30/10/2005

شهدت مدينة العيون ليلة السبت 29 أكتوبر 2005 أحداث عنف وذلك بعد تعليق علم جبهة البوليساريو على إحدى البنايات بشارع السمارة وتحشد مواطنين صحراويين (شباب من الجنسين , رجال ، نساء و أطفال ) في الجهة الموالية للبناية ومحاولتهم تنظيم تجمع وترديد شعارات ، لكن التدخل الأمني العنيف أدى إلى توتر الوضع ورشق سيارات الشرطة بالحجارة في مقابل تعنيف عناصر الشرطة للمتجمهرين والمارة من الشارع والأزقة المجاورة ومطاردتهم واعتقال البعض منهم وأثناء المطاردات بالشوارع و بالأزقة المجاورة لمكان الأحداث حاصرت سيارتان للشرطة الحضرية المواطن : لمباركي حمدي من مواليد 1972 بملتقى زقاقين بحي ” إنعاش الدشيرة” والذي كان خارجا لتوه من زقاق قرب مقهى ” أرينا ” .

وحسب شهود عيان من سكان الحي الذي شهد وفاة الضحية ، استمع إليهم أعضاء من مكتب الفرع ، انهال على الضحية اكثر من 10 عناصر من الشرطة الحضرية يضعون على وجوههم خوذات ،بالضرب بالهراوات والرفس على كافة أنحاء جسمه وعلى مستوى الرأس . ويضيف أحد الشهود : ” بعض أفراد الشرطة حملوا الضحية وقاموا بضرب رأسه على الحائط مرارا ” و بعد أن تركوه جثة هامدة انصرفوا بسرعة .
مباشرة بعد مغادرة الشرطة للمكان تجمهر بعض سكان الحي حول الضحية وحملوه إلى أحد المنازل القريبة حيث كانت الدماء تسيل من فمه وأذنيه و يجد صعوبة في التنفس كما كان يحدث صوتا شبيها بالشخير .

أحد سكان الحي قام بتفتيش جيبه فوجد جهاز هاتف محمول مكسر كما وجد بطاقته الوطنية التي تحمل أسمه الكامل : لمباركي حمدي وعنوانه . وانطلق في اتجاه عائلته بحي كولومينا ليخبرها . وفي نفس الوقت توقفت سيارة بيضاء من نوع رونو 12 قرب الجموع التي تجمهرت حول الضحية، أمام المنزل بعد إلحاح قاطنيه على إخراجه لأنه في وضعية ” شبه ميت ” .

طالبت بعض النسوة من سائق السيارة ومرافقه حمل الضحية إلى المستشفى ، لكن السائق تردد في البداية وأمام احتجاج وإلحاح النسوة خاصة ، حمله في السيارة و توجه إلى المستشفى على الساعة الثانية وأربعون دقيقة صباحا تقريبا. هذا مع العلم أن أحد المواطنين طلب عبر الهاتف من الوقاية المدنية الحضور لحمل ضحية مصاب فتساءل من رد على المكالمة : هل الضحية أصيب أثناء أحداث هذه الليلة أم لا ؟ فأجاب المتصل : لا أصيب على اثر شجار

. ثم تساءل مرة أخرى عن الحي الذي وقعت فيه الإصابة فتم إخباره به، فقال أن سيارة الإسعاف لن تأتي لأن هذا الحي وقعت فيه أحداث والحادثة ناتجة عن تدخل الشرطة . لم تحضر سيارة الإسعاف لعين المكان . كما تم إخبار المقاطعة التي يتواجد بها الحي بحالة الضحية ، لكن لم يحضر أي أحد .

