2/12/2005

مركز الجنوب لحقوق الإنسان
يطالب بوضع استراتيجية غير أمنية
للتعامل مع مشكلات الهجرة غير الشرعية

جاءت اجتماعات قادة قمة برشلونة لتؤكد من جديد على أهمية ايجاد حلول عاجلة لمشكلة الهجرة غير الشرعية المتزايدة، فقد احتلت قضية الهجرة مكانا بارزا خلال القمة بعدما لقي العديد من المهاجرين مصرعهم مؤخراً اثناء محاولتهم اقتحام الحدود الاسبانية في سبته ومليلة، وخلال انعقاد القمة فشل رجال الإنقاذ والشرطة الاسبانية في العثور على 22 مهاجراً فقدوا في البحر كانوا يستقلون مركبا بهدف الوصول الى السواحل الجنوبية لأسبانيا.

واعترف العديد من قادة أوروبا وعلى رأسهم توني بلير ورئيس وزراء اسبانيا ورئيس البرلمان الأوروبي وخافيير سولانا بضرورة تقليص الفجوة بين الشمال والجنوب بهدف تقليل معدلات اللجوء للهجرة غير الشرعية ، كما حذروا من امكانية نشوب صراع بين الحضارات إذا ما استمر الوضع كما هو عليه في ظل تردي الأوضاع الاقتصاددية والسياسية في دول الجنوب وعدم تطبيق برامج ايجابية لدمج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية، الأمر الذي يؤدي إلى كوارث اجتماعية وامنية مثلما حدث في فرنسا التي فرضت قانون الطوارئ لإحتواء العنف الذي شهدته لمدة ثلاثة اسابيع في العديد من الأحياء التي يقطنها فقراء المهاجرين.

ويرى مركز الجنوب لحقوق الإنسان أنه لكى يتم وضع إستراتيجية فاعلة فى مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى دول الإتحاد الأوروبى فإنه ينبغى فهم الأسباب التى تؤدى إلى بروز وتزايد هذه المشكلة. إن السبب الرئيسي للهجرة من الدول النامية وخاصة من دول جنوب المتوسط إلى أوروبا سواء بشكل شرعى أو غير شرعى يكمن فى الظروف الإقتصادية فى تلك الدول، حيث أن الإستراتيجية التى يتقدم بها الإتحاد الأوروبى والتى تعتمد على تشجيع الهجرة الشرعية بناء على دراسة دقيقة لإحتياجات سوق العمل الأوروبى رغم كونها تتناسب مع السياق الإقتصادى والإجتماعى فى دول أوروبا إلا أنه لا يمكن إعتبارها بمفردها كحل عملى لمشكلات الهجرة إلى أوروبا مع الوضع فى الإعتبار الأعداد الكبيرة من المهاجرين المحتملين الذين لا يملكون أية بدائل ملموسة لكسب العيش فى بلدانهم وليس أمامهم سوى البحث عن طريق آخر خارج البلاد.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يعبر عن إهتمامه البالغ بتلك النقطة خصوصاً وأن غالبية المشروعات المطروحة من قبل الإتحاد الأوروبى لمكافحة الهجرة غير الشرعية تركز على الجانب الأمنى. فمثلاً مشروع إنشاء معسكرات لإحتجاز طالبى اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين على شواطئ خمس دول شمال إفريقية وغير ذلك من برامج الدعم المالى والتقنى لحكومات دول جنوب المتوسط التى تتركز على حراسة الحدود البحرية والبرية وكذلك للحد من العبور بشكل غير شرعى؛ مثل تلك المشروعات على الرغم من أهميتها إلا أنها لا يمكن أن تكون الوجه الوحيد للتعاون بين دول الاتحاد الاوروبى وبين حكومات جنوب المتوسط، فضلاً عن أن تلك البرامج قد تقود إلى إنتهاكات لحقوق الإنسان.

إن مركز الجنوب يرى أن الأمل فى القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالعمالة سيكون ضعيفا إذا لم يتم القضاء على كل الظروف الرئيسية التى تتسبب فى الهجرة. فإتخاذ خطوات للحد من البطالة والحد من القصور فى التنمية بما يقلل الفجوة التنموية بين الدول المتقدمة والدول النامية هى السبيل الوحيد لمواجهة المشكلة، ومن ثم فإنه يتعين على الإتحاد الأوروبى أن يتخذ استراتيجيات للتنمية الإقتصادية والإجتماعية فى دول جنوب المتوسط.

