائرة فى الغرب وتطويق الحرائق المرجح اشتعالها فى الشرق .

ومن التحديات التى يواجهها السلام ايضا فى السودان عدم رضاء بعض القوى السياسية فى البلاد على الاتفاق كما ان هذه الاحزاب بصفة عامة تعانى من مشكلات تنظيمية وسياسية .. ويأمل المراقبون ان تشهد الفترة القادمة توجها لحسم هذه الخلافات الداخلية ولم شمل جميع القوى الوطنية لتتفرغ بعدها تلك الاحزاب للعمل الوطنى لاستمرار عملية السلام .

كما يرى المراقبون ان الوضع فى الجنوب السودانى يواجه ايضا العديد من التحديات لاتقل عن الوضع فى الشمال السودانى ومنها حالة الاضطراب بين قيادات الحركة الشعبية بسبب تهميش جزء كبير منهم فى العملية التفاوضية والسياسية .

كما أن اطرافا من اعضاء الحركة الشعبية والمنتمين الى القبائل الاستوائية الجنوبية ابدوااعتراضهم على سبل ادارة الحركة الشعبية للمناطق التى تقع تحت سيطرتها من جانب آخر هناك فصائل وميلشيات عسكرية فى الجنوب السودانى غير تابعة للحركة الشعبية اوالقوات النظامية للجيش السودانى هذه الفصائل بدورها ترفض ان يتم اقصاؤها من العملية السياسية والتفاوضية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية خصوصا ان اتفاق الترتيبات الامنية بين الطرفين يقر بضرورة الغاء بقية الميلشيات المسلحة غير التابعة للحركة الشعبية .

ويرى بعض المحللين السياسيين ان الحوارالجنوبى “الجنوبى الذى تهمله الحركة الشعبية اصبح من الضروريات فى هذه المرحلة حتى يتسنى للحركة اكتساب الشرعية اللازمة لقيادتها للجنوب بعد دخول اتفاقية السلام الشامل حيز التنفيذ هذا بالاضافة الى ان اتفاق تقاسم الثروة بين الحكومة والحركة الشعبية يجد معارضة كبيرة من جانب بعض قبائل الجنوب التى يتم استخراج البترول من اراضيها .

ومن التحديات الاخرى التى يواجهها السودان شمالا وجنوبا المشكلات الاجتماعية الناجمة عن الحرب واوضاع النازحين واللاجئين وضرورةاعادة تأهيل ومعالجة اوضاع العائدين من الحرب .

ان المناخ السياسى الذى يتم فيه تطبيق اتفاقية السلام من العوامل الضرورية لاتمام عملية السلام بشكل ناجح ورغم ان التوصل الى اتفاق فى حد ذاته يعد بمثابة انجاز سياسى للاطراف المشاركة الا ان مرحلة تطبيق اتفاقية السلام لاتقل اهمية عن مرحلة التوصل الى اتفاق، فالاتفاق يتضمن التزامات تبناها الطرفان لتدعم فرص نجاحه بالاضافة الى ضمانات دولية متمثلة فى مجلس الامن الذى ستودع فيه الاتفاقية بنصوصها خصوصاان مجلس الامن كان طرفا فى الاتفاقية وهذا ما يميز تلك الاتفاقية عن مثيلاتها بالاضافة الى وجود لجنة لمراقبة التزام الطرفين ببنود هذه الاتفاقية .

وأهم هذه الضمانات جميعا هو الشعب السودانى الذى جعل من هذا الاتفاق واقعا ممكنا .. كما ان الثقة التى بدأت تنمو بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية عبر الحوار المباشر وكذلك عبر وقف اطلاق النار تعد من اهم الضمانات فى اطار التحديات التى تواجه السودان .

