21/9/2005
ما يدور فى المشهد الثقافى المصرى الآن يدعو للسخرية والإشمئزاز فى آن، فكم الكذب والمغالطات ومحاولات الاستهزاء بالعقول فضلاً عن كم الموالسة والتمسح بأعتاب السلطة من قبل جماعات من المثقفين بل والسياسيين الذين طالما قدموا أنفسهم فى صورة المدافعين عن الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان أكبر بكثير من أن يقابل بالصمت.
فالبيان الذي صدر عن مجموعة من “المثقفين” لمناشدة الرئيس مبارك بعدم قبول الاستقالة بينما يصرح على استحياء أن مسئولية ما حدث هى “مسئولية مجتمع يتطلب حشد كل القوى والامكانات للحفاظ على حياة وحرية وكرامة كل مواطن”.
وللعلم فقد وقع على هذا البيان حوالى 200 مؤيد من بينهم رئيس حزب التجمع ورجال أعمال وصحفيين وشعراء بالاضافة الى عدد كبير من الممثلين، وهو ما يعنى أن التوقيع على بيان التأييد لم يكن حكراً على المثقفين فقط أو أن مصطلح المثقفين أمتد فى وضع تأييد الوزير ليشمل كل من يرغب فى تأييده بصرف النظر عن المجال الذى يعمل به
وهو ما يتناقض مع التصريحات المبطنة التى يحاول بها وزير الثقافة تشوية المعارضين لسيادته بقوله إن المعارضة حق ومظهر ديمقراطى لكل المثقفين لولا تدخل بعض الاطراف الأخرى ويقصد بها السياسيين الذين انضموا لحركة المعارضة والذين من بينهم مبدعين وفنانين
بينما ليلى علوى ودلال عبدالعزيز ومحمد أبو العنين بالنسبة للوزير الفنان مثقفين بحكم توقيعهم على بيان التأييد، فهل نحن بحاجة إلى مسرحيات هزلية إضافية أم أن المهازل تدعو بعضها بعضاً؟!!.
هل يرى أصحاب نظرية مسئولية المجتمع أن هذا المجتمع هو الذى إختار وزير الثقافة وحكومته ونظامه؟ أو أنه يملك الحرية والحق فى محاسبة هؤلاء ومساءلتهم؟ أو أن له الحق فى مشاركة الوزير الفنان فى صنع إنجازاته الحضارية؟
صحيح أن إستقالة وزير بل وحكومة كاملة فى ظل استمرار واستقرار الآليات نفسها التى تحكم أداء النظام لن تؤدى إلى أى إصلاح أو تغيير، ولكن تعميم المسئولية وكيل المديح لرعاة الفساد والمفسدين لا يعنى سوى التورط الفعلى فى مستنقع الفساد.
وليس من الغريب أن تأتى مثل هذه المواقف من رموز دأبت على تصوير نفسها فى موقع المناضل مقتاتة فى ذلك على مصادفات التاريخ البائد التى وضعتهم فى هذه المنزلة بينما ذقونهم غارقة فى نعيم النظام ورموزه كل فى موقعه
وإلا لماذا يلقى هؤلاء بمسئولية المحرقة على المجتمع المصرى كله بينما ينسبون ما يرونه إنجازات لوزيرهم الفنان فقط؟.
لقد ذكرنا من قبل ونواصل التأكيد على أن ما حدث فى قصر ثقافة بنى سويف لا ينبغى التعامل معه بوصفه حادث فردي ينتهي بتحقيقات جنائية، بل ينبغى التأكيد على أن تلك الحوادث هى النتيجة الطبيعية لأداء النظام المصرى ككل بكل وزاراته وهيئاته
ومن ثم فعلى كل المثقفين الأحرار ألا يحصروا نضالهم فى مطالب محدودة تتيح الفرصة للتلاعب والمداورة والأكاذيب فضلاً عن أنه لا توجد ضمانات على أن تحقيق مثل هذه المطالب يمكن أن يؤدى إلى إحداث أى تغيير حقيقي، ومن تلك المطالب تقديم مسئولين للمحاكمة أو المطالبة بإستقالة مسئولين، بل ينبغى التأكيد على أن المطالبة بإقالة وزير الثقافة أو غيره ليست هدفاً فى حد ذاته بل يجب أن تكون البداية لحركة إصلاحية جذرية وشاملة.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يرصد بداية ظهور حركة مصرية تسعى من أجل واقع ثقافى نظيف بلا فساد، وجماهيرى بلا محسوبية ومبدع بلا سفه أو تسطيح ممثلة في حركة ادباء وفنانون وكتاب من أجل التغيير فإنه يؤكد تضامنه مع هذه الحركة التي تدافع عن حق المواطن المصرى فى واقع ثقافى تنويرى يعبر عنه ويضيف له، واقع ثقافى هو شريك فى صنعه وهو المستفيد الأول من إنتاجه الإبداعى
وبالتالى هو المسئول عنه بحق، واقع ثقافى يراعى حق المواطن المصرى فى القرى والنجوع والأماكن الشعبية والمدارس والمعاهد والجامعات في الحاجة إلى منابر وهيئات ثقافية وترفيهية وتوعوية.
ولا ينبغى لهذه الحركة أن تتوقف أو أن ترتبط بحدث أو أحداث بل ينبغى أن تستمر وتواصل نضالها، فحقوق المواطن الثقافية لا تقل عن أى حق آخر من الحقوق بل تضاهيها فى الأهمية
وقد آن الأوان لمثقفينا وفنانينا ومبدعينا وكتابنا الذين يحترمون إبداعهم ودورهم فى المجتمع شباناً وكباراً أن يتحملوا عبء النهوض بالواقع الثقافى المصرى، وأن يتلاحموا مع كل المنادين بمجتمع ديمقراطى يتمتع فيه المواطن بحقوقه الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية والمدنية على حد سواء.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يدعو لتشكيل لجنة من منظمات المجتمع المدني للدفاع عن كافة حقوق جميع ضحايا محرقة بني سويف وضحايا محاولة الهروب من المسئولية الممثلين في من تم القاء القبض عليهم وتجري التحقيقات معهم حاليا بهدف الالتفاف على المطالبة بتحمل المسئوليين الحقيقيين عن جريمة المحرقة في بني سويف
والسعي لتحميل هؤلاء الضحايا المسئولية مثلما حاولوا من قبل مع صغار العاملين في محرقة قطار الصعيد المشئوم.
العنوان : 1 شارع عبد العزيز عبد الشافي _ من أول شارع النصر – أرض الجمعية – إمبابه – جيزة -الدور التاسع
تليفون / 3102003