مركز الجنوب لحقوق الإنسان
رصد استمرار الانتهاكات الخطيرة في انتخابات الاعادة بدائرة إمبابه
غياب القضاة وانتشار الرشوة والعنف ومنع مراقبي المركز من حضور الفرز
مظاهرات غاضبة تحرق ثلاثة مقرات للحزب الوطني اعتراضا على النتيجة

تابع مراقبو مركز الجنوب لحقوق الإنسان مهماتهم الرقابية على العملية الانتخابية في دائرة قسم إمبابه، وأسفرت أعمال الرقابة عن رصد المزيد من الانتهاكات والتجاوزات التي صاحبت عملية التصويت والفرز بما يتناقض مع أبسط قواعد إجراء انتخابات تتميز بالحرية والنزاهة والشفافية، وقد أدى الإعلان عن فوز مرشحي الحزب إلى مظاهرات احتجاج غاضبة تهتف ضد الحزب الوطني وحرقت خلالها ثلاثة مقرات للحزب الوطنى في إمبابه رغم الحصار الأمني الكثيف الذي شهدته المناطق المحيطة بلجنة الفرز في الدائرة.

وسجل مراقبي المركز استمرار وتكرار نفس الانتهاكات والمخالفات التي شهدتها الانتخابات في مرحلة ما قبل الاعادة ومن أهم هذه المخالفات في مرحلة التصويت استمرار تولي رئاسة اللجان لغير القضاة خلال عملية التصويت بتكليف العاملين بهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ووكلاء النيابة برئاسة اللجان الانتخابية بما يخالف تعريف القاضي الذي أقره نادي القضاة وهو أن يكون من بين قضاة المنصة الجالسين للحكم في القضايا، والإعتماد على نفس الجداول الانتخابية المعيبة بوجود أخطاء فى أسماء أعداد كبيرة من الناخبين مما حرمهم من التصويت.

كما سجلت مراقبة المركز سهولة إزالة الحبر الفسفوري فورالتصويت لعدم مطابقته للمواصفات التي تشترط عدم ازالته قبل مرور 24 ساعة واختفاءه في بعض اللجان، والسماح بالتصويت لغير حاملي البطاقة الشحصية والإكتفاء بما سمي بالتعارف على هوية الناخب من قبل مندوبي الحزب الوطني المنتشرين بكثافة على أبواب اللجان الانتخابية، وانتشار ظاهرتي شراء الأصوات واللجوء إلى العنف مثلما حدث في مدرسة أبو بكر الصديق بشارع المطار.

وفي نهاية اليوم قامت قوات الأمن المركزي بمنع مراقبي مركز الجنوب لحقوق الإنسان وعدد من الصحفيين من دخول اللجنة العامة لحضور عملية فرز الأصوات رغم حملهم لبطاقات السماح بالمراقبة الصادرة من اللجنة العليا للإنتخابات، وبرر الأمن هذا الموقف غير المقبول بصدور قرار المنع من رئيس اللجنة العامة المشرف على الفرز الذي وجهت له من قبل انتقادات شديدة لموافقته على البدء في فرز جميع الصناديق في وقت واحد، وبعد إعلان النتيجة شهدت الدائرة مظاهرات غاضبة تم خلالها احراق ثلاثة مقرات للحزب الوطني احتجاجا على فوز مرشحي الحزب الوطني وليد المليجي وإساعيل هلال.