وفاء قسطنطين
والوجه الآخر للعولمة

كتبت – ناهد نصر
إنتهت العاصفة التى أثارتها أزمة السيدة وفاء التى رغبت فى دخول الإسلام مع كل ما شابها من ملابسات أكثرها مفتعل. غير أن ما لم ينتهى بالفعل وما يهدد بتكرار مثل هذا النوع من الأزمات هو الطريقة التى تمت بها معالجة الموضوع أو بالأحرى إنهاء الأزمة بأى ثمن وبأى طريقة. فالقضية ليست قضية مواطن قرر لأى سبب من الأسباب تغيير عقيدته بل إن مشكلة السيدة وفاء تفتح الباب على إتساعه لمناقشة الحريات الشخصية فى بلادنا. فعلى الرغم من الكثير من الضجيج حول الحصول على حريات أساسية كحرية الصحافة وحرية إختيار الحاكم وحرية التعبير وغيرها من مطالب الديموقراطية فى دولة تندفع أو يتم الدفع بها نحو تحرير التجارة وحرية السوق، إلا أن الحريات الشخصية لازالت تمثل نوعاً من التابو فى مجتمعنا خصوصاً حين تتعلق بقضايا أكبر لها أبعاد سياسية.

فمن المؤسف حقاً أن تتحول رغبة إنسان فى إختيار عقيدته إلى الكثير من اللغط حول الفتنة الطائفية والكثير والكثير من التدخل من قبل أجهزة أمنية ومؤسسات دينية وجهات حزبية وحكومية وشائعات وعشرات المقالات والتحقيقات والتعليقات فى الصحف ووسائل الإعلام من دون أن يتاح على الإطلاق ومنذ بداية الأزمة وحتى نهايتها للمواطن صاحب المشكلة أن يدلى برأيه ، هذا إن كان مطالباً بذلك من الأساس. ومن المؤسف أيضاً أن كل تلك الجهات لم يكن من همها سوى معرفة من وراء هذه الجريمة: من السبب فى أن يفكر مواطن فى تغيير عقيدته، هل تم التغرير به، ومن السبب فى تظاهر الشباب فى الكنيسه، هل هناك أصابع خفية تدفع فى طريق إحداث فتنه طائفية، وهل قام قسم الشرطه التى تقدمت له السيده وفاء لإعلان إسلامها بواجبه كاملاً أم أن هناك أيدى غير خفية هذه المرة ومندسة فى وزارة الداخلية من مصلحتها تحقيق مكاسب معينة من مثل هذه الحالات، وهل طلب مسئولى قسم الشرطة من السيده وفاء الذهاب إلى الكنيسة لإختبار صدق نيتها فى الدخول فى الإسلام ……

كل هذه الأسئلة كانت الهم الوحيد لجميع من تناولوا القضية بما فيها الصحف الحزبية ذات الإتجاه اليسارى واليمينى على حد سواء.

لم يستنكر أحد أن على المواطن الذى يرغب فى تغيير عقيدته الذهاب إلى قسم الشرطة، ولم يستنكر أحد تدخل كل هؤلاء المعترضين والمتظاهرين فى خصوصيات إنسان من المفترض أن له الحق فى الإختيار ، بل أن كل الأصوات التى كانت تؤيد مسلك السيدة وفاء لم يكن تأييدها نابعاً من إيمان حقيقى بأن إختيار العقيدة هو أحد حريات الإنسان وحقوقه الشخصية التى ليس من حق أحد التدخل فيها. ولم يستنكر أحد أن القول الفصل فى القضية الشخصية للسيدة وفاء كان بيان وزارة الداخلية الذى أعاد المياه إلى مجاريها وأعاد السيدة وفاء إلى دينها “راضية مرضية”.

إن قضية السيدة وفاء هى إنعكاس مجسم لقضية الحريات الشخصية فى عالمنا حيث تثار حملات قذرة لإدانة وإشانة مثليى الجنس والراغبين فى تغيير عقائدهم أو جنسهم وللأسف يتم إستخدام أسوأ الدعاية التى تلعب على أوتار التدخل فى حريات الآخرين بل وتجريمهم والتى للأسف أيضاً تلقى القبول والرضى من الغالبية. أما الأقلية المعارضة فتفضل أن لا تزج بنفسها فى مناطق الشبهات حتى لا تلقى ما يلقاه الضحايا من أذى. ومما يرثى له أن دول تتمتع بسمعه كبيرة فى الليبرالية واحترام الحريات الشخصية تراجعت فيها تلك الحريات فى الفترة الأخيرة حيث يتم تقديمها قرباناً للمصالح السياسية التى يقدم من أجلها الكثيرون تنازلات جمة مفسحين المجال للمزيد والمزيد من الإنتهاكات . فقانون الحجاب فى فرنسا الذى عارضه الكثيرون تم إقراره فى آخر الأمر بينما هلل المعارضون لوحدة الصف الفرنسى، وقوانين حظر الإجهاض وحظر زواج المثليين فى أمريكا تفتت أصوات المعارضين لها أمام حكومة تدعى الليبرالية بينما تستخدم أقذر الوسائل الدعائية لجذب مؤيديها من قوى اليمين الرجعى وأمثلة مشابهة تمت فى دول أوروبية أخرى.

والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو طالما أن الحال كذلك فى دولة مثل فرنسا أو أمريكا فما هو مصير الحريات الشخصية فى بلادنا التى تعانى أساساً من قمع الحريات على كافة المستويات والتى تعانى مجتمعاتها من النمطية والإزدواجية منذ قديم الأزل؟ وكيف نأمل فى أن يكون هناك أى تغيير على هذا المستوى فى ظل العولمة مثلاً بينما تتراجع تلك الحريات فى بلدان إشتهرت باحترام الحريات الشخصية مع الفارق الذى لا يزال قائماً وشاسعاً بين المجتمعين.

إن العولمة التى هى فى وجهها الأساسى ليست سوى حرية للتجارة وسيطرة للشركات فى الدول الكبرى على السوق العالمى بمساعدة ودعم الحكومات، لا يجب التعامل معها على أنها المفتاح السحرى الذى سيحمل إلينا الحرية والديموقراطية وسيدخلنا فى عالم جديد تحترم فيه حرياتنا الشخصية والثقافية بحجة سرعة الإتصالات وتداول المعلومات. فالداعمين لحرية السوق فى الشمال من الحكومات ورجال الأعمال وأصحاب الشركات هم أنفسهم الذين ينادون بإغلاق الحدود أمام المهاجرين من الدول الأخرى بحجة أنهم “غير شرعيين” وهم أنفسهم الذين يؤيدون بل ويرفعون أكثر الشعارات رجعية وانتهاكاً للحريات من أجل كسب ود حلفائهم من اليمين الرجعى المناهض للحريات تحت شعار الأخلاق والقيم والدين وتماسك المجتمع.

إن العولمة التى تسهل فى أحد أوجهها نقل البضائع بأقسى سرعة وإلى أى مكان وتحطم من أجل ذلك كل الحدود وكل القيود الجمركية، يظل من أحد همومها الأساسية تحويل البشر إلى قوالب يسهل إستغلالهم وتشكيلهم وفقاً لمصالحها لا فرق فى ذلك بين أن يكونوا فى دول الجنوب الفقير أو فى دول الشمال الغنى. فاليمين الذى أتى ببوش لفترة رئاسية جديده هو الذى يؤيد احتلال أمريكا للعراق ومن ثم فإن كل أفكاره الرجعية والمتخلفة هى التى يجب أن تسود، واليمين هو الذى يؤيد أن تخرج الشركات متعددة الجنسيات من الدول الكبرى باحثة عن أراضى العمالة الرخيصة فى دول الجنوب وتاركة الآف العمال هناك دون عمل بينما تستعبد الآف غيرهم من العمال لدينا، ولذلك فإن أفكاره الرجعية هى التى يجب أن تسود. وحلفائهم لدينا هم الذين يحرمون النساء من تصفح الانترنت إلا فى وجود محرم وهم الذين ينصبون المشانق لكل الخارجين عن القالب المفروض على الجميع بدعوى الأخلاق والقيم.

إن عولمة الإقتصاد لا تلقى بظلالها الثقيلة من الإفقار والإستغلال على البلدان الفقيرة فقط وإنما تلعب دوراً مشابهاً فى الدول الغنية أيضاً. ومن ثم فإن ثقافة عولمة رأس المال هى التى يجب أن تسود. لأن دعاة عولمة السوق من مصلحتهم بينما يصيبون الحريات فى مقتل هناك فى الشمال لتسود أفكارهم وأفكار حلفائهم أن يحافظوا على كل مظاهر التخلف وقمع الحريات لدينا بل وأن يباركونها لأنها الأدوات التى تتيح لهم إستخدامنا لدر الأرباح لهم بأقل التكاليف.