بعد مدة وصل الشاهد الذي ذهب لإخبار عائلة الضحية رفقة : أم الضحية (فاطمة ) وشقيقته ( لمباركي خولة ) على متن سيارة من نوع فياط أونو وتوجه الثلاثة إلى المستشفى بعد أن علموا بنقله على متن سيارة بيضاء من نوع رونو 12. وأثناء مرورهم من شارع القدس صادفوا على الساعة الثالثة صباحا ( الوقت الذي يعلن فيه في العيون عن السحور بواسطة صفارة الإنذار ) ،إحدى سيارات الشرطة الحضرية متوقفة قرب السيارة التي حملت الضحية

كانت هذه الأخيرة فارغة من السائق ومرافقه والضحية ممددا بالمقاعد الخلفية، علما أن زجاج أبوابها من النوع الذي لايسمح برؤية من بداخلها . نزل الشاهد من السيارة وحاولت أم الضحية النزول لكن بعض عناصر الشرطة حالت دون ذلك بوقوفها أمام باب السيارة، فبدأت تحتج على أن ابنها قد تم حمله في هذه السيارة ( أي سيارة رونو ) ، لكن أحد عناصر الشرطة الذي كان يحمل بيده أوراق السيارة صرح لها بأن هذه السيارة ( سيارة رونو 12 ) لاتحمل أي أحد وأنها ارتكبت فقط مخالفة سير لذلك تم توقيفها .

انطلقت السيارة التي تقل أم الضحية وشقيقته والشاهد في اتجاه المستشفى بعد أن لاحظوا أن سيارة الشرطة كانت تعج بعناصر الشرطة الحضرية رفقة شخصين مدنيين .

وأثناء وصول الثلاثة إلى المستشفى وجدوا عائلة كانت تنقل مريضا لقسم المستعجلات أخبرتهم أن سيارة رونو 12 التي يبحثون عنها لم تصل إلى المستشفى وأنهم لم يشاهدوا وصول أي ضحية بمواصفات ابنهم وهو ما أخبرهم به أيضا قسم المستعجلات بمستشفى الحسن بالمهدي .

في حدود الساعة الثالثة والنصف صباحا وصلت السيارة التي تحمل الضحية إلى المستشفى ليودع بقسم المستعجلات. و لاحظ كل من الشاهد والعائلة ، أن أثار العنف كانت بادية على سائقها ومرافقه حتى أن قميص هذا الأخير كان ممزقا على مستوى الرقبة . السائق ومرافقه أخبرا أم الضحية وشقيقته والشاهد أنهم كانوا يتواجدون بسيارة الشرطة أثنا توقف السيارة التي كانت تقل الأم بشارع القدس .وأن الشرطة قامت بتعنيفهما داخل السيارة .

وأحتجزت وثائق السيارة ، وأنها ( أي الشرطة ) تحاول تلفيق تهمة القتل للسائق ، كما ألزمتهم بالرجوع لمخفر الشرطة فور إيصال الضحية للمستشفى وهو ما تم بالفعل .

الشاهد الذي رافق العائلة أخبرنا أيضا أنه ولج قسم المستعجلات وشاهد الضحية الذي كان وجهه غير محدد المعالم والدماء لازالت تسيل من فمه ولا يقدر على الكلام و على ما يبدو حسب الشاهد فإن الضحية مصاب كذلك على مستوى جهازه التناسلي نتيجة الرفس الشديد الذي تلقاه أثناء تعذيبه. أحد الممرضين أخبر الشاهد بعد أن عاين الضحية أن هذا الأخير وصل إلى المستشفي في وضعية صعبة .

لم تتمكن عائلة الضحية من رؤيته زوال يوم الأحد 30 أكتوبر 2005 بدعوى أنه وضع تحت العناية المركزة . أما سائق السيارة ( التي أقلت الضحية للمستشفى ) ومرافقه فقد اعتقلوا أثناء رجوعهم لمفوضية الشرطة و تم حجز السيارة .

