29/10/2008
كثيرة هي الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال القاصرين، ومن خلال تتبع الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالقصر الكبير لهذه الظاهرة، يسجل أن جزء هام وكبير جدا من هذه الاعتداءات، تظل في طي الكتمان، بحيث أن أسر الأطفال المعتدى عليهم في كثير من الأحيان، لا يحركون مسطرة المتابعة القضائية. بل وحتى ولو تقدموا أحيانا بشكاية إلى الضابطة القضائية، والنيابة العامة، فإنهم لا يتتبعوا إجراءاتهم عبر رفع دعوى ومحاكمة المشتكى بهم. وبالتالي يلتجئون إما إلى الصلح أو تسوية الشكاية بأية طريقة، وترجع أسباب ذلك لاعتبارات عدة أهمها، خوف العائلات إلى ما يسمى للعار أو الفضيحة أو المس بسمعة العائلة حيث سجانا من داخل الجمعية أن حالات عديدة من الشكايات التي أخبرنا بها من طرف عائلات الضحايا تراجعت عن متابعتها للمتهمين بالرغم من ثبوت واقعة الإعتداء .
ومن جهة أخرى لعدم تعاطي الأجهزة القضائية بالحزم والصرامة في التحقيق وتتبع الشكايات، وبالتالي حفظ ملتمسات فتح التحقيق لعدم كفاية الأدلة.
كما أن بعض العائلات تقلل من خطورة الاعتداءات التي يكون قد تعرض لها الأطفال، خاصة في ظل حالة الخوف والانطواء على الذات التي يعاني منها المعتدى عليهم وإحساسهم بانعدام الثقة في محيطهم.
ويلاحظ أن المجتمع يكرس تواطأ الجميع على الصمت على هذه الجرائم من خلال القبول بهذه الاعتداءات والتعايش معها كظاهرة اعتيادية لا تثير ردود فعل مجتمعية رادعة , وفي بعض الحالات لوحظ أن الجاني يتباهى بعدد حالات الاعتداء والتحرش الجنسي بالأطفال والمراهقين، وكأن الأمر يتعلق بسلوك غير إجرامي.
وتعكس قضية الطفل بدر ( ست سنوات ونصف و يتابع دراسته بالمستوى الأولى إبتدائي بمدرسة الشفشاوني ) الذي تعرض لاغتصاب وهتك عرض نموذجا صارخا لظاهر ة الإفلات من العقاب في الجرائم الجنسية على الأطفال.
فالبرغم أن عائلة الضحية قد تحملت مسؤولياتها كاملة في متابعة المتهم.
وبالرغم أن المحكمة الابتدائية قضت بالإدانة وحبس المتهم لمدة خمس سنوات وتعويض قدره ثلاثون ألف درهم , بتاريخ 18 – 09 – 2007 . فإن محكمة الاستئناف قضت بإلغاء الحكم الابتدائي في حكمها الصادر بتاريخ 20 – 11 – 2007 ، وحكمت ببراءة المتهم، مشيرة في حيثيات الحكم بأنه إذا كانت الشواهد الطبية تؤكد واقعة هتك العرض والاعتداء الجنسي على الطفل “بدر” فإن ذلك لا يكفي لإدانة المتهم لعدم كفاية الأدلة!! ولا زالت القضية مطروحة أمام المجلس الأعلى للقضاء ليقول كلمته حتى لا تبقى جريمة الاعتداء على هذا الطفل “بدون عقاب” على غرار الحالات العديدة للاعتداءات الجنسية على الأطفال، ويبقى معه السؤال حول نجاعة آليات حماية حقوق الطفولة بالمغرب، وأية مداخل حقيقية وفعالة لاحترام مقتضيات إتفاقية حقوق الطفل؟
عن المكتب المحلي:
القصر الكبير في:29-10-2008