إن الحريات السياسية والمدنية والشخصية فى الدول المتقدمة لم تكن فى يوم من الأيام فى حكم البديهيات بل إن نضالات طويلة كانت الدافع والثمن لإنتزاعها وترسيخها. نضالات كانت أقوى بكثير من الحسابات السياسية ومطالب مثلت مصالح قطاعات أوسع بكثير من مصالح رجال السياسة والإقتصاد ومؤيديهم. وهذا هو الأمل الوحيد الذى ينبغى أن نراهن على العولمة من أجل تحقيقه. ليست عولمة السوق والشركات وأنصارها من دعاة الرجعية وقمع الحريات بل عولمة المدافعين عن الحرية واحترام حقوق الإنسان. عولمة المناضلين ضد إستغلال الشركات الكبرى وضد تنميط البشر وضد تكبيل الدول الفقيرة بالديون. عولمة المناهضين لإحتلال العراق وإستغلال أطفال آسيا وتجارة الرقيق الأبيض فى شرق أوروبا وتأجيج الحروب الأهلية فى أفريقيا وقمع الحريات الفردية فى كل مكان.

إن إدراك هذه الحقيقة والإيمان بها هو الطريق الوحيد نحو أن يتوقف مجتمعنا هنا وهناك عن إنتاج نماذج (وفاء) التى لا يعلم أحد أى مصير تواجهه الآن فقط لأنها إعتقدت أن من حقها أن تختار.

20% من الوفيات فى الدول النامية تعود للاصابة بالأمراض

أعلن المسئولون فى منظمة الصحة العالمية أن 20% من الوفيات فى الدول النامية ترجع اسبابها الى امراض الجهاز التنفسى والملاريا والاضطرابات المعوية. وأكد المسئولون أنه يجرى حاليا العمل على وضع الاستراتيجيات المناسبة لحماية 3 مليار شخص فى العالم يعيش معظمهم فى الدول النامية من الاصابة بهذه الامراض .

الأمم المتحدة تؤكد
استمرار التوتر فى الكونغو

ذكر تقرير للأمم المتحدة أن الوضع الأمنى فى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لايزال يشهد توترا، مما يجعل من الصعب اجراء الانتخابات كما كان مأمولا فى شهر يونو المقبل . وقال التقرير الذى بث راديو لندن مقتطفات منه اليوم الجمعه أن جماعات المتمردين من رواندا المجاورة لايزالون ينشطون فى المنطقة بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية التى أدت الى مصرع ثلاثة ملايين شخص بسبب انتشار المجاعات والأوبئة. وتقول وكالات الاغاثة الدولية ان ألف شخص يموتون يوميا بسبب النزاع، وأكد هذا الرقم يان انجلاند منسق الأمم المتحدة لشئون الاغاثة الطارئة.

فاو توصي بمواصلة عمليات مكافحة الجراد الصحراوي

أكدت منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة (فاو) ان حالة الجراد الصحراوي في غرب أفريقيا مازالت حرجة الأمر الذي يستدعي الاستمرار بعمليات المكافحة المكثفة . وأشارت المنظمة فى بيان لها الى ان اسراب الجراد التي تشكلت مؤخرا والتي تكاثرت في الصيف في منطقة الساحل مجددا قامت بغزو أجزاء من جنوب شرق موريتانيا وشرق السنغال. فيما واصلت بعضا من هذه الاسراب المضي جنوبا حتى وصلت غامبيا وجنوب شرق السنغال، بالاضافة الى وصولها أواسط غينيا بيساو وربما شمال غينيا. ونوه البيان بجهود دول غرب وشمال غرب أفريقيا فى مكافحة الاسراب القادمة من منطقة الساحل ، غير انه حذر بشأن المدى الذي سيأخذه التكاثر ونطاق غزو منطقة الساحل مجددا في الصيف .