إدارة المستشفى لم تخبر العائلة بنبأ وفاة ابنها إلا يوم الأحد 30 أكتوبر 2005 على الساعة الرابعة بعد الزوال . ويبدو آن الضحية وصل إلى المستشفى في وضعية حرجة لم ينفع معها علاج وأنه مصاب إصابات بليغة على مستوى الرأس والوجه بل أن احدي عينيه لم تعد تظهر كما أخبر بذلك أحد الممرضين.

جدير بالذكر أن إدارة المستشفى ظلت طيلة يوم الأحد تماطل عائلته ولا تمكنها من زيارته أو رؤيته بدعوى أنه في غرفة العناية المركزة ، إذ لم تتمكن العائلة لحد الآن من رؤية جثة ابنها . بل طالبت ادارة المستشفى العائلة بنقل الجثة على وجه الاستعجال لدفنها ، لكن العائلة رفضت ذلك وطالبت بإجراء تشريح طبي للجثة لتحديد أسباب الوفاة .

وفي ارتباط بحدث وفاة المواطن : لمباركي يحضيه عرف الحي الذي تقطنه عائلته ، حي كولومينا ، بعد تأكيد و انتشار خبر الوفاة ، تنظيم تجمع جماهيري كثيف ردد خلاله المتظاهرون شعارات تندد بما أسموه “جريمة الاغتيال” وطالبوا بتقرير المصير. كما تم حمل أعلام جبهة البوليساريو وتعليق بعضها على بنايات .

في البداية لم يسجل أي حضور للأمن على الرغم من إغلاق المتظاهرين للمنافذ الرئيسية للحي بالحجارة لكن في الساعة الخامسة والنصف مساء، شهد الحي عمليات تدخل أمنية عنيفة تخللها اقتحام المنازل بما فيها منزل عائلة الضحية الذي كان يعج بالزوار وإصابة واعتقال وتعذيب بعض المواطنين المتواجدين به و بالمنازل وبالأزقة الأخرى . و تم إغلاق منزل الضحية وإجبار عائلته على مغادرته نحو حي العودة المتواجد في أطراف المدينة .

وقد شهد حي كولومينا حصارا أمنيا طيلة ليلة الأحد ، حيث تمت مداهمة الكثير من المنازل واعتقال مواطنين من داخلها كما تعرض البعض للتعذيب . ومن جهة أخرى شهد بوم السبت مساء على الساعة الخامسة وخمسين دقيقة اعتقال السيد: ابراهيم دحان( أحد ضحايا الإختفاء القسري ) من طرف الشرطة الحضرية من أمام منزله بشارع مكة وقد علمنا أنه أودع السجن لكحل بأمر من قاضي التحقيق يوم الثلاثاء 02 نونبر 2005 .

لم تتوقف وتيرة الأحداث بل انتقلت إلى شوارع وأحياء أخرى (حي معطى الله- شارع المغرب العربي – شارع أسكيكيمة – شارع مزوار – حي المطار – حي دير ايدك – شارع السمارة …) التي شهدت أحداث عنف ورشق سيارات الشرطة بالحجارة وإصابة واعتقال وتعذيب مواطنين . ولاتزال مدينة العيون تعرف توترا مستمرا ……

وفي الختام إليكم لائحة بأسماء بعض ضحايا التدخل الأمني بحي كولومينا ليومي السبت والأحد 29 و 30 أكتوبر 2005 :