حول مؤتمر الوفاق العراقى بالقاهرة

كتب – صلاح صابر
شهد مقر الجامعة العربية بالقاهرة هذا الاسبوع الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق العراقي وسط مواقف متباينة من الملفات الثلاثة الحساسة المطروحة عليه وهي انسحاب القوات الاجنبية والمقاومة المسلحة وتهميش السنة. وانطلاقا من حرص المعدين للمؤتمر على مشاركة كل أطياف الشعب العراقى فان قرابة 60 شخصية عراقية تم دعوتها فيما فضلت شخصيات أخرى عدم الحضور واكتفت بمندوبين عنها مثل رئيس المجلس الاعلى الثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم الذى يرأس أيضا فيالق بدر أو منظمة بدر سيئة السمعة والتى تم الكشف مؤخرا عن قيام عناصر منها تغلغلت فى وزارة الداخلية بتعذيب وقتل مئات العراقيين السنة العرب وانتهاك حقوق الانسان على نظاق واسع .. كذلك فعل ايضا مقتدى الصدر الزعيم الشيعى الشاب … إلا أن الثانى ربما لم يحضر بنفسه لعدم تلبية مطالبه بعدم مشاركة البعثيين السابقيين فان الاول ربما لا يحبذ مثل هذا المؤتمر وربما يشاركه فى هذه الرؤية رئيس الوزراء العراقى ابراهيم الجعفرى ورئيس الدولة جلال طالبانى رغم أن الاخيرين شاركا بقوة فى اعمال المؤتمر وإن أبديا بوضوح موقفهما الذى يفيد بالنهاية بنسف المؤتمر والقائم على رفض تام لمشاركة أى بعثى وعدم الاكتراث بالمقاومة ووصمها بالارهاب دون أن ياتيا ذمكرا فى كلمتيهما الافتتاحية على موضوع الاحتلال مكتفين بالاشارة إلى أن الوضع فى احسن حال وأن العلاقة بين اطياف العراق على أحسن ما يكون .. ولما لا يقولا ذلك أليسا هما وأحزابهما يمسكان الوضع فى البلاد ..

فى الواقع أن هذه المواقف لقت منذ اليوم الاول ردا عنيفا من الشيخ حارث الضارى رئيس هيئة علماء المسلمين تلك المرجعية السنية العربية الاقوى منذ احتلال العراق ، حيث انتقد علنا خطاب رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري معتبرا انه يتضمن “روحا اقصائية” ويقدم الوضع في العراق بصورة “وردية” مخالفة للحقيقة. وقال الضاري في ختام كلمته التي القاها في الجلسة “يؤسفني ما سمعته من بعض العبارات التي وردت في خطاب الجعفري”. واضاف ان هذه العبارات “مخيبة للامال في التوصل الى تفاهم واتفاق جدي بين العراقيين”. وتابع ان “عدم الاعتراف بالواقع هو الطاغي على هذه الكلمة وروح الاقصاء فيه واضحة كما انه عرض الواقع في العراق بصورة وردية والحال ليس كذلك”. . وتحدث بصفة خاصة عن “اقصاء عدد كبير من موظفي الدولة لاسباب طائفية او عرقية وعن “تشكيل الميليشيات التي غدت كالوباء الذي يستجير منه القوم”. وطالب باطلاق سراح الاف المعتقلين “الذين امتلات بهم سجون قوات الاحتلال او السلطة او السجون الخلفية” مؤكدا انهم “اودعوا هذه السجون ظلما وعدوانا ويتعرضون لتعذيب نفسي وجسدي دون تقديم اتهامات لهم”. كما طالب باعادة هيكلة المؤسسة العسكرية العراقية على اسس “مهنية” لتصبح “مؤسسة حيادية ونزيهة وبعيدة عن الاعتبارات الطائفية والعرقية لتحظى بثقة الشعب كله”.
واكد ان بقاء المؤسسة العسكرية على حالها “يذكي نار الصراع الدموي في العراق”أما الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقد قال ان الامن في العراق “لا يمكن ان يوفره وجود عسكري اجنبي ولا ان تضمنه الجيوش ولا التحالفات مهما تشابكت”مشيرا أيضا إلى أن اكراد العراق ظلموا عن خطا او عمد لفترات طويلة مما ادى الى ردود فعل لا بد من تفهمها” في اشارة الى بروز دعوات الى انفصال كردستان عن العراق. واعتبر ان “ما عاناه الشيعة لم يكن في صالح السنة ولا برضاهم بل كان ضد مصالهم ومصالح العراق”.

إذن فنحن أمام جهة أو جهات عربية واقليمية تسعى لنزع فتيل الازمة العراقية لان ذلك مصلحة لها فى النهاية أما الداخل العراقى ففيه تياران الاول يمثله الاكراد والشيعة الذين يبدو أنهم تماهوا مع الاحتلال ولا يتحدثون عن مقاومتهم إلا بطرق سلمية فقط ويصرون على دفع من يتولى المقاومة المسلحة فى زاوية الارهابيين ويمسكون بسلطة طال انتظارها ولم يشعروا بعد بخطورة استمرارهم على هذا الوضع ربما انظلاقا من طول فترات ظلمهم التاريخى على يد النظام السابق ويصرون على استبعاد من يخالفهم فى الرأى متهمين اياه بكل جرائم العصر السابق مرورا بحلبجة والقبور الجماعية أما الطرف الثانى فهو العرب السنة الذين يتولون عملية المقاومة للمحتل بالسلاح وبغيره ويرفضون تسمية الاحتلال بغير اسمه ويصرورن على جدول زمنى مكفول دوليا للانسحاب من بلادهم ويرون فى استبعاد أى بعثى سابق من الحوار استكبارا لا يفيد ويحملون فى المقابل ألام اضطهاد يعاصرونه يوميا وانتهاك لحريتهم تمارسه عليهم ميليشيات الاحزاب الشيعية الحاكمة أو الحكومة الحالية سواء فى المعتقلات أو فى استهداف رموزهم أو فى استهداف مدنييهم فى القرى والمدن بحجة محاربة الارهاب ..