ليبيا: طرد وشيك للاجئين

ذكرت منظمة العفو الدولية أنها تلقت تقارير بأن ليبيا تخطط لإبعاد عشرات اللاجئين المعترف بهم من جانب مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا.

وتخشى المنظمة من احتمال أن تتم إعادة هؤلاء اللاجئين، وبينهم مواطنون أثيوبيون وإريتيريون وصوماليون وليبيريون، بالقوة إلى أوطانهم خلال ساعات أو أيام. ويحتجز هؤلاء حالياً، ومن ضمنهم أطفال ورُضَّع، في مركز الإبعاد التابع لدائرة الهجرة في طرابلس.

وتأتي هذه الأنباء إثر صدور تقارير بأن المئات من مواطني الدول الأجنبية الذين وصلوا في الآونة الأخيرة إلى أيطاليا قد تم إبعادهم من كروتوني في جنوب إيطاليا إلى ليبيا في 20 ديسمبر”كانون الأول. وتحمل العملية سمات مشتركة مع ما وقع في جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في أكتوبر”تشرين الأول 2004، حيث أعيد المئات من الواصلين الجدد من المواطنين الأفارقة والشرق أوسطيين على وجه السرعة إلى ليبيا من دون توافر الضمانات الكافية لهم.

إن منظمة العفو الدولية تكرر دعوتها إلى الحكومة الإيطالية بأن تكفل تمكين المواطنين الأجانب الذين يصلون إلى الأراضي الإيطالية من التمتع بإجراءات نزيهة ومرضية للجوء. وتذكِّر المنظمة الحكومة الإيطالية بالتزامها بأن تسمح لطالبي اللجوء واللاجئين بدخول أراضيها دونما تمييز. وتحث منظمة العفو الدولية السلطات الليبية على وقف جميع عمليات إبعاد اللاجئين المعترف بهم ومنح جميع اللاجئين وطالبي اللجوء الفرصة للاعتراض على أي قرار بترحيلهم. كما تحث المنظمة الحكومة الليبية على السماح لمكتب المفوض السامي للاجئين بالالتقاء بمن تم ترحيلهم إلى ليبيا من إيطاليا حتى يكون بالإمكان مراقبة سلامتهم والإبلاغ عن أي انتهاكات لحقوقهم الأساسية، بما في ذلك حقهم في طلب اللجوء إلى ليبيا والموافقة عليه، إذا ما اختاروا ذلك.

ولدى منظمة العفو الدولية بواعث قلق مستمرة طال عليها الزمن بشأن غياب التشريع الكافي والشامل في مجال اللجوء في إيطاليا. وعلى الرغم من تأكيدات وزير الداخلية الإيطالي على الالتزام بالإجراءات القانونية، فإن منظمة العفو الدولية لا تزال تشعر بقلق عميق جراء السرعة الظاهرة التي تم بها إبعاد مئات الأشخاص من كروتوني في ديسمبر”كانون الأول. وتخشى المنظمة بأن طريقة تعامل الحكومة الإيطالية مع القادمين عن طريق البحر في الآونة الأخيرة تمثل خطراً جدياً على فرصهم في التمتع بحقهم الأساسي في طلب اللجوء والحصول عليه، وانتهاكاً لمبدأ “عدم الإعادة القسرية”، الذي يحظر إعادة فرد بصورة قسرية إلى مناطق يمكن أن يتعرض”تتعرض فيها لاحتمال انتهاك حقوقة”حقوقها الإنسانية على نحو خطير.

وقد أعربت منظمة العفو الدولية عن بواعث قلق مماثلة في أكتوبر”تشرين الأول 2004، عندما تم ترحيل مئات الأشخاص من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية إلى ليبيا. وتخشى المنظمة من أن رعايا البلدان الثالثة المبعدين من إيطاليا وليبيا يمكن أن يكونوا عرضة للاعتقال التعسفي أو الاعتقال بتهم محددة، بما في ذلك الدخول أو الخروج الفعلي أو المزعوم على نحو غير مشروع إلى ليبيا ومنها، وعرضة كذلك للمعاملة السيئة أثناء الاحتجاز.