– الليلي محمد الشيخ ( دهسته إحدى سيارات الشرطة ، إصابته على الرأس بليغة نقل إلى المستشفى و هو الآن في منزله ووضعيته حرجة )
– الأنصاري محمد ( مصاب على الرأس – الظهر والكلي )
– محمد عبد الرحمان الكارحي ( أصيب على الذراع )
– حنينة عزيزة (مسنة مصابة إصابات بليغة على الرأس – الذراع – والفخذ )
– لمجيد سيدي أحمد ( مصاب على الرأس والظهر أصيب داخل منزل الضحية )
– لبحيح محمد عالي ( أصيب داخل منزل الضحية ، اصابة الرأس 6 غرزات والظهر )
– بيجي العالية ( أصيبت داخل منزل الضحية ، اصابة الرأس – الذراع )
– الكارح السالكة ( أصيبت داخل منزل الضحية ، إصابة الرأس – الذراع – الكلية – هي الآن طريحة الفراش )
– الشيخي حسينة
– الموساوي أحمد
– أميدان يحي ( تم اعتقاله وأفرج عنه بعد ذلك )
– جناح عزيز ( يتواجد بالمستشفى حالته خطيرة ، مصاب على الرأس هذا الضحية أصيب يوم السبت 29 قرب المكان الذي قتل فيه : لمباركي ، وشهود يؤكدون أن سيارة للشرطة دهسته وتركته مرميا )
– أمغير عزيز ( يتواجد الأن بالمستشفى )
– هداد مصطفى ( تم اقتحام منزل عائلته بحي معطى الله)
– لفغير بمبة ( مسن 55 سنة تم اقتحام منزل الضحية فانهال عليه عناصر الشرطة بالضرب )
– الكزان ابراهيم
– أميدان الرباب
– محمد عالي بلكاسم ( تم اعتقاله )
– مطيع ابراهيم السالم ( أصيب يوم الأحد بشارع القدس على الرأس -الفك-الحنجرة الصدر الحوض والأرجل هو الآن طريح الفراش يعاني وعائلته لم تنقله للمستشفى خوفا من اعتقاله ).
– لبيض لعروصي (طالب جامعي بمراكش أصيب ليلة السبت 29 أكتوبر مصاب اصابات بليغة على الرأس – الوجه و الحوض ، يعاني من ألام حادة في العينين وأحد الأطباء أخبر والده أن الأنف على مستوى العينين مصاب بكسر بليغ أثر على العين )

– ملحوظة :
لم نتمكن من زيارة والتعرف على الكثير من الضحايا لصعوبة التحرك وسط أجواء مشحونة و بسبب التواجد الأمني الكثيف والتهديد بالاعتقال في أي لحظة . وقد تم اخبرنا أن هناك ضحايا متعددين في أحياء متفرقة من المدينة في منازلهم ولم يلتحقوا بالمستشفى خوفا من الاعتقال . ما نستطيع تأكيده أن التدخل الأمني أصبح يتخذ طابعا أعنف مما سبق ويخلف ضحايا كثيرين أغلبهم لا دخل له بالأحداث ، مشاهد فقط أو صادف مروره قرب مكان الأحداث . كما أن الاعتقالات في صفوف المواطنين كثيرة جدا وسنعمل لاحق على تحديد لائحة بالمعتقلين والمصابين .

تم الإتفاق بين أعضاء المكتب : ( اكيليد حمود – القدسي محمد – المرضي مصطفى – العباوي مصطفى – موثيق الحسين ) على انجاز تقرير عن أحداث العيون يومي السبت والأحد 29 و 30 أكتوبر 2005 و عن وفاة المواطن : لمباركي حمدي وصياغة بيان حول هذه الوفاة وحول الأحداث .

وبخصوص زيارة الحي الذي شهد الوفاة والاستماع لشهادات بعض سكان الحي فقد قام بها أعضاء المكتب : ( اكيليد حمود – المرضي مصطفى – موثيق الحسين ) وقد تعذر عليهم الوصول إلى منزل عائلة الضحية الجديد لصعوبة التعرف عليه و لتواجده في حي في أطراف المدينة .

وسيحاولون قريبا حال تحديد المنزل زيارة العائلة . علما بأنه سبق وأن تمت زيارة العائلة يوم الأحد بمنزلها بحي كولومينا قبل ترحيلها منه لكن الأجواء هناك وكثرة الزوار والحالة النفسية المتشنجة سواء للعائلة أو للمواطنين ، لم تسمح بتدقيق المعطيات معها والاستماع لروايتها .

عن المكتب