10/5/2005

تابع مركز الجنوب لحقوق الإنسان مناقشات مجلس الشعب اليوم بشأن تعديل المادة 76 من الدستور ببالغ الإحباط وخيبة الأمل، فما حدث هو مجرد إعادة صياغة لما كان عليه الحال فى السابق، وإعطاء فرصة أكبر لتزوير إرادة الناخبين

وفرض الوصاية على اختيارات المواطن المصرى لرئيسه، عبر قيود تعجيزية لاتكفل ممارسة في التقدم للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وتتناقض مع دعوة الرئيس مبارك لتعديل المادة 76 من الدستور لفتح المجال لإنتخاب الرئيس بدلاً من نظام الإستفتاء

تلك الدعوة التي اعتبرها مركز الجنوب خطوة أولية نحو الإصلاح السياسي في بلادنا تتطلب العمل على توسيع نطاق التعديلات بدلاً من الإلتفاف عليها بوضع قيود صارمة تعيق ممارسة حق الترشيح للمنصب، وفي هذا السياق فإن المركز يرى أن هناك ضرورة لإلغاء قانون الطوارئ وترسانة القوانيين المقيدة للحريات، لضمان إجراء الانتخابات في نزاهة وحرية اشتاقت لها جماهير الشعب المصري التي تتنظر حدوث تغيير جذري بدلاً من الإصلاحات الشكلية التي تعيق التطور الديمقراطي في البلاد.

إن ما جاء فى تعديلات المادة 76 فهو مخييب للآمال إذ لم تشر إلى إلغاء حالة الطوارئ أو على الأقل تجميدها في فترة الانتخابات، كما أنها تضع المرشحين المستقلين، وهم غالبا من التيارات السياسية التى لا يسمح لها بتأسيس أحزاب، فى قبضة الحزب الحاكم المتمثل فى مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية إذ يشترط أن يحصل المرشح المستقل على تزكية 250 عضو من اعضاء المجالس المذكورة التي جاءت أغلبها نتيجة التزوير وقضت بذلك قرارات محكمة النقض، كما أن المواطن الذى صوت فى انتخابات هذه المجالس لم يكن يعلم أنها ستحدد له مصيره بهذا الشكل.

و قد جاءت مناقشات مجلس الشعب لتعديلات المادة، متزامنة مع استمرار العمل بقانون الطوارئ، و تكثيف الاحتياطات الأمنية غير المبررة فى الشارع المصرى، ووجود آلاف المعتقلين السياسيين داخل السجون، وحظر حق التظاهر والتعبير عن الرأى على المواطن المصرى ، بالإضافة إلى الوهن الشديد الذى أصاب الأحزاب السياسية بفضل الحصار الأمني المفروض عليها طوال سنوات العمل بقانون الطوارئ، وغياب كثير من التيارات السياسية الهامة عن الحياة السياسية.

إن هذا التعديل قد جاء عكس توقعات المواطن المصرى في إحداث تغيير حقيقى وشامل فى الحياة السياسية المصري، متمثلا فى توفير مناخ ملائم لإجراء انتخابات حرة نزيهة، تتمكن فيها كل التيارات السياسية فى مصر من أن ترشح ممثليها حتى يتمكن المواطن المصرى من الاختيار الحر دون قيود.

وفيما يتعلق بلجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية فقد أريد لها أن تكون بعيدة عن الحياد تماما باختيار خمسة من الشخصيات العامة التي سيرشحها مجلسي الشعب والشورى، كما أنها تهدر حق الطعن على قراراتها بما يمثل انتهاكا صريحا لحق المرشح في الطعن على قرارتها، كما انها لن تكون مسئولة عن العملية الانتخابية كلية حيث أنها لن تقوم بأية تعديلات لتنقية الجداول الانتخابية من المتوفين والأسماء المكررة.

إن مركز الجنوب يطالب بإجراء تعديلات حقيقية للدستور وعدم تفويت الفرصة الحالية للتقدم نحو الديمقراطية الحقيقة لا الهزلية التي أرتضى بها مجلس الشعب وذلك يتتطلب مايلي:

أولا الغاء العمل بقانون الطوارئ، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، والسماح لكل التيارات السياسية بأن يكون لها تمثيل حزبى مشروع، و إعادة انتخاب نواب مجلسى الشعب والشورى وكافة المجالس المحلية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، وتفعيل دور الأحزاب السياسية فى مصر، وعدم الحجر على حرية المواطن المصرى في اختيار رئيس الجمهورية، وتشكيل لجنة إشرافية تضم ممثلين من جميع التيارات السياسية.

كما يطالب مركز الجنوب لحقوق الإنسان بوقف تدخل الشرطة فى العملية الانتخابية، ومنعها المواطنين من الوصول إلى صناديق الاقتراع، والغاء سيطرة الحكومة على التليفزيون والإذاعة، وإطلاق حرية اصدار الصحف بدون شروط تعجيزية، والغاء لجنة الأحزاب السياسية واجراء تعديلات جوهرية على قانون مباشرة الحقوق السياسية، واطلاق حرية تأسيس النقابات والجمعيات الأهلية.

إن مركز الجنوب يطالب الرئيس مبارك بعدم التصديق على تعديلات المادة 76 من الدستور ودعوة مجلس الشعب لإعداد صياغة جديدة تكفل حق المواطن المصري في الترشح لمنصب الرئاسة بدون قيود، كما يدعو إلى التصويت بالرفض في الإستفتاء المقرر إجراؤه على تعديل هذه المادة حتى يمكن الوصول الى صياغة ديمقراطية في ظل عملية تغيير جذري وشامل وإصلاح حقيقي للحياة السياسية في مصر