ربما أما هذا السجال والاختلاف يبدو توجه القوى الاقليميةوالتوجه العربى العام الذى عبر عنه عمرو موسى هو الاقرب للخروج من الازمة وايجاد تسوية لا تنكر فيها المقاومة ويتم فيها ادانة الارهاب بعد الاتفاق على معناه ..تسوية يتم فيها تحديد جدول زمنى للاحتلال وايجاد البديل الامنى من الجيش العراقى بعناصره التى سرحت أو بمساعدة عربية ..تسوية يتم فيها تذكر الماضى االاليم دون أن يحكمنا ويدفعنا لتكرار نفس الجرائم ضد الاخرين ..تسوية ةيقر فيها احترام حقوق الانسان العراقى فى الحياة أولا واقتسام عادل للثروة والسلطة ثانيا.

مركز الجنوب لحقوق الإنسان
يؤكد فشل المواجهة الأمنية لقضايا المهاجرين في فرنسا

يتابع مركز الجنوب لحقوق الإنسان أحداث العنف المتنامى التى تشهدها الضواحى الفقيرة في باريس وعدة مدن فرنسية والتى دخلت يومها الحادي عشر بينما تسيطر حالة من التخبط على مواقف المسئولين بالحكومة الفرنسية بصورة تدعو للقلق، فالإسلوب الذى تتعامل به الحكومة الفرنسية مع الحدث يعطى مؤشراً خطيراً لفشل حكومات دول العالم الصناعى فى إستيعاب المهاجرين ودمجهم فى مجتمعاتهم ومنحهم جميع حقوق المواطنة على قدم المساواة مع غيرهم من السكان، فالمناطق التى اندلعت بها أحداث العنف حول باريس جرت العادة على إطلاق صفة الجيتوهات عليها، وقد تم إسكان المهاجرين بها منذ ستينات القرن الماضى. وهى مناطق تعانى من سوء الخدمات التعليمية، والصحية، والاحوال المعيشية وإرتفاع نسبة البطالة التى وصلت فى فرنسا إلى 14% بين المواطنين من أصول أجنبية مقابل 9.2% فقط بين المواطنين من أصل فرنسى، كما يعانى سكان تلك المناطق من تمييز فى تقلد الوظائف المختلفة فضلاً عن كونهم شبه منعزلين عن العالم الخارجى ولا يمكنهم النفاذ والإستقرار فى المدن، الأمر الذى يجعل تلك المناطق تمثل قنبلة موقوتة تهدد بالإنفجار فى كل لحظة.