إن ليبيا، وعلم الرغم من كونها دولة طرفاً في اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية التي تحكم الجوانب الخاصة بمشكلات اللاجئين في أفريقيا، قد انتهكت في عدة مناسبات في 2004 التزامها بعدم إعادة أي شخص إلى بلد يمكن أن يواجه فيه انتهاكات خطيرة لحقوقه الإنسانية، الذي تشترطه الاتفاقية،. وخير مثال على ذلك حادثتا إبعاد مئات الإريتيرين إلى بلدهم الأصلي في يوليو”تموز وأغسطس”آب 2004، حيث يعتقد بأن العديد ممن أعيدوا يقبعون الآن في الحجز بمعزل عن العالم الخارجي في سجن سري تتسم ظروف الاحتجاز فيه بالقسوة.

الاثار الاقتصادية
لزلزال أسيا المدمر

بدأت حكومات الدول الآسيوية والوكالات والمنظمات العالمية في تقدير التكلفة الاقتصادية المحتملة للدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب المنطقة.

وقال رئيس البنك الدولي جيمس ولفينسون إن البنك الدولي “بدأ فقط في استيعاب حجم الكارثة”. وقد ضرب الزلزال الذي كان مركزه تحت البحر بالقرب من جزيرة سومطرة الاندونيسية عددا من الدول بالهزات الأرضية والأمواج العاتية على سواحل سريلانكا وتايلاند والهند وجزر المالديف وماليزيا وحتى سواحل الصومال.

وبدأت التقديرات الأولية لتكلفة إعادة بناء المناطق المنكوبة في الاتضاح. وقد تركت الكارثة الملايين دون مأوى كما دمرت الأعمال والبنية التحتية.

ضربة للنمو الاقتصادي ويعتقد الاقتصاديون أن عددا كبيرا من الدول العشر التي ضربتها الأمواج الناتجة من الزلزال ستعاني من تباطؤ في النمو الاقتصادي.

ويقول مراقبون إن في دولة مثل سريلانكا قد تفقد 1% من معدل نمو اقتصادها السنوي.أما في تايلاند فقد تفقد 0.1 % من معدل نموها.

يقول ارجونا ماهندران ، الرئيس السابق لهيئة استثمار سريلانكا إن الكارثة يمكن أن تعود باقتصاد سريلانكا إلى الوراء لحوالي العام وقد يسبب انكماشا اقتصاديا .

ومن المتوقع أن تتخذ الحكومات إجراءات مثل خفض الضرائب وزيادة الإنفاق لتسهيل التعافي من المأساة. وقال خبير اقتصادي في شؤون المنطقة لوكالة الأنباء الفرنسية “بسبب التشريد الذي تسببت فيه الكارثة لعدد ضخم من الناس …فسوف ينتج عن ذلك تراخ خطير في السياسات المالية”. وأضاف الخبير “الأثر الاقتصادي سيكون حتما ضخم، ولكنه ليس من المحتمل أن يكون كافيا لإخراج القوة الاقتصادية الدافعة في المنطقة عن مسارها في عام 2005، وبالأساس وأولا هذه كارثة إنسانية”. ومن المتوقع أن يكون اقتصاد الهند اقلهم تأثرا وليس من المحتمل أن يتعرض للتباطؤ في النمو لان المنطقة المتضررة كانت من اقل المناطق تنمية، وقد حظيت الهند بمعدل نمو قوي خلال عام 2004.

إلا أن الهند تواجه مشكلات أخرى، ويعاني عمال الإغاثة حاليا من ضغط كبير لضمان مصدر نظيف لمياه الشرب لمنع انتشار الأوبئة.