إن مركز الجنوب يحذر من أن لجوء الحكومة الفرنسية للمواجهة الأمنية لأحداث الشغب لا يمكن أن يكون حلاً لمشكلات الالاف من الفرنسيين من أصل أفريقى الذين يعانون من الفقر والبطالة ولا يجدون السبيل للاندماج الحقيقي فى المجتمع. وأن التلويح بتطبيق أغلظ القوانين ضد مثيرى الشغب لن يقضى سوى على مظاهر الأزمة الأخيرة ولكن مسبباتها ستظل باقية لتمثل تهديدا كبيراً، ويأتى هذا فى الوقت الذى تقوم فيه فرنسا كأحد دول الإتحاد الأوروبى ببحث وتنفيذ خطط لتشديد السياسات المتعلقة بالهجرة الشرعية منها وغير الشرعية عبر دول الشمال الإفريقى متجاهلين فى وضع تلك السياسات الحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما يرفض مركز الجنوب لحقوق الإنسان الزج بقضايا العرق أو الدين فى أحداث العنف بفرنسا، والذى تحاول عدداً من وسائل الإعلام الدولية والمسئولين الأوروبيين الإشارة إليه للتملص من مسئولياتهم والإلتفاف حول الأسباب الحقيقية التى تؤدى لإنفجار الفقراء بأشكال متعددة وفى مناطق متفرقة من أوروبا والتى تتمثل فى غياب العدالة والتمييز بكافة أشكاله وعدم كفالة حقوق المواطنة لكل المواطنين على قدم المساواة. إن المزاعم التى تسود العالم منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر والتى تفيد بأن عرق معين أو دين معين يقف وراء الإرهاب وإستخدام العنف تتأكد يوماً بعد يوم فشلها وعدم قدرتها على تقديم تحليل دقيق للأحداث ومن ثم عدم القدرة على إيجاد حلول واقعية وملموسة للمشكلات الحقيقية التى تقف وراء جنوح البعض لإستخدام العنف، فضلاً عن أن تلك الدعاوى تزيد من الشقة بين الشعوب وتعمل على تأجيج مشاعر الكراهية وعدم قبول الآخر بين مواطنى الدولة الواحدة على أساس العرق، أو اللون، أو الدين.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يؤكد على رفضه القاطع لإستخدام العنف بكافة صوره فإنه يدعو حكومات العالم الصناعى لإعادة النظر فى سياساتها تجاه المهاجرين، وعلى وجه الخصوص هؤلاء الذين مثلت إسهاماتهم على مر عقود من الزمن أساساً لبناء المجتمعات التى هاجروا إليها والتى حصلوا على جنسيتها ليتحولوا إلى مواطنين لتلك الدول يحق لهم التمتع بكافة بحقوق المواطنة دون تمييز.

الفاو تحث الحكومات
على الإسراع بجهود احتواء الجوع

ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ( فاو) في سياق تقريرها السنوي الجديد للعام الحالي حول الجوع تحت عنوان “حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم” والذي أصدرته اليوم ، أن الجوع وسوء التغذية يوديان بحياة نحو 6 ملايين طفل سنوياً، وهذا الرقم يساوي تقريباً جيلاً كاملاً من لأطفال قبل الإلتحاق بالمدارس لبلد كبير مثل اليابان. وأشار التقرير الى أن الكثير من أولئك الأطفال يموتون بسبب حفنة من الأمراض المعدية القابلة للمعالجة، بما في ذلك الإسهال وإلتهاب الرئة والملاريا والحصبة ، وان بالإمكان إنقاذ حياتهم لو لم تتعرض أجسادهم ونظم المناعة لديهم للضعف جراء الجوع وسوء التغذية.

فالجوع وسوء التغذية، حسب التقرير، هما من بين الأسباب الجذرية للفقر والأمية والمرض والموت لملايين الأشخاص في البلدان النامية.

ويركز التقرير أيضا على الأهمية الحرجة لظاهرة الحد من الجوع التي تمثل الهدف الواضح لمؤتمر القمة لعالمي لسنة 1996 وكذلك الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة الذي يدعو الى إستئصال الجوع والفقر المدقع . ويؤكد التقرير أن الحد من الجوع أمرٌ ضروري لتحقيق كل الأهداف الإنمائية الأخرى للألفية . وجاء في كلمة كتبها الدكتور جاك ضيوف، المدير العام للمنظمة، في مقدمة التقرير موضوع البحث، أن ” التقدم بإتجاه خفض عدد الجياع في البلدان النامية الى النصف بحلول عام 2015 كان بطيئاً جداً وأن المجتمع الدولي ما يزال بعيد عن بلوغ أهدافه في الحد من الجوع وعن إلتزاماته التي حددتها الأهداف الإنمائية للألفية والقمة العالمية للأغذية”. وقال الدكتور ضيوف أيضا “إذا واصلت كل الأقاليم النامية الحد من الجوع وفق الوتيرة الحالية، فأن إقليمي أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي فقط سيبلغان هدف من الأهداف الإنمائية للألفية في خفض نسبة الجياع الى النصف، في حين لن تبلغ أي من الأقاليم الأخرى الهدف الأكثر طموحاً من أهداف القمة العالمية للأغذية في خفض عدد الجياع الى النصف”.