وقد علن وزير المالية الهندي أنه لا يرى آثارا بعيدة المدى للكارثة على اقتصاد الهند ، بينما أكد وزير آخر عدم وجود نوايا لدى الحكومة بفرض ضريبة جديد لإزالة آثار الطوفان ، بينما توقعت وكالة هندية أخرى أن يبلغ حجم الأضرار الناجمة عن الزلزال والموجات البحرية التي أعقبته نحو 20 مليار روبية السياحة والصيد ووفقا لتقديرات رئيس وزراء تايلاند فإن الدمار الناتج عن الأمواج العاتية التي ضربت سواحل البلاد، التي لم تكن أكثر الدول تضررا، تصل قيمته لـ 510 مليون دولار. ويقول المحللون إن هذا الرقم من المتوقع أن يرتفع، وان تتأثر السياحة بشكل هو الأسوأ بين الدول الأخرى المضارة، كما ستتأثر أيضا أعمال الصيد.
بينما يقول الاقتصاديون في تايلاند إن السياحة التي تشكل نحو 6% من إجمالي الدخل القومي للبلاد ستعاني من متاعب جمة ولكنها لن تستمر لفترة طويلة .
وتقول السلطات السياحية في تايلاند إن عليهم “بناء ما يقرب من 70% من الأماكن التي تدمرت خلال ثلاثة اشهر فقط في المناطق الأكثر تضررا”.

كذلك لم تتعرض شحنات الأرز من تايلاند ، أكبر مصدر للأرز في العالم ، لأي اضطرابات. حيث تبحر معظم سفن الشحن من المناطق الشمالية والشرقية من البلاد والتي لم تتأثر بالكارثة الأخيرة.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن ماليزيا أعلنت أن 1000 صياد تأثروا بالكارثة وان الضرر الواقع على الصيد سيكون ملحوظا.

والإجراء الوحيد الذي سيحجم من الأثر الاقتصادي للمأساة هو سرعة إعادة البناء.
وتبدو الصورة أكثر قتامة بالنسبة لسريلانكا، ويقول المحللون إن السياحة ستعاني كثيرا قبل أن تتعافى. وتعد السياحة مجالا أساسيا لعدد من الدول النامية في المنطقة، حيث أنها توفر وظائف لنحو 19 مليون شخص في جنوب شرق آسيا وفقا لأرقام مجلس السياحة والسفر العالمي.
في اندونيسيا أعلن المسؤولون في قطاع النفط أن المليون برميل من النفط الخام التي تنتجها اندونيسيا لم تتأثر ، ولكن على صعيد إنتاج الغاز، تعطلت تجهيزات استخراج ومعالجة الغاز الطبيعي المسال بمقاطعة أتشيه قرب المنطقة المصابة يوم الأحد ، إلا أنه لم يظهر وجود أي تلقف بالبنية التحتية . كما تأخرت بعض سفن شحن المطاط موانئ سومطرة بسبب تلف بالبنية التحتية.

الأمم المتحدة تتحرك لمساعدة الناجين من الزلزال في أكبر عملية إغاثة في العالم

مع تزايد احتمالات انتشار الأمراض بعد الزلزال الهائل الذي ضرب جنوب شرق آسيا وارتفعت حصيلة ضحاياه إلى 40.000 شخص، بدأت الأمم المتحدة أكبر عملية إغاثة لتوفير المعونة للناجين في عشر دول تمتد من إندونيسيا إلى الصومال.

وقالت منظمة الصحة العالمية “إن الخطر لا يزال يهدد حياة الناس مع انتشار الأمراض مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة بسبب تلوث مصادر المياه”.
وقد اتجهت فرق الأمم المتحدة لتقييم الكوارث والتنسيق للعديد من الدول المنكوبة بينما تقف فرق أخرى على أهبة الاستعداد للانتشار في أماكن أخرى.

وقد طالب مسؤولون من الأمم المتحدة بتركيب أجهزة إنذار مبكر لتفادي مثل هذه الكوارث أو على الأقل التقليل منها في المستقبل مثلما هو الحال الآن في منطقة المحيط الهادي التي تعتبر أكثر عرضة لمثل هذه الكوارث. وقال والتر كالين، ممثل الأمين العام للأشخاص المشردين، “لو كان هناك نظام إنذار مبكر في منطقة جنوب آسيا لكان من الممكن إنقاذ آلاف الأرواح”.

وأضاف أن حجم الكارثة يتطلب التعاون الدولي والإقليمي على كافة الأصعدة لتفادي كارثة التشرد الداخلي. وشدد سلفانو بريسينو، مدير مكتب الاستراتيجية الدولية للتقليل من الكوارث بالأمم المتحدة، على ضرورة الحاجة إلى وجود أجهزة إنذار مبكر بمنطقة المحيط الهندي.

ومن ناحية أخرى واصلت منظمات الأمم المتحدة تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة حيث قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بنشر فرقه المتخصصة في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لإطلاق النداء العاجل لمساعدة المنكوبين.

المد البحري
يبتلع الآلاف بجنوب آسيا

الطوفان جرف الأخضر واليابس بالسواحل الآسيوية تعرضت دول جنوبي شرقي آسيا لكارثة مروعة أودت بحياة عشرة آلاف شخص على الأقل إثر زلزال أعقبته موجات مد كالطوفان أغرقت سواحل عدة دول بالمنطقة وشردت الملايين.

الزلزال كان مركزه قاع المحيط الهندي قبالة جزيرة سومطرة الإندونيسية وأحدث نحو عشرة توابع قوية ضربت جزر أندامان. وعلى الفور ثارت موجات مد بحري عاتية وصل ارتفاعها في بعض المناطق لعشرة أمتار اجتاحت إندونيسيا وسواحل الهند وسريلانكا وتايلند.

ويعتبر إقليم آتشه أكثر المناطق المنكوبة في إندونيسيا فقد لحق به الدمار الناجم عن الزلزال وأيضا موجات المد التي جرفت في طريقها الأخضر واليابس. وحتى إعداد هذا التقرير تفيد الأنباء بمقتل نحو 2500 في إندونيسيا بينهم نحو ألفين في آتشه.

وكان أكثر المشاهد مأساوية مقتل عشرات الأطفال دون العاشرة بعد أن جرفت المياه الآباء والأمهات أثناء محاولة إنقاذهم. ويقول مراسل الجزيرة إن أعداد الضحايا في ازدياد مشيرا إلى أن فرق إنقاذ تم إرسالها إلى المناطق المنكوبة نظرا لافتقار تلك المناطق لفرق مدربة بينما انقطعت الاتصالات الهاتفية تماما مع هذه المناطق.

قوة المياه اقتلعت خطوط السكك الحديد بسريلانكا (الفرنسية)
وفي سريلانكا آخر حصيلة للقتلى تزيد عن ثلاثة آلاف حيث لم يجد سكان المناطق الساحلية ورواد المنتجعات في الجنوب والشرق عاصما من طوفان المياه الذي جرف البيوت الخشبية وجذوع الأشجار ومراكب الصيادين والسيارات لمئات الأمتار داخل اليابسة. وتحولت خطوط السكة الحديد التي تصل جنوبي سريلانكا بالعاصمة كولومبو إلى كتل ملتوية من الحديد أو انتزعت تماما من مكانها وقذفت بها الأمواج بعيدا. رئيسة سريلانكا تشاندريكا كوماراتونغا أعلنت أن بلادها تواجه كارثة قومية وطلبت مساعدات دولية طارئة لمواجهة الكارثة التي أدت أيضا إلى تشريد نحو مليون شخص يمثلون 5% من إجمالي عدد السكان.

الصورة في جنوبي الهند وخاصة بولاية تاميل نادو لا تقل ماسأوية، وبحسب آخر تقديرات المسؤولين قتل ألفا شخص على الأقل إلى جانب الجرحى والمشردين الذين لم يتم حصرهم حيث انشغلت الشاحنات بجمع جثث القتلى من المناطق المنكوبة ومنها مدراس عاصمة الولاية.

وفي تايلند تحول موسم إجازات أعياد الميلاد إلى كارثة حيث قتل 300 على الأقل، وفقد عشرات آخرون بينهم سياح غربيون كانوا يقضون عطلاتهم ويمارسون الغوص بجزر ومنتجعات قبالة سواحل جنوبي البلاد. المياه القوية غمرت أيضا نحو ثلثي عاصمة جزر المالديف وتوقف العمل بالمطار، في ذروة موسم السياحة حيث تجتذب الجزر المرجانية السائحين من جميع أنحاء العالم.