وجاء في التقرير أن إقليم آسيا والمحيط الهادي يتمتع أيضاً بفرصة طيبة لبلوغ هدف من الأهداف الإنمائية للألفية إذا ما كان بمقدوره أن يُسرع مسيرة التقدم بصورة طفيفة خلال السنوات القليلة القادمة. أما إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ، فإن معدل إنتشار الجوع فيه منخفض ، لكنه في تزايد، في حين أن معدل إنتشار نقص التغذية في جنوب الصحراء الكبرى/أفريقيا ، حسب مقياس الجوع لدى منظمة الأغذية والزراعة جنوب الصحراء الكبرى/أفريقيا ، قد أخذ يتضاءل بصورة بطيئة جداً ، بالرغم من أن سرعة مسيرة التقدم كانت أفضل بصورة طفيفة في التسعينيات مقارنة بيومنا الحاضر. لذلك يتعين على هذا الإقليم أن يُصعّد وتيرة التقدم بدرجة كبيرة لبلوغ هدف الألفية. وجاء أيضا في المقدمة التي كتبها الدكتور ضيوف” أنه ما تزال هناك إمكانية لبلوغ أغلب وربما كل أهداف القمة العالمية للأغذية والأهداف الإنمائية للألفية فقط ، إذا ما تمت مضاعفة الجهود المبذولة أو أُعيد التركيز عليها. ولغرض خفض عدد الجياع، لابد من إعطاء الأولوية للمناطق الريفية والى قطاع الزراعة بإعتباره الدعامة الأساسية لسبل كسب الرزق في الريف”.

وحسب تقديرات المنظمة في عام 2004 يعاني نحو 852 مليون شخص سوء التغذية في مختلف أرجاء العالم ، بمن فيهم 815 مليون في البلدان النامية و28 مليون في البلدان التي تمر بمرحلة إنتقالية و9 ملايين في البلدان الصناعية . وتجدرالاشارة الى أن التقرير الجديد حول الجوع لا يتضمن أية معلومات جديدة حول عدد الجياع، حيث سيتم الإعلان عن أرقام جديدة في طبعة السنة القادمة من التقرير المذكور.

إزالة الجوع لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية

يعيش نحو 75 في المائة من فقراء وجياع العالم في المناطق الريفية من البلدان الفقيرة. وتُمثل هذه المناطق موطناً لغالبية الفقراء البالغة أعدادهم 11 مليون طفل ممن يموتون قبل بلوغهم سن الخامسة من العمر ، بمن فيهم 8 ملايين طفل رضيع و530 ألف إمرأة تلقى حتفها أثناء الحمل والولادة و300 مليون اصابة بمرض الملاريا الحادة وأكثر من مليون حالة وفاة بسبب الملاريا ، ناهيك عن 121 مليون طفل ممن لا يلتحقون بالمدارس. أن توفير الغذاء الكافي والمناسب للأطفال أمرٌ حاسم لكسرحلقة الفقروالجوع وبالتالي تلبية الأهداف الإنمائية للألفية. وأن الحد من إنتشارظاهرة الأطفال ناقصي الوزن بنسبة 5 في المائة فقط حسب المعدل ، من شأنه أن ينقذ حياة 30 في المائة من الأطفال البالغة أعمارهم بين سنة وخمس سنوات. وتستند هذه الأرقام الى دراسة شملت 59 بلداً نامياً، حيث لوحظ أن نسبة إنتشار ناقصي الوزن من الأطفال دون سن الخامسة في بعض البلدان الأشد تضرراً ،تصل لغاية 45 في المائة.

وكتب الدكتور ضيوف يقول “أن الحد من الجوع يجب أن يصبح القوة الدافعة نحو التقدم والأمل سيما وأن التغذية الجيدة تُحسن من الحالة الصحية، وتزيد من نسبة الإلتحاق بالمدارس، وتخفض من نسبة الوفيات بين الأطفال والأمهات، وتمنح القوة للمرأة، وتقلل من معدلات الإصابة والوفيات بمرض نقص المناعة المكتسبة “الأيدز” وفيروس “اج آي في” والملاريا والسل”.

المثل الأعلى والواقع

أن النمو الإقتصادي والإستثمار في الزراعة والإدارة الجيدة والإستقرار السياسي والسلام الداخلي وسيادة القانون والبنية التحتية الريفية والأبحاث الزراعية وتحسين تعليم الأطفال في المناطق الريفية فضلاً عن تحسين أوضاع المرأة ما هي إلاّ مسائل ضرورية لزيادة الإنتاج الزراعي والحد من الجوع والفقر في المناطق الريفية ، حسب التقرير موضوع البحث. غير أن العديد من البلدان غير قادرة على تلبية هذه الضروريات. وحين يتعذر على الحكومات أن تحافظ على الأمن الداخلي، فإن النزاعات العنيفة تعيق عملية الإنتاج الزراعي وفرص الحصول على الغذاء. ففي أفريقيا انخفضت حصة الفرد من الإنتاج الغذائي بمعدل يصل الى 12,5 في المائة خلال فترات النزاعات. وإستناداً الى التقرير، فأن البنية التحتية الريفية هي الأقل نمواً في البلدان والأقاليم ذات المستويات الأعلى من الجوع. أما درجة كثافة بناء الطرق في أفريقيا في أوائل التسعينيات على سبيل المثال، فأنها أقل من سدس كثافتها في الهند في زمن الإستقلال عام 1950. وقد حددت الدراسات التي أُجريت في الصين والهند أن بناء الطرق يُشكل أحدى الوسائل الاستثمارية الأكثر فاعلية في مجال الحد من الفقر. وتشير الدلائل الى أن مثل هذه الوسيلة ذات تأثير مماثل على الحد من الجوع أيضاً. وهناك ملايين الأطفال ممن لا تتوفر لديهم الفرصة للتمتع بتعليمهم الأساسي. فتدني الصحة بسبب سوء التغذية غالباً ما يؤخر أو يحول دون الإلتحاق بالمدارس.

وكمعدل في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية لوحظ أن البالغين لم يكملوا أكثر من ثلاث سنوات ونصف فقط من تعليمهم في المدارس وفي جنوب آسيا 4,5 سنة فقط. فهاتان المنطقتان تعدان من المناطق الأكثر تميزاً ظاهرة الجوع، حيث أن الولادات من ناقصي الوزن وكذلك سوء التغذية الناجم عن نقص البروتينات والطاقة ، وفقر الدم وقلة اليود في الدم تقلل من قدرة الأطفال على التعلم!
أما ظاهرة اللامساواة بين النساء والرجال فانها تحول دون قدرة النساء على تحسين سبل العيش لعوائلهن ، حيث تؤكد الأبحاث أن النساء المتعلمات تتمتع أسرهن بأوضاع صحية أفضل سيما وأن أطفالهن يتغذون بشكل أفضل، وإحتمالات الوفاة في فترة الرضاعة تكون أقل، بالاضافة الى الإحتمالات الأكبر للإلتحاق بالمدارس. وأكد التقرير أن إعطاء المرأة فرصاً أفضل للإستفادة من الأراضي والقروض المصرفية وتعزيز المساواة ما بين الجنسين من شأنه أن يُسهم في الحد من الجوع وسوء التغذية بدرجة أكبر مقابل أي من الأهداف الإنمائية الأخرى للألفية. وأشار التقرير الى أن أمراضاً مثل الايدز وفيروس “اج آي في” والملاريا والسل تودي بحياة أكثر من 6 ملايين شخص سنوياً،ً وأن أغلب هذه الحالات تقع في إقليمي جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية وجنوب قارة آسيا، المعروفين بأعلى المستويات من سوء التغذية والفقر المدقع. فالفقراء والجياع هم الأشد تضرراً ، حيث أن ملايين الأسر تتجه بدرجة أعمق نحو الجوع والفقر نتيجة المرض وتكاليف معالجة المرضى ودفن الموتى ودعم ليتامى. فقد تفاقمت أمراض الايدز والملاريا والسل بسبب الجوع والفقر، لذلك فأن إيقاف هذه الأمراض والحد من إنتشارها من شأنه أن ينقذ حياة الملايين من بني البشر فضلاً عن توفيره لعشرات المليارات من الدولارات.

ولغرض تحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها، فأن تقرير المنظمة الخاص بالجوع يدعو الى إتباع نهج بمسارين يضم الإستثمارات الوطنية والدولية لتعزيز الإنتاجية والمداخيل بما في ذلك الإستثمار عن طريق مشاريع الري محدودة النطاق والبنى التحتية مثل (الطرق والموارد المائية وغيرها)، فضلاً عن تعزيز مصائد الأسماك والزراعة في الغابات ، وتأمين المجالات المباشرة للحصول على الغذاء في نفس الوقت وذلك من خلال إقامة شبكات الأمان الإجتماعي للفقراء، وبرامج تغذية الأمهات والرضع والوجبات المدرسية والحدائق المدرسية وبرامج الغذاء من أجل العمل وبرنامج الغذاء من أجل التعليم.